< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/02/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع في الشكوك طرحها صاحب «الجواهر»

 

نعم، بعد الفراغ على أنَّه نوى الدخول في الصلاة، فعرض له الشكّ في تعيين مصداقه، فله ما عرفت من القسمين المذكورين، إذا فرض كون متعلّقه مردّداً بين الصلاتين المعيّنتين.

و أصل المسألة هو أن لا يكون على نحوٍ يتردّد في أصل صدور النيّة للصلاة و عدمه، بل كان ترديده بعد العلم بأَنَّه نوى الدخول في الصلاة، غاية الأمر:

تارةً: يعلم أنَّه نوى الظهر مثلاً أو العصر، لكن يشك في الأثناء بأَنَّه هل عرض له الخطأ والنسيان بالنسبة إلى ما ابتدأ أوّلاً أم لا؟

و أخرى: يشك في الأثناء بأَنَّه هل عرض له العدول عمّا بيده أم لا؟

قيل إنّ عليه أن يبني على ما كان قد بنى عليه بدواً، وهذا هو الذي قال به العَلاّمَة في «التذكرة» لكن لم يبيّن كيفيّة حصول الشك و وجه هذا البناء و دخله في منشأ الشكّ؛ و أنّه كان بلحاظ احتمال الخطأ والنسيان أو العدول في الأثناء، فقد يقال حينئذٍ بأنّ الأصل هو عدم الخطأ والنسيان، أو أنّ الأصل عدم تحقّق العدول عنه.

كما قد يناقش بأنّ إجراء هذه الأُصول وإثبات إحراز استناد الصلاة إلى النيّة التي قام بها تعدّ من الأُصول المثبتة، لوضوح أنّ العدول أو الخطأ أو النسيان ليست من الأحكام الشرعيّة، ولا موضوعاً له الأثر المترتّب عليه، صرّح بذلك السيّد الحكيم في «المستمسك»، والسيّد الخوئي في «المستند»، بل وكذا صاحب «الجواهر» بإطلاق كلامه بقوله: (وعدم صلاحيّته للتشخيص بالمعنى الثاني) و مراده المعنى الذي تقدّم ذكره في قوله: (بل وبمعنى العدم بالنسبة للسهو أو العدول).

وقد يحتمل أن يكون المراد والوجه بالبناء على ما قام به، هو الأصل أي الظاهر، بمعنى أنّ ظاهر حال كلّ إنسان إذا ابتدأ بعملٍ كان يستمر عليه و عدم الخروج منه إلى غيره بالخطأ أو النسيان أو العدول، فيؤخذ بهذا الأصل.

أُجيب عنه: بأنّ إثبات حجّيّة هذا الظاهر يحتاج إلى دليل شرعي حتّى يصحّ الأخذ به، وتترتّب عليه الآثار. مع أنَّه قد يقال بإمكان التمسّك بالأخبار الدالّة على أنّ: (الصلاة على ما افتتحت) إن عرض له السهو على غير ما افتتح:

منها: ما جاء في خبر عبدالله ابن المغيرة، قال في «كتاب حريز» أنَّه قال:

«إنّي نسيتُ أنّي في صلاة فريضة حتّى ركعت وأنا أنويها تطوّعاً؟ قال: فقال عليه‌السلام: هي التي قمتَ فيها، إذا كنتَ قمتَ وأنتَ تنوي فريضةً، ثمّ دخلك الشكّ، فأنتَ في الفريضة، وإنْ كنتَ دخلتَ في نافلةٍ تنويها فريضةً، فأنت في النافلة، وإنْ كنتَ دخلتَ في فريضةٍ ثمّ ذكرتَ نافلةً كانت عليك، مضيتَ في الفريضة»[1] .

و منها: خبر يونس، عن معاوية، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجلٍ قام في الصلاة المكتوبة، فسهى فظنّ أنّها نافلة، أو قام في النافلة فظنَّ أنّها مكتوبة؟ قال: هي على ما افتتح الصلاة عليه»[2] .

و منها: خبر عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلّى ركعة وهو ينوي أنّها نافلة؟ فقال: هي التي قمتَ فيها ولها، وقال: إذا قمتَ وأنتَ تنوي الفريضة فدخلَكَ الشكّ بعدُ، فأنت في الفريضة على الذي قمت له، وإن كنتَ دخلتَ فيها وأنت تنوي نافلة، ثمّ إنّك تنويها بعدُ فريضة، فأنتَ في النافلة وإنّما يُحسَب للعبد من صلاته التي ابتدء في أوّل صلاته»[3] .

وجه الاستدلال بها: هو أنّ صلاته صحيحة على ما قام بها من الظهر أو العصر، والترديد العارض له في الأثناء بين الظهر أو العصر غير قادحٍ في صحّة الصلاة.

و التحقيق: أرى أنّ هذه المسألة غير منقّحة، و ما قيل قاصرٌ لأنّ مضمون الأخبار الدالّة على (صحّة الصلاة على ما اُفتتحت) إنّما يكون موردها ما إذا علم المصلّي ما ابتدأ به من الصلاة ظهراً أو عصراً، فريضة أو نافلة، ثمّ عرض له في الأثناء غير ما ابتدأ خطأً أو نسياناً، أو حصل له الشكّ في ذلك، فحينئذٍ يحكم بما في الأخبار، بكون الملاك والاعتبار على ما افتتح.

ولكن الذي جاء في عبارة المصنّف، هو أنّه يجهل من الابتداء بماذا افتتح صلاته من الظهر أو العصر، أو الفريضة أو النافلة، والحكم بالصحّة حينئذٍ بأن يقال كانت الصلاة صحيحة على ما افتتح في الواقع، وإن لم يدر المصلّي في نفسه، يحتاجُ إلى دليل يدلّ على ذلك غير هذه الأخبار، كما لا يخفى على المتأمِّل، ولذلك حكم المحقّق بالاستيناف، لأنّ الشغل اليقيني يحكم بالفراغ كذلك، وهو هنا لا يتحقّق إلاّ بالإعادة ، هذا كما عليه الشيخ في «المبسوط»، ولذلك حكم السيّد في «العروة» بالإتمام والإعادة احتياطاً.

 


[1] الكافي: ج3 / 363 ح5، الوسائل ج4، الباب2 من أبواب النيّة، الحديث 1.
[2] الوسائل ج4، الباب2 من أبواب النيّة، الحديث 2.
[3] الوسائل ج4، الباب2 من أبواب النيّة، الحديث 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo