< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مدخليّة الاجتماع و الانضمام في تبدل حكم الشك و عدمه

 

ولكن يمكن أن يجاب عنه بأُمور:

الأمر الأول: قال صاحب «مصباح الفقيه» بأنّ ما يدلّ على اعتبار اليقين في الأوليين ونحوهما ـ على ما يظهر من أدلّته ـ ليس لخصوص وصف اليقين، بل هو طريقٌ لإحراز العدد في الأوليين، فإذا ورد دليلٌ دالّ على اعتبار الظّن كاليقين في عدد الركعات، كان هذا الدليل الوارد حاكماً على تلك الأخبار التي تدلّ على لزوم اليقين فيه في الأوليين، نظير إقامة الدليل على حجّيّة البيّنة، حيث يكون حاكماً على الأخبار الدالّة على لزوم اليقين في الموضوع.

الأمر الثاني: ـ وقال أيضاً ـ إنّ الأخبار الدالّة على لزوم التعيين في الأُوليين ونظائره، لا يمكن تخصيص عموم مثل صحيحة صفوان، بل لابدّ إمّا من طرح الصحيحة، أو رفع اليد عن المفهوم وإلغائه، أو جعل الصحيحة حاكمة على تلك الأخبار.

توضيح ذلك: إنّ الصحيحة بمنطوقها تدلّ على وجوب إعادة الصلاة، إذا لم يدرِ كم صلّى، فالمراد منها:

إمّا الصورة التي لم يحفظ شيئاً من عدد الركعات، و احتمل كون ما بيده الأُولى فما زاد، فمفهومها أنَّه في هذا الفرض إذا ذهب وهمه إلى شيءٍ عمل به، ولو كان ما ذهب وهمه إِليه الأُولى أو الثانية، كان كذلك إذا ذهب وهمه إلى غيرهما من الأخيرتين ، وهذا هو المطلوب إذ لم يفرّق قائل في عدم العمل بالشك فيما لا يدري كم صلّى، في كون مورد شكّه خصوص الأوليين أو هما مع الأخيرتين، من جهة وجوب الإعادة في شكّه فيهما، وعدم الإعادة في ظنّه بالنسبة إلى الأخيرتين والأوليين.

وليس المدّعى إلاّ هذا، إذ لا قائل بالفصل بين هذا الشكّ الذي لا يدري كم صلّى وبين غيره من سائر الشكوك بالنسبة إلى الأوليين من وجوب الإعادة فيه.

أو أنّ المقصود مطلق الشكّ المتعلّق بعددها، بحيث تعمّ سائر الشكوك المتعلّقة بها.

فالرواية على هذا وإن هي تكون عامّة، ولكن لا يمكن تخصيصها بالأخيرتين، إذ لا يجب فيهما الإعادة، ولا بالفرائض الثنائيّة والثلاثيّة، إذ الخصم لا يرضى بذلك، ويعترف بأنّ حكمهما حكم الأوليين من الرباعيّة، فلا قائل بالفصل بينهما.

إلى أن قال: فالحاصل، أنّ الصحيحة لا يمكن تنزيلها بوجوب الإعادة في المنطوق على الأخيرتين في صورة الشكّ ، بل لابدّ من اختصاصها في الأوليين، لعدم وجوب الإعادة في الشكّ في الأخيرتين، بخلاف الأوليين فحينئذٍ يصير هو مقتضى الجمع في حال الشكّ بالإعادة بين هذه الصحيحة في الأوليين، وبين الأخبار الخاصّة الدالّة على المضيّ بالشك والعمل بالاحتياط في غير الأوليين.

فعلى هذا، يكون المفهوم تابعاً للمنطوق، بأن يكون حكم الظّن في الأوليين هو عدم الإعادة، كما أنّ الأمر كذلك في الظنّ بالأخيرتين.

نعم، لو قيل بأنّ الحكم بالمضيّ لدى الشكّ في الأخيرتين رخصةٌ لا عزيمة، كما احتمله الشهيد في «الذكرى»، فحينئذٍ أمكن صرف الصحيحة بالإعادة في الأخيرتين عند الشكّ على استحباب الإعادة ، جمعاً بين تلك الأخبار الدالّة على المضيّ بالشك والعمل بالاحتياط، وبين هذه الصحيحة بالإعادة كما لا يخفى.

هذا كلّه إن أُخذ بالمفهوم تابعاً للمنطوق، فيقال بصحّة العمل بالظّن في الركعات التي كان الشكّ فيها موجباً للبطلان من باب جعل الصحيحة حاكمة على تلك الأخبار الدالّة على لزوم اليقين في الأوليين ونحوها.

و إلاّ يلزم طرح الصحيحة رأساً، أو إلغاء خصوص مفهومها، من حيث تجويز العمل بالظن.

وحيث أنّ المشهور بل المجمع عليه على احتمالٍ على كفاية العمل بالظن في الأوليين والثنائيّة والثلاثيّة، فالأخذ بالصحيحة وجعلها حاكمة أَوْلى من الطرح والإلغاء، كما هو واضحٌ لمن له أدنى تأمّل.

هذا كلّه لُبّ كلام المحقّق الهمداني في «مصباح الفقيه» مع توضيح في الجملة منّا[1] .

أقول: لا يخفى على المتأمِّل بأنّ مقصود القائلين بالتخصيص كصاحب «الجواهر» وغيره، هو تخصيص عموم مفهوم مثل صحيحة صفوان، حيث يدلّ على أنّ من ذهب وهمه إلى شيء يؤخذ به، سواءٌ كان في الأوليين من الرباعيّة أو الأخيرتين منها، فإذا فرضنا اتّحاد حكم الأوليين مع الثنائيّة والثلاثيّة بالإجماع، من جهة عدم تحمّل الشكّ، فيكون حكمهما من حيث الظّن أيضاً متّحداً، لعدم وجود القول بالفصل بين الأوليين وبين الثنائيّة والثلاثيّة، من حيث حكم الشكّ والظّن، أي كلّ ما يقال في حكم الأوليين من الشكّ والظّن، يقال بمثله في الثنائيّة والثلاثيّة إثباتاً ونفياً، لا تخصيص عموم المنطوق كما صرّح به المحقّق رحمه‌الله.

فإذا ثبت هذا العموم من المفهوم ـ أي كلّ ما ذهب وهمه وظنّه إِليه يؤخذ به، سواءٌ كان في الأوليين أو الأخيرتين ـ و أراد الخصم من التخصيص تخصيص هذا العموم بالنسبة إلى الأوليين، بأَنَّه لا يكفي فيه الظّن، اعتماداً على الأخبار الدالّة على لزوم تحصيل اليقين والحفظ والسّلامة فيهما، بخلاف الأخيرتين حيث يكفي فيهما الظّن، وتصحّ الصلاة بلا احتياط، كما يصحّ مع الشكّ فيهما العمل بالاحتياط، وهو المطلوب.

فلا يرد عليه ما أورد من عدم إمكان الحكم بالإعادة في الأخيرتين، بل الأَوْلى في الجواب عنه أيضاً هو الجواب الأوَّل، بدعوى دلالة المفهوم في هذا الخبر وغيره على أنّ الظّن بمنزلة اليقين من باب الحكومة والتوسعة في مفاد اليقين، بأَنَّه أعمّ من الوجداني والتعبّدي، خصوصاً مع تأييده بالشّهرة والإجماع، مع أنّ نسبة بعض أدلّة حجّيّة الظّن هنا مع الأخبار الدالّة على لزوم اليقين، هي العامين عامّين من وجه ، فمورد التعارض يرجّح دليل حجّيّة الظّن بواسطة وجود الشهرة والإجماع، فيحكم بصحّة الصلاة في الظّن في الأوليين، كما عليه المشهور والفتاوى.

 


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 235.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo