< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الفائدة الثانية حكم كون الشكّ موجباً للبطلان وعدمه

 

بعد الوقوف على دلالة الأخبار على بطلان الفريض عند الشك في عدد الركعات إذا تعلّق الشكّ بالركعتين الأُولتين من الثنائيّة أو الثلاثيّة، يأتي السؤال عن أنّ هذا الشكّ:

هل هو بمحض تحقّقه يوجب البطلان، بأن يكون من قبيل قواطع الصلاة كالحدث والاستدبار، بحيث تنقطع الصلاة بمجرد حدوثها قهراً أم لا، بل مقتضى الدليل هو عدم جواز المضيّ معه، بل لابدّ له من تحصيل اليقين أو الظّن في جواز استمرار العمل؟

والثمرة المترتّبة على هذا البحث هو أنَّه لو حصل له الشكّ فيه، ولكنّه زال قبل فعل المنافي، كان عمله صحيحاً، فيه وجهان، بل قولان:

القول الأول: اختيار الأوَّل كما نقل عن الفاضل الشيرواني في «مفتاح الكرامة» و «الجواهر»، كما هو ظاهر بعض الروايات:

منها: ما جاء في صحيحة زرارة: «رجل لا يدري واحدة صلّى أم ثنتين؟ قال: يعيد»[1] .

و منها: صحيح الحلبي وحفص بن البختري، وغير واحدٍ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «إذا شككت في المغرب فأعد، وإذا شككتَ في الفجر فأعد»[2] .

حيث علّق حكم الإعادة على مجرد حدوث الشكّ .

بل عن بعضٍ كالسيّد الخوئي رحمه‌الله قال: (إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة هو عدم وجوب التروّي، لصدق الشكّ المأخوذ موضوعاً فيها للأحكام الشرعيّة الظاهريّة كالاستصحاب وأصل البراءة ونحوهما... إلخ).

فكأنّه أراد أنّ ظاهر إطلاق تعليق كلّ حكمٍ على الموضوع، هو تحقّق الحكم بمجرّد تحقّق موضوعه و هكذا في المقام.

والقول الآخر: وهو المشهور بل عليه الإجماع، إذ لم يشهد عن أحدٍ خلافه، هو عدم جواز المُضيّ مع الشكّ في الركعتين الأُولتين، وعدم حصول الامتثال ما لم يحرز العدد في الأُوليين ولم يحفظهما، و أنّ الغاية في الإعادة هو تحصيل اليقين في ضبط العدد، وأمّا لو زال الشكّ قبل حصول المنافي، مثل فوت الموالاة أو الفصل الطويل، وتبدّل إلى اليقين، أو على الظّن لو قلنا بحجيّته في عدد الركعات، فلا وجه للقول بالإعادة والاستيناف، بل يجوز له الاستمرار في صلاته و لا إعادة، وعلى هذا تدلّ نصوص متعدّدة، و هي تكون شارحة ومقيّدة لإطلاق النصوص السابقة إن كان لها إطلاق ، فيصير استمرار الشكّ موجباً للبطلان لكن لا مجرّد حدوثه و تحقّقه ، بل بعد التثبّت، وقد صرّح بذلك العَلاّمَة والشهيدين وكثير من الأصحاب.

والنصوص الدالّة على ذلك:

منها: صحيحة زرارة، في قوله: «كان الذي فرض الله على العباد... إلى أن قال: فمن شكّ في الأُوليين أعاد حتّى يحفظ، ويكون على يقين...» الحديث[3] .

و منها: صحيحة محمّد بن مسلم: «عن الرجل يُصلّي ولا يدري أواحدةً صلّى أم ثنتين؟ قال: يستقبل حتّى يستيقن أنَّه قد أتمّ» الحديث[4] .

و منها: صحيحة ابن أبي يعفور: «إذا شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ولا تمض على الشكّ»[5] .

و منها: موثّقة أو صحيحة أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «إذا سهوت في الأُولتين فأعدهما حتّى تُثبتهما»[6] .

تدلّ هذه الصحاح على أنّ المبطل هو الاقتصار على هذا الشكّ في الامتثال بإدامة الصلاة، ولو بالبناء على الأقلّ، كما عليه أكثر العامَّة لولا الكلّ.

كما أنَّه قد يؤيّد ما في النصوص: أنَّه لم يذكر أحدٌ أنّ الشكّ بمجرد بحدوثه يعدّ أحد المبطلات في الصلاة، مضافاً إلى أنّ القول بكون حدوث الشكّ في أثناء الصلاة ولو زال موجباً للبطلان، يستلزم العُسر والحَرَج ما لا يخفى، إذ اشتراط حصول اليقين أو الظّن من أوّل الصلاة إلى آخرها بأوّل التفات الذهن لا يتيسّر في أغلب الأوقات، هذا كما في «الجواهر».

أقول: ولكن لا يخفى ما فيه، لأنّ القائل بالبطلان لا يقول بذلك في مطلق حدوث الشكّ في الصلاة، بل في خصوص عدد الركعات المردّد من ركعتي الأُوليين لا مطلقاً، و عليه فالالتزام بذلك لو تمّ لم يكن على حَدّ العُسر والحرج غالباً، إلاّ لمن كان كثير الشكّ في ذلك ، فيندرج حينئذٍ تحت أدلّة حكم كثير الشكّ، من لزوم عدم الاعتناء بشكّه كما لا يخفى.

و عليه، فالعمدة في الدليل هو ما عرفت من دلالة لسان الأخبار من جعل المناط لا مجرّد الحدوث بل استمراره و بقائه.

 


[1] الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 6.
[2] الوسائل، ج5، الباب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 5.
[3] و 2 الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 1 و 7.
[4]  .
[5] الوسائل، ج5، الباب5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.
[6] الوسائل، ج5، الباب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 15.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo