< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: إلى غير ذلك من الأخبار المشعرة بما ذكرنا

 

إلى غير ذلك من الأخبار المشعرة بما ذكرنا، المؤيّدة بعدم ذكر أحد من الأصحاب الحكم بكراهة ترك الجماعة، بل اقتصروا على ذكر استحبابها، والأمر سهل بعد معلوميّة عدم حرمة الترك عندنا)، انتهى كلامه[1] .

قلنا: ولقد أجاد فيما أفاد، لو لم نقل بأنّ التقابل بين الاستحباب والكراهة يوجب كون النفي لأحدهما إثباتاً للآخر؛ بمعنى أنَّه إذا قيل بأنّ الفعل الفلاني مستحبٌ فإنّه يعني أنّ تركه مكروهٌ وهكذا عكسه إذا قيل بأنّ الأمر الفلاني مكروهٌ يعني أنّ فعله مستحبٌ، فيكون تقابلهما من تقابل الضدّين اللّذين لا ثالث لهما، الموجب لثبوت أحدهما عند نفي الآخر، كما لا يخفى، فحينئذٍ إذا ورد في الأخبار استحباب حضور الجماعة، فيصير معناه حينئذٍ كراهة ترك الحضور.

ولكن الحقّ والإنصاف أنّ التقابل بينهما ليس من قبيل التقابل بين الضدّين اللّذين لا ثالث لهما؛ لوجود الثالث هنا وهو الإباحة التي ليست هي من أحدهما، إذ من الواضح أنّ الاستحباب عبارة عمّا في فعله مصلحة غير ملزمة ، وفي الكراهة ما في فعله مفسدة كذلك ، فنفي أحدهما لا يوجب إثبات الآخر بالضرورة كما هو الحال كذلك في غالب الأضداد كما لا يخفى.

وكيف كان، فالمرجع إلى أصل الإشكال وهو أنَّه إذا كان الحضور في الجماعة أمراً مستحبّاً، ولم ينصّ أحد بوجوبه عيناً ولا كفاية، فكيف يثبت في تركه عقوبة شديدة مستحقّة كإحراق بيوتهم كما ورد في تلك الأخبار ذلك؟!

أقول: لعلّ الذي يمكن أن يستخلص عن هذا، هو ما أشار إِليه بعض الفقهاء كما عن صاحب «مصباح الفقيه» بقوله:

(وما في هذه الأخبار من الأمر بإحراقهم أو إحراق بيوتهم، فلعلّه لأجل مخالفة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، بعد أن كان قد شرط عليهم ذلك، و إلاّ فترك المستحبّ أو فعل المكروه من حيث هو ليس موجباً لاستحقاق العقوبة، كما أنَّه يحتمل كون القوم الّذين هَمَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بإحراقهم أو إحراق بيوتهم من جملة المنافقين الذين كانوا يتركون الجماعة رغبةً عنها وعن جماعة المسلمين، فإنّ هذه الجهة أيضاً كمعصية الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله من الجهات المحسّنة للعقوبة، وقد ورد في كثيرٍ من الأخبار الإيماء إلى كونهم من المنافقين؛ مثل ما رواه الشيخ بإسناده عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال:

«سمعته يقول: صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله الفجر فأقبلَ بوجهه على أصحابه، فسأل عن أُناسٍ يسمّيهم بأسمائهم، فقال: هل حضروا الصلاة؟ فقالوا: لا يا رسول الله ، قال: أغيّبٌ هُم؟ قال: لا، فقال: أما أنَّه ليس من صلاةٍ أشدّ على المنافقين من هذه الصلاة والعشاء ، ولو علموا أيّ فضلٍ فيهما لأتوها ولو حَبْواً»[2] ). انتهى محلّ الحاجة من كلامه[3] .

أقول: لا استبعاد في وجه دلالة الأخبار على الكراهة لا في خصوص ترك الجماعة، بل مع ملاحظة بعض الخصوصيّات الواردة فيها التي يستفاد من لسان الأخبار، بأن يكون من جيران المسجد، أو ممّن سمع النداء ولم يكن له علّة ولا شُغل ولم يجبه، ونظائر ذلك حيث يستفاد منها أصل الكراهة أو نفي الكمال الذي هو الشائع على إرادته من مثل هذه في محاورات الشارع، فربّما يجمع بعض الخصوصيّات مع بعض، فيوجب تأكّد الكراهة، كما احتمله صاحب «مصباح الفقيه»، ولعلّ وجه عدم ذكر الأصحاب للكراهة، لأجل أنَّه ليس في أصل ترك الجماعة من حيث نفسه إلاّ ترك المستحبّ لا مع الكراهة ، فبذلك يجمع بين الموردين، والله العالم.

 


[1] الجواهر، ج13 / ص139.
[2] الوسائل، ج5 الباب3 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
[3] مصباح الفقيه، ج16 / 13.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo