< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/12/13

بسم الله الرحمن الرحیم

وجه الاستدلال: ـ على ما في «مصباح الفقيه» ـ دعوى أنَّه يفهم من التعليل أنّ مناط الأمر بالعدول من العصر، هو التحرّز عن فعل الظهر في الوقت المرجوح، وقضيّة ذلك جوازه لمطلق طلب الفضيلة.

ثم قال: وفيه ما لا يخفى، بأَنَّه قياسٌ مع الفارق، لأَنَّه من الواضح أنَّه لو سلّمنا إمكان استفادة ذلك في الفريضة، كيف يمكن تسرّيه إلى ما هو المختلف في النوع بالعدول من الأضعف إلى الأقوى.

كما يجري هذا الإشكال في صحيحة زرارة، حيث علّل فيه جواز العدول من العصر إلى الظهر، بقوله: (فإنّما هي أربعٌ مكان أربع) ، حيث يكون التشابه في العدد ملاكاً لجواز العدول، أو وجوبه في كلّ صلاة بواسطة وجود غرضٍ راجحٍ شرعاً، سواءٌ كان التشابه في الفريضتين أو نافلتين أو مختلفتين.

والجواب عنه: لو سلّمنا ذلك في المتشابهين من الفريضة، فإنّه كيف يجوز ذلك في المختلفين بحسب النوع؟ فإنّ إثبات ذلك يحتاج إلى ورود دليلٍ يفيد ذلك به ، خصوصاً بعدما ثبت أنّ أصل العدول مخالفٌ للأصل والقاعدة، فكيف يجوز تسرّيه إلى مختلف النوع؟!

و ممّا ذكرنا تبيّن تمامية الحكم و عدم خفاء فيه، ولذلك لم يناقش أحد من الفقهاء في هذا الحكم إلاّ الشّاذ منهم.

و أيضاً: ربّما يتوهّم جواز العدول من النفل إلى الفريضة، كما يجوز عكسه أي العدول من الفريضة إلى النافلة في موارد متعدّدة، مثل النفل لناسي سورة الجمعة يومها أو ناسي الأذان يريد تداركهما، أو من أراد إدراك الجماعة يجعلها نافلة وأمثال ذلك، فكما أنّه في هذه الموارد يجوز ذلك رغم لاختلاف نوع الصلاة من الفريضة إلى النافلة كذلك يجوز في العدول من النافلة إلى الفريضة.

ولكنّه مندفع أوّلاً: بأَنَّه قياس، وهو عندنا محرّم فلا يجوز.

وثانياً: أنَّه قياس مع الفارق؛ لما قد عرفت أنّا نتّبع الدليل ، ففي كلّ مورد ورد الدليل على جواز التنفّل في أيّ قسم منه من الأداء إلى القضاء أو بالعكس من الفريضة إلى النافلة نقبله، بخلاف ما لو لم يرد في الدليل كما في المقام، فلابدّ فيه من التوقّف كما لا يخفى.

ثمّ يتفرّع هنا فرع آخر: وهو أنَّه لو دخل في النافلة، فهل يجوز له قطعها والشروع بالفريضة، سواءٌ دخلها نسياناً كما هو المقصود كثيراً، أو عمداً كما قد يتضيّق أم لا؟

أقول: الحكم في هذا الفرع مبنيٌّ على ملاحظة المبنى :

فعلى القول بالمضايقة، وعدم جواز إتيان النافلة في وقت الفريضة، فلا إشكال على هذا القول من بطلان النافلة، إذا كان دخوله فيها عمديّاً، لأَنَّه كان حراماً ، والنهي في العبادات موجب للفسادوهو واضح.

ولكن الذي يليق البحث في أطرافه، هو ما لو كان دخوله فيها نسياناً لا عمداً، فهل يجب قطعها والابتداء بالفريضة، أم أنّ وجوب تقديم الفريضة على النافلة يكون فيما إذا لم يدخل، وأمّا بعد الدخول فيجوز إتمامها؟ فيه وجهان خصوصاً إذا قلنا بحرمة إبطال العمل بعد انعقاده، حتّى في النافلة، تمسّكاً بقوله تعالى: «وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ»[1] كما تمسّك به بعض الفقهاء.

وأمّا على المواسعة، أو القول بجواز التطوّع في وقت الفريضة، كما عليه المشهور، فلا إشكال في جواز إدامة النافلة بعد التنبّه، لا سيّما إذا قلنا بحرمة الإبطال عمداً، كما لا يخفى على المتأمِّل، فعليه أن يُتمّ النافلة ثمّ يستأنف الفريضة كما عليه الأكثر.

وقد يتوهّم: بأَنَّه إذا قلنا بحرمة قطع النافلة، فإنّ لازمها خروجها عن كونها تطوّعاً بالشروع، فلا يعمّها الأخبار الناهية، بل تبقى على حكمها وهو وجوب المضيّ، هذا كما عن «مصباح الفقيه».

ثمّ استدرك بقوله: (نعم، لو عمّها تلك الأخبار، خرجت عن موضوع ما دلّ على حرمة القطع، لأنّ مقتضى عمومها بعد تسليم دلالتها على الحرمة؛ حصول الانقطاع لا القطع كما لا يخفى على المتأمِّل)، انتهى كلامه[2] .

قلنا: إنّ التأمّل يحكم بخلاف ذلك؛ لوضوح أنّ النافلة تكون على ما افتتحت ، ولذلك لم يجز العدول عنها إلى الفريضة بسبب التقيّة ، غاية الأمر حيث إنّه نهى الشارع عن التطوّع في وقت الفريضة؛ فلازم ذلك أنَّه إن كان دخوله فيها بالنسيان، و قلنا بجواز قطع النافلة، فلابدّ من قطعها بالإبطال ، فتكون ادامتها غير جائزة، بل تكون حراماً لكونها تشريعاً في الدِّين، ومن الواضح أنَّه لو كان بصورة الانقطاع يكون بطلانه قهريّاً، فلا معنى حينئذٍ النهي عن التطوّع في وقت الفريضة، رغم أنّه يشاهد ورود النّهي عنه في الأخبار ، ولذلك يقال إنّ الاستمرار فيها بعنوان النافلة تشريعٌ محرّم.

كما يرد على ما قاله من: (أنّ النافلة بالشروع فيها يخرج عن كونه تطوّعاً، فلا يعمّها أخبار الناهية).

و هو أنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه، بل مقتضى الدليل وجوب إدامته مع كونها نافلة ويحرم قطعها، نظير الحجّ المندوب فهو مندوبٌ حتّى بعد الدخول والشروع فيه فإذا شرع وجب عليه إتمامه ويحرم قطعه، رغم مع كونه في الواقع مندوباً، ولا يتبدّل إلى الفريضة.

و عليه، فوجوب المضيّ والإدامة هو أعمّ من أن يصير فريضة، أو كانت باقية على ندبه، ولكن يجب إتمامه كما في المقام، وثمرته تظهر في صحّة تعلّق النّهي عنه في إدامته كتعلّق النّهي في سائر الموارد.

 


[2] مصباح الفقيه، ج5 / 486.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo