< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/08/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الاثنان فما فوقها جماعة

 

ومنها: خبر «العيون» بإسناده عن الرِّضا(ع)، عن آبائه، عن النَّبيّ (ص)، قال : (الاثنان فما فوقها جماعة) .

إلى غير ذلک من الروايات الدالّة على ذلک، كما سنتعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

أقول: إنَّ الخبر المروي في «العيون» عن الرِّضا(ع) صريحٌ بأنَّ الجماعة المشروعة تتحقّق بالاثنين أحدهما الإمام، والآخر المأموم، دفعاً لما يظهر من القول بجواز الائتمام والاقتداء مع مأمومٍ واحد، لكن لا يتحقّق به الجماعة، وهذا ما نقله صاحب «الجواهر» عن «حواشي الشهيد» عن الشيخ، أنّه قال: (إن كان المؤتمّ واحداً نوى الائتمام والاقتداء، وإن كان اثنين مع الإمام جاز أن ينوي الجماعة، بخلاف الواحد).

وهو ليس على ما ينبغي؛ ولعلّه أراد بذلک دعوى الفرق بين الجماعة اللغويّة الّتي تتحقّق بالإثنين، وبين الجماعة الشرعيّة بأن لا يتحقّق إِلاَّ بالثلاث أحدهم الإمام، مع أنّه قد ثبت خلافه بحسب ظاهر الرواية، لوضوح أَنَّ ما من شأنه بيانه هو الجماعة الشرعيّة لا غير، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ الجماعة تتحقّق بالإثنين وما فوق، بلا فرق بين كونهم من الذكور أو الإناث، أو المتفاوت ـ على فرض صحّة الجماعة ـ كالخُناثى، لإطلاق الأدلّة وصراحة بعضها في بعض، بل، لصراحة بعض الأخبار من انعقادها حتّى مع الصّبي؛ مثل ما ورد في خبر أبي البختري، عن جعفر الصادق(ع)، قال: (إنّ عليّاً قال: الصَّبي عن يمين الرّجل في الصَّلاة إذا ضبط الصفّ جماعة، الحديث)[1] .

وبه صرّح غير واحد، بل يشمله إطلاق الأدلّة السابقة إن قلنا بشرعيّة عبادة الصّبي المميّز، ولعلّ ذكر لفظ (إذا ضبط الصفّ جماعة)، للإشارة إلى كونه مميّزاً من شأنه فهم صلاة الجماعة وتنظيم الصّف، وعليه، فلا يبعد حينئذٍ أن تكون صلاة مثل هذا الصّبي داخلة فيما ورد من في شرعيّة عبادته، وكونه مدركاً لفضيلة الجماعة.

بل ربّما يمكن دعوى صحّة جماعته، حتّى لو قلنا بالتمرينيّة، كما صرّح بذلک بعض الفقهاء، مثل صاحب «الذخيرة» تبعاً للمحكي عن «الروض» و«مجمع البرهان»، أو حمله على خصوص درک فضيلة الجماعة، ولو لم تكن صلاته شرعيّة، لأجل التفضّل عليه بدلالة هذا الخبر.

بل ربّما يظهر من بعض الروايات إعطاء فضيلة الجماعة، وإن لم تكن بالحقيقة جماعة؛ لوضوح التنافي بين صورة الانفراد وصورة الجماعة، ولا يبعد كونه منه، الخبر المرسل المرويّ عن النَّبيّ (ص): (المؤمن وحده حجّة، والمؤمن وحده جماعة) .

وكذا ماورد في رواية الجهني، في ذيل الحديث، فقال: (يا رسول اللّه! إنّ المرأة تذهب في مصلحتها، فأبقى أنا وحدي، فأُؤذِّن وأُقيم وأُصلِّي، أفبجماعة أنا؟ فقال: نعم، المؤمن وحده جماعة)[2] .

حيث يستفاد منها أنّه يُعطى له فضيلة الجماعة من قصدها، لكن لم يتيسّر له ذلک لمانعٍ منع عن قيامها، كما يدلّ على ذلک كلام الجُهني، بأنّه كان ينوى أن يقيم جماعة مع أهله وعياله، لكنّ لم يتيسّر له ذلک، لمانعٍ منعه عن اقامتها، أو كان المصلِّي في صلاته ممّن يراعي الأذان والإقامة، فتصير صلاته مشتملة على فضيلة الجماعة، لأجل حضور الملائكة بصفّ أو صفّين للأوّل والثاني ـ كماورد في الخبرـ، لا الجماعة بالمعنى المصطلح عليه.

ومن ذلک يتولّد فرعاً فقهيّاً، وهو: أنّه لو نوى المصلِّي المنفرد الائتمام، فلا إشكال في أنّه لا يتحقّق له ذلک قطعاً، ولكن السؤال المطروح أنّه هل توجب نيّة الائتمام البطلان لِمَن لم يرد التشريع، بل أراد بذلک تحصيل فضيلة الجماعة ودركها؟

فيه إشكالٌ كما يظهر القول بالبطلان عن «نهاية الأحكام»، حيث قال ببطلان النيّة لبطلان ما نواه وتعذّره.

أو يقال: بأنّه موجبٌ لبطلان الوصف، فيقع لاغياً ويبقى الباقي على حكمه. لكنّ قال صاحب «الجواهر»: (لكن يقوى في النظر الثاني، إن لم يجعله من مقوّمات ما نواه متقرّباً به).

ولا يخفى أَنَّ القول بالصحّة مع علم الصلِّي بالقضيّة، لا يخلو عن تأمّل، كما هو واضح لِمَن تدبَّر في المسألة .

 


[1] و (2) الجواهر، ج13 / 153.
[2] المستدرک، ج6/ ص443، الباب1 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 3، طبعة مؤسسةآل البيت(ع).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo