< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

بل قد يظهر من ذلك وجه القول بتقديم سجود السهو على نفس الجزء أيضاً، و ذلك إذا فرض تقديم سببه؛ لما قد عرفت من اشتغال ذمّته بلزوم إتيانه بعد الصلاة فوراً، ولا فرق في ذلك بين كون السبب فوت جزءٍ، أو تحقّق غيره ممّا يجب السجود عليه، فالاحتياط يحكم بحفظ الترتيب لكونه مطابقاً للقاعدة الأوّلية. نعم، إذا فرض كون الواجب عليه ركعات الاحتياط، لأجل عروض الشكّ عليه في الصلاة، مع كون ذمّته مشغولة بما يجب عليه سجدتي السهو، وكان سبب وجوب سجدتي السهو مقدّماً على الشكّ العارض الموجب للاحتياط، فهل يقدّم ما هو سببه مقدّمٌ، بحيث يكون وظيفته هنا بعد الصلاة الإتيان بسجدتي السهو قبل الإتيان بصلاة الاحتياط ـ بعلّة ما عرفت من كون الذّمة حينئذٍ مشغولة بالسجود قبل عروض الشكّ الموجب لصلاة الاحتياط ـ أم لا بل يجب عليه أوّلاً إتيان صلاة الاحتياط ثمّ السجود؟

الظاهر كون الثاني أقوى، ولا يأتي ما قيل في السابق هنا، ولعلّ وجهه هو أنّ صلاة الاحتياط كأنّه من قبيل ركعات نفس الصلاة الملحقة بالصلاة على احتمال ، وعلى فرض وجود ذلك لابدّ أن يلاحظ أنّ قضاء الأجزاء يكون بعد إتمام الصلاة وفراغها، وهو ليس إلاّ بعد الإتيان بالاحتياط.

لا يقال: أنّه كما يحتمل كون الاحتياط من نفس الصلاة، ولابدّ من وقوع القضاء و عقوبته بعدها، كذلك يحتمل كون الصلاة تامّة، فإتيان الركعات بعدها بلا فصلٍ، يوجب وقوع الفصل بين الجزء المقضيّ و عقوبته بعده وبين الصلاة، لأنّ المفروض حينئذٍ وقوع الركعات الواقعة في البين نافلة غير مرتبطة بالفريضة، وأيّ وجه يقدّم الفرض الأوَّل على الثاني مع أنّ كليهما محتمل؟!

لأنّا نقول: مراعاة حكم الفريضة لو كانت ناقصة حتّى تتّصل الركعات بها، أَوْلى قطعاً عن مراعاة وصل القضاء و العقوبة بالصلاة، مضافاً إلى قيام الدليل على جواز هذا الفصل بين القضاء و العقوبة، وأنّه لا يضرّ ما أتى به بالجبران، بخلاف الوجه الآخر، ولذلك أفتى أكثر الأصحاب بتقديم الاحتياط على قضاء المنسيّة وسجدتي السهو، و يمكن الوقوف على ذلك من خلال الرجوع الى المسألة الحادية عشرة من «العروة» من مسائل قضاء الأجزاء المنسيّة، كما هو الأقوى عندنا، وفاقاً للعلاّمة البروجردي، والسيّد جمال الگلپايگاني وغيرهما من الأعلام. و أيضاً: يظهر ممّا ذكرنا عدم تماميّة ما قاله صاحب «الجواهر» قدس‌سره من تقديم اداء السجود على الجزء المنسيّ إذا كان سبب السجود مقدّماً على سبب وجوب القضاء، لأنّ الذّمة قد اشتغلت بالسجود قبل اشتغالها بالجزء، فلابدّ من تقديم ما هو الأوَّل، أو لا بأس بتقديمه في الإتيان فيجوز عكسه أيضاً ، كما هو الظاهر من كلامه، بل قد تعدّى عن ذلك، وقال بتجويز تقديم السجود حتّى على ركعات الاحتياط من الصلاة، بدعوى أنَّه لا تنافي بتخلّل سجود السهو بين الاحتياط والصلاة، مع أنّه ثبت ممّا مرّ ضعفهما. في بيان تقديم إتيان الأجزاء على السجود ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (وربّما يؤيّده أيضاً (أي الحكم بتقديم السجود على الجزء المنسيّ) ظهور رواية عليّ بن حمزة، في تقديم السجدتين على التشهّد المنسيّ، كما اعترف به في «الروض» و «الذخيرة»).

والرواية هي الّتي رواها: عليّ بن أبي حمزة، قال: «قال أبو عبدالله عليه‌السلام: إذا قُمتَ في الرّكعتين الأولتين، ولم تتشهّد، فذكرت قبل أن تركع، فاقعد فتشهّد، وإنْ لم تَذكُر حتّى تركع، فامض في صلاتك كما أنتَ، فإذا انصرفتَ سجدتَ سجدتين لا ركوع فيهما، ثمّ تتشهّد التشهّد الذي فاتك»[1] .

فإنّ ظاهر الحديث كما قاله صاحب «الجواهر» رحمه‌الله من دلالته على تقدّم السجود على التشهّد .

والقول بأَنَّه كان في صَدَد بيان ما هو واقع على ذمّته من التشهّد والسجود لا في مقام بيان أنّ ما هو الأسبق يقدّم، وإن كان ممكناً عند الجمع مع ما قدّمناه من تقديم الأجزاء بالطبع على ما هو عقوبتها، إلاّ أنَّه مخالفٌ لظاهر أداة: (ثمّ) التي هي للتراخي، ولعلّ لذلك قال صاحب «الجواهر» قدس‌سره بعد نقل ذلك: (لكن لم أجد من جزم بذلك ، بل ظاهر جميع مَن تعرّض لذلك تقديم الجزء المنسيّ على سجود السهو، وإن تقدّم سببه، إلاّ أنّ الشهيد الثاني في «المقاصد» فإنّه قد يظهر منه الجواز لا الوجوب، بل قد يظهر منه في «الروض» ومن الخراساني في «الذخيرة» جواز تقديم السجود على الجزء، وإن تأخّر سببه فضلاً عن أن يتقدّم عليه).

ولعلّ وجهه: ملاحظة مثل هذه الرواية من دلالة ظاهرها على تجويز تخلّل السجود بين الصلاة وبين الجزء المنسيّ، فكأنّه أراد بذلك بيان أنّ ذمته مشغولة بأمرين و هما السجود المنسيّ من الجزء، ولا فرق في أداء الذّمة بين التقديم والتأخير نظير الاشتغال بذمّة الدِّيون.

ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (وإن كان الذي يقوى في الذهن تقديم الأجزاء المنسيّة والركعات الاحتياطيّة على السهويّة مطلقاً، و الأجزاء على الركعات، وبعضها على بعض السابق فالساق).

قلنا: نِعْمَ ما أفاد إلاّ في الركعات كما سيأتي، كما أنّ الاعتبار عند العقلاء أيضاً يساعدنا ، فهذا هو المختار كما عليه أكثر من نُقلت آراؤهم في «العروة» أو الاحتياط وجوباً كما لا يخفى.

 

حكم تعدد سجود السّهو يقع الكلام فيما لو اشتغلت ذمّته بالسجودات ، فهل يجب تقديم ما هو الأسبق بحيث لو أتى خلاف ما وقع لابدّ من الإعادة، أم لا بل غايته ترجيح ما هو الأسبق الذي يساعده الاعتبار لا وجوبه ، وهذا هو الأقوى، لأنّ الدليل الذي يدلّ على وجوب الإتيان بالسجود فوراً، لا يقتضي أزيد من وجوب أصل الإتيان نظير شغل الذّمة في الدِّيون، وأمّا وجوب رعاية ما هو الأسبق في الاشتغال في حال الإتيان ممّا لا دليل عليه.في بيان عدم وجوب التعرّض للأداء والقضاء في سجود السهو

أقول: و ما ذكرنا يظهر ضعف احتمال التخيير بين الجميع، بأن يقال: لا فرق بين الأسبق وغيره بين السجود وبين الأجزاء من جواز تقديم أيّهما شاء، دون نفس الأجزاء، حيث يقدّم ما هو سببه كذلك ، بل قد يقال بأَنَّه كذلك حتّى في نفس الأجزاء بعضها مع بعض أيضاً، بدعوى عدم ما يدلّ على وجوب تقديم الأسبق من حيث السبب؛ لما قد عرفت من لزوم رعاية ما هو الأسبق في الاشتغال في الأجزاء أو بعضها مع بعض، كما يجب عندنا رعاية تقديم إتيان قضاء الأجزاء على السجود، كما يجب رعاية تأخير الأجزاء عن ركعات الاحتياط من الصلاة، لأنّها تقع بعد الفراغ عنها، وهو لا يتحقّق إلاّ بعد الإتيان بالاحتياط.

 


[1] تهذيب الأحكام : ج2 / 344 ح18، الوسائل، ج5 الباب26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo