< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع تتعلّق بموانع صفوف الجماعة حكم المانع عن الرؤية حال الجلوس

 

ايضاح : بقيت هنا مسألة لابدّ من الاشارة اليها، وهي أنّه ورد نصٌ صحيح عن الحلبي من تجويز الجماعة للواقف بين الأساطين، واليک نصّ الحديث :

عن عبيد اللّه بن علي الحلبي، عن أبي عبد اللّه(ع)، قال: «لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأساً»[1] .

 

وقد توهّم كون هذه الرواية معارضة مع الصحيح الّذى رواه زرارة عن الباقر(ع) في حديثٍ قال: «وإنْ كان بينهم سترة أو جدار، فليس تلک لهم بصلاة إِلاَّ من كان بحيال الباب، الحديث»[2] .

ومن المعلوم أنّ الأعمدة والاسطوانات المرتفعة الواقعة بين الصفوف حجابٌ يوجب قطع الاتّصال فكيف وردَ في الحديث بأنّه لا بأس؟

وقد تكفّل صاحب «الجواهر» بالجواب عن هذه الشبهة، قال :

(وأمّا بطلان صلاة الواقف بين الأساطين، فمع فرض صيرورتها حائلاً بين الإمام والمأموم، أو بين الصفّين، ولو بالنسبة إلى البعض، فلا استنكار فيه، بل هو من المسألة حتّى لو كان متّصلاً بمشاهدة المشاهد، لصدق السترة والجدار.

وتصريح بعض الأصحاب، بأنّه لا بأس به بين الأساطين، بل نُسب إلى الجمّ الغفير من القدماء والمتأخِّرين، لا حُجّة فيه، أو ينزّل على إرادة البيّنة التي لا تكون بها حائلة، بأن يكون المصلِّي متوسّطاً بينها، أي بعضها على يمينه وآخر على شماله، لا أمامه وخلفه بحيث تكون حائلة.

أو يمكن عدم حيلولة الأُسطوانة، كما يومئ إليه عبارة «البيان»: (ولا يعدّ الطريق والأساطين والماء حائلاً). وفي «المجمع»: (الأُسطوانة بضمّ الهمزة والطاء، السارية؛ كصحيح الحلبي وغيره ممّا نفى فيه البأس عن الصلاة بينها، وإِلاَّ كان معارضاً بصحيح الحائل، وبينهما عمومٌ من وجه.

أو يدّعى خروج نحو الأساطين وقوائم المسجد ونحوها بإجماعٍ أو غيره، إِلاَّ أَنَّ دون إثباته خرط القتاد، كما أَنَّ دون اتّفاق الأصحاب على ما استظهرناه من صحيح الحائل ذلک أيضاً، وإن ادّعى..) انتهى محلّ الحاجة[3] .

 

قلنا: الظاهر من لسان الرواية من عدم البأس في الصلاة بين الأساطين، هو المحمول على ما هو المتعارف من الأساطين الموجودة في المساجد من وقوعها في وسط المسجد، المستلزم لتحقّق الاتّصال، ومشاهدة الإمام أو لِمَن يشاهد الإمام، ولو بالنسبة إلى الصفوف المتقدِّمة على الصفّ الَّذي كان المصلّي فيه، وحمله على ما كان فيه جدارٌ أو سترة يكون حائلاً بين الإمام والمأموم أو حائلاً بين المأمومين بعضهم مع بعض، من الفروض النادرة غير المتعارفة، لا يحمل عليها عند العرف، وإن كان المفروض متحقّقاً لو كان في الخارج، لكان الأمر كذلک، أي الصلاة باطلة؛ لأجل وجود الحائل، لكنّه أمر خارج عن مورد الرواية.

فعلى ما ذكرنا تكون الرواية صحيحة الدلالة في موردها، ويكون مضمونها مورداً للفتوى من دون أن يلزم أمراً مخالفاً لغيرها من الأخبار حتّى نحتاج لخروجه إلى الاستعانة بإجماعٍ ونحوه في جواز الفتوى به، كما أشار إليه صاحب «الجواهر»، ولعلّه لذلک ذهب جَمّ غفير إلى صحّة الجماعة بين الأساطين، واللّه العالم.

 

موضوع: حكم الصّلاة داخل المحراب

 

إذا تأمّلنا في الأخبار وكلمات الأعلام نتوصّل إلى أَنَّ الصلاة في داخل المحراب له فروض متعدّدة، في بعضها تكون الجماعة باطلة دون بعض آخر :

الصورة الأولى : الصورة الّتي تكون الجماعة فيها باطلة، وهي فيما لو فرض كون المحراب داخل الحائط، على نحو يكون الجدار حائلاً بين الإمام والمأموم الَّذي قام في جانبه في كلّ من الطرفين، ووجه بطلانه واضح، لأنّه داخلٌ تحت قوله(ع): (كون الجدار حائلاً بين الإمام والمأموم)، فالصلاة في هذا تكون كالصلاة في المقصورة، بالنظر إلى كونه ورائه الحائل، وفاقداً للاتّصال، وهو مورد اتفاق للأعلام على البطلان.

الصورة الثانية : وهي صورة نادرة، بأن تكون الأسطوانة والعمود بين الإمام والمأموم، ولم يكن المأموم متّصلاً بأفراد الجماعة أَصلاً، كأن يكون وحده، فوجه البطلان في هذه الصورة أيضاً واضح، حيث لم يرفع الحاجب عنه، وانقطع الاتّصال عنه.

الصورة الثالثة : وهي من الصور الصحيحة، بأن يكون الإمام في المحراب، ولكن كان الاتّصال بالإمام باقياً من أحد الجوانب إمّا باليمين أو اليسار أو الأمام دون الخلف، سواءٌ كان الاتّصال بمشاهدة الإمام، أو بمشاهدة مَن يشاهد الإمام، فالجماعة في هذه الحالة تكوون صحيحة، لوجود شرائط الصحّة في مثل هذا الفرض.

وعليه، فاتّضح بما ذكرنا أنّه ليس كلّ صلاة في داخل المحراب تكون باطلة كما قد يتوهّم من بعض كلمات القوم، واللّه العالم.

 


[1] كتاب الصلاة في الفقه 2 / 443.
[2] مصباح الفقيه، ج16 / 54.
[3] تهذيب الأحكام: ج2 / 152 ح55، وسائل الشيعة: ج7 / 234 ح(ص)204.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo