< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الفصل الثالث في الجماعة

والنظر في أطرافٍ:

الأوَّل: الجماعة مستحبّة في الفرائض كلّها (1) .في أحكام الجماعة

(1) استحباب الجماعة في الفرائض كلّها، سواءٌ كانت في اليوميّة من الحواضر أو من الفوائت ـ عدا الجمعة والعيدين مع وجود شرائطهما تكون واجبتين ـ مسلّمٌ عند الطائفة، وهو ممّا لا ريب فيه ولا شكّ يعتريه؛ لدلالة الكتاب والسنّة عليه:

فأمّا الكتاب: فمثل قوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ»[1] حيث إنّ الحكم بالركوع بصورة الجمع دليل على الجماعة.

و هكذا الآية الواردة في حال الحرب لها وهو قوله تعالى في سورة النساء: «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ»الآية[2] ، حيث إنّ الآية تدلّ على أصل الاستحباب، مع إفادة التأكيد في ذلك، لورودها في حال الحرب كما لا يخفى.

وغير ذلك من الآيات المفيدة لذلك كما هو واضح لمن يتأمّل في الآيات.

وأمّا السُّنّة: فهي متواترة، بل استحبابها في الفرائض الحواضر اليوميّة يعدّ من ضروريّات الدِّين، فيدخل مُنكِرها في رديف الكافرين، وعليه إجماع المسلمين، بل وهكذا في الفوائت كما صرّح به غير واحد من الأصحاب ، بل يظهر من «الذكرى» دعوى إجماع المسلمين عليه، وذلك لأجل عموم الأدلّة الدالّة على ذلك من جهة، ومن جهة اُخرى بدليّة القضاء عن الأداء وإثبات التشابه في ذلك في قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «اقض ما فات كما فات»، عن إجراء كلّ ما في الأداء في القضاء ومنه الجماعة ، مضافاً إلى الإطلاقات الشاملة للفوائت من أخبار كثيرة واردة في الحَثّ والترغيب إلى الجماعة.

مضافاً إلى ما ورد بصورة مستفيضة حاكية لفعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله في قضاء صلاة الصبح بصورة الجماعة، لا سيّما مع ملاحظة وجود توجيهات لأصل صدور ذلك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بما لا يتنافى مع عصمته صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ، وهذا الجمع يعدّ أولى من طرح الرواية رأساً الواردة بصورة الاستفاضة كما أشار إلى ما ذكرنا صاحب «مصباح الفقيه»[3] .

أقول: بل يمكن استفادة استحباب ذلك من الأخبار الواردة في الموارد الخاصّة؛ مثل ما في رواية إسحاق بن عمّار، قال:

«قلتُ لأبي عبدالله عليه‌السلام تقام الصلاة وقد صلّيتُ؟ فقال: صَلِّ واجعلها لما فات»[4] .

حيث يستفاد منه جواز إتيان الفوائت بالجماعة واستحبابها.

بل يمكن استفادة ذلك من الروايات المتقدّمة في مسألة العدول من الحاضرة إلى الفائتة، مثل خبر عبدالرحمن في قوله: «وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمّها بركعةٍ ثمّ صلّى المغرب»[5] . حيث حكم بالعدول عن المغرب الحاضر إلى العصر الفائت.

وغير ذلك ممّا يستفاد منه استحباب الجماعة في الفوائت كالحواضر، وهو ممّا لا يبقي مجال للارتياب فيه.

بل هذا الحكم ثابتٌ في غير اليوميّة من الفرائض عند علمائنا كما في «المنتهى» كصلاة الآيات من الزلزلة وغيرها كصلاة الكسوف والخسوف، لصراحة بعض أدلّتها السابقة الشاملة لها كما لا يخفى، بل صرّح في «الذكرى» بالتعميم حتّى للمنذورة، فضلاً عن الأموات التي لا ريب فيها كونها كالآيات ممّا ورد فيها أخبار خاصّة، مشتملة على بيان أحكام كلّ منهما وهي وافية بإثباته.

أقول: وأمّا بالنسبة إلى ما عدا ما ذكر من الصلوات الواجبة، كصلاة الطواف وركعات الاحتياط وما عرضه الوجوب بنذرٍ وشبهه، فإن ثبت إجماعٌ على مشروعيّة الجماعة في شيءٍ منها فهو، و إلاّ فللنظر فيه مجال، كما اعترف به في «الرياض» بل وغيره؛ للشك في إرادتها من الإطلاق الوارد في المقام إن لم نقل إنّ ظاهرها العدم، خصوصاً في الأخيرة وهي ركعات الاحتياط؛ لوضوح أنّ التمسّك بالأخبار الواردة في فضيلة الجماعة:

منها: صحيحة عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد (الفذّ) بأربعة وعشرين درجة تكون خمسة وعشرين صلاة»[6] .

و الفذّ بالفاء والذال المعجمة بمعنى الفرد كما في «الحدائق»[7] .

ومنها: صحيحة زرارة والفضل، قالا: «قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال: الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلّها ولكنّها سُنّة، من تركها رغبةً عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له»[8] .

وغير ذلك من الأخبار المطلقة الواردة و الدالة على جواز الجماعة في النوافل، لا يخلو عن مسامحة؛ لوضوح أنّ صدور هذه الأخبار مسوقة لبيان الترغيب إلى الجماعة في كلّ ما يجوز فيه ذلك من الصلوات، أي كان المفروض فيها جواز الجماعة فيها من الفرائض وغيرها، لا في صدد بيان تجويز الجماعة في الصلوات مطلقاً، حتّى يتمسّك بإطلاقها لما نحن بصدده، ويجعلها دليلاً على جواز الجماعة في غير ما ثبت فيه النافلة التي لا تجوز ويندرج الباقي تحت إطلاقه، كما هو مقصود الخصم ، بل الأصل الأوّلي هو عدم الجواز، إلاّ ما ثبت من الشارع تجويزه مثل صلاة العيدين في عصر الغيبة وصلاة الاستسقاء ونحو ذلك.

 


[3] مصباح الفقيه، ج16 / ص6.
[4] الوسائل، ج5 الباب55 من الجماعة، الحديث 1.
[5] الوسائل، ج5 الباب1 من أبواب الجماعة، الحديث 1.
[6] الوسائل، ج5 الباب1 من أبواب الجماعة، الحديث 1.
[7] الحدائق الناضرة: 11 / 63.
[8] الوسائل، ج5 الباب1 من أبواب الجماعة، الحديث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo