< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: البحث عمّا يتحقّق به إكمال الصلاة الناقصة

 

قلنا: قد تصدّى للجواب عن هذا الاستدلال المحقّق الهمداني صاحب «مصباح الفقيه»، فإنّه قال بعد ذكر كلام الشيخ رحمه‌الله:

(وفيه: ما أشرنا إِليه من أنّ مناط البطلان دخول الشكّ في الاُولتين، وهو حاصلٌ ما لم يتحقّق الفراغ منهما، ولا يتحقّق الفراغ منهما إلاّ بالفراغ من الشخص الذي هو متلبّس به، فمتى عَرض الشكّ قبل أن يفرغ منها، يصير شاكّاً في أنّ هذه الركعة التي مشغول بها بالفعل هل هي ثانية أو ثالثة، كما لو عرض هذا الشكّ في حال القيام، وأمّا لو عرض بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة، فلا يتعلّق شكّه حينئذٍ بالاُولتين، بل بأَنَّه هل صلّى الثالثة أم لا؟ فلا يقدح في صلاته)، انتهى[1] .

أقول: حيث إنّ خلاصة كلام الأعلام في الإثبات والنفي ولبّه يرجع إلى ملاحظة كيفيّة دلالة الأخبار المتكفّلة لحكم الشكّ في الشكوك الصحيحة ، فالحَريّ بنا ملاحظة الأخبار الواردة في المقام، فهي على طوائف:

الطائفة الأولى: بعض الأخبار ظاهرة فيما إذا كان عروض الشكّ المسؤل عنه بعد رفع الرأس عن السجدة الأخيرة، وكان في حال الجلوس:

منها: خبر ابن أبي يعفور، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليه‌السلامعن الرجل لا يدري ركعتين صلّى أم أربعاً؟ قال: يتشهّد ويسلّم.. إلى أن قال: فإن كان صلّى أربعاً كانت هاتان نافلة، وإن كان صلّى ركعتين كانت هاتان تمام الأربعة»، الحديث[2] .

فإنّ ظهور جملة الماضي في كلمة (صلّى ركعتين) مع ضميمة جواب الإمام في جملة (يتشهّد ويسلِّم)، لا سيّما مع توضيح الإمام في الاحتساب من كون الركعتين نافلة أو من تمام الأربعة، يرشدنا إلى أنّ المفروض في مورد السؤال في محلّ الشكّ هو بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة.

ومثله في الاستدلال والاستظهار رواية الحلبي[3] .

و منها: رواية أبي بصير، في حديثٍ عنه عليه‌السلام، قال: «إذا لم تَدر أربعاً صلّيت أم ركعتين؟ فقُم واركع ركعتين ثمّ سلِّم ، الحديث»[4] .

فإنّ الأمر بالقيام عادةً يستعمل لمن كان جالساً دون ساجداً؛ لأنّ الحُسن فيه هو الأمر بالرفع لا بالقيام وإن كان بالثاني قد يطلق قليلاً.

وكيف كان، فظهور هذه الأخبار في الجملة في كون الشكّ بعد الرفع ممّا لا ينكر، وإن كان في بعض الأخبار إبهام من جهة محلّ الشكّ، بأَنَّه هل كان بعد الرفع أو قبله بعد ذكر الواجب، ولعلّ منه رواية العلاء، قال:

«قلتُ لأبي عبدالله عليه‌السلام: «في رجلٍ صَلّى ركعتين وشكّ في الثالثة؟ قال عليه‌السلام: يَبني على اليقين، فإذا فرغ تشهّد وقام قائماً فصلّى ركعة بفاتحة القرآن»[5] .

فإنّ جملة (فرغ) قبل لفظ (تشهّد) ربّما يساعد ويؤمي إلى إمكان كون محلّ الشكّ بعد ذكر الواجب قبل رفع الرأس، و رغم أنّ خلافه أظهر، لكن على كلّ حال ظهور أكثر الأخبار كان في كون الشكّ بعد رفع الرأس، ولذلك عنون صاحب «الوسائل» بابه بالشكّ بعد إكمال السجدتين حيث) قال باب التاسع أنّ من شكّ بين الثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، ثمّ ذكر هذه الأخبار لما بعد الإكمال.

أقول: نعم، الذي قد يشكك الفقيه في حكمه هو ملاحظة بعض الأخبار الذي جعل مناط الصحّة في مثل هذه الشكوك كون الركعتين مأتيّاً بهما قطعاً، وعلى يقين، أي بأن يقطع بأنّ وظيفته من حيث الركعتين قد تمّت، وكانتا متيقّنتين، ولم يصبهما الشكّ من جهة الإتيان.

منها: حديث زرارة، عن الصادق عليه‌السلام، قال: «فمن شكّ في الأُولتين أعاد حتّى يحفظ ويكون على يقين»، الحديث[6] .

حيث أنّه عليه‌السلام علّق وجوب الإعادة في الاُولتين على تحصيل اليقين بإتيانهما ، فإذا تيقّن بذلك معناه أنّه قد تحقّق صحّة الصلاة، وهذا الحفظ و التيقن يحصلان بإتمام ذكر الواجب في السجدة الأخيرة.

و منها: حديث محمّد بن مسلم، عنه عليه‌السلام: «في الرجل يصلّي ولا يدري أواحدة صلّى أم ثنتين؟ قال: يستقبل حتّى يستيقن أنَّه قد أتمّ»، الحديث[7] .

و اعتماداً عليهما و على أمثالهما يحمل كلّ ما يدلّ بأنّ الركعتين الاُولتين لا يتقبّلان الشكّ والوَهم والسهو على اختلاف التعبير، مثل الحديث الذى رواه الصدوق في «الخصال» بإسناده عن عليّعليه‌السلام في حديث الأربعمائة، قال:

«لا يكون السهو في خمسٍ: في الوتر، والجمعة، والركعتين الأولتين من كلّ صلاة مكتوبة، وفي الصبح، وفي المغرب»[8] .

والروايات بهذا التعبير متعدّدة.

فهذه الأخبار بهذا البيان تفيد أنّ ملاك الصحّة والبطلان هو حصول اليقين بإتيان الركعتين وعدمه، فمن ثمّ ذكر الواجب في السجدة الأخيرة ، لأنّه قد فرغ عن وجوب الإتيان بالركعتين، فتقع صلاته حينئذٍ صحيحة، فعليه يحمل ما جاء في حديث زرارة من قوله: (وليس فيهنّ وهَم يعني سهواً)، أي لا يكون المأتي بالركعتين مشكوكاً، والأمر هنا كذلك.

اللهمَّ إلاّ أن يُفرض كون رفع الرأس عن الأخيرة من واجبات نفس السجدة الثانية، وكذلك في الركوع والسجدة الأُولى، بحيث لو لم يرفع لم تتمّ السجدة، و لم تكن الركعة كاملة، فيستلزم حينئذٍ وقوع الشكّ داخلاً في الركعتين، بمعنى أنَّه لم يكمل الركعتين قطعاً حتّى يوجب صحّة الصلاة، بل كان شاكّاً بأَنَّه كانت ركعة ثانية تتمّ بإتمام السجدة برفع الرأس، أو ثالثة كذلك، فيستلزم بطلان الصلاة، و هذا بخلاف ما لو اعتبرنا رفع الرأس ـ سواء كان واجباً أو جائزاً ـ من مقدّمات الجزء المتلوّ من القيام أو التشهّد أو السجدة الثالثة، فالشك المفروض حينئذٍ لا يسري إلى الركعتين، لتمامية الركعتين بالذِّكر الواجب في السجدة الأخيرة، كما لا يخفى.

أو يقال بعدم الملازمة بين إدراك الركعتين وبين السجدة الأخيرة، فالركعتان تمّتا بالذِّكر الواجب، وإن لم تتمّ السجدة.

 


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 196.
[2] ـ 3 الوسائل، ج5، الباب11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2 و 10 و 8.
[3]  .
[4]  .
[5] الوسائل ج5، الباب9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.
[6] و 2 الوسائل ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1 و 7.
[7]  .
[8] الوسائل ج5، الباب2 من أبواب‌الخلل الواقع فيالصلاة، الحديث 14.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo