< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/01/20

بسم الله الرحمن الرحیم

نعم، قد يكون قصد الموجر من عقد الاجارة هو الإتيان بالفعل المُجزئ شرعاً، ولو بحسب تكليف المستأجر الذي يقوم بالعمل و يأتي ويعمل بالإجارة، فصحّته حينئذٍ مبنيّةٌ على صحّة التبرّع بالصلاة العذريّة عن الغير، بحيث كان مبرءاً لذمّته، لكن قال صاحب «الجواهر»: (وفيه تأمّل)، و قال في توجيه تأمّله احتمال اختصاص المعذور بالعذريّة، فلا تتعدّى منه إلى غيره، و لا أقلّ من الشكّ، حيث يستصحب شغل الذّمة.

وإن كان قد يقال: (بأنّ أدلّة التبرّع شاملة لسائر المكلّفين الذين منهم ذوي الأعذار، إلاّ أنّ الإنصاف عدم استفادة ذلك منها على معتبرٍ، لعدم سوقها لبيان مثله، كما لا يخفى على مَن لاحظها.

وعليه، فلا يصحّ حينئذٍ استيجار المزمن ونحوه من ذوي الأعذار للقضاء عن الغير ابتداءً، لعدم صحّة تبرّعه)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

قلنا: ما ذكره ـ من احتمال عدم الكفاية من حيث كونه نيابةً عن الغير في العمل، بحيث كان العمل الصادر عن ذوي الأعذار كافياً عن شغل ذمّة الغير، وكان متفرّغاً عنه بلحاظ كفاية عمل المتبرّع عنه ـ كلامٌ وجيه؛ لوضوح أنّ ما وقع على ذمّة الموجر هو عبارة عن أمرٍ يدعو صاحبه أو من ينوب عنه إتيانه كاملاً و تاماً بالنحو الذي شغل ذمّته به دون غيره ، ولابدّ لمَن أراد أن يستأجر عنه لذلك أن يكون شخصاً قادراً على إتيانه كاملاً من غير ذوي الأعذار، نعم، يحقّ المعذور اتيان العمل العبادي إتيان من باب التبرّع نيابةً عن الغير، ويهدي إِليه ثوابه، لكن تبرعه لا يُبرء ذمته، بل يجوز الاستيجار له بهذا القصد، من دون أن يفرغ ذمّته، إذا فرض مشروعية عمله و ترتّب الأجر و الثواب على فعله، لكن ما يقوم به لا يكون مجزياً للمؤجر، فعلّة عدم الكفاية في استيجار الزمنى هو عدم إمكان تحصيل ما هو الواقع في مورد الإجارة، من الإتيان بالعمل الذي وقع على ذمّته من الكامل المختار، لا عدم إمكان اجارة العمل المتبرّع به المثاب عليه وإهدائه إلى المتوفى وتحويل ذلك إلى صاحبه، فالقصور يكون من ناحية عدم كفايته عن شغل ذمّته، لا عدم صحّة عمل المتبرِّع به وأخذ الاُجرة على العمل الذي وقع العقد عليه، فليتأمّل.

وحيث إنّ هدف المؤجر تحصيل فراغ ذمّة المتوفى ممّا اشتغلت به، وهو غير حاصل عن ذوي الأعذار، فلذلك لا يصحّ إجارته لذلك كما لا يخفى.

الفرع الثامن: و ممّا ذكرنا في الفرع السابق يظهر حكم من يعرض عليه العذر بعد الإجارة، حيث إنّه غير صالح لإتيان العمل المستأجر به ، فلابدّ حينئذٍ إمّا القول بانفساخ الإجارة لو كانت مباشرته مورد الإجارة، لعجز المستأجر عن تسليم مورد الإجارة إلى صاحبه، أو ببقاء الإجارة على حالها و قوّتها، و لزوم اجارة فردٍ آخر من غير ذوي الأعذار القادر على الامتثال الصحيح غير الناقص، لتفرغ ذمة المتوفى بعمله.

لا يقال: بأنّ الإجارة إذا تحقّقت مع مكلّف غير ذي عذر حال العقد، ولم يكن قصد المستأجر اتيان فردٍ خاضٍّ من الفعل كما هو المفروض، كانت الصلاة المستأجر عليها من جملة الواجبات على المكلّف ، فلابدّ أن يراعى فيها سائر أحكام صلاته التي هي عليه، بل هي في الحقيقة صلاة له وإن أبرأت ذمّة الغير، لا أنّها صلاة الغير واقعة منه، ولذلك لابدّ له أن يراعي في صلاته أحكام السهو والنسيان والشكّ والظّن وغير ذلك، على حسب حال المؤدّي لا المؤدّى عنه من الأحكام، من حيث الجهر والإخفات، ورعاية ستر العورتين فقط في الرجل، وإن كان المؤدّي عنه امرأة، وهكذا لو كان المؤدّي إمرأة والمؤدّى عنه رجلاً، فإنّه يجب رعاية ما وجب على المؤدّي لا المؤدّى عنه من الستر والإخفات كما لا يخفى.

لأنّا نقول: فرق بين ما لو كان الواجب هو إجراء أحكام نفس المؤدّى من الأحكام ، وبين ما يجب بالنسبة إلى الحالات العارضة من الأعذار في كفايته عن من لا عذر له، والمدّعى أنَّه لا يكفي عمل الذي يصدر عن عذرٍ لمن لم يكن من ذوي الأعذار، خصوصاً بالنظر إلى مورد الإجارة، حيث لا يمكن جعل مورد العذر عمّن لا عذر له المشغولة ذمته بما هو صلاة المختار، كما لا يخفى على المتأمِّل، بل ولو شكّ في براءة ذمّته بذلك و عدمها، فإنّ الاستصحاب يحكم ببقاء اشتغال ذمّته، ولزوم الإتيان بما يوافق صلاة المختار من غير ذوي الأعذار كما لا يخفى. هذا كلّه البحث عمّا يتحمّل بالإجارة والنيابة والوكالة مع الاُجرة.

 


[1] الجواهر، ج13 / 119.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo