< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

93/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المناظر الناظرة في أحكام العترة الطاهرة

 

قوله قدس‌سره: أو الذِّكر في السجود الثاني، أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتّى رَفَع رأسه (1) .

(1) والنسيان في كلّ من الحالات الثلاث، و هي في الذِّكر من السجدة الثانية، أو نسيان نفس سجدة كلّ عضوٍ من الأعضاء السبعة، أو نسيان الطمأنينة في كلّ منها حتّى رفع رأسه، جميعها تكون داخلة في الأدلّة المتقدِّمة الواردة في السجدة الأُولى، وذكرها، والطمأنينة فيها، وهي الإجماع وبعض الأخبار الواردة في الخصوص السجدة، وأيضاً عموم حديث (لا تعاد)، وقد سبق كيفيّة الاستدلال لذلك.

أقول: ثبت من جميع ما ذكرنا، أنّ العمدة في الحجّية في عدم وجوب التدارك:

إمّا لأجل استلزام التدارك زيادة الركن وهو مبطلٌ، فلذلك اغتفر ولم يحكموا بالتلافي و التدارك.

و إمّا لأجل قيام الإجماع على ذلك، المعتضد بنفي الخلاف، وقيام الدليل عامّاً أو خاصّاً على نفي التدارك، كما صرّح بذلك صاحب «الجواهر» ، ونقل ذلك عن صاحب «الدرّة السنيّة» من التصريح بذلك، بعد ذكر النسيان في جميع ما ذكره المصنّف، بقوله على ما هو المحكي عنه على ما عن صاحب «الجواهر» ـ : (لأَنَّه إذا دخل في ركن فلا يغتفر زيادته، و إلاّ فقد أجمعوا على عدم التدارك).

فرع: بعد الوقوف على حكم نسيان الأُمور الثلاثة المذكورة من عدم التدارك، تصل النوبة الى أنَّه لو تدارك في غير ما يستلزم زيادة ركن، مثل ما لو تدارك ما يستلزم زيادة سجدة واحدةٍ فقط لا سجدتين حتّى يوجب زيادة ركن، فهل يوجب ذلك البطلان أم لا؟

والتحقيق: أنَّه لو تدارك مع العمد، فيستلزم زيادة سجدة عن عمد، وهو موجب للبطلان، وإن كان عن سهو صحّت صلاته، لكن يجب عليه سجدتي السهو، لأَنَّه ثابت لكلّ زيادة تدخل على الصلاة أو نقصان.

قوله قدس‌سره: الثاني: مَن نسى قراءة الحمد حتّى قرأ السورة، واستأنف الحمد وسورة (1) .في وجوب تدارك ما ترك نسياناً

وحكم الجاهل هنا كحكمه في سائر الموارد، من الإلحاق بالعمد، إلاّ ما خرج بالدليل كالجهل في الجهر والإخفات وغيره، أو القاصر إن قلنا به.[1]

(1) ذكرنا في صدر البحث أنّ ترك بعض أجزاء الصلاة سهواً يكون على ثلاثة أقسام:

قسمٌ: لا يتدارك، ولا يوجب على الساهي شيئاً ، وقد مضى بحثه بالتفصيل.

و قسم ثانٍ: هو ما إذا ترك سهواً جزءاً قابلاً لأن يتدارك، فلا يجب عليه شيء وهو القسم الثاني من الأقسام الثلاثة و اليك تفصيله:

لو ترك المصلّي قراءة بعض اجزاء الصلاة، كما لو نسى قراءة الحمد حتّى قرأ السورة فتنبّه، فلابدّ من تداركها باستيناف الحمد والسورة، و هذا التوجيه للمراد من المسألة هو الموافق لما جاء في «المبسوط» و «السرائر» و «النافع» و «القواعد» و «الإرشاد» و «المنتهى» وغيرها، بل في «الجواهر» أنّ ظاهر «الغنية» الإجماع عليه، بل في «الرياض» بلا خلاف يظهر، بل صرّح بقيام الاجماع بعض من تأخّر.

أقول: الدليل الأوّل على هذا الحكم هو الاجماع، كما ظهر دعواه ممّن ذكرناههم.

الدليل الثاني: أنّ الحكم المذكور مطابق للإطلاقات والقاعدة، لأنّ مقتضى الإطلاقات الأوّلية وجوب الإتيان بكلّ ما هو واجبٌ بحسب الأخبار الدالّة على ذلك ، مثل قوله عليه‌السلام: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب».

مع أنّ القاعدة التي تقول بأنّ مقتضى التركيب لزوم الإتيان بالشيء على حسب ترتيبه المشروع، ولا يحصل ذلك الترتيب إلاّ بالاستيناف ـ كما في المتن ـ مبنيّة على دلالة بعض الأخبار عليها بالصراحة:

منها: خبر أبي بصير، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجلٍ نسي اُمّ القرآن؟ قال: إنْ كان لم يركع فليُعِد أُمّ القرآن»[2] .

حيث يستفاد منه كونه في الصلاة الواجبة جملة (لم يركع) مع الجملة التى تفيد الأمر بالإعادة الدالّة على الوجوب التكيفي لا الشرطي، يشمل مطلق المأمور به حتّى المندوب؛ لأنّ الصلاة المندوبة بنفسها مستحبّة، فكيف يجب إعادة الفاتحة تكليفاً، فلابدّ أن يكون الوجوب فيها شرطيّاً نظير الطهارة، فلابدّ أن يكون الأمر بالإعادة حينئذٍ مستعملاً في أصل الطلب، نظير ما ورد: (اغتسل للجمعة والجنابة)، ولعلّ لذلك اختصّت الرواية بالواجبة فقط.

و منها: مضمرة سماعة، قال: «سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب؟ قال: فليقُل أستعيذُ بالله‌ من الشيطان الرجيم ، إنّ الله هو السميع العليم، ثمّ ليقرأها ما دام لم يركع، فإنّه لا صلاة له حتّى يقرأ بها في جهرٍ أو إخفات، فإنّه إذا ركع أجزأه إن شاء الله»[3] .

نعم، هنا رواية يتوهّم منها خلاف ذلك؛ أي الحكم بالمضيّ في الصلاة رغم نسيان القراءة، وهي رواية علي بن جعفر، عن أخيه عليه‌السلام، المنقولة عن «قُرب الإسناد»، قال:

«سألته عن الرّجل افتتح الصَّلاة، فقرأ سورةً قبل فاتحة الكتاب، ثمّ ذكر بعدما فرغ من السّورة؟ قال: يمضي في صلاته، ويَقرأ فاتحة الكتاب فيما يَستقبل»[4] .

بناءً على أنّ المراد من جملة: (فيما يستقبل) قراءة الفاتحة في الركعات اللاحقة لا الركعة التى نسي فيها القراءة.

قلنا: قد يجاب عنه بأُمور:

الأول: بأَنَّه لو أخذ بظاهره من كفاية هذه الصلاة بلا فاتحة الكتاب، لزم منه صحّة ما قاله صاحب «الجواهر» بقوله: (فلم أعثر على عاملٍ به). ولذلك لابدّ من حمله على ما لا يوجب طرده.

الأمر الثاني: يمكن حمله على إرادة أنّ المصلّى تذكّر بعدما فرغ من السورة وركع، لأنّ بعد الفراغ عن السورة عنوانٌ عام قابل للانطباق على صورتين: صورة قبل الدخول في الركوع، وكذلك صورة ما بعد الدخول فيها، فيُحمَل على الثاني، لئلاّ يوجب خلاف الإجماع، فضلاً عن أنّه معارضٌ مع لسان الأخبار الدالّة على وجوب أن تكون قراءة الفاتحة قبل السورة.

الأمر الثالث: بأن يجعل الواو في: (ويقرأ فاتحة الكتاب)، حاليّة، أي بأن يمضي في صلاته في حال كونه مبتدءاً فاتحة الكتاب فيما يستقبل في الركعة الّتى هو فيها لا في الركعات الآتية، فحينئذٍ يطابق مضمون هذه الرواية مع فتوى الأصحاب، وما دلّت عليه الأخبار قبله.

أقول: وهذا هو الأوْجَه عندنا، كما يظهر عن صاحب «مصباح الفقيه» قبوله[5] ، لأنّ جملة: (بعد الفراغ) ظاهرة في الأوَّل دون الثاني كما لا يخفى.

و أيضاً: ممّا ذكرنا يظهر ضعف من توهّم دلالة الحديث على كفاية الحمد فقط دون السورة بعده، لأَنَّه لا إطلاق له بذلك، وليس بصدد بيان ذلك.

 

موضوع: فروع تتعلّق بصلاة ناسي الحمد

 

الفرع الأوَّل: لا يخفى أنّ ملاك إمكان التدارك غير مختصٍّ بخصوص ما ورد في كلام الماتن، من حصول التذكّر بعد قراءة السورة؛ لوضوح أنّ مقتضى القاعدة في كلّ واجب مركّب هو الإتيان بأجزائه مترتّباً مع إمكان تداركه، وعدم فوت محلّ تداركه، و معلوم أنّ صدق فوت محلّ قراءة فاتحة الكتاب ليس إلاّ بعد الدخول والوصول إلى حَدّ الركوع، فما لم يصل إلى ذلك الحَدّ يكون محلّ التدارك باقياً فيجب الاتيان بالفائت.

ومن ذلك يظهر أنَّه يجب تداركها لو تذكّر في أثناء السورة فرفع يده عنها، فعلى هذا لم تكن عبارة المصنّف منافية مع ما قلنا في إمكان التدارك، وكان ما ذكره المصنّف بيان مصداق من مصاديق النسيان القابل للتدارك، لا بيان اختصاص الحكم به.

الفرع الثاني: الكلام في أنَّه إذا استأنف الحمد، فهل يجب عليه استيناف السورة ، أم يجوز الاكتفاء بالسورة التي قد أتى بها قبل ذلك؟

الظاهر هو الأوَّل، لأَنَّه مقتضى مفاد الأدلّة الأوّلية، من لزوم كون السورة بعد الحمد، فلو اكتفى بما سبق لزم مخالفة ذلك الدليل، ولا يجوز ذلك إلاّ أن يقوم دليل آخر من الشارع على الكفاية وهو هنا مفقود، فلابدّ حينئذٍ من إعادة السورة وهو المطلوب، ولذا قال صاحب «الجواهر»: (نعم، لم أجد مخالفاً في وجوب إعادة السورة، مع التصريح به في خبر الرضوي).

 


[1] هذا خاتمة دروسنا، و كان ذلك في آخر شهر رجب الخير سنة ألف و اربعماءة و خمسة و ثلاثين هجريّة، و حرّره أقلّ العباد وأضعفهم الحاجّ السيّد محمّد علي ابن المرحوم الحاجّ السيّد السجّاد العلوي الحسيني الاسترآبادي الگُرگاني طاب ثراه، و صلّى اللّه‌ على سيدنا محمد و على آله الطيّبين الطاهرين.
[2] الكافي: ج3/ 347 ح2، الوسائل، ج4، الباب28 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 1.
[3] الوسائل، ج4، الباب28 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 2.
[4] الوسائل، ج4، الباب28 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 3.
[5] مصباح الفقيه، ج15 / 99.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo