< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/10/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المراد من السّهو في كثير الشك

 

فبعدما عرفت هذه المقدّمة تعرف وجه وقوع الاختلاف في كثير السهو في أنَّه هل هو ككثير الشكّ لا يعتنى بسهوه، ولا يأتي بالمسهوّ بعد تذكّره بالنسيان فيما يمكن فيه التدارك، أو لا يقضي فيما لابدّ فيه من التدارك ، أو لا تبطل صلاته فيما كان تركه مبطلاً كترك الركعة أو الركن، أو ليس الأمر كذلك بل حكمه كحكم سائر الناس من لزوم جبران المنسيّ فيما يقتضي ذلك؟

ذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى الثاني، و منهم المحدّث المجلسي، وصاحب «المدارك» وصاحب «الجواهر» و «مصباح الفقيه»، بل جاء في كلمات الأخير بأَنَّه: (يظهر من غير واحدٍ الاتّفاق على جريان سائر أحكام السهو على كثير السهو، فيما عدا سجود السهو ، وخلافهم إنّما هو في خصوص السجود، فالقائل بالتعميم أراده بالنسبة إلى خصوصه، فمن المستبعد تنزيل إطلاق المشهور المعبّرين بأَنَّه لا حكم لمن كثر سهوه على إرادة الأعمّ، مع استلزامه ارتكاب التخصيص في الناسي بخصوص السجود، الذي سنشير إلى خروجه عن منصرف هذا الإطلاق) ، انتهى محلّ الحاجة من كلامه[1] .

قلنا: يقتضي لتوضيح المراد من ذكر كلام المجلسي رحمه‌الله ـ على ما نقله صاحب «مصباح الفقيه» عن صاحب «الحدائق» رحمه‌الله ـ قال: (بل الأصوب أن يقال شمول لفظ السهو في تلك الأخبار للسهو المقابل للشك غير معلوم، وإن سلّم كونه بحسب أصل اللّغة حقيقة فيه، إذ كثرة استعماله في المعنى الآخر بَلَغَت حدّاً لا يمكن فهم أحدهما منه إلاّ بالقرينة، وشمولها للشكّ معلومٌ بمعونة الأخبار الصريحة، فيشكل الاستدلال مع المعنى الآخر بمجرّد الاحتمال، مع أنّ حمله عليه يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور لو كان ظاهراً فيه، إذ لو ترك بعض الركعات أو الأفعال سهواً، يجب عليه الإتيان به في محلّه إجماعاً ، ولو ترك ركناً سهواً وفات محلّه تبطل صلاته إجماعاً ، ولو كان غير ركن يأتي به بعد الصلاة لو كان ممّا يتدارك ، فلم يبق للتعميم فائدة إلاّ سقوط سجود السهو، وتحمّل تلك التخصيصات الكثيرة أبعد من حمل السهو على خصوص الشكّ لو كان بعيداً، مع أنّ مدلول الروايات المُضيّ في الصلاة، وهو لا ينافي وجوب سجود السهو، إذ هو خارجٌ عن الصلاة.

فظهر أنّ مَن عمّم النصوص لا تحصل له في التعميم فائدة)، انتهى كلام المجلسي على ما هو المنقول في «مصباح الفقيه»[2] . في بيان وجه الفرق بين كثير الشكّ وكثير السهو

أقول: ولقد أجاد فيما أفاد، بل أضيف الى كلام المجلسي تأييداً في بيان وجه الفرق بين كثير السهو بمعنى الشكّ ، وبين كثير السهو بمعنى النسيان، هو أنّ إطاعة الشيطان التي أُنيط بها هذا الحكم في بعض الروايات إنّما تحصل فيما لو عرضه السهو بعد صدور الفعل امتثالاً لأمره، ثمّ حصل له التشكيك فيه فأعاده اعتداداً بشكّه مع عدم كونه في الواقع مأموراً به، كما هو الغالب في أهل الوسوسة الذي يوجب ذلك، هذا بخلاف ما لو تركه نسياناً ثمّ ذكر، فإنّ أصل النسيان وإن كان من الشيطان، ولكن تذكّره بعد ذلك لم يكن منه، وتداركه وقع إطاعةً لأمره إرغاماً لأنف الشيطان، وهذا المقدار يكفي في عدم حمل الأخبار على كثير السهو، بل تكون مخصّصاً لكثير الشكّ كما عليه المشهور.

نعم، الذي وقع فيه الخلاف من جهة السقوط، هو حكم كثير السهو في سجود السهو ، فهل يحكم بالسقوط كما يحكم بذلك في حقّ كثير الشكّ أم لا؟

قد يقال بالعدم، لأجل أنّ قول الإمام عليه‌السلام: (فامض في صلاتك) ، ونحوه المستفاد منه الأمر بالمُضيّ في الصلاة، لا دلالة فيه على سقوطهما، لأنّ الأمر بالمضيّ في الصلاة لا ينافي وجوبهما في خارج الصلاة؛ لإمكان الجمع بين وجوبهما خارج الصلاة مع وجوب المضيّ في الصلاة حال الصلاة.

ولكن يمكن أن يُجاب عنه: بأنّ المراد من السقوط فيما يسقط كان لأجل عدم الالتفات الى أصل موجبه الذي يجب على المكلّف إتيانه، فإذا حكم بسقوط أصل موجب الشكّ، فلا يبقى حينئذٍ وجه لوجوب سجدتي السهو لمن كان كثير الشكّ؛ لوضوح أنَّه لولا ذلك لجرى مثل ذلك في مثل ركعات الاحتياط، بأن يقال في حقّ كثير الشكّ بأَنَّه لا ينافي الحكم بالمضيّ في الصلاة مع وجوب الاحتياط بعد الصلاة، مع أنّ الظاهر من الأخبار أنّ هذه الكثرة من الشيطان، و يجب عدم العمل بموجبها حتّى لا يُطاع فلا يعود، وهو واضح.

 

موضوع: فروع كثير الشك

 

هاهنا فروع ذكرها صاحب «الجواهر»: في بيان الفروع لكثير الشكّ

الفرع الأوَّل: لو كثر شكّه فعل بعينه كالركوع مثلاً، فهل يعدّ كثير الشكّ بذلك بحيث يجري عليه حكم كثير الشكّ بالنسبة إلى غير الركوع من الأفعال والأعداد، أو يكون حكم كثير الشكّ في حقّه في خصوص الركوع دون غيره؟ فيه وجهان بل قولان:

القول الأول: و هو مختار صاحب «المدارك» و «الرياض» وغيرهما، للإطلاق المؤيّد بالتعليل بأَنَّه من الشيطان، حيث يكون التعليل معمّماً بحيث يشمل غير المورد أيضاً.

والقول الآخر هو الاقتصار على المورد، لأَنَّه المتبادر من النصوص لظهورها في عدم الالتفات إلى ما كثر فيه السهو والشك لا مطلقاً ، كما أنّ التعليل للثاني أَوْلى من الأوَّل فتبقى الأدلّة الأوّلية محكّمة وباقية من الالتفات بالشك والعمل بالوظيفة.

بل لا يبعد دعوى الاختصاص بالركعة التي يقع فيها الشكّ في الركوع كثيراً من الركعة الأُولى دون غيرها من الركعات، فلا يجري حكم كثير الشكّ في حقّه بالنسبة إلى الركوع من الركعة الثانية ، بل لا يبعد إجراء ذلك حتّى بالنسبة إلى الفرائض مثلاً، و هو من كان كثير الشكّ في ركوع ركعات الصبح مثلاً، ولا يتعدّى نشكّه بالنسبة إلى سائر الفرائض من الظهر والعصر وغيرهما، لأَنَّه الظاهر من النصوص في كون الحكم مختصّاً بما يقع فيه تلك الكثرة من الشكّ الذي كان من الشيطان دون غيره.


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 304.
[2] مصباح الفقيه، ج15 / 305.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo