< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

92/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم ناسي السجدتين حتّى تجاوز

 

أقول: جواب هذا المحقّق الفطيم رغم قوّته لم يرفع المشكلة من أساسها، لأَنَّه على فرض تسليم كون الركعة الزائدة غير مبطلة للصلاة، وسلّمنا تجويز إلغائها عن الصلاة السابقة، وحكمنا بصحّتها وعدم تأثير هذه الزيادة فيها، وسلّمنا أنّ إلغاء الزيادة يوجب الشكّ في اتيانه بالتشهّد و عدمه، بحيث يكون شكّه شكّاً في المحلّ لا شكّاً بعد التجاوز عنه، فلابدّ حينئذٍ من العمل بمقتضى أصالة عدم الإتيان المستلزم للحكم بوجوب قضاء التشهّد عليه ، لكن يبقى الكلام حينئذٍ في أنّ إتيان التشهّد مع التسليم الذي هو كلامٌ آدمي، هل يمكن إتيانه في صلاة النافلة دون أن يبطلها؟ الموضوع: حكم ناسي السجدتين حتّى تجاوز

فلو قيل بأنّه يوجب البطلان ، كان مخالفاً لظاهر الرواية، حيث جاء فيها قوله عليه‌السلام: (ويصلّي ركعتين وهو جالس، ويضيفهما إلى الخامسة، فتكون نافلة)؛ حيث إنّها تدلّ على أنَّه داخل في صلاة النافلة ولم تكن باطلة.

وإن قيل لا توجب هذه الزيادة البطلان، يقع السؤال عن أنّه: هل يجوز إتيان جزء منسي من واجبٍ في أثناء صلاة النافلة، دون أن يستلزم هذا الفصل بطلانها؟!، وهو وإن كان أمرٌ ممكن الالتزام به، إلاّ أنَّه يحتاج إلى قيام دليل يدلّ عليه غير هذا الخبر؛ لأنّ الاستدلال به لاثباته يشبه المصادرة على المطلوب، لأنّ موضوع الخبر عن كيفيّة دلالة الحديث بالنسبة إلى الزيادة، و هل هي مخلّةٌ بالصلاة أم لا؟ وهل يمكن إلحاق التشهّد بالصلاة السابقة أم لا؟ نعم، هذا الحديث مؤيّد لمختاره من أنّ الزيادة إذا وقعت بعد التشهّد في الرابعة أو بعدما جلس بقدره، كانت صلاته صحيحة، فيلحق التشهّد المشكوك فيه إلى صورة المتحقّق منه عن طريق جريان أصالة الصحّة في الصلاة، ولم نعمل بمقتضى أصالة عدم ذلك، و إلاّ لزم البطلان، لأنّ إتيان التشهّد بعد الزيادة لا يوجب صحّة الصلاة السابقة من خلال الروايات السابقة الدالّة على هذا التفصيل، كما لا يخفى.

و بملاحظة هذه المناقشات اعتبر صاحب «الجواهر» هذا الخبر جعله مُعْرَضاً عنه عند الأصحاب لأنّ الأصحاب في حكم هذه المسألة على قولين:

القول بالبطلان مطلقاً، سواءٌ كان قد جلس في الرابعة بقدر التشهّد، أو أتى مع التشهّد أو لم يجلس.

أو القول بالتفصيل من الصحّة لو علم الجلوس بأحد الوجهين، والبطلان مع عدمه.

وأمّا صورة ما لم يعلم الجلوس، وكان شاكّاً فيه كما هو مضمون خبر محمّد بن مسلم، فلم يأخذ به أحدٌ من الأصحاب فيكون معرضاً عنه عند الأصحاب ومطروداً، ويخرج عن العمل به لمخالفته مع القواعد الثابتة المقرّرة عند الفقهاء.

ومنه يظهر عدم تماميّة ما قال صاحب «مصباح الفقيه» في حقّ هذا الخبر، من أنّه: (لا يجب تطبيق النصّ على القواعد، بعد وضوح أنّ مثل هذه القواعد غير آبيةٍ عن التخصيص، وليس الفرع الذي تضمّنته الصحيحة معنوناً في كلماتهم حتّى يناقش فيه بمخالفته الإجماع...)، انتهى محلّ الحاجة[1] ؛

لأَنَّه من الواضح أنّ العمدة في هذه المسائل تطبيقها على القواعد الثابتة، و إلاّ لولا ذلك لما كانت الطرق المحتملة مغلقة أمام أهل التحقيق، و الله العالم.

أقول: بعد الوقوف على حقيقة هذه الصحيحة من جهة الإعراض، فهنا روايتان على أعرض عنهما الأصحاب بأشدّ من إعراضهم عن الأولى:

الأولى: ما رواه الشيخ عن زيد بن علي، عن آبائه، عن عليّ عليهم‌السلام، قال: «صلّى بنا رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهالظهر خَمس ركعات، ثمّ انفتل، فقال له القوم: يا رسول الله‌ هل زِيدَ في الصَّلاة شيءٌ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صلّيتَ بنا خمس ركعات. قال: فاستقبل القبلة، وكبّر وهو جالس، ثمّ سجد سجدتين، ليس فيهما قراءة ولا ركوع، ثمّ سَلَّم، وكان يقول هما المُرغِمتان»[2] .

و الثانية: ما رواه صاحب «صحيح مسلم» و«سنن البيهقي»، عن ابن مسعود:

«أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله صلّى بنا خمساً، فلمّا أخبرناه انفتل فسجد سجدتين ثمّ سلّم، وقال: إنّما أنا بشرٌ أنسى»[3] .

 


[1] الوسائل، ج5، الباب19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 9.
[2] تهذيب الأحكام: ج2 / 346 ح37، وسائل الشيعة: ج8 / 233 ح10516.
[3] صحيح مسلم، ج1 / 401 / 92، وسنن البيهقي، ج2 / 342.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo