< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

92/08/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع

 

ثمّ إن كان السهو قد تعلّق بركنٍ من الأركان الخمسة من: النيّة، وتكبيرة الافتتاح، والقيام في التكبيرة والمتّصل بالركوع، والركوع، والسجود، حُكم بالإعادة مطلقاً مع أنّ له صورتان:

تارةً: يسهو المكلّف وقد تجاوز عن محلّ تداركه.

وأُخرى: يسهو المكلّف ولكن لم يكن قد تجاوز عن محلّه ، و يمكنه تدارك الفعل الفائت.

و البحث في القسم الأوّل و كلام الماتن محمول على الصورة الأُولى، أي بأن لم يتذكّر حتّى تجاوز عن محلّه، ولعلّه لأجل عدم صدق التدارك وكونه في محلّه لم يصدق عليه الإخلال، حتّى يحكم ببطلانه ووجوب إعادته، ولذلك ألحق صاحب «الجواهر» بكلام الماتن بعد قوله: (أعاد الصلاة) قوله: (إن لم يذكر إلاّ بعد تجاوز المحلّ).

وكيف كان، فإنّه لا فرق في وجوب الإعادة بترك الركن سهواً بين كونه تكبيراً أو غيره، و لابدّ من توجيه أو طرح بعض الأخبار الّتى تحكم بعدم بطلان السهو في التكبير، المفهم عدم كونه ركناً:

منها: خبر الحلبي، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «سألته عن رجلٍ نسى أن يكبّر حتّى دخل في الصلاة؟ فقال: أليس كان من نيّته أن يكبِّر؟ قلت: نعم، قال: فليمض في صلاته»[1] .

إن لم يحمل على صورة الشكّ بقرينة جملة: (أليس كان من نيّته أن يكبِّر).

و منها: خبر سماعة بن مهران، عن أبي بصير، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليه‌السلامعن رجل قام في الصلاة فنسى أن يكبّر فبدأ بالقراءة؟ فقال: إن ذكرَها وهو قائمٌ قبل أن يركع فليكبِّر ، وإن ركع فليمض في صلاته»[2] .

هذين الخبرين و آخرا بهما يجب طرحها أو حملها على ما لا يخالف ما قام عليه الإجماع المحكي على لسان جماعةٍ منّا، بل وجماعة من المسلمين أيضاً عدا الزُّهري والأوزاعي من العامَّة من كونه ركناً، وإن وقع الخلاف في ركنيّة الركوع كما سيأتي في محلّه، هذا إذا تذكّر بعد التجاوز عن المحلّ.

وأمّا لو تذكّر قبل التجاوز عن المحلّ فلا بطلان، بل عليه أن يأتي به ، (بلا خلاف أجده فيه) كما اعترف به العَلاّمَة في «المنتهى» بقوله:

(لو أخلَّ بركنٍ في الصلاة سهواً، وكان محلّه باقياً أتى به بلا خلاف بين أهل العلم).

والمراد من المحلّ في غير التكبير هو عدم الدخول في ركنٍ آخر. وأمّا في التكبير هو قبل الدخول في القراءة فإذا قرأ أي دخل في القراءة فإنّه يصدق عليه التجاوز عن المحلّ، فتبطل صلاته كما هو الظاهر من المصنّف هنا، و من «النافع» والعلاّمة في «التحرير» و «المنتهى» وغيرها.

بخلاف غير التكبير حيث إنّه لو تذكّر قبل الدخول في ركنٍ آخر، لم يستلزم البطلان، لأنّ تداركه لم يستوجب زيادة سهويّة قادحة بالصلاة، كما أشار إِليه العَلاّمَة بقوله: (فإنّ الإتيان به ممكنٌ على وجهٍ لا يُؤثّر خللاً ولا إخلالاً بهيئة الصلاة).

ولكن يرد عليه: بالنقض في مثل الرّكوع إذا سهى وتذكّر بعد الإتيان بسجدة واحدة، حيث إنّه قد دخل في ركنٍ آخر، و رغم ذلك فهو غير قادحٍ بالصلاة.

اللهمَّ إلاّ أن يجاب عنه: بأنّ الدخول في الركن هنا لا يصدق إلاّ بعد الدخول في السجدة الثانية، لأنّ السجدتين معاً ركنٌ لا واحدة منهما، ولذلك حكم الفقهاء بعدم قادحيّة زيادة واحدة أو نقصانها كذلك سهواً بالصلاة، و عليه فالنقض مندفعٌ.

نعم، يصدق النقض عليه من جهة أخرى و هو أنَّه إذا فرض كونهما معاً ركناً لا الثانية فقط ، فالدخول في الأوَّل منهما يصدق عليه أنَّه دخل في ركنٍ آخر، إلاّ أن يقوم الدليل على خلافه، كما هو الأمر هنا كذلك كما سيأتي في محلّه إن شاء الله . ولعلّ وجهه هو القول بالفرق:

بين ما تكون زيادته ونقصانه مستلزماً للبطلان حيث لا يكون إلاّ كونهما معاً زيادة أو نقصاً لا بواحدة منها.

وبين صدق الدخول في الركن، حيث لا يكون إلاّ بعد الدخول في الثانية متعقّباً بالأُولى دون الواحدة فقط، فلذلك حكموا بالصحّة لو تذكّر قبل الدخول في الثانية فيأتي بالمنسيّ.

بل ومن ذلك يظهر أنّ المحلّ في المقام يختلف عن المحلّ في المشكوك فيه لما يظهر أنّ التجاوز في المشكوك فيه يكون بعد الدخول في فعلٍ آخر، حيث لا يرجع بل يمضي في صلاته، وإن شكّ قبل الدخول في فعلٍ آخر يأتي المشكوك فيه لكونه في محلّه، كما يدلّ على ذلك الخبر المرويّ عن زيد الشحّام، عن أبي عبدالله عليه‌السلام:

«في رجلٍ شُبّه عليه فلم يدرِ واحدة سجد أو ثنتين؟ قال: فليسجد اُخرى»[3] .

كما يدلّ على صدق التجاوز عن المحلّ بالدخول في غيره، خبر إسماعيل ابن جابر، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، في حديثٍ قال: «إن شكّ في الركوع بعدما سجد فليمض، وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمض، كلّ شيء شُكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه»[4] .

هذا بخلاف السهو في الركن في غير التكبير، حيث يكون محلّه قبل الدخول في ركنٍ آخر.

هذا كلّه إذا كان المسهوّ غير التكبير من سائر الأركان.


[1] و 2 الوسائل، ج4، الباب2 من أبواب تكبيرة الإحرام، الحديث 9 و 10.
[2]  .
[3] و 2 الوسائل، ج4، الباب15 من أبواب السجود، الحديث 2 و 4.
[4]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo