< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/10/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فروع تتعلّق بنسيان اجزاء الصلاة على النبيّ (ص)

 

وأمّا القول الثاني: فهو للمفيد رحمه‌الله ذكره في «الرسالة العِزّيّة» و قال ـ على ما في «الجواهر» ـ : (إذا ذكر بعد الرجوع، فليسجد في الثانية ثلاث سجدات، واحدة منها قضاء)، فإنّه صريح في لزوم قيامه بإتيان السجدة قضاءً في الركعة اللاّحقة.

وأمّا القول الثالث: فهو لأبي الحسن عليّ ابن بابويه، قال في «رسالته إلى ولده»:

(إنّ السجدة المنسيّة من الركعة الأُولى تُقضى في الركعة الثالثة (أي بفصل ركعةٍ بعده) وسجود الثانية إذا ذكرت بعد ركوع الثالثة تُقضى في الركعة الرابعة، وسجود الثالثة تقضى بعد التسليم).

حيث يحكم بإتيان القضاء مع فصلٍ بركعة في البين، بأن يكون قضاء سجدة الأُولى في الثالثة، والثانية في الرابعة، والثالثة بعد السلام.

القول الرابع: وهو قول الإسكافي الذي قال: (واليقين بترك إحدى السجدتين أهون من اليقين بترك الركوع، فإن أيقن بتركه إيّاها بعد ركوعه في الثالثة سجدها قبل سلامه، والاحتياط إن كانت في الأُولتين الإعادة إن كان في وقت).

أقول: والمستند ليس للقول الأوَّل ، بل هو للثاني و هو مذكور في كتاب «فقه الرضا»، قال: (فإنْ نسيتَ السّجدة من الرّكعة الأُولى، ثمّ ذكرت في الثانية، من قبل أن تركع، فارسل نفسك واسجدها ثمّ قُم إلى الثالثة، وأعِد القراءة، فإنْ ذكرتها بعدما ركعت فاقضها في الرّكعة الثالثة....

إلى أن قال: وإن نسيتَ سجدة من الركعة الثانية وذكرتها في الثالثة قبل الركوع، فارسل نفسك واسجدها ، وإن ذكرتَها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة، وإن كان السجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة، فارسل نفسك واسجدها ما لم تركع ، فإن ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك واسجدها بعد التسليم)[1] .

ولعلّ عليّ بن بابويه اعتمد على هذه الرواية وأفتى بها، ومن المعلوم أنَّه على فرض التسليم بحجّيّته، لا تقاوم مع تلك المستفيضة، خصوصاً مع كونها مؤيّدة بعمل الأصحاب والشهرة، كما أنّ الحال كذلك بالنسبة الى قول الإسكافي الذي يحتمل أن يكون فتواه موافقاً لبعض النصوص الذي يتوهّم دلالته على كون قضاء السجدة لما قبل التسليم:

منها: صحيح ابن أبي يعفور، عن الصادق7، قال: «إذا نسى الرّجل سجدةً، وأيقن أنـّه قد تركها، فليسجدها بعدما يقعد قبل أن يُسلِّم، وإن كان شاكّاً فليسلِّم ثمّ يسجدها»[2] .

فإنّ قوله: (إذا نسي سجدة وأيقن)، رغم أنّه مطلقٌ من جهة الركعة حيث لم يبيّن من أيّ ركعة كانت، إلاّ أنَّه يمكن حمله على الركعة الأخيرة إذا ذكرها قبل أن يقعد بين السجدتين ، فأمرَ الإمام عليه‌السلام بالجلوس والإتيان بالسجدة الثانية قبل أن يُسلِّم، بخلاف حال الشكّ فإنّه أيضاً حينئذٍ مؤيّدٌ، فلا تكون الرواية مخالفة مع تلك الأخبار الكثيرة، بخلاف ما لو فرض كون السجدة المنسيّة لغير الركعة الأخيرة، فإنّه يكون معارضاً مع تلك الأخبار ، فالجمع بما ذكرنا أَوْلى من الطرح كما لا يخفى، فتخرج الرواية عن المعارضة.

و منها: خبر جعفر بن بشير المرويّ عن «المحاسن»، قال:

«سأل أحدهم عن رجلٍ ذكر أنـّه لم يسجد في الرّكعتين الأُولتين إلاّ سجدة، وهو في التشهّد الأوّل؟

قال عليه‌السلام: فليسجدها ثمّ ينهض، وإذا ذكره وهو في التشهّد الثاني قبل أن‌يُسلِّم، فليسجدها ثمّ يُسلِّم ثمّ يَسجد سَجدتي السَّهو»[3] .

و هذا أيضاً يمكن أن يجاب عنه: بأنّ الجملة التى وردت في صدر الحديث وإن أفادَت احتمال كون فوت السجدة من الركعة الأُولى أو الثانية، لأَنَّه قال: (لم يسجد من الركعتين الأُولتين إلاّ سجدة)، بناءاً على أنّ المراد من المنسيّ سجدة واحدة لا سجدات ثلاث التي احتملناها سابقاً؛ ولأَنَّه حينئذٍ يصير باطلاً على احتمال، فإنّه حينئذٍ يحتمل كون المنسي من الركعة الأُولى أو الثانية ، فالحكم بوجوب اتيان سجدة القضاء قبل التسليم يجعل هذا الخبر مخالفاً مع تلك الأخبار.

كما يحتمل أن يكون المنسي من الركعة الأخيرة بأن تكون جملة: (وإذا ذكره وهو في التشهّد الثاني) ، غير مربوطاً بالركعتين الأُولتين، بل كان احتمال النسيان مرتبطاً بالأخيرة من الركعات، فلابدّ من إتيان السجدة قبل التسليم لعدم فوات محلّها.

ولكن الإنصاف أنَّه مخالفٌ لظاهر الرواية؛ لأنّ ظهور جملة: (وإذا ذكره وهو في التشهّد الثاني) رجوعه إلى الركعتين الأُولتين، فتصير الرواية مخالفة لتلك الأخبار كما لا يخفى.

ولذلك جعل صاحب «المدارك» هذه الرواية دليلاً على أنّ التسليم مندوبٌ، فيجوز إتيان المنسي قبل التسليم.

كما حملها صاحب «الجواهر» على احتمال أنّ المراد هو إتيان المنسيّ بعد تسليم الواجب وقبل تسليم المندوب المتكرّر؛ و وجهه بقوله: إنّ من المعلوم أنّه يُستحبّ بعد التسليم عن الصلاة بالواجب، إتيان التسليم المندوب، و أنّ إطلاقه عليه شايع في الأخبار.

ثمّ قال أخيراً: (والأمر سهلٌ لعدم العامل به، إذ هو لا يوافق أحد المذهبين المتقدّمين...). البحث عن نسيان التشهد في الفريضة

أقول: وكيف كان، فالأقوى ما عليه المشهور المعتضد بالأخبار الكثيرة المعتبرة بإتيان قضاء السجدة بعد الصلاة لا في أثنائها، والله العالم.

هذا تمام الكلام في السجدة المنسيّة وما يترتّب عليها من الأحكام.

 


[1] فقه الرضا: ص115، مستدرك وسائل الشيعة: ج4 / 461 ح5162.
[2] تهذيب الأحكام: ج2/156 ح67، الوسائل، ج4 الباب16 من أبواب السجود، الحديث 1.
[3] الوسائل، ج4 الباب14 من أبواب‌السجود، الحديث 7.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo