< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الفائدة الرابعة /حكم جواز الاستيناف مع الشكّ/

 

ولكن قد يناقش فيه: بإمكان القول بالصحّة من جهة أنّه لو قام بالفعل قاصداً القضاء، فلو أتى صادف عمله الأمر الواقعي، وكان موافقاً للمأمور به واقعاً، فإنّ عمله حينئذٍ يقع صحيحاً لمطابقة المأمور به مع المأتي به، مع كونه متقرّباً إلى الله، لأَنَّه قصد امتثال الأمر الواقعي بفعله، والمفروض أنَّه صادف الواقع و عليه، فالحكم بالصحّة لا يخلو من وجهٍ، لولا الإجماع على خلاف ذلك.

اللهمَّ إلاّ أن يقال: بأنّ ذلك لو أجزناه في غير المقام، فهو ممّا لا يمكن الالتزام به في المقام لأجل ورود النّهي عنه في ما نحن فيه، فقد جاء في صحيحة ابن أبي يعفور عمّن لا يدري كم صلّى؟ قوله: (فأعد ولا تمض على الشكّ)[1] . فإنّ النهي عن المضيّ في العبادة موجبٌ للفساد، لأجل إخلاله بقصد القُربة.

نعم، قد يقال بإمكان القول بالصحّة في ما يمكن إتيان ذلك الجزء بقصد القُربة المطلقة، وهو في مثل قراءة القرآن، لا بما أنّها جزءٌ للصلاة، حتّى يقال إنّه غير مأمور به للأمر الصلاتي.

قال: هذا وإن يمكن فرض صحّته، إلاّ أنّ المتّجه حينئذٍ هو القول ببطلان ما وقع، فلابدّ من إعادته لعدم الاكتفاء به في الواقع أوّلاً، حيث لم يصادف الجزم في الصلاة الذي هو عبارة عن الاستدامة، وعدم إفساده للصلاة لكونه لم ينوه أنَّه لها، و المفروض أنَّه ممّا لا يبطلها.

انتهى ما في «الجواهر»[2] .

قلنا: ما قاله في الأخير جيّدٌ ما لم نقل بشمول النّهي بعمومه حتّى لمثل ما يؤتى بقصد القُربة المطلقة، بل قلنا باختصاصه بما لو أتى به بما أنَّه جزءٌ للصلاة، وإلاّ يستلزم البطلان بإيقاعه ولو بقصد القُربة، لما عرفت أنَّه حينئذٍ منهيٌّ عنه، والنهي في مثله يُخرجه عن أن يتقرّب به، فتصير زيادة مبطلة كما لا يخفى.

ومنه يظهر إمكان إلحاق فرعٍ آخر بذلك وهو المذكور في المسألة 22 في «العروة الوثقى» من الشكوك، حيث قال ما نصّه:

(في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكّه، وأتمّ الصلاة، ثمّ تبيّن له الموافقة للواقع ففي الصحّة وجهان).

و قد وقع الخلاف فيها:

فعن العَلاّمَة البروجردي والاصطبهاناتي والسيّد جمال الگلپايگاني والأصفهاني الحكم بالبطلان، و قد توقّف فيه صاحب «العروة» والسيّد عبد الهادي الشيرازي ، و حكم بالصحّة السيّد الخوئي بعد الغضّ عن ما سبق من قبوله في الشكوك الباطلة.

ولكن الأقوى عندنا أيضاً البطلان؛ لما عرفت من شمول النّهي عن المضيّ حتّى لصورة الغفلة عن حالة الشكّ، والإتيان بما ليس بمأمورٍ به من الأفعال والأجزاء، والغفلة لا توجب تبدّل حكم المأتي به عن كونه خارجاً عن المأمور به. والله العالم.

و قول السيّد الخوئي: في وجه الصحّة في «مستند العروة» بقوله: (إنّ الشكّ كالظّن والقطع من أقسام الالتفات، ومترتّب عليه، فإنّهما من الأُمور الوجدانيّة، وليس للشك واقعٌ يتعلّق به الالتفات تارةً وعدمه اُخرى ، بل هو متقوّم به في تحقّقه، وعليه فمع الغفلة لا التفات، فلا شكّ، فلم يتحقّق المضيّ على الشكّ عن فرض غفلته عن شكّه كي يستوجب البطلان)، انتهى كلامه[3] .

ممنوعٌ أوّلاً: لأنّه لا إشكال في أنّه قد تحقّق له الشكّ في الصلاة، وقد تنجّز في حقّه النّهي عن المضيّ بواسطة تحقّق الشكّ ، ثمّ:

قد يفرض أنَّه خرج عن الشكّ بالغفلة ودخل في صفة اليقين أو الظنّ، فهذا خروج عن المفروض .

ويقد يفرض عدم دخوله بأحد الوصفين، ففي حال الغفلة إمّا أن يكون على نحو لو التفت لصار الشكّ فعليّاً، فالحكم حينئذٍ: إمّا البطلان بدعوى كون الشكّ التقديري كالشك الفعلي مبطلاً، أو نشكّ في ذلك، فاستصحاب حكم النّهي إلى هذا الزمان المشكوك يوجب الحكم بالبطلان أيضاً.

وثانياً: المذكور في النصوص تقييد وصف الصحّة بإتيان الأُوليين متصفاً باليقين في الحفظ، وهو كما جاء في صحيح زرارة، بقوله: (فمن شكّ في الأُولتين أعاد حتّى يحفظ ويكون على يقين... إلخ)[4] . أو: (حتّى يستيقن أنَّه قد أتمّ) في رواية محمّد بن مسلم، ومن الواضح أنَّه في حال الغفلة:

إمّا ملحقٌ بالشك حقيقةً، إذا أُريد من الشكّ هو الأعمّ من الفعلي والتقديري.

أو ملحقٌ به حكماً بواسطة الاستصحاب.

وعلى كلّ حالٍ فليس الغافل هنا داخلاً تحت وصف اليقين الذي لابدّ منه في الركعتين الأُولتين ، فلا وجه حينئذٍ للحكم بالصحّة.

لا يقال: كيف يمكن هنا استصحاب النّهي المستفاد من قوله: (لا تمض مع الشكّ) ، مع أنّ هذا المكلف غافل، والغافل لا يتعلّق به التكليف، لعدم إمكان توجيه التكليف اليه في حال الغفلة.

لأنّا نقول: النّهي هنا إرشاد إلى عدم كونه مع الشكّ مأموراً به، فلازمه البطلان؛ لوضوح أنّ المضيّ معه بإتيان بعض الأجزاء، لا يوجب تحقّق فعل الحرام التكليفي منه ، إلاّ أن يقصد به التشريع بإتيانه، فإنّه خارج حينئذٍ عن المفروض، فلازم الاستصحاب هو إثبات أنّ ما أتى به مع الغفلة، لكونه شاكّاً يكون غير مأمور به، فيستلزم البطلان، كما لا يخفى على المتأمّل الدقيق.

مضافاً إلى إمكان التمسّك بقاعدة الاشتغال، باعتبار أنَّه مع الشكّ لم يكن المضيّ كافياً، لفقد الإحراز واليقين اللاّزم وجوده في فرض الله ، ثمّ مع الغفلة عن الشكّ وعدم اتّصافه باليقين حين العمل ـ وإن تحقّق بعد الفراغ ـ نشكّ بأَنَّه قد فرغ عن الذّمة أم لا؟ والشغل اليقيني يطلب الفراغ، فلابدّ من الإعادة، كما أنّ مقتضى التوقّف في المسألة هو وجوب الإعادة أيضاً .

 

موضوع: الفائدة السادسة/ الشك في الثنائية و الثلاثية مبطلٌ للصلاة مطلقاً/

 

الظاهر من بعض الأخبار مثل صحيح الحلبي وحفص بن البختري حيث جاء فيه قوله: (وإذا شككت في المغرب فأعد، وإذا شككت في الفجر فأعد)[5] . المعلّق فيهما حكم الإعادة على الشكّ في الفجر بصورة المطلق، بأن يكون الشكّ مبطلٌ للصلاة مطلقاً سواء كان من جهة النقيصة، بأنْ لا يدري أواحدة أتى أم ثنتين، أم من جهة الزيادة بأن لا يعلم في الفجر اثنتين أتى أم ثلاث، فهذا الإطلاق يؤخذ به، ولا يقيّد بوجود بعض الأخبار الوارد فيه أنّه قد سئل عمّن لا يدري واحدة صلّى أم اثنتين، مثل صحيح زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام قال:

«قلت له: رجلٌ لا يدري واحدة صلّى أو ثنتين ، قال: يعيد»، الحديث[6] .

حيث لا يكون مورد شكّه إلاّ في طرف النقيصة فقط دون الزيادة.

وجه عدم التقيّد: مضافاً إلى أنّ عبارات الأصحاب في الحكم بالإعادة وإجماعاتهم كذلك حيث ولم يفتوا بالتقييد في خصوص الشكّ بالنقيصة، هذا أوّلاً.

وهذه العبارة وإن لم تكن في كلّ ثنائيّة في لسان الأخبار، حتّى يتمسّك بها، إلاّ أنَّه مع ضميمة الإجماع بعدم القول بالفصل، يلحق ويشمل جميع موارد الشكّ في لسان الأخبار.

وثانياً: عدم التقيّد في كلماتهم موافقٌ للقواعد المقرّرة في محلّها؛ بأنّ الدليلين المتكفّلين للإطلاق والتقييد، إذا كانا مُثبتين لا يوجب قيام أحدهما بتقييد الآخر، بل يعمل بكلّ منهما عمل التأكيد في المقيّد، فيلزم العمل بكلّ منهما، فيشمل الحكم لكلّ من الزيادة الداخلة تحت الإطلاق، والنقيصة الواردة في الدليل بخصوصه، كما لا يخفى.

 


[1] الوسائل، ج5، الباب5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.
[2] الجواهر، ج12 / 307.
[3] مستند العروة، ج6 / 252.
[4] الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1.
[5] الوسائل، ج5، الباب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 5.
[6] الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo