< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/03

بسم الله الرحمن الرحیم

حجّة القائلين بالقول الأوّل: هو التمسّک بالصحيحة الّتى رواها زرارة عن أبي جعفر(ع)، قال: «إنْ صَلّى قومٌ وبينهم وبين الإمام ما لا يُتخطّى، فليس ذلک الإمام لهم بإمامٍ، وأيّ صفٍ كان أهله يُصلّون بصلاة إمامٍ، وبينهم وبين الصف الذي يتقدّمهم قَدَر ما لا يتخطّى، فليس تلک لهم بصلاة...

إلى أن قال ينبغي أن تكون الصفوف تامّة متواصلة بعضها مع بعض، لا يكون بين الصفَّين ما لا يتخطّى، يكون قدر ذلک مسقط جسد الإنسان إذا سجد...

إلى أن قال: أيّما امرأةٍ صلّت خلف إمامٍ، وبينها وبينه ما لا يُتخطّى، فليس لها تلک بصلاة.. إلى آخره»[1] .

فإنَّ الرواية كما هو مشاهدٌ مشتملة على جملة: (ما لا يتخطّى) أربع مرّات؛ ثلاث منها ظهورها في الإلزام والوجوب، حيث يستفاد ذلک من سياق العبارة، لظهور جملة: (فليس ذلک الإمام) لهم بإمام، وكذا جملة: (فليس تلک لهم بصلاة)، وجملة: (فليس لها تلک بصلاة) على الإلزام.

وحمل هذه الجمل الثلاث على نفي الكمال بعيدٌ غايته، لأنَّ حمل جملة: (إنّها ليست بصلاة) أو (ليس بإمام) على نفي الكمال ممّا لا يقبله الذوق السليم.

نعم، يتّجه ذلک في جملة: (وينبغي أنْ تكون الصفوف تامّة متواصلة بعضها مع بعض، ولا يكون بين الصفّين ما لا يتخطّى)؛ بأن يكون كمال الجماعة مترتّبة على كون الصفوف تامّة متواصلة بعضها مع بعض، كما يناسب ذلک مع جملة: (ينبغي) في المصدر، وهو الظاهر في الكمال والاستحباب.

ولا يأتي هنا القول بأنَّ وحدة السياق، يقتضي كونه إلزاميّاً لوضوح افتراق الجملات بعضها عن بعض.

أقول: بقي هنا اشكالان آخران لابدّ من التعرّض، لهما :

الاشكال الأوّل: النراقي صاحب «مستند الشيعة»، قال ما خلاصته: لا يمكن الاستدلال بهذا الحديث لإثبات مدّعى الخصم، لأجل الإجمال الموجود في الموصول، وهو ما لا يتخطّى؛ لتردّده بين احتمالات ثلاث :

الأوّل: بأن يكون المراد من (لا يُتخطّى) من حيث البُعد والمسافة.

والثاني: بأنْ يكون من حيث العلوّ الَّذي لا يُتخطّى.

والثالث: من جهة الحائل بما لا يُتخطّى.

فإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، ويسقط الخبر عن الاعتبار والاستدلال به لاثبات الحكم.

أجاب عنه الهمداني في «مصباح الفقيه»: (ما عرفته في مسألة الحائل من أَنَّ الأظهر في معنى الخبر إنّما هو إرادة المعنى الأوّل، الَّذي يبتني عليه الاستدلال، مع أَنَّ ما وقع التعرّض له في ذيل الخبر يجعله كالنصّ في ذلک، بل ما ورد في حكم المرأة كادَ أنْ يكون صريحاً في ذلک، فهو بنفسه حجّة كافية لإثبات المدّعى)، انتهى محلّ الحاجة من كلامه[2] .

 

ولقد أجادَ فيما أفاد من دعوى الظهور في المعنى الأوّل من الثلاث، فيتمّ به الاستدلال لإثبات المدّعى في الجملات الثلاث المرتبطة بما نحن في صدده.

وإن أبيتم عن قبول ذلک، وأصررتم على ما قلتم، فيمكن لنا بيان طريق آخر للاستدلال، وهو أن يقال بدعوى قبول عموميّة الماء الموصول لشمول الاحتمالات الثلاثة جميعها، أي سواء كان المراد من جملة: (ما لا يتخطّى) هو المسافة أو العلوّ أو الحائل، فكلّهما يوجب البطلان، إذا لم يكن هنا محمل آخر كما سيأتي بعد ذلک، فالتردّد هنا غير ضائر في المسألة، إذا أُخذ بعموم الموصول كما لا يخفى.

الاشكال الثاني: وهو في الهمداني صاحب «مصباح الفقيه» قال :

(والذي يقتضيه الإنصاف، أَنَّ كلمة (ينبغي) وإنْ كان لها ظهور قويّ عرفاً في الاستحباب، بحيث لم نستبعد ادّعاء كونه أقوى من ظهور النفي في نفي الصحّة، ولكن هذا فيما إذا تعلّق الحكم بخصوص ما وقع في حيّز النفي، و إِلاَّ فهي في حدّ ذاتها كلمة جامعة، يحسن التعبير بها عند بيان أحكام متعدّدة مختلفة، بالوجوب والاستحباب، فليس لها بالنسبة إلى كلّ واحدٍ من القضايا المتتابعة الواقعة في حيّزها، خصوصاً بالنسبة إلى كلّ ما عدا أولاها، ظهورٌ يعتدّ به في نفي الوجوب، فضلاً عن صلاحيّتها لصرف النفي عن ظاهره، خصوصاً مع اعتضاده بإرادة نفي الصحّة من الفقرة الواردة في الحائل.

ولكن إرادة الوجوب من تحديد البُعد فيما بين الصفّين بما لا يتخطّى في حدّ ذاته بعيدٌ، بل ينبغي القطع بعدمه إن أُريد ذلک بالنسبة إلى موقف الصفّين، كما هو قضيّة إطلاق النصّ، خصوصاً بملاحظة ما وقع في ذيله، من قوله(ع): (يكون قدر ذلک مسقط جسد الإنسان إذا سجد)، إذ الظاهر كونه بياناً لما لا يُتخطّى، فإنَّ مقتضاه اعتبار شدّة التواصل بين الصفوف، بحيث يتّصل رأس المتأخِّر عند سجوده بعقب المتقدّم، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام بوجوبه)، انتهى محلّ الحاجة[3] .


[1] مصباح الفقيه، ج16 /(ع)2 ـ(ع)3.
[2] الجواهر، ج13 / 173 ـ 174.
[3] الوسائل، الباب62 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 3؛ الفقيه : ج1 / 387 ح1145.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo