< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

وهنا صورة ثالثة: وهي ما لو شکّ في نوع نيّته، بأن جهل كيفيّة قصده، وهل كانت بالصّورة الأُولى حتّى تكون باطلة، أو بالصورة الثانية حتّى تكون صحيحة، فحينئذٍ يمكن أن يقال بأنَّ الذِّمَّة حيث كانت مشغولة بالصلاة قطعاً، ولابدّ لها من القطع بالفراغ، ولا يحصل ذلک إِلاَّ من خلال القطع بصحّة الجماعة، حيث إنّه يعلم بالاقتداء، ولكن لا يعلم كيفيّته فلا يحصل له حينئذٍ، فلا تكون صلاته صحيحة.

الفرع الثانى: وهو ما لو اقتدى بإمام بالإشارة باعتقاد كونه زيداً، فبانَ أنّه عمرو، ففي «الجواهر» جعل صحّة ذلک مبتنياً على كون الإشارة مقدّمة على الاسم، وإِلاَّ كان باطلاً، ثمّ أضاف ذيله بقوله: (بل ينبغي الجزم به ـ أي بالبطلان ـ لو كان عمرو عنده غير عادل.

لكن ناقش فيه المولى الأعظم في «شرح المفاتيح» من ظهور عدم الاقتداء بعادل، وممّا ورد من صحّة صلاة من اقتدى بيهودي باعتقاد عدالته، ثمّ ظهر فساده.

وأجاب عنه بقوله: لكن لا يخفى عليک ضعف الوجه الثاني؛ لوضوح الفرق بين تخلّف الاعتقاد في الصفة، بعد تشخّص الذّات، وبين تخلّفه بالنسبة للموصوف، بل هو أَوْلى من المسألة الأُولى في البطلان، التي نوى الاقتداء فيها بزيد ثمّ ظهر أنّه عمرو، إنْ كان عدلاً، كما هو واضح). انتهى محلّ الحاجة من كلامه[1] .

 

أقول: لا بأس هنا بذكر الرواية وملاحظة علامتها وارتباطها مع مورد البحث، وقد رواها الشيخ الكليني، بإسناده عن ابن عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (ع): «في قومٍ خرجوا من خراسان أو بعض الجبال، وكان يؤمّهم رجلٌ، فلمّا صاروا إلى الكوفة، علموا أنـّه يهودي؟ قال(ع): لا يعيدون»[2] .

الذي يظهر من كلام المولى الأعظم، اختصاص مناقشته بما إذا كان عمرو عنده غير عادل، فتخلّف هذه الذات عن الّتى قصدها، غير قادح في الصحّة عنده بحسب الظاهر؛ لوضوح أَنَّ منشأ الإشكال هنا هو تخلّف الصفة ـ وهو وصف العدالة ـ على الفرض، وإن كان شخص الذات الذى قصده غير الّذى اقتدى به أيضاً، ولكن العمدة في الفرض عدم كونه عادلاً، مع كون الشخص ـ وهو عمرو ـ من أهل الصلاة ومصلِّياً، بخلاف ما في جاء الرواية، حيث لم يكن الإمام من أهل الصلاة، ورغم ذلک فقد حكمَ الإمام بصحّة صلاتهم، وعدم لزوم اعادة الصلاة، ففي المقام الَّذي كان الإمام من أهل الصلاة ومصلِّياً وقد ظنّوا عدالته باعتبار أنّه زيد، ثم انكشف لهم مخالفته في الذّات والصفة، فلابدَّ أن يحكم بالصحّة بالأولويّة والفحوى، ولعلّه لهذا السّبب تمسّک المولى الأعظم بهذه الرواية لإثبات صحّة الصلاة.

وعلى هذا، يصحّ أن يقال بأنّه لولا الإجماع على بطلان الصلاة في الصورة المفروضة، لكان الحريّ القول بالصحّة في الفرض المفروض، كما مالَ إليه المحقّق الهمداني في «مصباح الفقيه»[3] .

 

أقول: لا يخفى أنّه إن سلّمنا صحّة الصلاة في هذه الصورة التي انكشف فيها عدم عدالته، ففي ثبوت عدالته في هذا الفرض تكون صحّته بطريق أَولى، وقد عرفت الإشكال من وجود الشهرة لولا الإجماع على البطلان، أو على عدم صحّة الجماعة، لو عمل بما هو وظيفته في الفرادى.

اللّهمَّ إِلاَّ أن يُدّعى: بأنَّ مقتضى القاعدة الأوّليّة، فيما إذا انكشف الخلاف في الاسم والصفة، أي ظهر بأنَّ الإمام الَّذي اقتدى به لم يكن زيداً المقصود، زيد، وكذلک انكشف عدم عدالته، هو الحكم ببطلان الصلاة؛ لعدم تطابق الاسم والإشارة مع المشار اليه، واعتماداً على هذا السبب لابدّ من الحكم بالبطلان بحسب القاعدة، فيما لو انكشف أَنَّ الإمام لم يكن مصلِّياً بطريق أَوْلى، لكن نرفع اليد عن هذه القاعدة لأجل وجود النصّ، فلابدَّ من الاقتصار فيما خالف الأصل على موضع النصّ، فلا يمكن التعدّي إلى غيره.

 


[1] الجواهر، ج13 / 236.
[2] مصباح الفقيه، ج16 / 1(ص)3.
[3] الوسائل، الباب2(ص) من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo