< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/06/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: بالحمل على أحد من الوجوه الثلاثة

 

أجاب عنه صاحب «الجواهر»: بالحمل على أحد من الوجوه الثلاثة:

الأول: على إرادة وقوع السهو في الأثناء على وجه لم يعلم الإتيان بتمام السورة؛ فكأنّه أراد أنَّه لا يعلم وأنّه نسى في أنَّه هل أتى بتمام السورة أم لا، فحكمَ الإمام بالمُضيّ؛ أي حكم بأَنَّه لا يعتنى بالسهو والنسيان، و صلاته محكومة بالصحّة.

و فيه: هذا التوجيه لا يناسب مع قول السائل: (أقرأ سورةً فأتنبّه وأنا في آخر السورة)، الظاهر في أنَّه قرأها لكن لا يعلم كيفيّة قرائته.

الثاني: أن يحمل مضمون الخبر على أنّه يخشى من فوات الموالاة؛ أي لو أراد الرجوع والإصلاح يخاف فوت الموالاة في القراءة.

يرد عليه: أنَّه كيف يوجب الحكم بالمُضيّ والصحّة؟ مع أنَّه يعلم أنَّه لم يمتثل القراءة بشروطها المطلوبة و بما هو حقّها من الصفات ، مع بقاء محلّها للتدارك.

الثالث: أن يكون الوجه بالمُضيّ لأجل أنّ قراءة السورة مستحبّة كما عن صاحب «الذخيرة» و ليست بواجبة حتّى يجب إصلاحها.

و فيه: الحمل على هذا الوجه بعيدٌ غايته، لأَنَّه حمل على خلاف حكم المشهور، مع ورود الأمر بلزوم (الأخذ بما اشتهر بين أصحابك) في المسألة المختلفة فيها كما لا يخفى.

والذي يمكن أن يقال فيه: بما لم يكن مخالفاً لفتوى الأصحاب، هو أن المراد من السهو هنا هو الشكّ لا النسيان؛ لأنّ هذه الكلمة قد وردت في بعض الأخبار بهذا المعنى كما في رواية محمّد بن مسلم، قال:

«إنّما السهو بين الثلاث والأربع في الإثنتين، (وفي) الأربع بتلك المنزلة، ومن سهى فلم يدرِ ثلاثاً صلّى أم أربعاً واعتدل شكّه...» الحديث[1] .

فمراد السائل هنا أنَّه شرعَ بقراءة سورةٍ، إلاّ أنَّه يشكّ في أنّ ما قرأها كان من أوّلها أم أنه في آخرها، مع أنَّه قد تنبّه وتوجّه إلى ذلك مع كونه في آخر السورة، مثل كلمة (أحد) في سورة التوحيد و هي مذكورة في أوّل السورة و في آخرها، وقد يشك المصلّي أنّه قرأ (أحدٌ) الأوَّل، ليحكم عليه بإتيانه لما بعده، ممّا يعني لزوم الاعتناء بالشك عند الجبران، أم لم يأتِ به ليحكم عليه بأَنَّه قد أتى به، لأَنَّه

قوله قدس‌سره: وكذا لو نسى الركوع وذكرَ قبل أن يسجد، قام فركع ثمّ سجد (1) .في الدليل الدال على وجوب تدارك المنسي

شكّ بعد المضيّ عن محلّه وهو أوّل السورة، فحكمَ الإمام عليه‌السلامبالمضيّ و أنّ عليه أن لا يعتنى بشكّه و الحكم بأَنَّه قد أتى بها لأَنَّه قد يرى نفسه في آخر السورة.

بل لعلّ هذا هو مراد صاحب «الجواهر» في التوجيه الأوَّل، بأَنَّه لا يعلم بأَنَّه قد أتى بتمام السورة أم لا يعلم بالشروع في السورة، ولكن لا يدري كونه في أوّلها أو آخرها؟ فحكمَ الإمام بالمضيّ عمّا بيده.

وعلى هذا لا يكون الحديث مخالفاً لما ثبت في مسألتنا من وجوب الرجوع، لإصلاح الصفات وتحصيل الترتيب، لأنّ مورده غير ما نحن فيه، فالحديث صحيح الدلالة لكن لا علاقة له بما نحن فيه.

(1) إنّ إطلاق كلام المصنّف من كون التذكّر قبل أن يسجد يشمل كون الذكر حال القيام قبل الأخذ بالهوي إلى السجود، وكذلك كون الذكر حال الهُويّ، ولذلك حمل صاحب «الجواهر» العنوان على قبل أن يتحقّق منه مسمّى السجود، ولعلّه أراد بذلك إفهام إطلاق كلام الماتن، والأمر كذلك.

والدليل عليه:

أوّلاً: ما سبق ذكره بأنّ مقتضى القاعدة في الواجبات المركّبة رعاية الترتيب، وتحصيله ما دام لم يلزم تداركه إيجاد مبطل للعمل، كزيادة ركن مثلاً ، أو فصل طويل قاطع، أو إيجاد ما يوجب قطع الصلاة، أو ما يتحقّق به فوت محلّ تداركه، ببيان محلّ تداركه في دليل مثلاً.

و هكذا ثبت الدليل على ما في المتن بحسب عموم القاعدة، وهو الدليل الأوَّل في ذلك .

الدليل الثاني: دعوى الإجماع فيه على حسب نقل صاحب «المدارك» و «المعتبر» و «المفاتيح» و «المصابيح».

والثالث: وجود دليل خاصّ من الأخبار في ذلك:

منها: صحيح عبدالله بن سنان على ما نقله الصدوق بإسناده عنه، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، أنَّه قال:

«إذا نسيتَ شيئاً من الصَّلاة ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً فاقض الذي فاتك سهواً»[2] .

ولكن على حسب نقل الشيخ في «التهذيب» مثله، إلاّ أنَّه جاء بدل كلمة (فاقض)، قوله: (فاصنع الذي فاتك)، و بدل كلمة (سهواً) كلمة (سواء)[3] ، ولذلك اعتمد صاحب «الجواهر» إلاّ على ما نقله الشيخ في «التهذيب» دون ما نقله الصدوق في كتابه «من لا يحضره الفقيه».

وكيف كان، فمن يعتمد على ما نقله الصدوق بكلمة (فاقضِ)، لابدّ أن يستعملها في معنى الإتيان والتدارك بعنوان الجامع الشامل للتدارك في المقام الذي لا يصدق عليه القضاء، للإجماع على عدم مشروعيّة القضاء الاصطلاحي في الركوع، وكذلك يشمل ما ينطبق عليه القضاء بعد الصلاة، مثل نسيان سجدة واحدة حيث يتمسّكون لإثباته بهذا الحديث.

وحيث إنّ ظهور كلمة (فاقض) في القضاء الاصطلاحي ممّا لا يخفى على المتأمّل، مع ملاحظة الإجماع المذكور، اضطر المحقّق الهمداني أن يقول بعد نقل القول بأخذ المعنى الجامع: (وفيه: أنّ ردّ علمه إلى أهله أَوْلى من ارتكاب مثل هذا التوجيه)، انتهى[4] .

أقول: عند التأمّل يتبيّن أنّه لا حاجة إلى هذا التوجيه إن أُخذ بما نقله الشيخ في «التهذيب» بقوله: (فاصنع الذي فاتك سواء)، حيث يكون الخبر حينئذٍ ممّا يدلّ على وجوب التدارك ، غاية الأمر من دون ذِكر قابليّة محلّ التدارك ، فنرجع في تعيينه إلى الدليل الخارج الدال على أنّه إذا ذكر قبل الدخول في الركن فلابدّ من تداركه الفائت أداءً، وإن ذكر بعد الدخول في الركن وفوت المحل، فيحكم بعدم البطلان فيما يكون القضاء فيه مشروعاً عدا الركوع والسجدتين، بإتيان القضاء فيما قد شرّع فيه وذلك كالسجدة الواحدة ، فالخبر المنقول عن الصدوق، المشتمل لإمكان القضاء، ينحصر بواسطة لفظه في خصوص ترك سجدةٍ واحدة دون الركوع والسجدتين والتكبير، و هذا الأمر مستهجَنٌ عند العرف، بأن يطلق اللفظ ويُراد منه فرد واحد، حيث يوجب تخصيص أكثر الأفراد عنه.

ولعلّه لذلك قال المحقّق الهمداني بأنّ ردّ علمه إلى أهله أَوْلى بالنسبة إلى ما نقله الصدوق.

و لعلّ الراوي أو الناسخ أخطأ في نقله، فذكر لفظ (فاقض) بدل (فاصنع).

و عليه، فيكون الدليل بخبر حينئذٍ منحصراً بخبر عبدالله بن سنان على نقل الشيخ في «التهذيب»، والله العالم.

 


[1] الكافي: ج3 / 352 ح5، الوسائل، ج5، الباب10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 4.
[2] من لا يحضره الفقيه: ج1 / 346 ح1007، الوسائل، ج5، الباب23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 7.
[3] الوسائل، ج4، الباب12 من أبواب الركوع في الصلاة، الحديث 3.
[4] مصباح الفقيه، ج15 / 101.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo