< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: القسم الخامس من أقسام الشكوك الصحيحة

 

أقول: لا بأس حينئذٍ بذكر أدلّة كلّ واحد من هذه الأقوال حتّى يتّضح المطلب، ويؤخذ بما هو الحقّ عندنا، فنقول ومن الله الاستعانة وعليه التكلان:

دليل القول المشهور: استدلّ له بروايات فيها صحاح:

منها: رواية عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أو خمساً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمّ سلِّم بعدهما»[1] .

فإنّ الظاهر من هذا الحديث أنّ الشكّ وقع بعد إكمال السجدتين بحسب مقتضى ظاهر لفظ (صلّيت) في الماضي إذ هو القدر المتيقّن من الوجوه الثلاثة، من كونه قبل رفع الرأس من السجدة الأخيرة، أو قبل الذِّكر فيها بناءاً على قبول صدق الإكمال فيه أيضاً على الخلاف الذي قد سبق ذكره تفصيلاً، فلا نعيد.

توجيه دلالة هذا الحديث: إنّ الإمام حكم بإتيان سجدتي السهو بعد التسليم، فإنّه لا يمكن الذهاب إلى الصحّة ، مع ملاحظة البناء السابق في المسائل الأربعة من البناء على الأكثر في الشكّ؛ لملاحظة بعض ما يدلّ بأنّه: (إذا شككت فابنِ على الأكثر) لوضوح أنّ مقتضاه هنا هو البناء على أنّ ما بيده من الركعة هي الخامسة، وهو يلزم الفساد، فلا يبقى موردٌ لحكم الإمام عليه‌السلامبسجدتي السهو المقتضي كون الصلاة صحيحة، وسجدتي السهو جابرة لنقصها، فلا محيص من الحكم بتقديم أصالة الصحّة على الفساد بالبناء على الأربعة، وإن كان ذلك يساعد ويوافق مع أصالة العدم، و عليه فهذا الحديث من أدلّة هذا القول.

ومنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «إذا لم تَدرِ أربعاً صلّيت أو خمساً، أم زدت أم نقصت، فتشهّد وسلِّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهّد فيهما تشهّداً خفيفاً»[2] .

أقول: كيفيّة دلالته على ما قول المشهور هي بالتقرير الذي ذكرناه آنفاً، من الحكم بالصحّة من حيث البناء، إلاّ أنّ هذا الحديث مشتملٌ على جملة زائدة على ما سبق، وهي قوله: (أم زدت أم نقصت)، و هذه الزيادة يتصوّر على أحد الوجهين:

إمّا أن يكون المراد من هذه الجملة بيان أنَّه لا يدري أنَّه قد زاد في صلاته أم لا، أو نقص فيها أم لا.

أو يراد من الترديد هو العلم بوقوع أحدهما من الزيادة أو النقيصة، ولكن لا يدري معيّناً متعلّق علمه، فالشك واقعٌ في طرفي العلم الإجمالي .

والذي يظهر من كلام صاحب «الجواهر» هو الثاني، لأنّ هذه الجملة موجودة؛ في الخبر الصحيح أو الحسن الذي رواه زرارة المعدود من الأخبار المؤيّدة لقول المشهور ، قال: «سمعتُ أبا جعفر عليه‌السلاميقول: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: إذا شكّ أحدكم في صلاته، فلم يدر زاد في صلاته أم نقص؟ فليسجد سجدتين، وهو جالسٌ، وسمّاهما رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله المُرغمتين»[3] .

و قال صاحب «الجواهر»، ذيل الخبر المتقدّم ـ أي خبر الحلبي ـ : (زدت أم نقصت، يراد منه الزيادة والنقيصة المعلومتان اللّتان يسجد للسهو لهما، نحو قوله في الحسن: (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام... إلى آخر الحديث)، ثمّ يقول: الظاهر في إرادة معلوميّته حصول أحدهما، لكن لم يعلم الزيادة أو النقيصة، لا أنّ المراد الزيادة أوّلاً أو النقيصة أوّلاً، كما تقدّم الكلام فيه ويأتي إن شاء الله)، انتهى كلامه[4] .

خلافاً للمحقّق الهمداني رحمه‌الله حيث اختار الأوَّل، و قال بعد نقل الرواية عن زرارة: (إذ الظاهر أنّ المراد بها الشكّ في الزيادة أو في النقيصة، لا وقوع الشكّ فيهما معاً، كما يؤيّد ذلك قوله عليه‌السلام في صحيحة الحلبي المتقدّمة: «أم زدت أم نقصت»، فإنّه كالنصّ في ذلك.

واحتمال كون: «أم زدت أم نقصت» معطوفاً على الشرط، فيكون المراد بهما صورة تيقّن الزيادة والنقص.

مدفوعٌ بمخالفته للظاهر، ومنافاته لما يقتضيه أم العاطفة من ملازمتها للشك) ، انتهى كلامه[5] .

قلنا: التأمّل والدقّة في هذه الجملة يهدينا إلى أنّ المراد من النقيصة الواردة في هاتين الروايتين، ليس على المعنى الحقيقي، بأن يكون المحتمل في عدد صلاته أقلّ من الرابعة؛ لوضوح أنّ سياق الرواية يفيدنا أنّ الرابعة قد أتى بها قطعاً، غاية الأمر لا يدري هل أضاف إليها ركعة خامسة أم لا؟ يعني أنّ ما بيده لا يدري أنَّه رابعة أو خامسة، فبذلك يظهر أنّ استعمال لفظ (النقيصة) هنا كان مجازاً بقرينة التقابل وهو الزيادة التي هي هنا الخامسة، فيرجع الشكّ حقيقةً إلى أنَّه لا يعلم أنَّه قد أتى بزيادة أم لا؟ لا العلم بوجود أحدهما.

فصار على هذا التقدير جملة (أم زدت أم نقصت) في مقام بيان معنى جملة قبلها، وهو قوله: (إذا لم تَدر أربعاً صلّيت أو خمساً) الواقعة في رواية الحلبي، و هكذا يجب أن نحمل خبر حسن أو صحيح زرارة من الترديد بين النقصان والزيادة.

اللهمَّ أن يقال: بإمكان تصحيح كلام صاحب «الجواهر» بأنّ استعمال لفظ (النقيصة) هنا قد استعمل استعمالاً مجازيّاً، أي بلحاظ حال الزيادة قد أطلق عليه النقيصة، فيصحّ حينئذٍ أن يقال بأَنَّه يعلم أنّ عمله وصلاته قد وقع على أحد الأمرين من الرابعة أو الخامسة.

وهذا وإن كان ممكناً، إلاّ أنّ أُنس الذهن إلى الوجه الأوَّل أولى بالاهتمام.

هذا كلّه على فرض حمل جملة: (أم زدت أم نقصت) لخصوص الشكّ بين الأربع والخمس وجعل الجملة المذكورة تأكيداً وبياناً للجملة الّتى ذكرت قبلها، بقوله: (لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً)، كما عرفت.


[1] الوسائل، ج5، الباب5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.
[2] الوسائل، ج5، الباب14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 4.
[3] الوسائل: ج5، الباب14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2، و في الكافي: ج3 / 354، وفيه زاد أم نقص بدل (زاد في صلاته أم نقص).
[4] الجواهر، ج12 / 356.
[5] مصباح الفقيه، ج15 / 218.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo