< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/02

بسم الله الرحمن الرحیم

القول الثاني : وهو القول المشهور بين الأصحاب، نقلاً وتحصيلاً، شهرةً كادَت أن تكون إجماعاً للأصل، بل الأُصول، بعد توقيفيّة الجماعة من أن لا يكون بحسب العادة بُعداً بين الإمام والمأموم وبين المأمومين بعضهم مع بعض في الصفوف.

القول الثالث: وهو الَّذي نُسِبَ إلى الشيخ في «الخلاف» و«المبسوط»، وإنْ لم يثبت صحّة الانتساب، فما عن «الخلاف» بما يمنع من مشاهدة الإمام والاقتداء بأفعاله، وعن الثاني من التحديد بثلاثة مائة ذراع، وفي كلا الانتسابين كلامٌ، ولا بأس بذكر كلامه في الكتابين :

أمّا الموجود في «المبسوط» فقوله: (وحدّ البُعد ما جَرَت العادة في تسميته بُعداً، وحدَّ ذلک قومٌ بثلاثة مائة ذراع، قالوا إن وقف وبينه وبين الإمام ثلاثة مائة ذراع، ثمّ وقف آخر بينه وبين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع، ثمّ على هذا الحساب والتقدير بالغاً ما بلغوا، صحّت صلاتهم.

قالوا: وكذلک إذا اتّصلت الصفوف في المسجد، ثمّ اتّصلت بالأسواق والدّروب، بعد أن يشاهد بعضهم بعضاً، ويرى الأوّلون الإمام، صحّت صلاة الكلّ. وهذا قريبٌ على مذهبنا أيضاً)، انتهى.

قال صاحب «الجواهر» بعد نقل كلامه: (ومراده بالقوم بعض الجمهور قطعاً، و إِلاَّ فلا قول لأحدٍ من علمائنا بذلک، كما اعترف به الفاضل، ولعلّ مراده بهذا إشارة إلى الفرض الأخير خاصّة، لا إلى ما يشمل التقدير بثلاثمائة، كما احتمله في «الذكرى»، ويؤيّده أنّه الأنسب بقوله أوّلاً «وحدّ البُعد».

على أنّه يمكن إرادته بما نسبه إلى قومٍ تحديد البُعد في العادة، لا تحديده من دون نظر إليها، فيكون حينئذٍ نزاعاً في موضعٍ علمنا من العادة خلافه). انتهى محلّ الحاجة من كلامه[1] .

 

وقد عرفت تصريح كلامه بعدم وجود قول بثلاثمائة ذراع عند علمائنا، بل هو فتوى بعض علماء العامّة. فإذاً، هذا القول لا اعتبار به عندنا.

وأمّا في «الخلاف»: فما جاء فيه يؤيّد ما ذكرنا من عدم وجود قول بثلاثمائة ذراع عند علمائنا، قال؛: (من صلّى خارج المسجد، وليس بينه وبين الإمام حائلٌ، وهو قريبٌ من الإمام، والصفوف متّصلة به، صحّت صلاته، وإنْ كان على بُعدٍ لم تصحّ صلاته، وإنْ علم بصلاة الإمام. وبه قال جميع الفقهاء إِلاَّ عطاء، فإنّه قال: إذا كان عالماً بصلاته صحّت صلاته، وإنْ كان على بُعدٍ من المسجد.

دليلنا: أَنَّ ما اعتبرناه مجمعٌ عليه، وما ادّعاه ليس عليه دليلٌ... إلى آخره)[2] .

 

وهو أيضاً ينادي بخلاف ما نُسب إليه .

بل، وهكذا ينادي بخلافه ما ذكره صاحب «الجواهر»، بصورة الاستدراک الَّذي يتخيّل منه قبوله لهذا الحكم، مع أنّه ليس كذلک مع التأمّل فيه؛ والشاهد على ذلک قول الشيخ الطوسي في الماء :

(مسألة: إذا قلنا الماء ليس بحائلٍ، فلا حدّ في ذلک إذا انتهى إليه بمنع من الائتمام به، إِلاَّ ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله. وقال الشافعي: يجوز ذلک إلى ثلاثمائة ذراع، فإن زاد على ذلک لا يجوز.

دليلنا: أَنَّ تحدّد ذلک يحتاج إلى شرع، وليس فيه ما يدلّ عليه)[3] .

ولعلّه جعل البُعد في الماء أيضاً بما يصدق عليه البُعد عرفاً، لا ما يكون بقدر ثلاثمائة ذراع، الَّذي هو مدّعى الخصم.

وكيف كان، فالمسألة عند الإماميّة واضحة في أنّ ملاک عدم جواز الائتمام هو صدق البُعد عادةً، كما لا يخفى، غاية الأمر وقع الخلاف بين علمائنا في بيان مقدار البُعد، على قولين :

القول الأوّل: وهو شاذّ، وهو أن لا يكون بقدر ما لا يتخطّى. والظاهر أنّ المراد من هذه الجملة أن لا يمكن قطعه وعبوره بخطوةٍ، والقائل هو الحلبي وابن زهرة، مدّعياً ثانيهما الإجماع، قال: (لا يجوز أن يكون بين الإمام والمأمومين، ولا بين الصفّين ما لا يُتخطّى، من بناءٍ ومسافةٍ أو نهرٍ)، ثمّ ادّعى الإجماع على ذلک؛ وحكى عن غير واحد من المُتأَخِّرين وهو صاحب «المدارک» والسبزواري في «الذخيرة»، والفيض الكاشاني وغيرهم اختياره.

القول الثاني: وهو المشهور، وهو: إذا لم يكثر البُعد في العادة، بل كان الثابت ضدّه وهو القُرب، وتكون هذه المسافة كافية في صحّة الجماعة، وعليه الشهرة نقلاً وتحصيلاً، وإن كان يتخطّى، بل في «الرياض»: (كاد أن يكون إجماعاً)، بل هو ظاهر «التذكرة»، حيث قال: (عندنا الإجماع عليه).

 


[1] الوسائل، الباب5(ص) وباب62 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1 ـ في الأوّل وحديث 1و 2 من الثاني.
[2] مصباح الفقيه، ج16 /(ع)0.
[3] مصباح الفقيه، ج16 /(ع)1 ـ(ع)2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo