< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حكم الشكوك الّتي لم يرد فيها نصٌّ شرعي

 

ظاهر كلمات بعض الأصحاب ، بل صريحها بأنّ في الشكّ في عدد ركعات الفريضة، إذا لم يرد فيه نصّ بالخصوص على الصحّة، فإنّه محكوم بالفساد والبطلان، و معتمدين في ذلك على عدم جريان أصالة العدم والعمل بمقتضاها، إلاّ أن نرجع إلى المنصوص فيه بالذات أو معالجة بعض الموارد بالخصوص كما هو الحال في بعض الصور مثل الشكّ في حال القيام بين الثلاث والأربع والخمس، حيث ينهدم القيام، فيرجع شكّه إلى الاثنين والثلاث والأربع بعد إكمال السجدتين، فإنّ انهدام القيام يوجب دخوله في الشكّ المنصوص على الصحّة، وإن لم يكن كذلك حال القيام، إذ لم يرد فيه نصٌّ بالخصوص للشك المردّد بين الثلاث والأربع والخمس قائماً.

فيبقى السؤال حينئذٍ: أنّ الحاجة إلى الرجوع إلى المنصوص، هل:

لأجل عدم إمكان الأخذ بأصالة العدم والعمل بمقتضاها هنا، أي في الشكّ في عدد الركعات.

أو لأجل الاستظهار من الأدلّة بأنّ الحكم بالصحّة لابدّ وأن يكون منصوصاً، و إلاّ يحكم بالبطلان؟

قال صاحب «الجواهر» بعد ذكر بيان الدليلين من الطرفين: (والإنصاف أنَّه مع ذلك كلّه لا يخلو الأوَّل من قوّة)[1] .

ولعلّ وجه قوّة الأوَّل: هو أنّ الشغل اليقيني بالشيء لابدّ له من القطع والعلم بالفراغ ، فلا يكفي في مثله وجود الشكّ فيه، فما ورد فيه نصّ بالخصوص على الصحّة، فهو موجب لتحقّق الفراغ اليقني، فلا بأس فيه، وأمّا إذا لم يرد فيه نصٌّ، أو لم يرجع إلى المنصوص ولو بعلاجٍ، فتحصيل القطع بالفراغ مشكلٌ، إذ ليس لنا طريق إلى تحصيله إلاّ من خلال أصالة عدم الزائد والبناء على الأقلّ ، وأصالة العدم رغم أنّها حجّة شرعيّة، وليس هو في إثبات معنى لفظٍ، بل المفروض أنَّه بعد ثبوت معنى اللفظ ، ولكن المناقشة فيه أنّ حجّيتها ثابتة ما دام لم يعارض بأصلٍ آخر مثله، وهنا كان كذلك ؛ لوضوح أنَّه لو فرض في المثال قيام شكّ بين الثالثة والرابعة، أو بين الرابعة والخامسة، وتمسّك المصلّي بأصالة عدم الزائد، وأتمّ صلاته على مقتضى هذا الأصل، وحكم بالبناء على الأقلّ، فإنّه لا يوجب ذلك القطع بالفراغ، لأنّ حجّيّة هذا الأصل موقوفة بعدم معارضته بمثله، والحال أنّ هنا معارضٌ بعدم حصول معنى الصلاة المبرءة للذمّة، لكون حصول الإبراء بالأصل مشكوك ، فالأصل هو عدم الإبراء، فبالتعارض يسقط اعتبار أصل عدم الزائد، فيبقى الشكّ بالفراغ على حاله، لأنّ العلم بحصول الهيئة الحاصلة من العدد المخصوص وغيرها معتبرة فيها، فيكون هذا نظير ما يقال في الشكّ بين المحصِّل (بالكسر) والمحصَّل (بالفتح) كالوضوء المحصِّل للطهارة، حيث مقتضى الشكّ فيه هو الاشتغال لا البراءة، لأنّ الشكّ في أجزاء المحصِّل (بالكسر) شكٌّ في المحصَّل (بالفتح) وهو الطهارة، مع أنّ الطهارة في الصلاة أخذ بصورة اليقين بحصول الشرط دون شكّه، وهو لا يحصل إلاّ بالاشتغال، و الحال فيما نحن فيه كذلك.

وبعبارة أوفى: إنّ محلّ جريان أصالة العدم هو في واجب ذات أجزاء واجبة دون الواجب المركّب ذي الأجزاء، و السِّر في ذلك هو انحلال الواجب المشتمل على الجزئيّات إلى التكاليف المستقلّة غير المرتبطة بعضها مع بعض، فيجري فيه أصالة العدم، لنفي خصوص ذلك التكليف، بخلاف الواجب المرتبط بعضها مع بعض كما نحن فيه، فلا يجري فيه الأصل العدمي لمعارضته بمثله كما عرفت، فلا نعيد.

هذا كلّه توجيه عدم جريان أصالة عدم الزائد هنا.

 


[1] الجواهر، ج12 / 353.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo