< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: بحثٌ حول المراد من المحلّ

 

القول الثالث: ما هو منقولٌ عن الشهيد الثاني في «الروضة»، وتبعه عليه بعض المُتأخِّرين ـ لعلّ المراد منه صاحب «الحدائق» ـ بأنّ المراد بالمحلّ أو الغير، هو الأفعال المعهودة شرعاً، المقرّرة بالتبويب، كالنيّة والتكبير والقراءة والركوع والسجود والتشهّد، ونحو ذلك ، فكلّ شيء شُكّ فيه منها قبل أن يدخل في الفعل الآخر وجب تلافيه ، وكلّ شيء شكّ فيه بعد دخوله في آخر منها لا يلتفت.

القول الرابع: ما ذكره صاحب «المستمسك»، فإنّه بعد نقل ما تقدّم، قال: (وأضعف من ذلك ما عن بعضٍ من اختصاص الغير بالأركان، وكأنّه ناشٍ عن إهمال أدلّة القاعدة، والرجوع إلى أصالة عدم الإتيان بالمشكوك، فيكون الحكم فيه حكم النسيان). انتهى محلّ الحاجة[1] .

أقول: هذه هي الأقوال في المسألة ، و يتوقّف تحديد الأولى من بينها على مراجعة لسان الأخبار وما يستفاد منها، ففيها جهتان سبق الكلام عنهما:

الأولى: ملاحظة ما جاء في ذيل الأخبار من القاعدة الكلّية والكبرى الجامعة، كما في صحيحة زرارة بقوله: (إذا خرجت من شيءٍ ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء)[2] . ونحوه في خبر محمّد بن مسلم: (كلّ ما شككتَ فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو)[3] . و كذلك في خبر إسماعيل بن جابر: (كلّ شيء شكّ فيه ما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه)[4] .

و الثانية: ملاحظة الأمثلة الواردة في صدر الأخبار قبل ذكر كلّية ذيلها.

فأمّا الكلام في الأُولى: مع غمض النظر عن الأمثلة، فالظاهر أنّ القاعدة المذكورة في هذه الأخبار تؤيّد تفسير صاحب «الجواهر»، لإفادة العموم المستفاد من كلمة (شيء) في قوله: (إذا شككت في شيء) ، وكلمة (شيء) في (خرجت من شيءٍ) أو لفظ (ما)، وكذا عموم لفظ (في غيره) الذي وقع في جملة (ودخلت في غيره) فإنّ المستفاد من هذه الجملات قاعدة كلّية تقول إنّه (كلّ ما يصدق أنَّه شكّ في شيءٍ وخرج عن الشيء) أو (وما دخل في غيره)، و هي قابلة للانطباق على عموم الموارد، سواء كان المشكوك المتجاوز عنه جزءاً من الأجزاء، أو كلمةً من الكلمات ، وسواءً كان المدخول فيه أيضاً جزءاً أو مقدّمةً من مقدّماته، كالهويّ والنهوض، فمقتضى هذه الجهة استفادة عموم قاعدة التجاوز لجميع الموارد، كما عليه أكثر المُتأخِّرين على ما في «العروة» وغيرها.

أما الجهة الثانية: و المراد منها ملاحظة الأمثلة المذكورة في صدر الأخبار، كخبر زرارة حيث جعل المشكوك من مقدّمات الصلاة كالأذان، ثمّ المضيّ و التجاوز عنه بالدخول في مقدّمة اُخرى كالإقامة، أو المشكوك كان من المقدمات كالأذان والإقامة. ثمّ التجاوز عنهما بالمضيّ و الدخول في أجزاء الصلاة كالتكبير، وهكذا بالنسبة إلى سائر الأجزاء ، وكذلك في خبر إسماعيل بن جابر بالنسبة إلى خصوص الأجزاء دون غيرها، بل وفي أكثر الأخبار فقد لوحظ التجاوز في الأجزاء فقط، و هذه الجهات أوجبت ذهاب جماعة الى أنّ المراد من التجاوز هو التجاوز عن ترتيب سياق الفعل المأمور به دون غيرها، و لذلك خصّصوا عموم القاعدة الواقعة في ذيل الأحاديث بها فقط.

يرد عليهم أوّلاً: إنّ ذكر هذه الأجزاء من باب التمثيل وبيان الصغرى لتلك الكبرى، كما يشهد لذلك ما في خبر زرارة حيث ورد فيه ذكر أمورٍ تعدّ مقدّمة للصلاة وليس من الأجزاء كالأذان والإقامة.

وثانياً: على ما في بعض الأخبار من ذكر الدخول في مقدّمات الأجزاء سبباً لتحقّق المضيّ والتجاوز،وهو مثل الدخول في الهويّ الذي هو مقدّمة للسجود، حيث اعتبر في الحديث سبباً للمضيّ، مع أنَّه ليس من الأجزاء، وذلك كما في صحيح عبدالرحمن بن أبي عبدالله، قال: «قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام: رجل أهوى إلى السجود، فلم يدر أركع أم لم يركع؟ قال: قد ركع»[5] .

فإنّ الشكّ العارض للمصلّي قد فرض في حال الهويّ إلى السجود، ولم يدخل إلاّ في مقدّمة الجزء اللاحق لا في نفس الجزء، و رغم ذلك حَكم فيه بالمضيّ، بقوله: (قد ركع)، حيث يستفاد من ذلك عموم قاعدة التجاوز حتّى لغير الأجزاء، سواء كان ذلك المدخول فيه جزءاً أو مقدّمة للجزء، أو مقدّمةً لنفس الصلاة كالإقامة ، و عليه، فالعبرة بعموم القاعدة المذكورة في ذيل الأحاديث لا بالأمثلة المذكورة في الأحاديث، فإذا صحّ فرض عموم القاعدة، صحّ إجرائها حتّى بعد الدخول في الأجزاء المندوبة، كالقنوت والاستعاذة، إذا فرض عروض الشكّ لما تقدّم بعد الدخول فيها، كما صرّح بذلك صاحب «العروة».

 


[1] مستمسك العروة، ج7 / 438.
[2] و 2 الوسائل، ج5، الباب23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1 و 3.
[3]  .
[4] الوسائل، ج4، الباب15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 4.
[5] الوسائل، ج4، الباب13 من أبواب الركوع، الحديث 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo