< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الفائدة العاشرة/ في حكم الشكّ في عدد ركعات صلاة الكسوف/

 

المناقشة الثانية: و قد تعرّض لها المحقّق الهمداني رحمه‌الله أيضاً، و هي بالنسبة إلى الشكّ في عدد الركعات المفضي الى الشك في الركعة، مثل ما لو لم يعلم أنَّه في الركوع الخامس ليكون في الركعة الأُولى أو السادس حتّى يكون في الثانية، فتكون صلاته باطلة، لأَنَّه شكّ في عدد الثنائيّة في الفريضة، فقال ـ بعد تصحيح ما قاله الأصحاب من تدارك الركوع المشكوك؛ إن كان في المحلّ وعدم الاعتناء إن تجاوز عنه، ـ :

(إنّ ما استثنوه من ذلك، هو ما لو تعلّق شكّه بما يرجع إلى الشكّ في الركعة، كالمثال المزبور لا يخلو من تأمّل؛ إذ الشكّ في عدد الثنائيّة، إنّما يوجب البطلان إذا تعلّق الشكّ بركعة تامّة لا بأبعاضها، فلو فرض تعلّق مثل هذا الشكّ بفريضة الصبح، فضلاً عن صلاة الآيات التي قد يتأمّل في إجراء حكم الثنائيّة عليها، كما لو تردّد بعد أن فرغ من القراءة في الأُولى في أنّ قيامه هذا هل هو قبل الركوع أو بعد رفع الرأس من السجدتين؟ أو وجد نفسه بعد أن قرأ الفاتحة مشغولاً بالبسملة، فشك في أنّها هل هي للسورة أو الفاتحة من الثانية؟ يشكل الجزم بكونه مندرجاً في موضوع الأخبار الواردة في من لا يدري أنَّه واحدة صلّى أم اثنتين، بل الظاهر اندراجه في موضوع ما دلّ على الالتفات إلى الشكّ في الشيء قبل التجاوز عنه، كما هو مقتضى الأصل.

فالأظهر في مثل الفرض، وجوب تدارك المشكوك والمضيّ في صلاته ، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإعادتها بعد الإتمام) ، انتهى كلامه[1] .

أقول: لا يخفى ما فيه؛ لوضوح أنّ الشكّ في الركوع الخامس والسادس:

تارةً: يتصوّر كونه في ركعةٍ واحدة من الأُولى أو الثانية، فهو لا يوجب البطلان إلاّ من جهة كونه بمنزلة الشكّ في إضافة ركعة على العدد اللاّزم، فيكون الشكّ حينئذٍ شكّاً في الزيادة و عدمها، فإن التزمنا بإمكان جريان أصالة عدم الزيادة فيها، وقلنا بجواز البناء على الأقلّ كانت صلاته صحيحة.

وإن قلنا بأنّ الأصل عند الشكّ في عدد الركعات هو البناء على الأكثر في الصلاة الصحيحة، فلازمه هنا هو الحكم بالبطلان.

والأظهر هو الأوَّل، كما في الشكّ في الفريضة بين الرابعة والخامسة حيث يجب البناء فيه على الأقلّ، وتصحّ الصلاة، ولكنه غير مقصود هنا من كلام الأصحاب.

وأُخرى: ما لو كان مرجع شكّه الى أنَّه في الركعة الأُولى أو الثانية.

وبعبارة اُخرى: بأن يكون السبب في الشكّ في أنّه ركع ركوعاً خامساً أو سادساً ليعود شكّه الى أنّه في الركعة الأُولى أو الثانية، و هو قاطع بأنّه لو كان في الأُولى لم يزد عدد ركوعه على الخمسة، كما هو قاطع بأنّه لو كان في الركعة الثانية كان السادس هو الركوع الأوَّل من الثانية، فحينئذٍ:

إن قلنا بأنّ الشكّ بين الواحدة والإثنتين في الفريضة الثنائيّة موجب للبطلان، كانت صلاته باطلة لهذه القاعدة.

وأمّا ما مثّله من الأمثلة فإنّه لا يوجب حلّ الإشكال ، ولعلّ وجه استبعاده في تلك الأمثلة دون المقام هو ندرة وقوع هذا الشكّ في تلك الأمثلة، بخلاف صلاة الآيات من جهة إمكان كثرة وقوع الشك في عدد ركوعاتها لندرة فعل صلاة الآيات، لكن كما هو مشهورٌ على ألسنة الفضلاء بأنّ كثرة الأمثلة لا يوجب حلّ المشكلة، و لذلك لا يمكن الاعتماد على الندرة، بل الحكم كما ذكرناه في هذا الشك، و الله العالم.

قوله قدس‌سره: وكذا المغرب (1) .الشك في صلاة المغرب

(1) فتبطل بالشك فيها على المشهور على الإطلاق؛ أي سواءٌ كان الشكّ في النقيصة، بأن لا يدري أنَّه صلّى ركعة أو ركعتين، أو بالزيادة، بأن لا يدري بأَنَّه صلّى ركعتين أو ثلاث، أو معاً بأن لا يدري أنَّه صلّى ركعة أو ركعتين أو ثلاث، ففي جميع هذه الصور تكون الصلاة باطلة على المشهور شهرة عظيمة، كادَت أن تكون إجماعاً، بل حكاه جماعة نصّاً وظاهراً، بل عن «الأمالي» أنَّه من دين الإماميّة، حيث يدلّنا هذا الانتساب الى قيام الإجماع، وعدم صحّة ما نَسب «الخلاف» إلى صاحب «الأمالي» ووالده من أ نّهما ذهبا إلى الصحّة فيه بالبناء على الأقلّ ، وأوّل من نسب إليهما ذلك هو العَلاّمَة، ثمّ تبعه المُتأخِّرين على ما اعترضه صاحب «الحدائق» وتعجّب فيه[2] ، بأنّ عبارة «الفقيه» و «المقنع» لا تدلّ على ما نُسب اليه، بل الظاهر من كلامه في «المقنع» موافقته للمشهور على حسب ما نقل كلامه صاحب «الجواهر» بقوله:

(إذا شككت في المغرب فأعدت، وروى إذا شككت في المغرب ولم تدر واحدة صلّيت أم اثنتين، فسلِّم ثمّ قُم فصلِّ ركعة ، وإن شككت في المغرب ولم تدر في ثلاث أنت أم في أربع وقد أحرزت الاثنتين في نفسك وأنت في شكّ من الثلاث والأربع، فأضف إليها ركعة اُخرى ولا تعتدّ بالشك ، فإن ذهبَ وهمك إلى الثالثة فسلِّم وصلِّ ركعتين وأربع سجدات وأنتَ جالس)، انتهى.

ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (وهي كما ترى غير ظاهرة فيما نُقل عنه، بل الظاهر منها موافقة الأصحاب ونسبته ذلك إلى الرواية).

أقول: وكيف كان، فعلى تقدير صحّة ما نُسب إليهما من خلافهما في ذلك، فإنّه لا يقدح بالإجماع لمعلوميّته بينهما، والتصريح في كلام الأصحاب بالإجماع نقلاً وتحصيلاً وهو الحجّة ، مضافاً إلى دلالة أخبارٍ معتبرةٍ مستفيضةٍ على البطلان من خلال الحكم بالإعادة فيه:

منها: صحيحة محمّد بن مسلم: «من ذكر المغرب ممّا يجب استقباله»[3] .

منها: خبر الحلبي وحفص بن البختري، وغير واحدٍ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام:

«إذا شككت في المغرب فأعد.. إلخ»[4] .

ومنها: مرسلة يونس عنه عليه‌السلام: «ليس في المغرب والفجر سهو»[5] .

ومنها: محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: «سألته عن السهو في المغرب؟ قال: يعيد حتّى يحفظ أنّها ليست مثل الشفع»[6] .

ومنها: صحيح العلاء، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، في حديثٍ: «قلت: المغرب؟ قال: نعم، والوتر والجمعة، من غير أن أسأله»[7] .

ومنها: مضمرة سماعة، قال: «والمغرب إذا سها فيها، فلم يدرِ كَم ركعة صلّى، فعليه أن يعيد الصلاة»[8] .

فإنّه يشمل صور الشكّ الثلاثة.

ومنها: رواية محمّد بن مسلم في «الخصال» عن الصادق عليه‌السلام، عن عليّ عليه‌السلام، قال:

«لا يكون السهو في خمس.. إلى أن قال: وفي الصبح وفي المغرب»[9] .

ومنها: خبرٌ آخر للعلاء، عن الصادق عليه‌السلام، في حديثٍ: «قال له بعض أصحابنا وأنا حاضر: والمغرب؟ قال: والمغرب»[10] .

أقول: نعم، بقي بعض أخبار دالّة على الصحّة في الشكّ في عدد الركعات في المغرب والفجر:

منها: خبري عمّار الساباطي الأوَّل، وهو ما رواه عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «قلتُ لأبي عبدالله عليه‌السلام: رجلٌ شكّ في المغرب، فلم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثاً؟ قال: يسلِّم ثمّ يقوم فيضيف إليها ركعة ، ثمّ قال: هذا والله ممّا لا يقضى أبداً»[11] .

و منها: خبره الثاني، قال: سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل لم يدر صلّى الفجر ركعتين أو ركعة؟ قال: يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّي ركعة، فإن كان قد صلّى ركعتين كانت هذه تطوّعاً، وإن كان قد صلّى ركعة كانت هذه تمام الصلاة.

قلت: فصلّى المغرب فلم يدرِ أثنتين صلّى أم ثلاثاً؟ قال: يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّي ركعة ، فإن كان صلّى ثلاثاً كانت هذه تطوّعاً، وإن كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة، وهذا والله ممّا لا يقضى أبداً»[12] .

وحيث إنّهما مخالفان لما عرفت من الأخبار الكثيرة المعتبرة الدالّة على بطلان الصلاة في الفجر والمغرب، فلا محيص من الحمل:

إمّا على أنّ المراد هو نافلتهما لا فريضة الفجر والمغرب، كما نُقل ذلك صاحب «الوسائل» عن الشيخ رحمه‌الله.

أو حمل الشكّ هنا على الشك البدوي، ثمّ غلب ظنّه على الأكثر، ويكون إضافة الركعة على وجه الاستحباب، فكأنّه أتمّ صلاته على العدد اللاّزم ظنّاً، ولكن إتيان ركعة منفصلة كان على وجه الاستحباب.

أو الحمل على التقيّة، لموافقتهما مع فتوى جميع العامَّة، كما هو عليه الأكثر من الفقهاء، خصوصاً مع ملاحظة ما ورد فيهما من الحلف و اليمين بقوله عليه‌السلام: (وهذا والله ممّا لا يقضى أبداً)، حيث يؤيّد كونه محمولاً على التقيّة ، والله العالم.

 


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 150.
[2] الحدائق، ج9 / 162.
[3] الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 7.
[4] ـ 8 الوسائل، ج5، الباب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1 و 3 و 4 و 7 و 8 و 14 و 15.
[5]  .
[6]  .
[7]  .
[8]  .
[9]  .
[10]  .
[11] و 2 الوسائل، ج5، الباب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 11 و 12.
[12]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo