< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الجواب: لا يخفى أنَّه لم يذكر في ما ذكره ما يوجب رفع الإبهام عن الفرق بين الموردين؛ لوضوح أنّ كلّ مورد من الفردين ينحلّ إلى مقدّمتين وقدر مشكوك ، والذي قطع به الشغل ويعلم به يجب إتيانه، لأَنَّ القطع بالشغل يطلب القطع بالفراغ، ولا يكفي فيه الظّن به، إلاّ إذا استلزم تحصيل القطع به العسر والحرج، فيبدّل حينئذٍ إلى كفاية تحصيل الظّن ، وأمّا بالنسبة إلى الزائد عن القدر المتيقّن فالأمر مكشوك، فيندرج تحت الأصل، بلا فرق في ذلك بين ما لو كان الشكّ في الزائد من الابتداء أو بعد اليقين بالقدر المتيقّن، كما في المثال المذكور، خصوصاً في مثل الصلاة التي ثبت عدم الالتفات إلى الشكّ فيها في خارج وقتها، ولذلك استمرّ طريقة الأصحاب على التمسّك بالأصل في أمثاله ممّا كان الشكّ فيه شكّاً بين الأقلّ والأكثر في الدِّيون والصلاة والصيام وغيرها ، وهذا ممّا أمضاه صاحب «الجواهر»، و قال بأنّه قويٌّ جدّاً[1] .

أقول: بعد الوقوف على هذه المناقشات، ينبغي ملاحظة لسان الأخبار في المقام:

قد يقال في مقام الاستدلال لوجوب القضاء حتّى يغلب على ظنّه الوفاء، وعدم جواز الاقتصار على القدر المتيقّن بعدّة أخبار:

منها: ما ذكره الشيخ في «التهذيب»، و هي صحيحة عبد الله بن سنان الواردة في قضاء النوافل، قال:

«قلتُ لأبي عبدالله عليه‌السلام: أخبرني عن رجلٍ عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها، كى يصنع؟ قال: فليصلِّ حتّى لا يدري كم صلّى من كثرتها، فيكون قد قضى بقدر (ما) علمه من ذلك»[2] .

وجه الاستدلال بأن يقال: إنّ الرواية واردة ظاهراً لبيان طريقة التدارك والاستخلاص عمّا لا يحصيه من الفوائت فريضةً كانت أو نافلة؛ لأجل ما فيها من التعليل، مضافاً إلى أنّ الاهتمام في النافلة بمراعاة الاحتياط يوجب ذلك في الفريضة بطريق أَوْلى، لأنّها أشدّ من النافلة.

ولكن يمكن أن يمنع الأولويّة لاحتمال كون ذلك طريقاً لبيان ما هو الأصلح، وإرشاداً إلى ذلك، لأنّ بناء الشارع في المندوب على الترخيص والتوسعة ، فالأمر فيه ربّما يكون للإرشاد إلى ما هو الأصلح بحاله من غير إلزام، و هذا بخلاف الواجب والفريضة حيث لم يرد المكلّف في قضائه إلاّ التخلّص والنجاة من تبعته، فإثبات الأولويّة في الفريضة لا يخلو عن إشكال.

مضافاً إلى إمكان المنع عن دلالته على المدّعى، إذ من الواضح أنّ الإتيان بالصلاة حتّى (لم يدر كم صلّى من كثرتها) لا يوجب القطع بالمساواة ولا الظّن بها، بل غايته تحقّق الاحتمال الذي لا ينكر أحد وجوبه في الفريضة، فإثبات المدّعى بهذا الحديث لا يخلو عن تأمّل.

و منها: خبر عليّ بن جعفر المروي عن «قُرب الإسناد» عن أخيه موسى عليه‌السلام، قال: «سألته عن الرجل ينسى ما عليه من النافلة، وهو يريد أن يقضي، كيف يقضي؟ قال: يقضي حتّى يرى أنَّه قد زاد على ما يرى عليه وأتمّ»[3] .

وجه الاستدلال: هو ما عرفت في رواية عبد الله بن سنان من بيان طريقة الاستخلاص عمّا عليه من الصلاة في النافلة، فيكون في الفريضة أشدّ وأهمّ، وقد مرّ الجواب عنه بإمكان أن يكون في الفريضة أهون من ذلك؛ لأنّ بناء الشارع على التوسعة في النافلة بخلاف الفريضة حيث أنّ فيها على التبعات والعذاب، فربّما يكفي فيها الإتيان على قدر المتيقّن لا أزيد من جهة جريان الأصل فيه الذي هو المؤمّن في المسألة ، فإثبات الأزيد من ذلك يحتاج إلى دليل وهو مفقود.

أقول: العمدة في الدليل على وجوب تحصيل القطع بالفراغ، قاعدة الاشتغال حيث تقتضي بحسب القاعدة الأوّلية من اليقين بالفراغ في قِبال الشغل اليقيني في صورة الإمكان، بأن لا يستلزم العسر والحرج، فلعلّ الوجه في ذهاب المشهور الى كفاية غَلَبَة الظّن بالوفاء هو الاعتماد على الأصل العقلائي من لزوم الإتيان بالقدر المتيقّن وإجراء الأصل في الزائد، فيوجب الوثوق والاطمئنان على ما هو لازم على المكلّف ، بل قد يؤيّد ذلك التمسّك بقاعدة نفي الحرج، بدعوى أنّ الحكم جزماً بوجوب القطع والعلم بالفراغ ربّما يعدّ حكماً حرجيّاً.

مضافاً إلى إمكان التأييد بالمرسل الدائر على ألسنة الفقهاء من أنّ المرء متعبّدٌ بظنّه.

و أيضاً: من جملة الأخبار التي تمسّكوا بها لإيجاب لزوم الإتيان بالقضاء بأزيد من حصول غلبة الظّن بالوفاء، خبر مراز، عن «إسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «أصلحكَ الله، إنَّ عليَّ نوافل كثيرة، فكيف أصنع؟ فقال: اِقضها، فقال: إنّها أكثر من ذلك ، قال: اقضها، قلت: لا أُحصيها؟ قال: توخّ»[4] .

وفي «مجمع البحرين»: (تحرَّ هو معنى توخّ من مادّة وخا).

و أيضاً: مثله في الدلالة خبر آخر لإسماعيل بن جابر، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «سألته عن الصلاة تجتمع عليَّ ، قال: تحرّ واقضها»[5] .

ولا يخفى أنّ الأمر بالتحرّي في النوافل والفريضة لا يثبت المدّعى، حيث لم يُذكر فيه الحَدّ، فربّما يمكن الوقوف في ذلك إلى حدّ الظّن أو إلى القدر المتيقّن، لا سيّما في الرواية الثانية المطلقة.

 


[1] الجواهر، ج13 / 128 ـ 129.
[2] الوسائل، ج3 الباب18 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 2.
[3] الوسائل، ج3 الباب19 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 3.
[4] و 2 الوسائل، ج1، الباب19 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 1 و 2.
[5]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo