< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/02/02

بسم الله الرحمن الرحیم

حيث يدلّ على جواز تأخيره إلى بعد ذهاب شعاع الشمس، لأجل كراهة الإتيان بالصلاة في هذا الوقت، حيث يقارن مع وقت عبادة عَبَدَة الشمس، و لذلك عُدّ مكروهاً فراراً عن التشبّه بهم، فلو كان التعجيل واجباً فوريّاً يوجب التعارض مع هذا الحديث، بخلاف ما لو كان مندوباً حيث لا ينافي مع كراهته في هذا الوقت.

أقول: الإنصاف بعد الدقّة والتأمّل فيه يفيد لزوم القول بالوجوب الفوري؛ لما قد عرفت بأنّ مجموع الأخبار عند ضمّ بعضها إلى بعض، غير مقصّرٍ عن إفادة الوجوب، وإن سلّمنا عدم دلالة كلّ واحدٍ منها على ذلك؛ خصوصاً مع ملاحظة فهم الأصحاب من هذه الأخبار الوجوب مع كثرتهم على حدٍّ قريب الى الإجماع، كما سبق ذكر دعواه عن المولى الأكبر جزماً.

وأمّا المناقشات: فأكثرها ممّا لا يسمن ولا يغني عن جوع.

فلا يبقى في البين إلاّ رواية عمّار، وهو: ـ مضافاً إلى كونها في معرض إعراض الأصحاب عنها كما أشار إِليه صاحب «مصباح الفقيه»، بقوله: (لولا إعراض الأصحاب عن الموثّقة لاتّجه العمل بها في خصوص موردها بعد حملها على الكراهة)، انتهى ـ أنَّه لا ينافي مع القول بالفوريّة في حال الذِّكر، لإمكان القول بجواز التأخير لمن نسى عند وقته وهو بعد الصلاة؛ لكون الفوريّة في وقته لازم أعمّ في غيره، بأن يجب بعد الذِّكر فوراً أو مع التأخير.

وكيف كان، فظهر من جميع ما قلناه وبيّناه كون وجوبه فوريّاً عرفاً، وهو الأقوى كما عليه الفتوى.

الفائدة الثانية: سبق أنّ في بعض الأخبار أمرٌ بإتيان السجدتين قبل الإتيان بالمنافيات، منها رواية ابن قدّاح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ عليهم‌السلام، قال: «سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام»[1] . في حكم الفوريّة في الإتيان بالسجدتين

و نسب في «الحدائق» إلى ظاهر جملةٍ من الأصحاب القول بحرمة سائر المنافيات قبلهما، ثمّ قال: (وربّما كان التفاتهم إلى أنّ الأمر بهما بعد السلام وقبل الكلام الذي هو من المنافيات، وتخصيصه بالذِّكر حيث إنّ الغالب وقوعه بعد الفراغ وذكره، إنّما خرج مخرَج التمثيل لذلك ، وبه يظهر ما في ردّ بعض المُتأخِّرين لما ذكروه بأَنَّه غير مستفادٍ من الأخبار ، وكيف كان فالاحتياط تقتضيه البتّة). انتهى ما في «الحدائق»[2] .

قلنا: إن كان المقصود من الجملة المذكورة بيان توقيت سجدتي السهو أي أنّ وقتهما يكون بعد السلام قبل التكلّم، بحيث لو أخلَّ بذلك وجعل إتيانهما بعد التكلّم، لزم الإخلال بالواجب وكان حراماً.

الجواب: أنّ دلالة ذلك واستفادة وجوب الفوريّة من هذه الجملة يكون بالإشعار لا بالصراحة، لإمكان أن لا يأتي بالسجود ولكن لم يتكلّم، فاستفادة حرمة التراخي عنه لا يخلو عن تأمّل، نعم يصحّ جعل ذلك بياناً وكنايةً عن وقتهما العادي، وهو إتيانهما بالزمان المتّصل بالصلاة الذي جرَت العادة في الغالب بعدم تلبّس المصلّي بالكلام أو الانتقال من مجلسه.

و عليه إنّما الحرام هو ترك السجدتين في الزمان المتّصل بالصلاة سواء، تلبّس حاله بكلامٍ أم لا، فلا مدخليّة حينئذٍ لفعل المنافي في الحرمة، فاستفادة حرمة المنافي ووجوب الفوريّة من ذلك مشكل جدّاً .

أقول: لكن ثبت بما سبق بيانه أنّه يستفاد من مجموع الأخبار بضمّ بعضها مع بعض وجوب الفوريّة العرفيّة، و اعتبرنا تلك العبارات كنايةً عن عدم جواز التأخير وإتيان السجدتين بعد السلام فوراً كما لا يخفى.


[1] الوسائل، ج5 الباب5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 3.
[2] الحدائق، ج9 / 345.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo