< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

وأمّا في المورد الثاني: وهو بأن يُبقي آية إلى أن يفرغ الإمام من قراءته :

منها: خبر زرارة، قال: «قلتُ لأبي عبداللّه(ع): أكون مع الإمام، فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ الإمام؟ قال: أبقِ آية ومجِّد اللّه واثن عليه، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع»[1] .

فإنَّ إطلاقه شاملٌ لكلا الموردين كما لا يخفى.

ومنها : ما روي في كتاب «فقه الرضا» وقال بعد ذكر الصلاة خلف المخالف تقيّةً: «وأذِّن لنفسک وأقم واقرأ فيها، لأنّه غير مؤتمن به، فإذا فرغت قبله من القراءة ابق آيةً منها حتّى تقرأ وقت ركوعه و إِلاَّ فسبِّح إلى أن يركع»[2] .

 

نتيجة الجمع بين الطائفتين من الأخبار: هو التخيير بين أن يتمّ السورة ثمّ يمجّد اللّه سبحانه وتعالى ويثني عليه، حتّى يفرغ الإمام من القراءة، وبين إبقاء آيةٍ من السورة حتّى يفرغ الإمام عن القراءة، بلا فرق في الحكم بالتخيير بين كون الصلاة خلف المخالف أو الموافق.

واحتمال: الاختصاص بالمخالف فقط، تمسّكاً ومعلّلاً بأنَّ الَّذي يريد التأمّل والصّبر حتّى يفرغ الإمام من القراءة، لابدَّ أن يكون للمصلِّي وقت تسع قراءة الإمام حتّى يعلم موضع قراءة الإمام، وهو لا يكون إِلاَّ في صلاة المخالف، حيث يقرأ المأموم في صلاته، فيعلم حال قراءته فيعمل بوظيفته من التسبيح والتحميد إلى أن يفرغ الامام.

مندفعٌ: بعدم انحصار القراءة به، لإمكان تحقّقه في الموافق بالنسبة إلى القراءة عن المأموم، المسبوق وجوباً، أو في غيره جوازاً، مع وجود أخبار دالّة على ترغيب قراءة التسبيح حال الجماعة إذا لم يسمع قراءة الإمام ولا همهمته، وحتّى مع سماع قراءته يستحبّ للمأموم ذكر التسبيح؛ لما ورد في بعض الأخبار من مَذمَّة السكوت في صلاة الإخفاتيّة، وترک التسبيح، معلّلاً بأنّه لا يقوم كما يقوم الحمار، كما ورد في رواية بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبداللّه(ع)، أنّه قال : «إنّي أكره للمومن أن يُصلّي خلف الإمام صلاةً لا يجهر فيها بالقراءة، فيقوم كأنّه حمار! قال: قلتُ: جُعْلتُ فداک، فيصنع ماذا؟ قال(ع): يُسبِّح»[3] .

 

حيث يستفاد منها كراهة السكوت أثناء القراءة في الصلاة الإخفاتيّة، بل يشتغل بالتسبيح، وهو واضح.

قوله 1: وأن يكون في الصفّ الأوّل أهل الفضل (1).في بيان استحباب كون الصفّ الأوّل أهل الفضل

(1) وقد ادّعى عليه الإجماع في «الرياض» وكذا في «الغنية»، بل في «الحدائق» حكاه عن بعضهم، بل في «المنتهى» نسبته إلى عامّة أهل العلم، وقد استدلّوا عليه بخبر جابر، عن أبي جعفر(ع)، قال: «ليكن الذين يلون الإمام أُولوا الأحلام والنُّهى، فإن نسي الإمام أو تعايى قوّموه، وأفضل الصفوف أوّلها، وأفضصل أوّلها ما دنا للإمام»[4] .

ونحوه المحكي عن كتاب «فقه الرضا»: «وليكن مَن يلي الإمام منكم أُولي الأحلام والنُّهى، فإن نسي الإمام أو تعايى يقوّمه، وأفضل الصفوف أوّلها، وأفضل أوّلها ما قرُبَ من الإمام»[5] .

 

و(الأحلام) جمع (حِلم) بالكسر وهو العقل، ومنه قوله تعالى: (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَذَا)[6] ، و(النُّهى) بالضمّ جمع نُهية كمُدية ومُدى، على ما في «الحدائق»

العقل أيضاً، وتعايى، معناها لم يهتد لوجه مراده، أو عجز عنه، ولم يطق إحكامه.

وقد نوقش في دلالة الحديثين لتمام ما ادّعى في المتن وغيره، إذ الفضل ـ كما في «المدارک» وغيرها ـ المزيّة الكاملة من علمٍ أو عملٍ أو عقل، وولاء الإمام أخصّ من تمام الصفّ الأوّل.

فالعمدة في الدليل هنا ـ في الخارج عن مدلول الروايتين ـ هو الإجماع المحكي، المعتضد بالاعتبار المقرّر هنا، بملاحظة ما ورد في الرواية في فضل الصفّ الأوّل :

منها: ما رواه صاحب كتاب «عقاب الأعمال» مرسلاً، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر 8، أنّه قال: «إنّ الصلاة في الصفّ الأوّل كالجهاد في سبيل اللّه عَزَّ وَجَلَّ»[7] .

 

فيختصّ هذا الموقع بأصحاب الصفات المذكورة، لأنَّ الأفضل للأفضل.

ولكن قد يناقش فيه: بأنَّ ذلک مجرّد اعتبار، لا يمكن أن يجعل مستنداً للحكم الشرعي، كما لا يخفى.

بل قال الشهيد في «الذكرى»: (ليكن يمين الإمام لأفاضل الصفّ الأوّل؛ لما روي أَنَّ الرحمة تنقل من الإمام إليهم، ثمّ إلى يسار الصفّ، ثمّ إلى الباقي، والأفضل للأفضل)[8] .

 

ومنها : خبر المضمر ـ أي لم يذكر فيه الإمام(ع) ـ عن سهل بن زياد بإسناده، قال: قال: «فضل ميامن الصفوف على مياسرها، كفضل الجماعة على صلاة الفرد»[9] .

 


[1] ذكرَ صدره في الوسائل في الباب(ع) من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2. وذيله في الباب8 منها، الحديث 1.
[2] المستدرک الباب(ع) من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.
[4] الوسائل، الباب8 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 5.
[5] البحار، ج18، ص634، الطبعة الحجريّة.
[6] الوسائل، الباب8 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.
[7] كنز العمّال، ج4 ص133 الرقم 2(ص)01.
[8] الجواهر، ج13 / ص265.
[9] الوسائل، الباب58 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1. والمذكور في طبعة «الوسائل»المحقّقة: (العيكل).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo