درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
93/01/30
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن عنوان الزيادة و ما يُحقّقها الزيادة و كيفيّة تحقّقها
قال مصنّف هذا الكتاب رحمهالله: إنّ الغُلاة والمفوّضة لعنهم الله يُنكرون سهو النّبيّ صلىاللهعليهوآله، ويقولون لو جاز أن يسهو في الصّلاة، جاز أن يسهو في التبليغ،
لأنّ الصلاة عليه فريضة، وهذا لا يُلزمنا، وذلك لأنّ جميع الأحوال المشتركة يقع على النّبيّ صلىاللهعليهوآله فيها ما يقع على غيره، وهو متعبّد بالصلاة كغيره ممّن ليس بنبيٍّ، وليس كلُّ من سواه بنبيّ كهو، فالحالة التي اختصّ بها هي النبوّة والتبليغ من شرائطها، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة، لأنّها عبادة مخصوصة، والصلاة عبادة مشتركة، وبها يثبت له العبوديّة، وبإثبات النوم له عن خدمة ربّه عزَّ و جلّ من غير إرادة له وقصدٍ منه إِليه، نفي الربوبيّة عنه، لأنّ الذي لا تأخذه سِنَةٌ ولا نومٌ هو الله الحَيّ القيّوم، وليس سهو النّبيّ صلىاللهعليهوآله كسهونا؛ لأنّ سهوه من الله، وإنّما أسهاه ليعلم أنَّه بشرٌ مخلوق فلا يُتَّخَذ ربّاً معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السّهو متى سهَوْا، وسهوُنا من الشيطان، وليس للشيطان على النّبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم سلطاناً، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، وعلى مَن تبعه مِن الغاوين.
ويقول الدافعون لسهو النّبيّ صلىاللهعليهوآله: إنّه لم يكن في الصّحابة من يقال له ذو اليدين، وأنّه لا أصل للرجل ولا للخبر.
كذبوا، لأنّ الرجل معروفٌ، وهو أبو محمّد عُمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين، فقد نقل عنه الموافق (المؤالف خ) والمخالف، وقد أُخرجت عنه أخباراً في كتاب «وصف قتال القاسطين بصفّين»، وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله، يقول: أوّل درجة في الغلوّ نفي السّهو عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولو جاز أن تُردّ الأخبار الواردة في هذا المعنى، لجاز أن تُردّ جميع الأخبار ، وفي ردّها إبطالُ الدِّين والشريعة، وأنا أحتسب الأجر في تصنيف كتابٍ منفردٍ في إثبات سهو النّبيّ صلىاللهعليهوآله، والرّد على مُنكريه إن شاء الله تعالى)، انتهى كلامه[1] .
أقول: قد عرفت أنّ المختار ما ذهب إِليه الفقهاء والأعلام من الصدر الأوَّل إلى زماننا هذا؛ لأنّ قبول ذلك عن مثل المعصومين عليهمالسلام يوجب التضعيف في تبليغ رسالتهم وإمامتهم، حتّى وإن قلنا بإسناد السهو فيهم إلى الله تعالى، لأنّ مجرد هذا الاحتمال يعني امكان وقوع السهو في بيان الأحكام ولا طريق لنفيه، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ الامام عليهالسلام نفى في صحيحة زرارة قيامه صلىاللهعليهوآله بسجدتي السهو حيث إنّ نفيه عنه نفيٌ لأصل صدور السهو عنه صلىاللهعليهوآله ، فاللاّزم حينئذٍ حمل هذه الأخبار على التقيّة، لأنّ العامَّة لا يعتقدون للنبيّ صلىاللهعليهوآله هذه الدرجة والمقام، بل يقولون في بعض الموارد بما يفهم منه أفضليّة بعض الصحابة على النّبيّ صلىاللهعليهوآله، ومَن أراد الوقوف على صدق هذا الكلام مصادر أهل السُّنة.
هذا كلّه مضافاً إلى أنّ خبر سعيد الأعرج المذكور في كلام الصدوق المشتمل على نوم رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى طلعت الشمس، وكذا خبره في «الوسائل» وهنا من نسبة السهو اليه خبرٌ ضعيف من حيث السند، لأنّ سعيد الأعرج لم يوثّقه أصحاب الرجال وحاله مجهول، فلا يمكن الاعتماد عليه في صحّة وقوع أصل القضيّة، حتّى يعارض مع ما في صحيحة زرارة من نفي وقوع سجدتي السهو عنه صلىاللهعليهوآله، المُصدّر بكلمة (قطّ) المؤكّدة للنفي، رغم أنّ أصل وقوع السهو عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهمذكورٌ في أخبارٍ متعدّدة بعضها صحيح، من حيث السند، ولذلك يلاحظ في كلمات الأصحاب من حمل الرواية على التقيّة لأجل تنافيها مع مقام العصمة والنبوّة كما لا يخفى على المتأمّل، لأَنَّه كما ذكرنا سببٌ لاحتمال سراية السهو الى سائر الأحكام؟ فنسقط أحكامه وتشريعاته عن الاعتبار و لو بنحو الموجبة الجزئية، و حاشاه و هو صلىاللهعليهوآلهمعصومٌ عن الخطأ و الزّلل، فقد عَصمه الله و نفى عند السهو و النسيان و الخطأ في قوله و فعله صلىاللهعليهوآله. عصمنا الله و جميع الفقهاء عن الزلل و الخطأ.