< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

ومنها: خبر محمّد بن مكّي الشهيد في «الذكرى» نقلاً من «كتاب الرحمة» لسعد ابن عبدالله، مسنداً عن رجال الأصحاب، عن عمّار الساباطي، قال:

«قال سليمان بن خالد لأبي عبدالله عليه‌السلام وأنا جالس: إنّي منذُ عرفت هذا الأمر أُصلِّي في كلّ يوم صلاتين، أقضي ما فاتني قبل معرفتي.

فقال: لا تفعل، فإنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة»[1] .

وجه الاستدلال بهذا الخبر: ـ على ما في «الجواهر» حيث قال ـ : (فإنّه عليه‌السلاموإن بيّن له فساد اعتقاده وجوب القضاء، لكن لم يبيِّن له فساده في كيفيّته، بل قد يدّعى ظهوره في إقراره عليه، على أنّ سليمان كان من المشاهير، بل عن المفيد في إرشاده عدّه من شيوخ أصحاب الصادق عليه‌السلاموخاصّته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين الذين رووا عنه النصّ بإقامة الكاظم عليه‌السلام) ، انتهى كلامه[2] .

أقول: ولا يخفى ما في كلامه من الإشكال، حيث إنّ أخذ الإطلاق بالنسبة إلى عدم بيان الفساد في الكيفيّة غير وجيه؛ نظير أخذ الإطلاق ـ على ما قيل ـ في طهارة ما أخذه الكلب بضمه من قوله تعالى: «فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ»[3] ، حيث لم يبيِّن وجوب تطهير ما أخذه الكلب من الصيد؛ لأَنَّه من الواضح أنّه إنّما يصحّ أخذ الإطلاق فيما إذا أُحرز كون المتكلّم في صدد بيان هذا الحكم أيضاً ، والحال أنّ المقام ليس كذلك؛ لأنّ الإمام عليه‌السلام في الرواية المذكورة كان في صدد تخطئة اعتقاده بوجوب القضاء لما سبق فقط، دون بيان أنّ فعله بقضاء كلّ صلاةٍ فاتته مع الحاضرة الّتى يصلّيها صحيحٌ، كما هو مدّعى الخصم في الاستدلال، و عليه فالتمسّك بهذا الخبر للمواسعة من خلال تقرير الإمام عليه‌السلاملعمله لا يخلو عن تأمّل.

ومنها: صحيح زرارة، عن الباقر عليه‌السلام في حديثٍ طويل:

«وإن خشيتَ أن تفوتك الغداة إن بدأت بالمغرب، فصَلِّ الغداة ثمّ صَلِّ المغرب والعشاء، ابدأ بأوّلاهما لأنـّهما جميعاً قضاء، أيّهما ذكرتَ فلا تصلّهما إلاّ بعد شعاع الشمس. قال، قلت: ولِمَ ذلك؟ قال: لأنـّك لست تخاف فوتها»[4] .في بيان أدلّة القائلين

قال صاحب «الجواهر» قبل نقل الخبر: (هذا الحديث هو عمدة أدلّة المضايقة)، ثمّ نقل الرواية واستشكل عليه بقوله: (إذ لو كان الأمر على الضيق كما يقوله الخصم، لم يكن وجه للنهي عن الفعل في هذا الوقت، بخلاف المختار فإنّه لا بأس بعد توسعته أن يكون هذا الوقت مرجوحاً بالنسبة إلى غيره كسائر أوقات مكروه فيها العبادة).

ولكن يمكن أن يُجاب عنه: بأنّ الخصم قد استدلّ بهذا الحديث لأجل ما وقع قبل ذلك من الرواية، وهو قوله: (وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعاً فابدأ بهما قبل أن تصلّي الغداة ، إبدأ بالمغرب ثمّ العشاء، فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثمّ صلِّ الغداة ثمّ صلِّ العشاء، وإن خشيت.. إلى آخر الحديث) من الحكم بلزوم تقديم الفائتة على الحاضرة ما لم يخاف فوت الغداة، فهو يدلّ على المضايقة، أي وجوب تقديم الفائتة على صاحب الوقت، فيكون هذا دليلاً على خلاف المواسعة، من دون أن يكون مخالفاً لمذهب الإماميّة ، هذا بخلاف ما وقع في ذيل ذلك في آخر الحديث من الحكم بتأخير العشائين إلى ما بعد شعاع الشمس، حيث إنّه يوافق مع مذهب العامَّة بتأخير الفائتة إلى ما بعد ظهور شعاع الشمس، وقد سبق قبل ذلك أنّ حمل ذيل الرواية على التقيّة لموافقتها مع مذهبهم، و اسقاطه لذلك عن الحجّيّة لا يوجب سقوط جميع الحديث عن الاعتبار والحجّية، فعلى هذا لا يمكن جعل هذا الذيل دليلاً للمعارضة مع صدر الرواية، كما صدرَ ذلك عن صاحب «الجواهر» رحمه‌الله .

وعلى ما قرّرناه لو جعل هذا الحديث موافقاً لمدّعى الخصم ـ لو لم نذكر له توجيهاً موجباً لخروجه عن هذا الظهور كما سيأتي هذا التوجيه في محلّه ذلك إن شاء الله ـ كان وجيهاً.

أقول: لا يخفى أنّ ما ذكر صاحب «الجواهر» ـ من احتمال كون المراد من قوله عليه‌السلام: (بعد شعاع الشمس) هو خروج الشمس عن الاُفق، فيصير هذا مؤيّداً على لزوم تقديم الغداة عند خوف فوتها، وجعل الفائتة بعد خروج الشمس عن الاُفق، خصوصاً مع ملاحظة التعليل بقوله: (فلا تصلّهما إلاّ بعد شعاع الشمس)، فيكون حينئذٍ حكم وجوب تقديم الحاضرة هو المستلزم كون النّهي حينئذٍ نهياً تحريميّاً ـ ليس ببعيدٍ إن لم يقبل ما قلنا من حمل الذيل على التقيّة لموافقته لمذهب العامَّة من النّهي عن إتيان الفائتة قبل شعاع الشمس.

نعم، بناءً على عدم قبول كون النّهي تحريميّاً و أنّه تنزيهيٌّ لأجل بيان كراهة إتيان الصلاة عند طلوع الشمس، كان ما ذكره صاحب «الجواهر» ـ من التأييد بأخبار كثيرةٍ دالّة على كراهة مطلق الصلاة في هذا الوقت سواء صلاة الفريضة أو النافلة وغيرهما ـ صحيحاً.

 


[1] الوسائل، ج10 الباب31 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 4.
[2] الجواهر، ج13 / 61.
[4] الوسائل، ج3، الباب63 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo