< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/09/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حكم نسيان التشهّد الأخير

 

الأمر الثالث: بما عن «الرياض» من أنّ الأصل يقتضي الفساد، وإنّما خرجنا عنه في مثل المقام بالإجماع، وهو هنا يفيد الإتيان به بعد الصلاة، فيتعيّن حينئذٍ الإتيان به.

فأجاب عنه صاحب «الجواهر» بقوله: (يدفعه: منع أنّ المدرك هذا الإجماع، بل عموم ما دلّ على أنّ نسيان غير الركن غير مفسدٍ للصلاة، كقوله عليه‌السلام: «لا تعاد الصلاة» إلى آخره. ونحوه من إطلاق الإجماعات وغيرها، على أنَّه لم يعلم من القائل بوجوب القضاء، أنّ الصحّة متوقّفة عليه، بل قد يقول إنّه واجبٌ لنفسه كما هو الظاهر من عدم البطلان بتخلّل الحدث ونحوه)، انتهى كلامه[1] .

أقول: لا يخفى أنّ القائلين بوجوب القضاء في التشهّد وأبعاضه لم يتّحدوا في دعواهم على نسقٍ واحد؛ لأنّ منهم من لا يقول بوجوب القضاء في التشهّد المنسيّ إذا كان من المتوسّط، بخلاف المنسيّ في الأخير، فإنّ فيه وجوب القضاء، ويقول بأنّ قضاءه كان بالأمر الأوَّل لا بأمرٍ جديد، فإتيانه بعد السلام ليس باعتبار أنَّه قد خرج من الصلاة ، فلذلك يحكم بالبطلان مع تخلّل الحَدث بينه وبين الصلاة؛ ولازمه توقّف صحّة صلاته على إتيان المنسيّ بلا فصلٍ بينه وبين الصلاة، وبلا تخلّل الحدث ونحوه بينه.

هذا كما عن سيّدنا الخوئي، فقد صرّح بذلك في كتاب «مستند العروة» ذيل المسألة الرابعة في قضاء الأجزاء المنسيّة[2] .

نعم، تصحّ هذه الدعوى عند من يقول بوجوب قضاء التشهّد وأبعاضه مطلقاً، سواء كان في الوسط أو الأخير، وكان حكم وجوب القضاء عنده بأمر ثانٍ وجديد، لا بالأمر الأوَّل .

و عليه، فإثبات البطلان بالتخلّل بالمنافي لا يخلو عن إشكال، خصوصاً إذا كان المنسيّ من التشهّد المتوسّط لا الأخير، لاحتمال كون وجوب القضاء حينئذٍ تكليفيّاً فقط لا مع الوضعي حتّى يوجب البطلان، ولذلك قال بعض الفقهاء كالعلاّمَة البروجردي وغيره بالاحتياط وجوباً باستيناف الصلاة مع تخلّل الحدث بينه وبين الصلاة، كما هو أيضاً مختارنا.

أقول: و يظهر من جميع ما ذكرنا، ضعف ما جعله السيد الخوئي ثالثاً في كلامه، ورابعاً هنا بقوله: (إنّ التشهّد اسم للمجموع، فحيث لم يأت ببعضه لم يأت به)؛ هذا كما في «الجواهر»[3] .

وقد أورد عليه: بأنّا نمنع دخوله تحت اسم التشهّد، و لو سلّمناهُ فهو مع الإتيان بالبعض لم يصدق عليه أنَّه نسى التشهّد ، كما لا يصدق عليه أنَّه جاء بالتشهّد، بل هو واسطة بين الأمرين، كما هو مقتضى كونه اِسماً للمجموع، فتأمّل جيّداً.

قلنا: ولا يخلو ما ذكره عن تأمّل، لأَنَّه عرفاً مختلفٌ، إذ قد يطلق عنوان و اسم (التشهّد) على معظم الأجزاء في الطرفين، أي من الإتيان والنسيان، كما لو نسى الشهادتين دون الصلاة على النّبيّ والآل، حيث إنّ العرف يتسامح فيه و يقول إنّه قد نسى التشهّد، كما أنَّه إذا جاء بهما أيضاً يتسامح فيه العرف و يطلق القول بالإتيان، وإن كان بحسب الحقيقة إذا أطلق على المجموع وأُريد منه ذلك يصحّ ما قيل، إلاّ أنّ ذلك لا يستلزم وجوب إتيانه حتّى بعد الصلاة، لأنّ ترك الأجزاء ليس بأعظم من ترك نفس التشهّد، مع أنَّه لو ترك المجموع لم يحكم بوجوب قضائه إلاّ بالدليل، فضلاً عن أبعاضه.

و الجواب أوّلاً: إنّه قد يستدلّ لوجوب القضاء في الأبعاض، كما يجب في نفس التشهّد، برواية حكم بن حكيم، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة، أو الشيء منهما، ثمّ يذكر بعد ذلك؟ فقال: يقضي ذلك بعينه ، فقلت: أيعيد الصلاة؟ قال: لا»[4] .

بأن يكون مدلول هذا الخبر دليلاً خامساً لوجوب القضاء في الأبعاض، بأن يجعل جملة: (يقضي ذلك) بعينه قرينةً على أنّ المراد من جملة: (ثمّ يذكر بعد ذلك) أي بعد مضيّ محلّ تداركه، و إلاّ لم يصدق عليه القضاء، فيكون المراد حينئذٍ إتيان المنسي لما بعد الصلاة، سواءٌ كان المنسي من أبعاض التشهّد الأوَّل أو الثاني، ويكون دخول أبعاض التشهّد في حكم وجوب القضاء، بواسطة جملة: (أو الشيء منها) الشامل بإطلاقه لأبعاضه أيضاً، فلازم ذلك هو الحكم بالقضاء في عموم أجزاء الصلاة عدا ما خرج بالدليل بأَنَّه لا يجب فيه ، مع أنّ الأمر عكس ذلك عند أهل الفتوى؛ أي الأصل عندهم هو عدم القضاء إلاّ ما قام الدليل على وجوب القضاء فيه كالسجدة الواحدة عند الكلّ، أو التشهّد المتوسّط عند الأكثر؛ لما قد عرفت من مخالفة سيّدنا الخوئي فيه.

 


[1] الجواهر، ج12 / 291.
[2] مستند العروة، ج6 / 303.
[3] الجواهر، ج12 / 292.
[4] الوسائل، ج5، الباب3 من أبواب الخلل، الحديث 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo