< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/15

بسم الله الرحمن الرحیم

بل نزيد على ما ادّعينا من محبوبيّة الإعادة، حتّى لِمَن أدّى الصلاة جماعة، ثمّ قام باعادة صلاته الّتى كان قد صلّاها جماعة، لجماعةٍ أخرى لم يكونوا قد صلّوا فريضتهم، فلو كانت الجماعة الثانية غير مطلوبة، لما أذن الشارع بالاعادة، وقد أذن بها في الرواية المرسلة المنقولة عن «السّنن الكبرى»[1] للبيهقي، وقد جاء فيها أنّ معاذاً كان يصلّي مع النَّبيّ (ص)، ثمّ يرجع فيصلِّي بقومه. بل وجاء في رواية أخرى رواها ابن أبي جمهور في «غوالي اللالي» بإسناده عن فخر المحقّقين، عن والده العَلّامَة، أنّه قال: (روي أَنَّ أعرابيّاً جاء إلى المسجد، وقد فرغ النَّبيّ وأصحابه من الصلاة، فقال: ألا رجلٌ يتصدّق على هذا فيُصلِّي معه؟ فقام شخصٌ فأعاد صلاته وصلّى به)[2] .

حيث يستفاد منه أنّه يجوز الائتمام بمن سبق وأنْ صلّى جماعةً بِمَن لم يصلِّ، وأنّها من أبلغ أسباب إيصال الخير إليه، وأنّها صدقةً عليه، فتكون أَولى بالجواز.

كما قد يؤيّد ذلک أيضاً بما رواه صاحب في الكتاب المزبور مرسلاً عن النَّبيّ (ص) :

«أنّه رأى رجلاً يُصلِّي وحده، فقال: ألا رجل يتصدّق على هذا فيُصلِّي معه»[3] .

وهي بإطلاقها تشمل ما لو كان الرجل الَّذي يتصدّق عليه كان قد صلّى صلاته جماعة، ثمّ صلّى معه بالجماعة ثانياً.

فهذه الأخبار رغم ضعف أسانيدها، لكنها تفيد من باب الشاهد والمؤيّد على المدّعى، وقد ذكرها الفقيه الهمداني في «مصباح الفقيه»[4] .

 

والحاصل من جميع ما ذكرنا: إمكان تحصيل رضى الشارع بتكرار صلاة الجماعة ولو مكرّراً، من خلال قصد إيصال الخير إلى الأخ المؤمن في توفيقه الى صلاة الجماعة، وعليه، فإنّ القول بالجواز لا يخلو عن قوّة، لولا الإجماع على عدم الجواز، وإن كان إحراز الإجماع عليه لا يخلو عن وَهن، واللّه العالم.

أقول: لا يخفى أَنَّ المؤيّدات الّتى ذكرناها، رغم أنّ مستندها ضعيفة في نفسها، إِلاَّ أَنَّ انضمام بعضها مع بعض، يرشدنا إلى أنّ الجماعة عند الشارع عملٌ محبوب ومطلوب بصورة الإطلاق، كما أشار اليه الشهيدان، وبذلک يرتفع توهّم أَنَّ العبادة توقيفيّة، ومتوقفة على وصول الإذن من الشارع.

كما أنّه يرتفع بواسطة مجموع هذه الأخبار، توهّم كون الأصل عدم المشروعيّة، فإذاً لا يبقى حينئذٍ دليل قويٌ على المنع يمكن التمسّک به، ولأجل ذلک مال صاحب «الجواهر» إلى الجواز، واستدلّ عليه بالعمومات، ولم يقبل انصرافها إلى خصوص من عنده مفترضٌ، أو من لم يصلِّ صلاته، كما هو الأمر عندنا.

لكنّ من جهة أخرى، أَنَّ الجرأة على مخالفة الأكثر من التوقّف فيه، كالشهيد في «الذكرى» و«المدارک» و«الرياض»، والسيّد في «العروة» وأكثر أصحاب التعليق عليها كالعلّامَة البروجردي، والسيّد الخوئي وغيرهم، والمنع من الآخرين صريحاً كصاحب «الذخيرة» و«الكفاية» و«الحدائق»؛ يُلجئنا إلى التمسّک بالاحتياط في ذلک بعدم التكرار، إِلاَّ فيما يطمئنّ كونه مورد الأخبار والنصوص، خصوصاً بعد وجود النّهي عن اقامة الجماعة في صلاة النافلة.

 


[1] مصباح الفقيه، ج16 / 225.
[2] الوسائل، الباب54 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
[3] غوالي اللالي المنقول في المستدرک، الباب43 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
[4] ـ (6) الوسائل، الباب54 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 8 و 1 و 11 و 10 و 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo