< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/02/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع في الشكوك طرحها صاحب «الجواهر»

 

الأمر السادس: يقع البحث فيه عن أنّه هل يجري حكم قاعدة التجاوز وعديلها من الشكّ في المحلّ، في صلاة غير المختار، مثل من يصلِّي جالساً بدلاً عن القيام الذي قد عجز عنه مثل المختار أم لا، بل الحكمين مختصّان بصلاة المختار؟

أقول: جعل صاحب «الجواهر» وجه الترديد باعتبار أنّ المسألة مبتنية على أنّ مثل هذه الأشياء في صلاة المضطرّ:

أبدالٌ وأعواض عنها في صلاة المختار، على وجهٍ يجري عليها الحكم المزبور، كما يجري عليها حكم الكيفيّة كالطمأنينة في التكبير والقراءة وركنيّة الانتصاب للركوع على نحو القيام المتّصل به ونحو ذلك .

أو أنّها ليست كذلك ، بل هي أُمور تكون واجبة عند الاختيار، وأسقطها الشارع عند الاضطرار من غير بدلٍ لها؟

ثمّ قال: (والظاهر الأوَّل، فتجري عليه جميع الأحكام ، وكذلك الحكم بالنسبة للمستلقي والمضطجع ونحو ذلك ، بل الظاهر جريان أحكام الأركان على الإيماءات التي جعلها الشارع عوضاً عن الركوع والسجود.

والإنصاف أنّ المسألة لا تخلو من إشكال ، بل للتأمّل فيها مجالٌ).

إلى أن قال: (الأقرب في النظر سيّما في الفرض الذي قد دخل فيه في القراءة التي لا ريب في أنّها غير فعلاً، إنّما الإشكال في الغيريّة الاعتباريّة كالجلوس المنويّ به قياماً، ضرورة عدم صدق كونه غيراً فعلاً، فإنّه لا دليل واضح جريان الحكم عليه مع هذه النيّة، إذ ليس إلاّ قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: (من لم يستطع القيام فليصلِّ من جلوسٍ)[1] ، وهو لا يقتضي أزيد من الاتّحاد في الكيفيّة التي أشرنا إليها، لا ما يشمل ذلك ونحوه ممّا هو حكمٌ خارجي). انتهى كلامه[2] .

أقول: لا يخفى أنّ شمول حكم التجاوز وبديله للمضطرّ:

تارةً: يلاحظ من جهة أنّ دليل البدليّة مثل الرواية المذكورة، يشمل لما نحن بصدده من الحكم بالتجاوز في الشكّ بعد مضيّ المحلّ، والإتيان في الشكّ في المحلّ.

قلنا: ليس الأمر كذلك، كما أشار إِليه صاحب «الجواهر»؛ لأنّ دليل البدليّة لا يحكم، إلاّ أنّ الجلوس بدلٌ وعوض عن القيام لمن عجز عنه، فغاية دلالته إجراء تمام ما يتعلّق بالمبدل من الأحكام المتعلقة لنفسه ـ من الترتيب والطمأنينة والموالاة ونحو ذلك من الكيفيّة ـ على البدل، وأمّا الأُمور التي هي غير مربوطة بذات المبدل، بل هي أمرٌ خارجي يعرض عليه بدليلٍ مستقلّ، فشموله للبدل و عدمه مربوط بملاحظة نفس الدليل الدالّ على ذلك الحكم، و هو في المقام قاعدة التجاوز، فشمول عموم القاعدة لكلّ ما يصدق عليه أنَّه تجاوز وداخل في الغير ممّا لا شبهة فيه، حيث إنّها كما يشمل المبدل يشمل البدل أيضاً، و عليه فلا بحث في الشمول من حيث الكبرى في القاعدة.

نعم، الذي ينبغي أن يتأمّل فيه هو في الصغرى، لأَنَّه من الواضح أنّ صدق التجاوز والغيريّة ثابتٌ في مثل الأفعال أو الأذكار، و إنّما وقع الخلاف في المقدّمات من تلك الجهة كما عرفت ، كما وقع الخلاف والاختلاف في مثل حال الإنصات والهيئة الصلاتيّة في صدق ذلك العنوان إلى القولين.

و أمّا في المقام فإنّ الجلوس الذي هو بدلٌ عن القيام، والجلوس الذي هو بدلٌ عن السجدة حيث لا يكون تميّزه إلاّ بالنيّة والقصد، فهل يصدق في مثلهما بأن ينوي كون الجلوس بدلاً لا أصلاً، بعد السجدة و قبل أن يشتغل بالقراءة أو التسبيح إذا شكّ ولم يعلم أنَّه سجد أم لا؛ فإن كان التجاوز عليه صادقاً يُحكم بأنّ السجدة كانت متحقّقة فلا يتدارك ، وإن لم يصدق فلابدّ فيه من التدارك؟ فيه قولان:

قولٌ: بأَنَّه يصدق عليه التجاوز، فلا يتدارك، وهو مختار السيّد في «العروة» في مسألة الحادية عشرة من مبحث الشكّ، ووافقه السيّد الإصفهاني في تعليقته على «العروة».

خلافاً لأكثر الفقهاء كالعلاّمة البروجردي والسيّد الخميني والحكيم والخوئي وغيرهم حيث يقولون بأنّ التجاوز والدخول في الغير لا يتحقّق بمجرّد النيّة بأنّ جلوسه كان بدلاً، بل لابدّ في صدق التجاوز والدخول من الاشتغال بما يجب عليه حال الجلوس من القراءة أو التسبيح، و هو الأقوى عندنا، إذ صدق التجاوز بمجرّد النيّة بلا امتيازٍ في الخارج فيه خفاء ومشكل جدّاً.

هذا كلّه إذا كان يرى نفسه أنّ جلوسه بدلٌ عن القيام.

وأمّا إذا كان المصلّي المضطر في نفسه مردّداً، بأن لا يدري أنّ جلوسه لأيّهما كان، فلا إشكال في كونه شكّاً في المحلّ، فلابدّ من التدارك، كما قد صرّح بذلك السيّد في «العروة» أيضاً، لكنه قال في وجه وجوب تداركه، بأنّه لم يُحرز الدخول في الغير حينئذٍ، مع أنَّه ليس كذلك، بل الأوجه هو أنّ إحراز عدم الدخول في الغير كان احرازاً تعبّديّاً بمقتضى استصحاب عدمه.

 


[1] الوسائل ج، الباب1 من أبواب القيام، الحديث 18.
[2] الجواهر، ج12 / 324.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo