< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/02/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع في الشكوك طرحها صاحب «الجواهر»

 

أقول: ولكن الذي يقوى في النظر، أنّ الحكم بالاستيناف بإطلاقه ممنوعٌ، لأَنَّه إن لم نعتبر الجزم بالنيّة، و وقعت صلاته في الوقت المشترك بين المترتّبتين من الظهرين أو العشائين ـ لا كون أحدهما في الوقت المختصّ ـ وكانت الصلاتين من جهة الكمّ والكيف متساويتين، كالظهرين أو كنافلة الصبح وفريضته، وكان يعلم أنّه قبل الاشتغال بهذه الصلاة لم يأتِ بالظهر، أو لم يعلم بأَنَّه قد أتى به أم لا، ففي هذه الحالة لا وجه للحكم بالإعادة، بل وظيفته العدول إلى الظهر وإتمامه، ثمّ الإتيان بعده بالعصر، حيث يوجب القطع بفراغ الذمة، لأنّ ما بيده لا يخلو عن أحدهما:

إمّا هو ظهرٌ، فيصحّ إتمامه، ولا وقع لعدوله فيأتي العصر بعده بلا إشكال.

وإمّا ما بيده عصر، فبالعدول إلى الظهر السابق عليه يوجب صحّة إتمامه ظهراً والعصر بعده.

و عليه، فلا وجه للحكم بالإعادة بعد الإتمام، كما عن السيّد في «العروة»، و أيضاً الحكم كذلك في نافلة الصبح وفجره، بأن يجعل ما بيده نافلة، لأَنَّه لا يخلو عن أحد الأمرين؛ إمّا قصده كان كذلك فهو، أو قصده في الواقع هو الفريضة، فبالعدول من الفريضة إلى النافلة ـ إن كانت صحيحة ـ يجعلها نافلةً، ثمّ يأتي بعده صلاة على ما في ذمّته من الفريضة، إن كان العدول صحيحاً، أو كانت هي الفريضة الواقعيّة إن لم يكن العدول صحيحاً، وكيف كان ينوي في كلّ ما بيده وما يأتي بعده امتثالاً لأمره الواقعي في البين من النافلة أو الفريضة.

فإذاً، ثبت أن الحكم في مثل هذا المورد، و هو ما إذا كان الشكّ العارض في الأثناء، هو الصحة وعدم الاحتياج إلى الاستيناف والإعادة، كذلك يظهر جريان هذا الحكم من الصحّة إذا كان الشكّ بعد الفراغ عن الصلاة التي بيده، إذا أتى بصلاة اُخرى بعده بقصد ما في الذّمة من الظهر أو العصر؛ لأنّ ما تمّ وفرغ عنه لا يخلو: إمّا يكون ظهراً فما يأتي بعده يقع عصراً، أو كان ما تمّ وفرغ عنه عصراً، و إنّما قدّم العصر على الظهر سهواً إلى أن علم بذلك بعد ما فرغ من الصلاة، فإنّه يوجب سقوط شرطيّة الترتيب، فيقع ما يأتي بعد ذلك ظهراً، ويحصل له القطع بالفراغ، كلّ ذلك مبنيٌّ على الفروض المذكورة في الصدر من جهة الوقت، وعدم اعتبار الجزم في النيّة، وإمكان تطبيق أحدهما على الآخر.

وأمّا لو اختلّ أحد هذه الفروض، كما لو كان المحتمل مردداً بين الظهر والعصر ولكن واحد منهما بالصحّة والآخر بالفساد، كأن يكون الذي بيده مردّداً بين الظهر والعصر، لكنها وقعت في الوقت المختصّ بالظهر، فحينئذٍ يقع البحث عن أنّه هل يحكم بالاستيناف أم لا؟

قد يقال ـ كما في «الجواهر»: إنّه يحكم بصحّة الصلاة التي بيده بناءً على جريان أصالة الصحّة في فعل المسلم، و الذي تحدّد كون المأتي بها ظهراً، فيأتي بعده بصلاة العصر، ويقطع بالفراغ فلا يحتاج إلى الاستيناف.

أقول أوّلاً: هذا يتّجه على فرض القول بجريان أصالة الصحّة حتّى في فعل الفاعل نفسه و أمّا بناءً على اختصاص جريانها بفعل الغير و من المسلمين، و المستفاد من الدليل الوارد بأنّه: (ضَع أمر أخيك على أحسنه)، فلا يمكن الحكم بالصحّة.

وثانياً: يمكن قبول الحكم المذكور بناءً على قبول جريانها في أجزاء عمل واحد، ولم نقل بأَنَّه لا يجري إلاّ بعد الفراغ من مجموع العمل كعمل الوضوء و الشك في صحّته، فمع عدم قبول أحد الأمرين الموجب لعدم جريان أصالة الصحّة هنا ، يستلزم بقاء الشغل اليقيني الذى لازمه الإعادة حتّى يقطع بالفراغ اليقيني، لأَنَّه يحتمل حينئذٍ أنّ الصلاة المأتي بها فاسدة لو أتى بها بقصد صلاة العصر، و قد حكمنا ببطلانها حتّى لو أتى بها سهواً، فطريق الاحتياط فيه ليس إلاّ بالإتمام والإعادة، جمعاً بين جميع المحتملات كما لا يخفى.

و بالجملة: هذا كلّه إنّما كان فيما إذا كان تردّده بين الصلاتين المترتّبتين، مع علمه بأنّه قد نوى أحدهما، أو ما يصحّ فيه البناء على أحدهما، وأمّا لو كان تردّده على نحوٍ لا يدري أنَّه نوى فرضاً أو نفلاً، أو قضاءاً أو أداءً، أو ظهراً أو عصراً، أو غير ذلك، سواء كان هذا التردّد حاصلاً في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ عنها، فلا إشكال في لزوم الاستيناف حتّى يقطع بما يفرغ عن ذمّته، لأَنَّه لا ترجيح لأحدهما في مقابل الآخر، إذ كلّ واحدٍ من المحتملات يشمله أصالة العدم، و النتيجة هى البطلان و لزوم الاعادة، لتحصيل الفراغ، وهو واضح ممّا لا كلام فيه.

والذي ينبغي أن يلاحظ: أنَّه إذا عرض للمصلّي الترديد ذلك في الأثناء، يقع الكلام في أنّه هل يجوز له الإتمام ثمّ الإعادة أم لابدّ أن يرفع يده عمّا بيده ويستأنف؟

قال صاحب «الجواهر»: (بل لعلّه لا يجوز له الإتمام في الأوَّل، اعتماداً على النيّة الأُولى، لعدم حصول الاستدامة التي هي التنبّه لما هو فيه بخصوصه بعد الالتفات والتنبّه، ولا يكفي إجماله، وإلاّ لاكتفى به في الأوَّل ، ضرورة عدم تفاوت كيفيّة اعتبار النيّة بين الأوَّل وغيره كما هو مقتضى: (إنّما الأعمال بالنيّات)[1] ، ونحوه) . انتهى محلّ الحاجة[2] .

ولكن يمكن أن يقال: بأنّ تردّده رغم أنّه كان في افراد متعلّق نيّته لكن ذلك لا ينافي أنّه أساساً دخل في الصلاة مع النيّة ، غاية الأمر بعدما أتى بركعتين، يشك في أنَّه هل يجب عليه الاستمرار في هذه الصلاة بعنوان الظهر والعصر مقيماً غير مسافر، ولا يجوز له تركها بعد العلم بالجواز في دخوله في الصلاة، أم لا يجب، بل يجوز له تركها؟ الأصل عدم المنع عن ترك الإدامة و الاستمرار و جواز قطع الصلاة.

 


[1] الوسائل، ج1 الباب5 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 10.
[2] الجواهر، ج12 / 328.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo