< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى الحاضرتين أو الفائتتين، والفوائت التي التزمنا فيها بوجوب الترتيب، حيث إنّ شرطيّة الترتيب في الجميع مخصوصة بحالة الذّكر.

بل ما تقتضيه أُصول المذهب وقواعده، وظاهر أو صريح فتاوى الأصحاب، ومعاقد إجماعاتهم، قد تؤيّد جميعها صحّتها لما نويت له وافتتحت عليه وقام لها، فلا يعدل بها بعد الفراغ إلى غيرها.

نعم، بقي هنا ما يشاهد من خلاف ذلك من تجويز العدول حتّى بعد الفراغ عن العمل؛ كما جاء في صحيحة زرارة الطويلة في حديثٍ، قال:

(إذا نسيت الظهر حتّى صلّيت العصر، فذكرتَها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك، فانوها الأُولى ثمّ صلِّ العصر فإنّما هي أربع مكان أربع، الحديث)[1] .

قال صاحب «الجواهر» في الجواب عمّا هو دالّ على إمكان احتساب ما أتى بنيّة العصر ظهراً حتّى بعد الفراغ، معلّلاً بأنّ هي أربع مكان أربع؛ بأَنَّه:

(أوّلاً: أنَّه مخصوص بالظهرين من الحاضرتين .

وثانياً: قد حكي الإجماع على خلافه، وإن احتمل العمل به في «المفاتيح» لصحّته، بل ربّما حكي عن غيرها أيضاً ، بل قد يلوح من «المدارك» حيث قال: (ولكن مثله غير قادحٍ في محصّل الإجماع الممكن دعواه في المقام فضلاً عن محكيه)، ثمّ نقل المحتملات التي ذكرها الشيخ وغيرها فيها، حيث قال: واحتماله الفراغ من النيّة كما عن الشيخ أو الإشراف على الفراغ من الصلاة لا يقوى على قطعها بعد إعراض الأساطين عنه).

بل قال الهمداني في «مصباح الفقيه» بعد ذكر الخبر: (إنّه غير منافٍ لصحّتها، بل مؤكّد لها، فيحتمل ابتنائه على اتّحاد ما هيئة الظهرين الواقعتين في الوقت المشترك، وعدم المغايرة بينهما إلاّ بالسبق واللّحوق، فيقع ما نواه عصراً لدى نسيانه للظهر ظهراً في الواقع، فتبقى ذمّته مشغولة بالعصر).

ثمّ أجاب عنه بقوله: (ولكن هذا خلاف المنساق من قوله: (ينويها الأُولى). إذ المتبادر منه أنّ للقصد دخلاً في الاجتزاء بها عن الظهر، فما لم ينوها الظهر لم يسقط أمرها، فلو بقى كذلك عمداً حتّى خرج الوقت، يكون معاقباً على ترك الظهر دون العصر).

أقول: وكيف كان، فهذه الفقرة من الرواية المشتملة على الأمر بالعدول من العصر إلى الظهر بعد الفراغ منها، بظاهرها مخالفة للإجماع، كما ادّعاه غير واحدٍ، فيشكل الاعتماد عليها، وإن حكي عن غير واحدٍ من المُتأخِّرين تجويز العمل به:

فعن «المفاتيح»: أنَّه بعد ذكر ورود جواز العدول في الصحيح، قال: (وهو حسن)، وعن بعض شرّاحه أنَّه قال: (ولعلّه الصحيح)، وعن المحقّق الأردبيلي أنَّه قال: (ولو كان به قائلٌ لكان القول به متعيّناً)، ويظهر من صاحب «المدارك» أيضاً المَيل إِليه.

ثمّ قال صاحب «مصباح الفقيه»: (ولكنّك خبير بأنّ هذا كلّه لا يخرجها عن الشذوذ، فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد، ولكن طرحها بالنسبة إلى خصوص هذه الفقرة مع صحّتها، وكونها معمولاً بها في سائر فقراتها أيضاً لا يخلو من إشكال .

مع أنَّه قد يؤيّدها رواية الحلبي، قال: «سألته عن رجلٍ نسي أن يصلّي الأُولى حتّى صلّى العصر؟ قال: فليجعل صلاته التي صلّى الأُولى ثمّ ليستأنف العصر»[2] .

وعن «الفقه الرضوي»: «عن رجلٍ نسي الظهر حتّى صلّى العصر؟ قال: يجعل صلاة العصر التي صلّى الظهر، ثمّ يصلّي العصر بعد ذلك»[3] .

ولكن يمكن حمل هذين الخبرين على إرادة التذكّر بعد التلبّس بصلاة العصر، وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط بالعدول من العصر بعد الفراغ عنها أيضاً إلى سابقتها، ثمّ إعادتها مع العصر بنيّة الاحتياط، و الله العالم)، انتهى كلامه[4] .

أقول: الحمل على التلبّس دون الفراغ لا يخلو عن مسامحة في ظاهر اللّفظ،

 


[1] الوسائل، ج3، الباب63 من أبواب المواقيت، الحديث 1.
[2] الوسائل، ج3، الباب63 من أبواب المواقيت، الحديث 4.
[3] فقه الرضا: ص122.
[4] مصباح الفقيه: ج15 ص475.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo