< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/02/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع في الشكوك طرحها صاحب «الجواهر»

 

وبعبارة اُخرى: إنّ التجاوز في مشكوك الوجود لا يتحقّق إلاّ بالدخول في الغير، لأنّ مع فرض الشكّ في أصل وجوده، لا معنى للقول بالتجاوز إلاّ بلحاظ حال محلّه، فلابدّ في تحقّق المضيّ والتجاوز فيه من الدخول في الغير، و هذا بخلاف ما لو كان الشكّ في وصف الموجود، فإنّه لا يكون إلاّ بعد الفراغ عن وجوده، فبعد الفراغ عن الوجود إذا شكّ في وصفه شكّ بعد التجاوز عن وجوده، فيصير مثل الشكّ في الوجود وبعد الدخول في الغير مصداقاً للتجاوز، لا مصداقاً للشك في المحلّ حتّى يحكم بوجوب تداركه، فلذلك يندرج في العنوان الكلّي المذكور في الخبر بقوله: (فشكّك ليس بشيء)، باعتبار أنّ شكّه يعدّ شكّاً بعد الفراغ والتجاوز عنه، فلازم هذا البيان عدم الالتفات في الشكّ الى وصف الصحّة إذا كان شكّه قبل الدخول في الغير، كما هو كذلك قطعاً، إذا كان شكّه بعد الدخول في الغير كما لا يخفى.

و بالجملة: إذا عمّمنا دليل الشكّ في التجاوز وعدمه لكلا فرديه، من الشكّ في الوجود، والشك في الوصف، وقلنا أنّهما يرتضعان من ثدي واحد كما عليه الأكثر، خلافاً لصاحب «الجواهر» حيث ادّعى اختصاص أخبار الباب بالشك في الوجود، و أنّه لو قلنا بالصحّة وعدم التدارك، فإنّه كان لأجل جريان أصالة الصحّة في فعل المسلم، لا لأجل هذه الأخبار ، فكأنّه أراد بيان أنّ إطلاق ذيل حديث زرارة بحيث يشمل كلا فرديه جيّدٌ لولا قرينيّة الصدر بخصوص الشكّ في الوجود، الذي كان هو مورد الرواية، و إلاّ يسقط الذيل عن الاستدلال بالنسبة إلى الشكّ في الوصف بواسطة قرينيّة الصدر.

اللهمَّ إلاّ أن يستدلّ للشك في الوصف بالأولويّة والفحوى، بأن يقال إذا حكمنا بالمضيّ عند الشكّ في أصل وجود شيءٍ بعد التجاوز عنه، ففي وصفه يكون هذا الحكم ثابتاً بطريق أَوْلى كما أشار إلى ذلك المحقّق الهمداني، حيث قال:

(ولو نوقش في دلالة هذه الصحيحة أيضاً، لاتّجه دعوى استفادة عدم الاعتناء بالشك في صحّة شيء بعد التجاوز عنه، والدخول في غيره، ممّا دلّ عليه، لدى الشكّ في أصل وجوده بالفحوى، مع أنَّه لا يظنّ بأحدٍ الالتزام بالتفصيل بعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود، والالتفات إِليه لدى الشكّ في صحّته)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

قلنا: هذه الأولويّة جيّدة، إذا كان الشكّ في وصف الصحّة بعد الدخول في الغير، مثل ما لو شكّ بعد الدخول في الركوع في صحّة قراءته، وأمّا لو كان الشكّ في الوصف بعد الفراغ عن وجود الشيء، كالقراءة قبل الدخول في شيءٍ بعدها، أو مثل الشكّ في صحّة التكبير قبل أن يقرأ، فإنّ التجاوز والمضيّ متحققان بالخروج عن الشيء و هو التكبير، لكنه لم يدخل في القراءة، ففي صورة الشكّ في أصل وجود التكبير، يكون هذا الشكّ في المحلّ، فلابدّ من التدارك .

هذا بخلاف الشكّ في الوصف، حيث إنّه لو قيل هنا بالتجاوز، فإنّه لا يكون دليله إلاّ ما عرفت من جهة صدق كون شكّه بعد الفراغ عن وجوده، فيكون الشكّ بالنسبة إلى الصحّة شكّاً بعد التجاوز عن محلّه، وهو أصل وجود ذلك الشيء، وهو التكبير في المثال، ولا يجري هنا دليل الأولويّة والفحوى، كما لا يجري فيه ظاهراً كون الشكّ في المحلّ، وإن كان هو مختار بعضٍ كالعلاّمة البروجردي وبعض آخر، خلافاً للسيّد في «العروة»، وإن اختار السيّد الإصفهاني في حاشيته ما ذهب إِليه البروجردي، كما هو مختار كثيرٍ من أصحاب التعليق على «العروة».

نعم، ذهب صاحب «الجواهر» إلى عدم شمول أخبار التجاوز لصورة الشكّ في الوصف، بدعوى أنّ الأخبار مختصّة بخصوص الشكّ في أصل الوقوع، فلا تشمل الوصف ، غاية الأمر حكم بالصحّة في الشكّ في الوصف، مستدلاًّ عليها بأصالة الصحّة في فعل المسلم لا بدليل التجاوز .

ولكن يمكن أن يقال: بأنّ التمسّك بأصالة الصحّة مبنيٌّ على قبول أمرين:

أحدهما: ما ذكره المحقّق الهمداني رحمه‌الله من أنّها إنّما تجري في الشكّ في الصحّة في مجموع العمل كالوضوء إذا شكّ في صحّته بعد الفراغ عن مجموع العمل ، ولا يكون هذا شكاً في صحّة الأجزاء ، فمن يريد إجرائه فيه، لابدّ أن يختار عموم الأصل لكلٍّ من مجموع العمل وأجزائه، ولعلّ هذا هو مختار صاحب «الجواهر» رحمه‌اللهلأجل تمسّكه به هنا.

وثانيهما: بأن يكون هذا الأصل جارياً لفعل الغير من المسلم وفعل نفسه معاً، لأَنَّه إن استفيد هذا الأصل ممّا ورد في الأخبار مثل قوله عليه‌السلام: (ضَع أمر أخيك على أحسنه)، فهو ظاهرٌ في كونه مختصّاً للغير، فلا يشمل لنفسه. فإثبات صحّة ما أتى به بواسطة هذا الأصل مشكل .

اللهمَّ إلاّ أن يريد بهذا الأصل ما ورد في قاعدة الفراغ إذا شكّ في وصفه، أو ما يوجب الشكّ بواسطة وجود أمرٍ عارضٍ بقوله: (إنّه حين العمل أذكر) الدالّ على عدم الالتفات إلى هذا الشكّ، فإجرائه هنا لا يخلو عن تأمّل، فليتدبّر.

و اليك نصّ الحديث و هو: صحيح بكير بن أعين، قال:

«قلت: الرجل يشكّ بعدما يتوضّأ؟ قال: هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشك»[2] .

فهو واردٌ في الشكّ في شيءٍ بعد الفراغ عن مجموع العمل، و أمّا شموله للشك في الأجزاء في أثناء العمل، نظراً إلى عموم لسان التعليل، بقوله: (حين يتوضّأ أذكر)، حتّى يجري في المقام فلا يخلو عن تأمّل، والله العالم.

وكيف كان، فنحن في غنىً عن مثل هذا؛ لما قد عرفت من كفاية دلالة قاعدة التجاوز له، لشمول ذلك بعموم القاعدة أو بالأولويّة.

 


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 171.
[2] الوسائل، ج1، الباب42 من أبواب الوضوء، الحديث 7.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo