< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في كيفيّة صلاة الاحتياط المكمّل للنقص

 

أقول: فضلاً عن كلّ ما قيل فإنّه يمكن التمسّك لتأييد عدم جريان الأصل في المقام بتقديم أصالة عدم براءة الذّمة على أصل عدم الزائد، لا سقوط كليهما عن الاعتبار، حتّى نحتاج إلى النّص في الحكم بالصحّة في مورد الشكّ في عدد الركعات، بل مقتضى تقديم أصالة عدم البراءة أيضاً هو الحكم بالفساد ووجوب الإعادة؛ وذلك لأنّ أصالة عدم الزائد يعدّ أصلاً مثبتاً لوجود الواسطة فيه؛ لأنّ أصالة عدم الزائد بذاته لا يحكم بأنّك قد أتيت بالأربع مثلاً، بل هو مع ضميمهٍ‌و هي أنّ الشكّ بين الأقلّ والأكثر و أنّ طرفه الآخر في الشكّ هو الأربع يحكم بأنّك قد أتيت بالأربع، و إلاّ لولا هذه الضميمة لا يكون مقتضى مفاد عدم الزائد تعيين كونه بالأربع، حتّى يوجب الحكم بالصحّة، و عليه فإثبات خصوص فرد الصحيح لا يكون إلاّ مع الضميمة والواسطة ، دون الأصل الآخر وهو أصالة عدم حصول البراءة، حيث إنّ مقتضاه هو البطلان والفساد المستلزم لوجوب الإعادة.

بل قد يظهر من ملاحظة كلمات الأصحاب في الصور العلاجيّة ـ وفي حصرهم صور الشكّ الصحيحة إلى الخامسة أو السادسة ونحو ذلك ـ أنّ عدم جريان الأصل من الثوابت الأصولية، ولعلّه من هذا وشبهه بالغ الاُستاذ الأكبر في «شرح المفاتيح» في بطلان دعوى جريان الأصل حتّى ادّعى وضوح فسادها.

قلنا: إلى هنا ظهر أنّ وجه عدم جريان أصالة عدم الزيادة، ثلاثة؛ و هى: المعارضة بمثله، ومن كونه أصلاً مثبتاً ليس بحجّة، ومن حصر الصور الصحيحة بالخامسة أو السادسة في كلمات الأصحاب .

وفي قِبال هذه الوجوه، يظهر من بعض الأصحاب الحكم بصحّة البناء على هذا الأصل هنا، ولعلّ وجه كلامهم ملاحظة أنّ هذا الأصل بعدما ثبتت حجّيته من ناحية الشارع ـ كما ترى التمسّك به في غير ما نحن فيه فبذلك يظهر كون هذا الأصل بمنزلة العلم شرعاً ـ صار عند الشارع بمنزلة العلم، فبذلك ينقطع أصالة عدم الإتيان بالمُبرئ بها، لأنّ بواسطة العمل بمقتضى هذا الأصل يدخل هذا العمل تحت مسمّى الصلاة شرعاً فيكون مبرّءاً.

بل قد يؤيّده تمسّك العَلاّمَة في «المنتهى» وغيره في مقام الشكّ في الأركان ـ مع كونه في المحلّ ـ بأصالة عدم الفعل.

واحتمال كون ذلك منه في مقام التأييد، وإلاّ فالعمدة الدليل، بعيدٌ، على أنَّه قد يكون الدليل مفقوداً، كما لو شكّ بعد أن ركع في أنّه هل ركع سابقاً أم لا؟ فإنّ الظاهر هنا عندهم الصحّة تمسّكاً بأصالة عدم وقوعه منه سابقاً.

أقول: إذا لوحظ ما ذكرناه من الوجوه الثلاثة، الجواب عن هذا السؤال، و هو أنّه لو سلّمنا الجواب عن الوجه الأوَّل من حيث رفع المعارض بذلك ، ولكن يبقى الوجهان الآخران، و هما كونه أصلاً مثبتاً هنا دون ما مثّل به في مورد التأييد من الموردين، ومن كونه من المسلّمات بين الأصحاب.

مضافاً إلى ذلك يمكن تأييد عدم جريان هذا الأصل في المقام، بما ذكره صاحب «الجواهر» سابقاً في ذيل خبر زرارة، بقوله: «ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشكّ في اليقين، إلى قوله: ولا يعتدّ بالشك في حالٍ من الحالات»[1] .

بأنّ المراد هو الإتيان بما يوجب اليقين بحصول براءة الذمّة من الصلاة الصحيحة على كلّ حال وتقدير، وهو ليس إلاّ بالبناء على الأكثر، وعدم الاعتناء بأصالة عدم الزائد والبناء على الأقلّ.

فضلاً عن أنّه قد سبق منّا أنّ الاعتماد على الأقلّ وعدم الزائد الوارد في بعض الأخبار، موافقٌ لمذاهب العامَّة ، فاحتمال التقيّة فيه قريبٌ جدّاً.

و بالجملة: ثبت من جميع ما بيّناه، مع التوضيحات المنضمّة لكلام صاحب «الجواهر»، أنّ الحقّ هو ما اختاره في وجه عدم جريان الأصل، لضعفه الذاتي فضلاً عن إمكان استظهار ذلك من الأدلّة، منضماً الى التوجيه الذي ذكرنا فيه، و لذلك قال صاحب «الجواهر» في آخر كلامه: (بأنّ كلام الأصحاب هنا لا يخلو عن اضطراب، إلاّ أنَّه لا يخفى عليك ابتناء الفروغ الكثيرة على تقدير تمشّي هذا الأصل، وثبوت أحكامٍ لم يذكرها الأصحاب، ولعلّنا نشير إلى بعضها فيما يأتي). انتهى كلامه[2] .

أقول: ظهر من جميع ما ذكرنا وجه عدم الاستناد الى الأصل، بل وجه عدم الرجوع إلى الروايات الدالّة على البناء على الأقلّ.

لا يقال: لعلّ وجه عدم الاستناد إلى هذه الروايات الدالّة على الأقلّ في الشكوك المتعارفة، وجود المعارض لها فيها، فلِمَ لم يؤخذ بها في الشكوك المتجاوزة عن عدد الركعات المتعارفة؟

لأنّا نقول: ظاهر الأخبار الدالّة على البناء على الأقلّ، أنّها واردة في حكم المشكوك في عدد الفريضة في غير المتجاوز عن العدد المتعارف أيضاً، و إلاّ لأمكن إجراء هذا الاحتمال في الروايات الدالّة على البناء على الأكثر أيضاً، فتكون معارضة لها.

 


[1] الوسائل، ج5، الباب10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 3.
[2] الجواهر، ج12 / 353.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo