< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/09/26

بسم الله الرحمن الرحیم

وثالثاً: أنَّه إذا سلّمنا أنّ ظهور أكثر الأخبار الواردة في المسألة هو صورة العلم بالترتيب، فلعلّه كان من جهة دخالة العلم في تثبيت وجوب الترتيب ، فلازم ذلك أنَّه مع عدم العلم لا يجب عليه الترتيب، خصوصاً إذا قلنا بظهور الأمر في الشرطيّة، بأن يكون الحكم بلزوم الترتيب مشروطاً بالعلم به من جهة الحكم الوضعي لا التكليفي فقط، فإجراء حكم الترتيب في الجهل يكون أشكل.

ورابعاً: ما أجاب عنه المحقّق الهمداني بقوله: (التخطّي عن مورد النصّ الذي ليس له إطلاق، يتوقّف على القطع بعدم مدخليّة الخصوصيّة في الحكم، و إلاّ فهو قياسٌ لا يجوز التعويل عليه ، فمقتضى الأصل في غير مورد النصّ ـ أي صورة الجهل ـ الرجوع إلى أصالة البراءة من التكليف بالترتيب) ، انتهى[1] .

و قال رحمه‌الله أيضاً: (استدلّ أيضاً في محكي «الذكرى» على عدم وجوب الترتيب في حالة الجهل، بأَنَّه لولا ذلك لاستلزم التكليف بالمحال، واستلزام التكرار المحصّل له الحرج المنفيّ، يعني أنّ إيجاب الترتيب لدى الجهل به تكليفٌ بما لا طريق للمكلّف إلى العلم بحصوله، إلاّ من باب الاحتياط بالتكرار، المستلزم له، وهو حرجٌ منفيّ في الشريعة) ، هذا كما في «مصباح الفقيه»[2] .في ردّ مَن أنكرَ الحرج في تحصيل الترتيب في صورة الجهل

وقد أُجيب عنه بأجوبة أوّلاً: بمنع تحقّق الحرج في التكرار المحصّل للترتيب ، ضرورة كونه كمَن فاته ذلك العدد الذي يحصل به الجزم بالترتيب يقيناً، الذي من المعلوم عدم سقوط القضاء عنه لمشقّته وكثرته.

وثانياً: لو سلّمنا ذلك في الجملة، فهو سببٌ لرفع اليد لمَن كان له ذلك في أقلّ الأفراد أو أكثرها، وأقصاه سقوطه فيما يتحقّق الحرج به دون غيره، كما هو ظاهر الاُستاذ في كشفه في أوّل كلامه بل صريحه.

وثالثاً: بأنّ دليل نفي الحرج مربوطٌ بأحكام الدِّين والشريعة، وما يوجبه العقل لدى الاشتباه مقدّمة لتحصيل القطع بالامتثال، كما فيما نحن فيه.

ورابعاً: أنّ دليل الحرج إن سلّم تحقّقه، فهو فيما يكون كثرة الفوائت على حدٍّ يتعسّر في العادة تحمّلها بتكريرها بمقدارٍ يحصل العلم بوقوعها مرتّبة، بخلاف ما لو قلّت كفائتين أو ثلاث أو أربع ونحو ذلك ، فحينئذٍ يتّجه القول بالتفصيل بين ما لو توقّف الجزم بحصول الترتيب على التكرير بمقدارٍ يشقّ تحمّله عادةً، وما لا يبلغ إلى هذا الحدّ.

ودعوى: عدم القول بالتفصيل المسمّى بالإجماع المركّب هنا، كما صدر عن الشهيد الثاني في «روض الجنان» و «الروضة البهيّة» وغيره.

ممّا لا يمكن القبول: إذ لا وثوق بإرادة القائلين بالترتيب الإطلاق حتّى مع الحرج، بل عن صريح «كاشف الغطاء» أو ظاهره القول بالتفصيل.

ولكن الإنصاف أن يقال: إن أنكرنا وجود دليلٍ صريحٍ أو ظاهرٍ في الإطلاق حتّى يشمل صورة الجهل بالترتيب فهو، و إلاّ كان مقتضي الدليل هو الوجوب، حتّى ولو بلغ إلى حدّ المشقّة القابلة للتحمّل، ولكن إن أُخذ بلسان الإطلاق أزيد من ذلك، وأُنكر استلزامه الحرج فيما يلزم التكرار، حتّى يحصل الجزم بالترتيب، فحينئذٍ لا يمكن قبول ذلك، كما اعترف بذلك المحقّق الهمداني رحمه‌الله، ومثّل لذلك بقوله: (من بلغ عمره ثمانين سنة مثلاً، وعلم ببطلان جُلّ صلواته أو كلّها لجهله بشيءٍ من شرائطها مثلاً، فعليه قضاء جميعها من حين بلوغه ، فلو علم إجمالاً بأَنَّه قد فاتته في طول هذه المدّة صلاة مقصورة، من غير أن يميّز وقتها، فلا يمكنه الجزم بوقوعها مرتّبة، إلاّ أن يصلّي مع كلّ رباعيّة من تلك الصلوات الكثيرة ثنائيّة، فأيّ مشقّةٍ أعظم من أن يتوقّف الخروج عهدة فريضةٍ واحدة على هذا المقدار من التكرار، وهل وجد له نظير في الشرعيّات؟!

وقياسه على الفرائض الكثيرة المعلومة الفوات في غير محلّه؛ إذ التكليف بالخروج عن عهدة الفوائت المتيقّنة وإن كثرت، لا يعدّ في العرف تكليفاً حرجيّاً، خصوصاً على القول بالمواسعة، بخلاف ما لو أمر بصلواتٍ كثيرة لأجل الخروج عن عهدة التكليف بواحدة...) إلى آخر كلامه[3] .

قلنا: ولقد أجادَ فيما أفاد، و الأمر في الحقيقة كذلك ، فإنكار الحرج في مثل هذا ممّا لا يقبله الذوق السليم كما لا يخفى.

 


[1] و 2 مصباح الفقيه، ج15 / 442 و 443.
[2]  .
[3] مصباح الفقيه، ج15 / 444.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo