< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة مطلق الظن/لا فرق فی نتیجة دلیل الانسداد بین اقسام الظن بالحکم

 

ثم إنه ينبغي هنا التعرض إلى ثلاث نكات:

النكتة الاولي: قال المحقق الآخوند: لافرق في نتيجة دليل الانسداد بين الظن بالحکم من امارة علیه و بین الظن به من أمارة متعلقة بألفاظ الآية أو الرواية كقول اللغوي في ما يورث الظن بمراد الشارع من لفظه و لايخفى: أن اعتبار ما يورثه لامحيص عنه في ما إذا كان ينسد فيه باب العلم فقول أهل اللغة حجة فيما يورث الظن بالحكم مع الانسداد و لو انفتح باب العلم باللغة في غير الموارد.

توضیح کلام المحقق الآخوند:

إن دليل الانسداد كما يقتضي حجية الظن بنفس الحكم فهكذا كان يقتضي حجية الظن بالجهات الدخيلة في الحكم فان الظن بالحكم الشرعي قد يتوقف على قول اللغوي او الرجالي مثلا إن الظن بجواز التيمم على الحجر يتوقف على قول اللغوي في تعيين معنى الصعيد حيث اننا نشك في أن الصعيد هل يطلق على خصوص التراب أو يطلق على مطلق وجه الأرض؟ فإن قال اللغوي بأنه يطلق على مطلق وجه الأرض فحينئذ تدل الآية مع الضم إلى قول اللغوي على جواز التيمم بالحجر و من هنا قلنا بأن تعيين معنى الصعيد كان من الجهات الدخيلة في الحكم و لذا كان الظن به حجة بمقتضى مقدمات دليل الانسداد و إن فُرض إنفتاح باب العلم و العلمي في اللغات دون خصوص هذه اللغة و قد يتوقف الظن بالحكم الشرعي على قول الرجالي مثلا لو وقع في سند الرواية ابن سنان و نحن نشك في أنه كان عبد الله بن سنان أو محمد بن سنان؟ فإن كان من وقع في سند الرواية عبد الله بن سنان فهو ثقة و نحن نظن بالحكم الشرعي من روایته و إن كان من وقع في سنده محمد بن سنان فهو كان ضعيفا و لذا نحن لانظن بالحكم الشرعي منها و لو قال الرجالی بأن هذا الشخص هو عبد الله بن سنان و هو ثقة و نحن نظن بالحكم الشرعي بشهادة الرجالي على وثاقته فيكون هذا الظن بالحكم حجة بمقتضى مقدمات دليل الانسداد فخلاصة الكلام هي أن الظن الحاصل من قول الرجالي أو اللغوي حجة بمقتضى مقدمات الانسداد اذا كان الظن بالحكم متوقفا على الظن الحاصل من قولهما و الوجه فيه ظاهر لأن الظن الحاصل من قولهما كان موجبا لتولد الظن بالحكم الفرعي و لذا قال الشيخ الأعظم (أعلى الله مقامه) في الرسائل: إن كل ظن تولد منه الظن بالحكم الفرعي الكلي فهو حجة من هذه الجهة.

النكتة الثانية: إن كلام الشارع يكون حجة على الحكم الشرعي إذا تمت فيه الجهات الثلاث

الأولى: أصل الصدور

الثانية: دلالة الخبر على مراد الشارع و أنه لم يكن مهملا او مجملا

الثالثة: جهة الصدور يعني إن الشارع لم يكن في مقام التقية مثلا بل إنه كان في مقام إفادة مراده جدا فإن احراز هذه الأمور الثلاثة في ظرف انفتاح باب العلم و العلمي لازم قطعا و لكن الكلام هو أنه يجب أن نحصِّل الظن القوي أو العلم بإحدى الجهات الثلاثة المتقدمة في حال الإنسداد في فرض التمكن من تحصيله أو لا يجب ذلك؟ مثلا إذا وقع في سند الرواية من كان مشتركا بين الضعيف و الثقة و نحن نتمكن من الفحص و الظفر بما يدل على أنه كان هو الثقة فهل یجب الفحص حتى يقوى الظن بصدور الخبر أو لا؟ و هكذا نحن نتمكن من التتبع و الفحص عن القرائن حتی نظفر بما دل علی أن هذا الکلام من الامام علیه السلام صدر عن تقیة أو لا؟ فهل وجب الفحص حینئذ حتي يقوي الظن بأن هذا الخبر لم يكن صادرا عن تقية او لا؟ فقال المحقق الآخوند بوجوب الفحص لان الأصل الأولي كان على تقليل احتمالات الخلاف في الجهات الثلاث المتقدمة و الوجه فيه هو قبح ترجيح المرجوح على الراجح فنحن مع التمكن من تحصيل العلم أو الظن الاقوي لايجوز أن نعمل على طبق الظن الأضعف فكما كان العقل حاكما بتقديم الاطاعة الظنية على الاطاعة الاحتمالية و الوهمية فهكذا كان حاكما بتقديم الاطاعة الظنية بالظن الاقوى كالظن الاطمئناني على الاطاعة الظنية بالظن الأضعف فإن الأصل الأولى هو تحصيل القطع بالواقع فإذا لم يمكن القطع به فنحن نتنزل إلى الظن الإطمئناني فلايجوز عقلا التنزل إلى المرتبة الضعيفة من الظن بعد التمكن من تحصيل المرتبة القوية منه لقبح ترجيح المرجوح على الراجح و ينبغي أن نتذكر أمرا في بيان مراد المحقق الآخوند في المقام و حاصله هو أنه لايتوهم بأن المحقق الآخوند قدس سره أراد أن يقول في المقام بأن الأمارة إذا قامت على وجوب الجمعة و نحن نحتمل الوجوب ستين بالمئة فقد وجب الفحص حينئذ عن القرائن حتى تبلغ درجة الاحتمال إلى ثمانين بالمئة و أنت تعلم بأن الآخوند لم يقصد هذا المعنى قطعا إذ لا معنى لأن نقول بأنه لايجوز العمل بالخبر الموافق للاحتياط الا بعد تحصيل الظن القوي بمطابقته مع الواقع بل إن معنى ما أفاده المحقق الآخوند قدس سره في المقام هو أنه لو بلغت درجة الظن بوجوب صلاة الجمعة إلى ثمانين بالمئة مثلا مع أننا نحتمل بأن درجة الظن بوجوب صلاة الجمعة تقوى بعد الفحص كما أننا نحتمل بأن درجة الظن بوجوب صلاة الظهر صارت اكثر من درجة احتمال وجوب الجمعة بعد الفحص فحينئذ لايكون الظن بوجوب صلاة الجمعة حجة الا بعد الفحص فكان حال الظن بوجوب الجمعة قبل الفحص حال احتمال التكليف في الشبهات البدوية قبل الفحص فإن الاحتمال قبل الفحص ليس بحجة حيث إنه لايجب العمل على طبقه بل يجوز أن نحتاط و نعمل على طبقه كما أنه يجوز الفحص حتى نظفر بما دل على الحكم الترخيصي فإن ظفرنا به فحينئذ لايجب الاحتياط و إن لم نظفر به صار احتمال التكليف حجة و الظن قبل الفحص بناء على رأي المحقق الآخوند قدس سره كان كالاحتمال في الشبهات البدوية قبل الفحص حيث إنه لايكون حجة قبل الفحص و لايجب العمل على طبقه بل يجوز أن نحتاط و نأتي بصلاة الظهر و الجمعة معا كما أنه يجوز الفحص حتى يقوي الظن بوجوب الجمعة فإن صار الظن بوجوب الجمعة قويا أو لانظن بعد الفحص على خلاف وجوب الجمعة فحينئذ كان الظن بوجوب الجمعة حجة يعني لايجب الاتيان بصلاة الظهر و الجمعة من باب الاحتياط بل يكفي الاتيان بصلاة الجمعة لأن الظن بالحكم في حال الإنسداد كان حجة عليه بناء على مسلك المحقق الآخوند قدس سره و هكذا لو ظننا بحرمة لحم الارنب مثلا فإن الظن بها ليس بحجة من دون الفحص يعني لايجب العمل على طبقها بل يجوز أن نعمل بالظن و نحتاط و هکذا يجوز الفحص حتی نظفر بما کنا نظن معه بالحلیة فلو ظفرنا بما كنا نظن معه بالحلية فحينئذ لايجب العمل بالظن الابتدائي القائم على الحرمة و إن لم نظفر بما كنا نظن معه بالحلية بل كان الظن بالحرمة باقيا على حاله فحينئذ كان الظن حجة و يجب العمل به فخلاصة الكلام هي أن معنى لزوم الفحص عن الظن هو عين معنى لزوم الفحص عن الاحتمال في الشبهات البدوية قبل الفحص فكما لايكون احتمال التكليف قبل الفحص حجة بل يجوز أن نعمل به و نحتاط كما يجوز أن نفحص عن الادلة فهكذا كان الظن بالتكليف في حال الانسداد فإنه ليس بحجة حيث إنه يجوز أن نعمل به كما أنه يجوز أن نفحص عن الادلة.

مناقشة الأستاذ (دام ظله) في كلام المحقق الآخوند:

إن هذا الكلام من المحقق الآخوند غير تام بناء علی مسلكنا حيث إننا قلنا بأن نتيجة مقدمات الانسداد هو التبعيض في الحجية و قد مر بان معنى التبعيض في الحجية في كلامنا هو أن العقل بمقتضى العلم الإجمالي يحكم اولا بلزوم الاحتياط في جميع المحتملات الاعم من المظنونة و المشكوكة و الموهومة و نحن نرفع اليد عن الاحتياط فيها بالمقدار الذي اندفع به محذور العسر و الحرج و لذا لايجب الفحص لتقوية الظن لأن مجرد الاحتمال في أن لحم الإرنب حرام مثلا و لم يكن الاحتياط فيه موجبا للعسر و الحرج كاف في حكم العقل بلزوم الاحتياط فیه و لذا لايجب الفحص و تحصيل الظن بالحرمة و لكن هذا الکلام من المحقق الآخوند (قدس سره) تام بنائا على مسلكه لأنه قال بأن العلم الإجمالي منحل للاضطرار إلى أحد الأطراف الغير المعين و العقل يحكم بلزوم الاحتياط بمقدار المعلوم بالاجمال لاندفاع محذور الخروج من الدين و نحن نأخذ من بين الظنون بعد تمامية مقدمات الانسداد، الظن الذي كان حكم العقل بحجيته قطعيا و هو الظن الاطمئناني و لذا ان الأصل الأولي هو الاعتماد على الظن الاطمئناني لأن حكم العقل بالحجية معلق على عدم الردع واقعا و مع احتماله و لو موهوما كان حكم العقل بالحجية منتفيا و لذا يجب أن نأخذ بالظن الاطمئناني الذي كان العقل حاكما بحجيته قطعا فإن لم يفِ بالمقدار المعلوم بالاجمال فنتنزل و نأخذ بما كان احتمال الردع عنه موهوما و على ضوء هذا البيان يظهر تمامية كلام المحقق الآخوند بنائا على مسلكه لأن الأصل الأولى هو وجوب الأخذ بما كان عدم ردعه مقطوعا و لايجوز رفع اليد عما کنا نقطع بعدم الردع عنه و العمل بما كان إحتمال ردعه موجودا و لو موهوما.

ثم إن السيد الحكيم قد ناقش في الحقائق في هذه الدعوى من المحقق الآخوند و قال بما حاصله هو ان الآخوند قال في وجه عدم جواز الاعتماد بالظن الأضعف مع التمكن من تحصيل الظن الاقوى بما هذا نصه: "لعدم جواز التنزل في صورة الانسداد إلى الضعيف مع التمكن من القوي أو ما بحكمه عقلا" فإن هذا التعليل يثبت بأنه لايجوز التعويل على الضعف الأضعف إذا تمكنا من تحصيل الظن الاقوى حقيقة و لكن اذا لم نتمكن من تحصيله حقيقة بل نتمكن من تحصيل الحجة العلمية من دون أن يقوى الظن حقيقة فحينئذ لايحكم العقل بوجوب الفحص لأن المفروض هو أن الظن بالحكم لايقوى بعد الفحص لأننا نتمكن من تحصيل الحجة المعتبرة على وفق ما كنا نظن به و لكن لانتمكن من تقوية الظن بالحكم حقيقة و بالتالي لايحكم العقل بوجوب الفحص في هذا التقدير و فيه: إن هذا الإشكال من السيد الحكيم رضوان الله عليه غير تام و الوجه فيه هو أنه لايحتمل عقلا تقديم الشارع الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره على الظن الذي قام الدليل على اعتباره إذ يلزم من ذلك ترجيح المرجوح على الراجح و هو قبيح و بعبارة واضحة: فكما نقول بأنه لايحتمل عقلا أن يقدِّم الشارع الاحتمال و الوهم على الظن لكونه كان من ترجيح المرجوح على الراجح فهكذا نقول بأنه لايحتمل عقلا ان يقدِّم الشارع الظن الذي لم تقم على اعتباره حجة علمية على الظن الذي قامت على اعتباره الحجة و من هنا ظهر أن ما أفاده السيد الحكيم في المقام غير تام.

النكتة الثالثة: إن الظن بالاشتغال كان حجة بمقتضى مقدمات الإنسداد دون الظن بالفراغ و بعبارة ثانية: إن الظن بثبوت التكليف كان حجة لا الظن بسقوط التكليف و الوجه فيه هو أن باب العلم بالفراغ لم يكن منسدا حتى يجوز الاعتماد فيه بالظن حيث إن المكلف لم يقع في العسر و الحرج لو قال الشارع بلزوم الامتثال عند الظن بالفراغ و من هنا يتمكن المكلف من العلم بالفراغ.

نعم إن الأحكام الشرعية قد أنيطت بالموضوعات الخارجية التي قد يصعب احرازها بالعلم و العلمي فكان الظن حجة في تلك الموضوعات مثلا إن جواز الإفطار و جواز التيمم كانا منوطين بالضرر مع أن باب العلم و العلمي منسد غالبا لإحراز الضرر حيث إن المكلف لايقطع غالبا بأن الوضوء ضرري أو الصوم ضرري مثلا و لايجوز أن نقول بأنه يجب أن يحرز هذا الموضوع بالقطع و اليقين لأن الشارع ليس راضيا به قطعا إذ يلزم منه وقوع المكلفين في الضرر غالبا لان باب العلم لاحراز الضرر منسد غالبا کما مر و الاحتیاط اما غیر واجب شرعا و اما غیر ممکن عقلا کما اذا دار امر صیام شهر رمضان بین الوجوب لو لم یکن ضرریا و بین الحرمة لو کان ضرریا فالامر دار بین المحذورین و لم یتمکن المکلف من الاحتیاط فیه عقلا و لم یثبت الضرر بعلم و علمی و بالتالی کان العقل حاكما بحجية الظن إذ ليس شيئ أقرب إلى الواقع من الظن و من هنا قال الفقهاء: بأن العلم بالضرر غير لازم بل خوف الضرر كاف لجواز التيمم أو الإفطار مثلا و لكن هنا تفصيل ينبغي التعرض اليها في المقام و هو أن خوف الضرر كان على قسمين:

الأول: الضرر الذي يقع به المكلف في المشقة و الصعوبة و لم يبلغ ذاک الضرر إلى حد الحرج أيضا مثل من خاف على نفسه من مرض الزكام فان الخوف من هذا الضرر ليس حرجيا و لذا لايرفع وجوب الوضوء واقعا بل يرفع وجوبه ظاهرا و لو خاف المكلف من الزكام و قد ترك الوضوء لأجل الخوف منه ثم تيمم بالتراب و صلى معه و انكشف الخلاف بعدها بأن قطع بأن الوضوء ليس ضرريا عليه فحينئذ وجب عليه الوضوء و اعادة الصلاة في داخل الوقت أو القضاء في خارجها.

الثاني: خوف الضرر الشديد كمن خلاف على نفسه من الأمراض الصعبة فإن نفس الخوف من الضرر الشديد حرجي و لذا كان الحرج واقعيا و لو انكشف بأن الضرر كان مخالفا للواقع مثلا لو خاف المکلف علی نفسه من الضرر العظيم و لذا قد ترک الوضوء و صلی مع التيمم ثم انكشف الخلاف بعد ذلک فحینئذ لا يجب الاعادة لأن الرفع واقعی لا ظاهری و الوجه فیه هو ان تخیل الضرر الشدید و المعتنی به کان مصداقا للحرج واقعا و نحن لم ندع بان الضرر واقعی حتی یقال بانه تخیل الضرر ثم انکشف له الخلاف بل نحن نقول بأن الحرج كان واقعيا لأن تخيل الضرر العظيم كان موجبا لوقوع المكلف في الحرج واقعا و بالتالي كان الحكم مرفوعا واقعا.

ثم قال المحقق الآخوند (قدس سره) عقیب کلامه فی المقام: فافهم و لعل الوجه فیه هو ان الخوف طریق عقلائی لاحراز الضرر و معنی طریقیة الخوف و حجیته علی الواقع فی سیرة العقلاء هو انفتاح باب العلمی فلایکون باب العلمی منسدا بعد کون الخوف طریقا عقلائیا لاحراز الضرر و بالتالی لم تکن حجیة الخوف مربوطة بمقدمات الانسداد.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo