< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

92/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم ناسي السجدتين حتّى تجاوز

 

لأنّا نقول: إنّ هذا التوجيه غير وجيه، لأنّ جريان تلك الأُصول إنّما يُجزي فيما إذا لم يعارضه حجّة أخرى من أصلٍ أو دليلٍ، كما في المقام، حيث إنّ أصل عدم الزيادة عن الواحدة يعارضه أصالة عدم تحقّق السجدة الواحدة بلا ضميمة مع الاُخرى؛ لأنّ كلّ واحد من الأصلين العدميين يترتّب عليه أثر من عدم وجوب الإعادة لو فرض عدم المتروك هما السجدتان، أو عدم وجوب القضاء لو فرض عدم المتروك سجدة واحدة، فمع التعارض بين الأصلين لا يمكن الحكم بأحدهما للعلم الإجمالي بتحقّق أحدهما، فلا محيص من الحكم بقطع الصلاة والاستئناف.

بقي دليل حرمة قطع الصلاة ، لكنّه ليس له مستندٌ إلاّ الإجماع، و هو دليل لبّي و لا يشمل المورد، لأَنَّه لا إطلاق له فيكتفى بالقدر المتيقّن منه، وهو في غير المقام ، فينتج حينئذٍ صحّة ما في الرواية من لزوم الاستئناف، لتحصيل القطع بالفراغ، إن أُريد من الاستقبال لزوم تحقّقه في أثناء الصلاة، و إلاّ يحتمل أن المراد من الاستقبال هو الحكم بالمُضيّ مع الشكّ وإتمام الصلاة، ثمّ الإعادة بعد الإتيان بقضاء السجدة المنسيّة ثم اتيان سجدتي السهو، حيث يحصل بها جميعاً العمل بالاحتياط بتمام محتملاته ، ولكن الرواية حينئذٍ تخرج عن مورد بحثنا من بطلان الصلاة بنسيان السجدتين.

ومن ذلك يظهر أنَّه على الاحتمال الأوَّل إذا حكمنا ببطلان الصلاة مع الشكّ بين كون المتروك واحدة أو ثنتين، ففي القطع بالنسيان للسجدتين يكون الحكم بالبطلان بطريق أَوْلى وبالفحوى، كما لا يخفى.

وبالجملة: ثبت ممّا ذكرنا أنّ المستفاد من هذا الحديث حكم ثلاثة مسائل:

الأُولى: البطلان عند الشكّ بين السجدة والسجدتين في المنسي.

والثانية: الصحّة لو كان المنسي سجدة واحدة في جميع الركعات.

والثالثة: البطلان لو كان المنسي السجدتين قطعاً.

غاية الأمر أنّ حكم الأولين ثابتان بالمنطوق، والأخير بالأولويّة وفحوى الخطاب، فتكون الرواية حينئذٍ من الأخبار المؤيّدة لقول المشهور المنصور.

ولكن قال صاحب «مصباح الفقيه»: (والذي يغلب على الظنّ أنّ ما في هذه الرواية من التشويش، وترك التعرّض لجواب السائل فيما فرضه، إلاّ بعد صرفه إلى فرضٍ مغايرٍ له في الحكم، منشؤه التقيّة، وكون حكم نسيان سجدةٍ واحدة في الأوّليّتين مخالفاً لمذهب العامَّة، فيشعر من هذه الرواية أنّ العامَّة كانوا يرون نسيان السجود في الاُولتين موجباً للإعادة مطلقاً بخلاف الأخيرتين... إلخ)[1] .

أقول: لا يخفى ما في كلامه من البُعد:

أوّلاً: لم يثبت ضرورة العمل بالتقيّة في عصر الرِّضا عليه‌السلام.

وثانياً: أنّ ظاهر سؤال السائل بإتيان لفظ (السجدة) بصورة النكرة، كونها واحدة، ولكن الإمام عليه‌السلامبادرَ بذكر حكم صورة الشكّ بين الواحدة والثنتين بالبطلان لأجل إفهام أنَّه مع ترك الواحدة لا يلزم الاستقبال حتّى في الركعتين الأوّليّتين على خلاف زعم العامَّة ، كما لا يلزم ذلك في الأخيرتين، وقد عرفت دلالتها بالبطلان في صورة القطع بترك السجدتين نسياناً بالفحوى، فحينئذٍ لا نحتاج إلى حمل الرواية على التقيّة كما أشار إِليه.

هذا كلّه تمام الكلام فيما لو كان البحث عن حكم المسألة بحسب القاعدة، إلاّ أنّ الرجوع إلى فتوى الأصحاب ولسان بعض الأخبار في أشباه المورد هو الحكم بصحّة الصلاة عند الشكّ بين صحّة الصلاة وعدمها، كما لو شكّ أنَّه هل أتى بالركوع أم لا، وكان شكّه بعد الدخول في السجدة، فإنّ حكمه أن لا يلتفت الى الشّك ويحكم بصحّة الصلاة، لأَنَّه شكٌّ بعد تجاوز المحل، و مثله لا يلتفت اليه، وهكذا عند الشكّ في سائر الأركان، والمقام أيضاً منه، لأَنَّه إذا فرض أنَّه شكّ في أنَّه نسى سجدة واحدة لتكون صلاته حتّى صحيحة أو سجدتان لتكون باطلة، فالمرجع في هكذا شكّ إلى أنَّه هل ترك ما يوجب تركه البطلان أم لا، بعد التجاوز عن محلّه، فيشمله دليل لزوم عدم الالتفات الى الشكّ بعد تجاوز المحلّ، ولعلّ هذا كان سبباً للاعراض عن هذا الخبر في مسألتنا:

إمّا بحملها على التقيّة كما عن المحقّق الهمداني.

و إمّا بحمله على صورة الشكّ في عدد الركعات الموجب للبطلان إذا كان في الركعتين الاُولتين، كما عن صاحب «الوسائل».

و إمّا بحمل جملة (استقبلَت) لما بعد الفراغ من الصلاة و ثم الاتيان بالسجدة لتحصيل الاحتياط الجامع لفراغ الذّمة ، بناءاً على قبول تعارض الأُصول وتساقطها في الأعدام بما عرفت، ثمّ الرجوع بعده إلى استصحاب الصحّة ودليل قاعدة الشكّ بعد التجاوز عن المحلّ، لأنّ الشكّ في شيءٍ إنّما يُعتنى به إذا لم يتجاوز عن محلّه، فعلى هذا يخرج الحديث عن العمل به، ولعلّه السبب في إعراض صاحب «الجواهر» عن ذكره في عِداد أخبار المسألة.

هذا تمام البحث عمّا ما يمكن أن يستدلّ به لإثبات بطلان الصلاة عند نسيان السجدتين.

 


[1] مصباح الفقيه، ج15 / 32.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo