< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

قوله قدس‌سره: و يستحبّ أن يتصدّق لكلّ ركعتين مُدٌّ، و إن لم يتمكّن فعن كلّ يوم بمُدّ (1) .

وجُعِلْتُ فداك إنّي مرضت أربعة أشهر لم أُصلِّ فيها نافلةً؟ فقال: ليس عليك قضاء، إنّ المريض ليس كالصحيح ، كلّ ما غلب الله عليه فالله‌ أَولى بالعذر فيه»[1] .

وقال صاحب «الجواهر» بعد نقل الخبر الدالّ على نفي التأكّد كما سنذكره: (ويستفاد من الخبر الأوَّل، أي خبر مرازم تعميم الحكم لكلّ معذور، لكنّا لم نعثر على مصرِّحٍ به من الأصحاب).

قلنا: استفادة ذلك مع التصريح بالمانع وهو المرض لا يخلو عن تأمّل، اللهمَّ إلاّ أن يستأنس من التعليل الوارد فيه بقوله: (كلّما غلب الله)، الشامل لكلّ عذرٍ سواءٌ كان مرضاً أو غيره حتّى يكون ذكر المرض من باب التمثيل لا الموضوعيّة، فله وجه.

وأمّا بيان وجه حمل خبر مرازم على نفي التأكّد في الاستحباب، هو دلالة خبر محمّد بن مسلم عليه، حيث روى عن أبي جعفر عليه‌السلام، قال:

«قلتُ له: رجلٌ مرض فترك النافلة؟ فقال: يا محمّد ليست بفريضة ، إن قضاها فهو خيرٌ يفعله، وإن لم يفعل فلا شيء عليه»[2] . أحكام قضاء الصلوات في النافلة

(1) و الدليل على الحكم المذكور في المتن هو ما رواه عبدالله بن سنان في حديثٍ طويل، قال: «قلتُ: فإنّه لا يقدر على القضاء، فهل يجزي أن يتصدّق؟ فسكت مليّاً ثمّ قال: لكم فليتصدّق بصدقة، قلت: فما يتصدّق؟ قال: بقدر طوله وأدنى ذلك مُدّ لكلّ مسكين مكان كلّ صلاة، قلت: وكم الصلاة التي يجب فيها مُدٌّ لكلّ مسكين؟ قال: لكلّ ركعتين من صلاة اللّيل مُدّ، ولكلّ ركعتين من صلاة النهار مُدّ، فقلت: لا يقدر، قال: مدّ لكلّ أربع ركعات من صلاة النهار وأربع ركعات من صلاة اللّيل، قلت: لا يقدر، قال: فمدّ إذاً لصلاة اللّيل ومدّ لصلاة النهار، والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل»[3] .

أقول: لا يخفى أنّ ما في المتن لا ينطبق مع ما جاء في الرواية للاسباب التالية:

أوّلاً: لم يعلّق ردّ الصدقة على العجز عن الصلاة، مع أنّ الوارد في الرواية هكذا: (قلتُ: فإنّه لا يقدر فهل يجزي أن يتصدّق؟) حيث يستفاد منه أنّ الصلاة تقدّم على الصدقة مع القدرة عليها.

وثانياً: قد ورد في الرواية بعد ذكر لكلّ أربع ركعات لمَن لم يقدر لكلّ ركعتين مدّ؛ على أن يعطي مدّاً لصلاة اللّيل ومدّاً لصلاة النهار، والحال أنَّه غير مذكور في المتن.

وثالثاً: جاء في المتن ذكر إعطاء مدٍّ لكلّ يوم، مع أنَّه ليس في الرواية منه عينٌ ولا أثر.

والتوجيه بما جاء في «مصباح الفقيه» من التمسّك بقاعدة الميسور لإثبات ذلك لا يخلو من مسامحة، لأنّ ذلك لا يثبت حدّاً معيّناً، بل غاية دلالته محبوبيّة أصل التصدّق بالزيادة لا في خصوص كلّ يوم بمدٍّ المذكور في المتن كما لا يخفى.

ولأجل هذه المناقشات صاحب «الجواهر»: (ولا يخفى قصور العبارة عن إفادة مضمون الرواية، بل فيها ما يخالف ظاهرها).

ولذلك نقول بأنّ الأَوْلى هو العمل بما في الرواية من مراتب محبوبيّة التصدّق.

ثمّ لا يخفى أنَّه لا فرق في قضاء النوافل في سائر الأوقات؛ مثلاً من كانت عليه أوتار فاتته متعدّدة جاز قضاؤها في ليلة واحدة، كما أفتى به بعض الفقهاء، بل وردت فيه أخبار دالّة على جواز إتيان وترين أو أزيد في ليلةٍ واحدة، بأن يكون الوتر الثاني قضاءً عمّا فات منه من الوتر السابق، كما يدلّ عليه خبر زرارة قال: «قلتُ لأبي جعفر عليه‌السلام: يكون وتران في ليلة؟ قال: ليس هو وتران في ليلة أحدهما لما فاتك»[4] .

بل قد يظهر من بعض الأخبار أنّ استنكار إتيان وترين في ليلة واحدة كان عملاً معهوداً عند الأصحاب، كما يفهم ذلك من رواية إسماعيل الجعفي، قال:

«قلتُ لأبي جعفر عليه‌السلام: ولِمَ تأمر في أن أوتر وترين ليلة؟ فقال: أحدهما قضاء»[5] .

حيث يستفاد من تقرير الإمامعليه‌السلام لكلام السائل بجعل أحدهما قضاءً أنَّه ليس للّيلة الواحدة إلاّ وتراً واحداً.

 


[1] الوسائل، ج1، الباب19 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 1، وذيله في باب20 الحديث 2 منها.
[2] الوسائل، ج1، الباب18 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 1.
[3] الوسائل، ج1 الباب18 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الحديث 2.
[4] ـ 4 الوسائل، ج5 الباب42 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة، الحديث 2 و 1 و 6 و 7.
[5]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo