< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الفرع الثالث: بعدما ثبت حكم وجوب مراعاة الترتيب في القاضي عن نفسه، يقع البحث عن أنّه هل تجب مراعاته على القاضي عن الغير، سواءٌ كان المتولّي لقضائه بعد موته هو أو وليّه أو متبرّعٌ عنه أو مستأجر، أم لا يجب؟ فيه وجهان بل قولان:

قولٌ: بالوجوب وهو المنقول عن العَلاّمَة في «القواعد» والحواشي المنسوبة للشهيد، والمحكي عن «الإيضاح» و «جامع المقاصد».

وقولٌ آخر: هو عدم الوجوب، وهو المنقول عن كاشف الغطاء ، واختاره صاحب «الحدائق» تبعاً لما حكاه عن المحدّث الجزائري.

وقد استدلّ للقول الأوَّل: بأنّ المتولّي لإتيان الفرائض ليس إلاّ تكفّل ما على الميّت، وتحمّل ما هو تكليفه، والمفروض أنَّه كان عليه ذلك مرتّباً، فمن أدّاه عنه غير مرتّبٍ لم يكن مجزياً، لأَنَّه لم يأت بما هو الواجب عليه، والنائب ليس له عملٌ إلاّ إتيان ما هو الواجب للمنوب عنه، وهو الفرائض مع الترتيب، كما يجب عليه جميع ما كان واجباً على المنوب عنه من الكيفيّة من القصر والإتمام والجهر والإخفات بمقتضى النيابة، ومن جملة ما هو الواجب عليه هو الترتيب، فيجب عليه رعايته.

وتظهر ثمرة هذا القول: فيما لو استأجر أجيرين حينئذٍ، كلّ واحد عن سنةٍ، لم يُجزئ عنه لو أوقعاها دفعةً، فضلاً عن عكس الترتيب ، بل يصحّ منهما سنة واحدة خاصّة، كما صرّح بذلك هؤلاء الأعلام الّتى سبق ذكرهم.

أمّا دليل القول الثاني: فقد نوقش فيه بأنّ النائب إنّما يجب عليه أن يأتي بالفعل على وجهٍ يقع تداركاً للفريضة الفائتة، بأن يقع موافقاً لطلبها الابتدائي المتعلّق بها من حيث هو، لا الأمر الثانوي المتعلّق بقضائها بعد فواتها، مضافاً إلى قصور ما دلّ على اعتبار الترتيب عن شموله للنائب، ومن جهة إطلاق القضاء عن الغير بالنسبة إلى ذلك، فلازم ذلك جواز أخذ أجيرين في الإتيان دفعة للفوات، خلاف ما سبق.

والحاصل: أنّ الأمر الجديد كاشفٌ عن عدم فوات المطلوبيّة عن ذلك الفعل بفوات وقته، فيجب على القاضي سواءٌ كان عن نفسه أو عن الغير بالنيابة، أن يأتي بالفعل على وجهٍ يقع إطاعةً للأمر الأوَّل، بعد فرض بقائه وعدم تقيّده بوقته، فالواجب عليه مراعاة جميع ما يعتبر فيه من الأجزاء والشرائط المعتبرة فيه، دون خصوصيّة الوقت، أو الخصوصيّات المرتبطة بالأدائيّة، ككون بعضها متقدِّماً على بعض آخر باعتبار تقدّم وقته لا من حيث هو.

وأمّا سائر الخصوصيّات التي تثبت للقضاء لا من حيث كونها من مقتضيات نفس الأمر بالقضاء من حيث هو، بل بدليلٍ خارجي، فيجب على القاضي الاقتصار على مقدار دلالته، فإن كان مخصوصاً بالقاضي عن نفسه اقتصر عليه ولا يتجاوز عنه.

أقول: هذا كلّه هو ما استفدنا من كلمات الأعلام، ولكن الذي يخطر بالبال هو أن يقال:

إن قلنا في مبحث الأداء والقضاء بأنّ القضاء تابعٌ للأداء، وأنّ خروج الوقت لا يؤثّر في زوال المطلوبيّة، بل هي باق لما بعد الوقت، ويطالب المكلّف بالإتيان ، فلازم هذا القول هو اتيان القضاء بما يطابق الأداء من جميع الجهات، حتّى من جهة الكيفيّة والترتيب، إذ هو مقتضى الأمر الأوَّل، فلابدّ من رعايته.

هذا بخلاف ما لو لم نقل بالتبعيّة، و اعتبرنا وجوب القضاء بأمر جديد كاشفٍ عن بقاء المطلوبيّة القابلة للتدارك بإتيان القضاء، ففي هذه الصورة يصحّ ما قيل في ذلك، بأنّ ما ثبت في حكم القضاء يتبع بحسب الأمر الأوَّل في أصل الإتيان بما فاته من الواجب، وأمّا بالنظر إلى الخصوصيّات المرتبطة بالوقت أو الترتيب، فلابدّ من الرجوع إلى إطلاق نفس دليل القضاء، ولا يصحّ حكم فيها بالوجوب، بل لو شكّ في ذلك يكون المرجع أصل البراءة.

ولكن مع ذلك كلّه، لو لم يكن وجوب رعاية الترتيب في القاضي عن الغير نيابةً أو بالإجارة أو التبرّع أقوى، لكان أحوط قطعاً كما لا يخفى.

أقول: لا يخفى أنّ جميع ما ذكرنا في القاضي ـ سواءٌ كان عن نفسه أو عن الغير، بالنيابة من الولاية أو الاستيجار أو التبرّع ـ من جهة وجوب رعاية الترتيب، كان فيما يعلم القاضي الترتيب، وأراد إتيانه قضاءً عن نفسه أو عن الغير وقد عرفت تفصيله.

و أمّا لو كان جاهلاً بالترتيب، وكان قاضياً عن الغير ، فهل تجب عليه رعاية الترتيب كما كان يجب على القاضي عن نفسه أم لا؟

الظاهر أنّ الحكم في الغير يكون مثل القاضي عن نفسه، فكلّ من قال بوجوب رعاية الترتيب إلى أن لا يبلغ حدّ الحرج في القاضي عن نفسه، يقول بذلك في القاضي عن الغير أيضاً مع الجهل بالترتيب، وكلّ من قال بعدم وجوب رعاية الترتيب في القاضي، يقول به في القاضي عن الغير، كما عن المحقّق الهمداني، وإن عقّب على ذلك بعده بقوله: (المتّجه سقوطه مع الجهل على تأمّلٍ فيما لا يبلغ حدّ الحرج، فلا ينبغي ترك الاحتياط فيه برعايته)، انتهى.

هذا كلّه الكلام في الفوائت من جهة الترتيب تارةً مع العلم به، واُخرى مع الجهل به، سواء كان المكلف قاضياً عن نفسه، أو أتى به عن الغير، مثل وليّه بعد موته، أو أتى به عنه متبرِّع أو كان أجيراً، وقد عرفت حكم كلّ واحد منها.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo