< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/08/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: البحث في الصور الّتي طرحها صاحب «الجواهر»

 

وإنّما البحث والكلام يقع فيما لو تعدّد المأموم، و اختلفا بينهما:

تارةً: لم يكن بين المأمومين والإمام رابطة أصلاً، فقد مرّ ببطلان الائتمام وتصير صلاة المأمومين فرادى، ويعملون بأنفسهم عمل صلاة الفرادى مع الشكّ.

وأخرى: كان بينهم رابطة، ولكن مع ذلك وقع بينهم الاختلاف في عدد الركعات، كما لو شكّ بعضهم بين الاثنين والثلاث، والبعض الآخر بين الثلاث والأربع، وكان شكّ الإمام موافقاً مع الاثنين والثلاث، ومخالفاً مع الثلاث والأربع:

فقد يقال حينئذٍ: إنّه يجب على الإمام والمأمومين الموافقين معه العمل بالاحتياط، أي إتيان صلاة الجماعة مع الاحتياط بعد الصلاة دون المأمومين المخالفين للإمام، بل عليهم اتيان بقيّة الجماعة مع الإمام من دون صلاة الاحتياط، ويظهر حكم كلّ من الإمام والمأمومين المخالف من جهة إتيان الاحتياط وعدمه بعد الفراغ من الصلاة، كما أنّ الموافقين مع الإمام يكون حكمهم حكم الإمام بلزوم إتيان الاحتياط بعد الفراغ دون المخالف، لمكان يقين الإمام أنّها ليست رابعة، ويبقى الائتمام للجميع.

أقول: والعلّة في عدم جواز رجوع الإمام إلى يقين بعض المأمومين بأنّها ليست ثانية، هو فقدان الشرط في هذا الفرض، وهو عدم الاختلاف بين المأمومين، إذ هنا قد وقع الاختلاف فقد اتّفق شكّ بعض المأمومين مع شكّ الإمام، والحال أنّ الشرط في جواز رجوع الإمام إلى يقين بعض المأمومين، هو وجود الاتّفاق بينهم، فمن ذلك يظهر بأنّ جواز رجوع الإمام إلى يقين المأمومين له شرطان:

أحدهما: وجود الرابطة بين الإمام والمأموم.

وثانيهما: مع تعدّد المأمومين، لابدّ من وجود الاتّفاق بينهم.

والقيد الثاني يستفاد من مرسل يونس حيث جاء فيه جملة (باتّفاقٍ منهم) المشير إلى كون اللاّزم مع التعدّد وجود الاتّفاق بين المأمومين، و الخبر رغم ارساله لكنه منجبر بعمل الأصحاب كما قيل، بل هو ظاهر المصنّف هنا وفي «النافع» وعن غيره كما عن «الجواهر»، وكونه في بعض النسخ (بإيقان) بدل (اتّفاق) لا يقدح في الدلالة، بعد ظهور لفظ (مَنْ) مع السؤال فيه مع كون المشهور الأُولى.

و أيضاً: على ما ذكرنا يظهر ما في «الروضة» حيث قال: (ولو تعدّد المأمومون واختلفوا، فالحكم كالأوّل في رجوع الجميع إلى الرابطة، والانفراد بدونها، ولو اشترك بين الإمام وبعض المأمومين، رجع الإمام إلى الذاكر منهم، وإن اتّحد باقي المأمومين إلى الإمام).

أولاً: ما ذكره من رجوع الإمام إلى الذاكر منهم جيّدٌ لو لم نقل بشرطيّة وجود الاتّفاق بين المأمومين، بأن يكون الحفظ في الرجوع لجميع المأمومين، رغم ما قاله صاحب «الجواهر» بأنّ عدم شرطيّته لا يخلو من قوّة، لعدم معارضة الشّاك للحافظ، ومنافاته التخفيف المقصود بمشروعيّة هذا الحكم ، ضرورة عُسر علم الإمام باتّفاق الجميع، سيّما مع كثرة المأمومين وغير ذلك. في تتمّة البحث

وثانياً: لا دليل على وجوب رجوع باقي المأمومين إلى الإمام في هذه الصورة، لعدم حفظه، ورجوعه التعبّدي لمكان حفظ بعض المأمومين ليس يقيناً ولا منزّلاً منزلته.

أقول: لا يخفى أنّ الوجه في المناقشة مع كلام صاحب «الروضة» هو دلالة الجملة الواردة في الخبر المرسل بقوله: (ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه)، باتّفاقٍ منهم على لزوم هذا القيد وهو عدم جواز الرجوع إلى من خلفه من المأمومين، إذا كان بينهم الاختلاف في عدد الركعات ، إمّا لأجل عدم وجود الرابطة، و إمّا لعدم اتّفاقهم لعذرٍ رغم وجود الرابطة.

و عليه، فالخروج عن مفاد هذا الحديث والأخذ بغير ذلك، يحتاج إلى دليلٍ يدلّ عليه، وهو هنا مفقود.

و أيضاً قال في «الجواهر»: بأَنَّه يظهر من صاحب «المدارك» بل هو المنقول عن جدّه أيضاً، بل ربّما تبعه عليه بعض من تأخّر عنه؛ أنَّه لا فرق في الحكم بين الأفعال والركعات، بل نسبه في «المدارك» إلى الأصحاب ، ثمّ استشكل عليه صاحب «الجواهر» بقوله: (وهو لا يخلو من تأمّل للشك في شمول الأدلّة له)، انتهى كلامه[1] .

أقول: لعلّ مقصود الأصحاب من إجراء ذلك في الأفعال من رجوع الإمام أو المأموم إلى الآخر في العمل، مع حفظ الآخر في مثل الركوع أو السجود أو غير ذلك؛ هو أنّ هذا الرجوع يعدّ من الأُصول العقلائيّة من بنائهم في الأُمور المرتبطة بعضها مع بعض كالجماعة، هذا على تجويز اعتماد الشّاك على الحافظ، وأنّه أمرٌ حسن عند العقلاء ، بل هو معمولٌ عندهم في الاجتماعات كالطواف، حيث يرجع الطائف الشاك إلى من هو في جنبه في حساب العدد، فلعلّه لذلك ذهب الأصحاب إلى تسرية هذا الحكم إلى كلّ الأفعال كالركعات، وهو ليس ببعيد.

هذا تمام الكلام في بيان صور كون الإمام مع المأموم متّحداً أو متعدّداً أو شاكّاً من جواز الرجوع وعدمه، المندرجة جميع صورها في الصورة الثانية في بيان الوجوه المتصوّرة في المقام.

 


[1] الجواهر، ج12 / 411.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo