< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/12/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/نتیجة مقدمات دلیل الانسداد کانت حجیة الظن بالطریق او الواقع او بهما/ نتیجة مقدمات الانسداد کانت حجیة الظن

 

ثم إن المحقق الآخوند قد ناقش فی کلام صاحب الفصول بوجوه:

الوجه الاول: لو افترضنا بأن الشارع قد نصب لنا طرقا معينة لأجل معرفة احكامه و لكن العلم الإجمالي بذلك غير مجد لإثبات دعوى صاحب الفصول حيث إنه قد يوجد لدينا علمان إجماليان:

أحدهما: العلم الإجمالي الكبير و هو العلم بأن الشارع قد جعل لنا تكاليف واقعية و إنه لم يدع البشر كالبهائم.

ثانيهما: العلم الإجمالي الصغير و هو العلم الاجمالی بأن الشارع قد نصب لنا طرقا معينة لأجل معرفة أحكامه فإن العلم الإجمالي الكبير بوجود عدة من التكاليف الواقعية في الشريعة قد انحل بالعلم الإجمالي الصغير و بالتالي قد وجب الاحتياط في كل ما كنا نحتمل بأنه كان طريقا إلى الواقع سواء كان احتمال ذلك بالغا مبلغ الظن أو الشك أو الوهم فان الاحتياط يجب في التكاليف التي قد أدت اليها الامارة و الطريق و اما سائر التكاليف التي نظن بها مع أنه لم يقم عليه طريق فهو يكون مجرى للبرائة لأن المفروض هو أن العلم الإجمالي الكبير قد انحل بالصغير منه فلا يجب الاحتياط في مطلق التكاليف المظنونة بل وجب الاحتياط في خصوص التكاليف التي قد أدت اليها الامارة و الطريق و بعبارة واضحة: إن صاحب الفصول كان بصدد اثبات لزوم الاحتياط في الطرق المظنونة مع أن مقتضى منجزية العلم الإجمالي الصغير هو لزوم الاحتياط في كل ما يحتمل أنه كان طريقا و لايكون مقتضى منجزيته لزوم الاحتياط في خصوص ما نظن بكونه طريقا حتى يثبت بذلك ما ادعاه صاحب الفصول من لزوم الاحتياط في كل ما نظن بأنه طريق بل كان مقتضى منجزية العلم الإجمالي الصغير هو لزوم الاحتياط في ما نحتمل أنه كان طريقا سواء كان إحتمال ذلك بالغا إلى مرتبة الظن أو الوهم أو الشك فإن الاحتياط وجب في جميع الأطراف بعد كون العلم الإجمالي الصغير منجزا لها فلايثبت ما ادعاه الانسدادي من منجزية خصوص الظن بالطريق دون الشك أو الوهم فيه.

و إن قلت: بأن مقدمات الانسداد حينما تجري في التكاليف و الأحكام فأنتم تقولون بان الاحتياط التام لايجب في جميع الوقائع المشتبهة من المظنونة و المشكوكة و الموهومة لأن الاحتياط التام فيه مستلزم لإختلال النظام أو مستلزم للعسر و الحرج و لذا لايجوز الاحتياط بنائا على الأول كما أنه لايجب بنائا على الثاني و بهذا البيان ان الاحتياط التام و الكلي منتف في جميع الوقائع المشتبهة فكما أننا نقول بأن الاحتياط التام في جميع الوقائع المشتبهة غير لازم أو غير جائز و لذا نتنزل من الاحتياط التام في جميع الوقائع المشتبهة إلى الاحتياط في خصوص الوقائع المظنونة فهكذا نحن نقول بأن الاحتياط في جميع الطرق المشتبهة من المظنونة و المشكوكة و الموهومة مستلزم للاختلال أو للعسر و الحرج و هو لايجوز أو لايجب و بالتالي نحن نتنزل من الاحتياط في مطلق ما كنا نحتمل أنه كان طريقا إلى الاحتياط في خصوص ما كنا نظن بأنه كان طريقا إلى الواقع و هذا إنما يكون لأجل دفع محذور اختلال النظام أو يكون لأجل دفع محذور العسر و الحرج و بهذا البيان يثبت ما كان صاحب الفصول بصدده و هو لزوم الاحتياط في خصوص الطرق المظنونة.

فقلنا: بأن العلم الإجمالي بوجود عدة من التكاليف الواقعية الذي قد يسمى بالعلم الإجمالي الكبير لايقاس بالعلم الإجمالي الصغير بنصب عدة من الطرق من قبل الشارع حيث إن دائرة العلم الإجمالي كبير وسيع و الاحتياط فيه مستلزم للاختلال أو للعسر و الحرج لكثرة أطرافه و هذا بخلاف العلم الإجمالي الصغير بوجود عدة من الطرق حيث إن أطراف هذا العلم محدود بعدة من الطرق المحتملة سواء كان طريقا مظنونا أو مشكوكا أو موهوما فإن عدد هذه الطرق لايبلغ إلى حد يستلزم الاحتياط فيها الاختلال أو العسر و الحرج و لذا لايصح أن نقول بأننا نتنزل من الاحتياط في جميع ما كنا نحتمل أنه كان طريقا إلى الواقع، إلى الاحتياط في خصوص ما كنا نظن بأنه كان طريقا حيث إنه لايستلزم من الاحتياط في جميع أطراف هذا العلم الإجمالي، محذور الاختلال أو العسر و الحرج و بالتالي وجب الاحتياط في جميع الأطراف مع أننا نجرى البرائة في عدة من الموارد و هذا يوجب انتفاء العسرية و الحرجية و الاختلال و قد ذكر المحقق الآخوند (قدس سره) عدة من الموارد التي قد جرت فيها البرائة عن التكليف:

منها: إذا كنا نحتمل التكليف مع أنه لم يقم عليه دليل يحتمل حجيته مثلا إذا نحتمل وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مع أننا لم نجد دليلا عليه من الشهرة أو الاجماع أو خبر الثقة و غيرها مما كنا نحتمل حجيته فحينئذ يجوز أن نجرى البرائة عن وجوب الدعاء عند رؤية الهلال بلاريب و الوجه فيه ظاهر حيث إن المفروض هو أن العلم الإجمالي الكبير قد انحل بالعلم الإجمالي الصغير و لذا وجب الاحتياط في كل ما أدت إليه الامارة و الطريق و لايجب الاحتياط في غيره.

و منها: إذا دلت عدة من الطرق التي نحتمل حجيتها كالاجماع و الشهرة و غيرهما على الاباحة فلايجب الإحتياط حينئذ مثلا اذا دل خبر الثقة و الشهرة و الاجماع مما نحتمل حجیته علی اباحة شرب التتن مثلا فیجوز حینئذ ارتکابه.

و منها: اذا تعارض فردان من الخبر بان یدل احدهما علی ثبوت التکلیف و الآخر یدل علی نفیه مثلا یدل احد الخبرین علی وجوب صلاة الجمعة فی عصر الغیبة و الآخر یدل علی عدم وجوبها فحینئذ یقدم النافی للتکلیف مع وجود المرجح فیه و اما اذا لم یکن مرجح فی البین فانهما یتعارضان معا و بعد التعارض یحکم بالتخییر او یحکم بالرجوع الی الاصل العملی بعد تعارضهما و تساقطهما و اما اذا تعارض فردان من الطرق مع انهما کانا من غیر سنخ الاخبار کأن یکونا اجماعین او شهرتین احدهما یدل علی الوجوب و الآخر یدل علی عدم الوجوب فحینئذ یتعارض کل منهما مع الآخر و یرجع الی الاصل العملی النافی بعد تساقطهما هذا بنائا علی ان نقول بان المرجحات لاتعمل عند تعارض غیر الاخبار معا.

الوجه الثانی: لو سلمنا و قلنا بان ما افاده صاحب الفصول لایثبت لزوم الاحتیاط فی دائرة العلم الاجمالی الصغیر بل یثبت حجیة مطلق الظن و لکننا نسئله بان الوجه فی تعین حجیة الظن بالطریق ما هو؟ مع ان الظن بالواقع او الظن بالواقع المظنون کونه مؤدی طریق معتبر کان فی رتبة الظن بالطریق اذ لایکون الظن بالطریق اقرب من الظن بالواقع او الظن بالواقع المظنون کونه مؤدی طریق معتبر و المراد من الواقع المظنون کونه مؤدی طریق معتبر هو ان یکون الواقع کحرمة شرب التتن مثلا هو ما نظن بانه کان من طریق معتبر مع اننا لانظن علی التعیین باعتبار أی من الطرق بل کنا نشک فی اعتبار الکل و لکن نظن بان هذا الحکم کان مؤدی طریق معتبر من دون الظن باعتبار طریق خاص علی التعیین و بهذا البیان یظهر انه لاوجه لدعوی صاحب الفصول من تعین حجیة الظن بالطریق مع ان الظن بالواقع مثلا کان فی رتبة الظن بالطریق من حیث الاقربیة الی الواقع.

بیان الاستاذ (دام ظله) فی وجه اقربیة الظن بالطریق:

یمکن ان یقال بوجه فی اقربیة الظن بالطریق من الظن بالواقع و حاصله هو ما مر منا سابقا فی اسباب الظن حیث قلنا فی الاشکال علی کلام السید الاستاذ المحقق الخوئی (قدس سره) بانه یمکن ان یقال باننا لو افترضنا ان درجة الظن الحاصل من اخبار الثقة کانت سبعین بالمئة مع ان درجة الظن الحاصل من الاستحسانات او الوجوه العقلیة کانت سبعین بالمئة ایضا و لکن ان احتمال مصادفة الظن الحاصل من اخبار الثقة کان اکثر من احتمال مصادفة الظن الحاصل من الوجوه العقلیة و ذلک لیس لأجل کون الظن الحاصل من خبر الثقة اکثر درجة من الظن الحاصل من الوجوه العقلیة حیث اننا فرضنا ان الظنین یساویان معا لان کلا منهما یفیدان الظن بالواقع سبعین بالمئة بل الوجه فی ذلک هو ان المجتهد اذا رأی من الخارج ظنونه الحاصلة من اخبار الثقة و ظنونه الحاصلة من الوجوه العقلیة فرأی بان ظنونه الحاصلة من اخبار الثقة قد اصاب الی الواقع کثیرا مع ان ظنونه الحاصلة من الوجوه العقلیة کانت اصابتها الی الواقع اقل و لکنه اذا وضع الید علی کل ظن من ظنونه فقال بان درجة الظن الحاصل من الوجوه العقلیة مثلا کانت سبعین بالمئة و هکذا کانت درجة الظن الحاصل من اخبار الثقة و لکنه لما رأی ظنونه من الخارج فرأی بان احدی ظنونه کانت اکثر اصابة الی الواقع من الاخری و نفس هذا الکلام یأتی فی المقام ایضا حیث ان الظن بالواقع ربما ینشأ من الوجوه الذوقیة الاستحسانیة الموهونة مثلا قد یظن الشخص بشیئ و هو یستند فی ظنه الی امور بعیدة عن ساحة الشریعة کمن قال بان روح الاسلام ینافی مع غیبة المبتدع و لعنه و هتک حرمته لانه ظلم علیه و روح الشریعة و مذاق الشارع ینافر مع الظلم الی الغیر فالظن بالحکم ربما یکون ناشیا من هذه الوجوه الاستحسانیة الذوقیة مع ان اقربیة هذا السنخ من الظنون کانت اقل من قلیل من اقربیة الظن بالطریق.

نعم یمکن ان تتساوی درجة الظن بالطریق مع درجة الظن بالواقع بان یکون الظن الحاصل من کلیهما سبعین بالمئة مثلا و لکن المجتهد لما رأی ظنونه من الخارج فرأی ان الظن بالطرق کان اکثر اصابة الی الواقع من الظن بالحکم حیث انه قد ینشأ من الوجوه الاستحسانیة الضعیفة و نحن ندعی بانه یمکن ان یحکم الشارع بان الطریق المظنون حجة و الواقع المظنون لیس بحجة مع ان درجة الظن بالطریق مثلا کانت خمسین بالمئة و درجة الظن بالواقع کانت سبعین بالمئة حیث ان الشارع لما رأی بان المکلف اذا عمل بالطریق المظنون کما اذا عمل بخبر الثقة المظنون حجیته کان یدرک الواقع اکثر مما اذا عمل بالواقع المظنون فحینئذ یحکم بحجیة الظن بالطریق لان المکلف اذا ظن بالواقع مع انه لم یظن بانه مودی طریق معتبر فهو کان یستند فی ظنه بالواقع الی الوجوه الاستحسانیة الضعیفة و انت تعرف کثرة خطأ هذه الوجوه و من هنا یمکن ان یحکم الشارع بعدم حجیة الظن بالواقع و لکنه حکم بحجیة الظن بالطریق لاقربیته الی الوقع.

الوجه الثالث: لو افترضنا بان العلم الاجمالی الصغیر لم یکن منجزا و لم یجب الاحتیاط فی اطرافه لان الاحتیاط فیها یستلزم العسر و الحرج او یستلزم اختلال النظام فان المخالفة القطعیة مع العلم الاجمالی فی هذا التقدیر لم تکن محرمة و مع عدم حرمته لاتجب موافقته الاحتمالیة بنائا علی مسلک المحقق الآخوند قدس سره و لذا ان العلم الاجمالی الصغیر لا یصلح لان یکون دلیلا علی لزوم الاحتیاط بل یجب التمسک بدلیل آخر للزوم الاحتیاط و هو انه یلزم من اجراء البرائة فی جمیع الاطراف محذور الخروج من الدین و لذا وجب الاحتیاط فی الجملة و لکن یمکن ان یقول صاحب الفصول بان المتعین فی المقام هو العمل بالطریق المظنون لکونه اقرب الی الواقع من الواقع المظنون و لکن المحقق الآخوند (قدس سره) قد رد علی هذا الکلام منه و قال بانه لایکون الطریق المظنون اقرب الی الواقع من الواقع المظنون و لذا لاوجه لتعین العمل بالطریق المظنون بل وجب العمل بالواقع المظنون فی عرض وجوب العمل بالطریق المظنون هذا مضافا الی ان الظن بالواقع المبتلی به المکلف کان یلازم الظن بالطریق عادة اذ من البعید جدا ان تکلیف الواقعة المبتلی بها المکلف لم یرد فی ای طریق من الطرق المعتبرة و لذا ان الظن بالواقع یلازم الظن بالطریق غالبا و المراد من الظن بالطریق هو اننا نظن بان هذا الحکم کان مودی طریق معتبر مع اننا لانظن تفصیلا بان الطریق المظنون من بین هذه الطرق ما هو؟

توجیه الاستاذ (دام ظله) لما افاده صاحب الفصول:

ان حجیة الظن بالطریق کانت حاکمة علی انسداد باب العلمی فی الاحکام لان مقدمات الانسداد حینما تجری فی الظن بالطریق فصار الظن بالطریق حجة و بعد افتراض حجیته صار باب العلمی منفتحا بالنسبة الی الاحکام و لکن جریان مقدمات الانسداد فی الواقع و حجیة الظن فیه لایوجب انفتاح باب العلمی بالنسبة الی الطرق و لذا قلنا بان حجیة الظن بالواقع کانت حاکمة علی انسداد باب العلمی فی التکالیف و الاحکام بخلاف العکس و هذا بیان منا لتقریب کلام صاحب الفصول و صاحب الحاشیة و لکن یمکن ان یرد علی هذا التقریب بان المطلوب للمکلف لیس انفتاح باب العلمی بالنسبة الی الطرق او الاحکام حتی یقال بان حجیة الظن بالطریق توجب انفتاح باب العلمی بالنسبة الی الاحکام بخلاف العکس بل المطلوب هو القطع ببرائة الذمة فاذا اجرینا مقدمات الانسداد فی التکالیف و الاحکام و قلنا بحجیة الظن بالواقع المظنون فحینئذ نقطع ببرائة الذمة بعد الاتیان بالتکالیف المظنونة فما افاده صاحب الفصول و صاحب الحاشیة من تعین العمل بالطریق المظنون فمما لاوجه له.

ثم ان من الوجوه التی قد استدل بها صاحب الحاشیة علی تعین العمل بالطریق المظنون هی ان العقل یحکم بان الاشتغال الیقینی یستدعی الفراغ الیقینی فالاصل الاولی هو تحصیل القطع ببرائة الذمة بعد القطع باشتغال الذمة بالتکلیف و اذا تعذر تحصیل القطع بفراغ الذمة لاجل استلزام الاحتیاط التام اختلال النظام او العسر و الحرج فنتنزل الی لزوم تحصیل الظن ببرائة الذمة و تحصیل الظن ببرائة الذمة ینحصر فی العمل بالطریق المظنون و لکن العمل بالواقع المظنون فربما لایوجب الظن ببرائة الذمة مثلا اذا حصل عند شخص الظن بالواقع باسباب کالقیاس فهو و ان کان ظانا بالواقع حسب الفرض و لکنه لایظن ببرائة الذمة بعد العمل بالواقع المظنون و لذا ان العمل بالواقع المظنون لایوجب الظن بالفراغ مع ان الظن بالفراغ هو المطلوب للمکلف بعد ان یتعذر له تحصیل القطع و الیقین بالفراغ فان من قال بحجیة الظن بالطریق قال فی الحقیقة بان الظن بالطریق یساوی الظن ببرائة الذمة بخلاف العکس حیث ان الظن بالواقع قد لایوجب الظن ببرائة الذمة و لکن قد نوقش فی هذا الوجه بان الظن بالطریق اذا کان قیاسیا فهو لایوجب الظن ببرائة الذمة ایضا فلافرق بین الواقع المظنون و الطریق المظنون فکما ان الظن بالواقع اذا حصل من طریق القیاس فلا یحصل عند المکلف ظن بفراغ الذمة فکذلک ان الظن بالطریق اذا حصل من طریق القیاس فلایحصل عنده ظن بفراغ الذمة فلذا ان ما افاده صاحب الحاشیة من ان العمل بالطریق المظنون مساوق مع الظن ببرائة الذمة غیر صحیح.

ثم انه ربما یقال بانه قد وجب علی الشارع نصب الطرق لاجل معرفة احکامه حیث انه لایمکن ان یجعل الشارع حکما من دون نصب طریق علیه و ان سیرة العقلاء تعد من تلک الطرق و لایعقل ان نقول بان الشارع لم یرض بکونها طریقا مع انه لم یردع عنها فمن عدم ردع الشارع عن حجیة السیر المستحدثة نعلم بانه امضاها و بعبارة اخری: ان شریعة الاسلام شریعة خالدة و لذا ان هدایة المعصومین علیهم السلام شاملة للناس فی جمیع الازمان و من هنا ان السیر المستحدثة ان لم تکن حجة فوجب علی المعصومین (علیهم السلام) ردعها لان وظیفتهم هی هدایة الناس فی جمیع الازمان و یلزم من عدم ردع المعصومین علیهم السلام لتلک السیر وقوع الناس فی الضلال و لذا قد یعلم من عدم ردعهم لتلک السیر انهم امضوها اذ لو لم یکونوا راضین بها لوجب علیهم ردعها و لکن هذا الاستدلال للقول بحجیة السیر العقلائیة المستحدثة عجیب جدا و یکفی ذکر امور لبیان الفساد فی هذا الاستدلال:

الاول: ان شریعة الاسلام و ان کانت شریعة خالدة و ان المعصومین علیهم السلام انما جائوا لهدایة الناس ایضا و لکن المشکلة هی ان الله تعالی قد نصب للناس امیر المومنین علیهم السلام ولیا و وصیا لرسوله مع ان اکثر الناس لم یرضوا بولایته و وصایته و لم یرضوا بولایة الائمة المعصومین (علیهم السلام) من ولده بل ان الظالمین قد قتلوهم و سدوا باب بیوتهم و حبسوهم فی السجون مع ان الناس لم یقوموا للدفاع و الذب عن ائمتهم علیهم السلام فهم فی الحقیقة یمنعون انفسهم من هدایة الاوصیاء و لذا قد تعلقت الحکمة البالغة الالهیة بغیبة ولیه و ذلک لیس الا لاجل ظلم الظالمین علی الائمة علیهم السلام و تقصیر الناس فی حقهم فاذا تعلقت الحکمة البالغة الالهیة بغیبة ولیه مع ان البلایا و المصائب و الشرور کانت لاجل الغیبة فقد یمکن ان تتعلق حکمته البالغة باختفاء عدة من الاحکام الالهیة بطریق أولی لان اختفاء حکم من الاحکام لیس باعظم من اختفاء ولی الله و حجته فی ارضه و قد قلنا کرارا بانه یمکن ان استقرت سیرة علی الخلاف فی زمن الامام الصادق علیه السلام مع ان المصلحة قد إقتضت عدم الردع عنها فی ذلک الزمان بل یمکن ان یصدر الردع عنها فی زمن مولانا بقیة الله الاعظم او قد استقر بعض السیر فی زمن مولانا الامام امیر المومنین علیه السلام مثلا مع ان الردع عنها لم یصدر منه علیه السلام لأجل مصلحة بل الردع عنها صدر عن مولانا الامام الصادق علیه السلام فهکذا نحن نحتمل بان عدة من السیر قد استقرت فی زمن الحاضر و لکن الردع عنها یصدر عن مولانا بقیة الله الاعظم علیه السلام فلایمکن ان یقال بان استقرار السیرة فی هذا الزمان یکشف عن رضی المعصوم علیه السلام به فکما یمکن تاخیر الردع عن السیرة المستقرة فی زمن الحضور لمصلحة فهکذا یمکن تاخیر الردع عن السیرة المستقرة فی زمن الغیبة لمصلحة و ان قلت: بان هذا البیان لایکفی فی نفی حجیة السیر المستحدثة حیث ان الناس عملوا بالسیرة لکونهم غافلین عن کون سیرتهم مخالفة مع الشریعة فاذا لم تردع عن سیرتهم فهم معذورون فقلنا: بان المجتهد کان ملتفتا الی الجهات التی کانت مانعة عن القول بحجیة السیر المعاصرة و لذا ان جمعا من الاعلام کالسید الخمینی و السید الاستاذ المحقق الخوئی و شیخنا الاستاذ المیرزا جواد التبریزی (رضوان الله علیهم) قد کانوا ملتفتین الی عدم وجود الدلیل علی حجیة السیر المعاصرة فبعد التفاتهم الی هذه الجهة لم تکن السیرة حجة فی حقهم و اما اذا کان الفقیه غافلا عن الجهات المانعة عن حجیة السیر المعاصرة فحینئذ کان حاله حال سائر الغافلین حیث ان غفلته ان کانت عن تقصیر فهو غیر معذور و ان کانت غفلته عن قصور فهو معذور.

الثانی: قد قلنا مرارا فی الرد علی حجیة السیرة بانه لادلیل علی وجوب بیان الاحکام الواقعیة علی الائمة المعصومین علیهم السلام و لذا قد ورد عنهم علیهم السلام: علی الائمة من الفرض ما لیس علی شیعتهم و علی شیعتنا ما لیس علینا امرهم الله عزوجل ان یسئلونا قال: فاسئلوا اهل الذکر ان کنتم لاتعلمون فأمرهم ان یسئلونا و لیس علینا الجواب ان شئنا اجبنا و ان شئنا لم نجب و انت تعرف بان هذا الخبر ینادی باعلی صوته ان بیان الاحکام الواقعیة الالهیة لایجب علی الائمة المعصومین (علیهم السلام) فی عصر الحضور فضلا عن عصر الغیبة فان الاصولیین قالوا بان الاجماع اللطفی لایجب و الوجه فیه هو ان بیان الاحکام الواقعیة لایجب علی مولانا الحجة (ارواحنا و ارواح العالمین له الفداء) فما قد قیل من ان بیان الاحکام الواقعیة واجب علیهم فی کل عصر فلا دلیل علیه بل الدلیل علی خلافه کما عرفت ذلک.

الثالث: ان القائل بحجیة السیر المعاصرة قد ادعی عدم صدور الردع عنها مع اننا نسئله بان المراد من الردع الذی نفاه القائل ما هو؟ فهل کان المراد منه الردع العام او کان المراد منه الردع الخاص؟ فان کان المراد من الردع، الردع العام فنقول بان السیر المستحدثة مردوعة بالردع العام حیث ان الاصل هو عدم الحجیة و استصحاب عدم الحجیة و الآیات الناهیة عن اتباع الظن کانت رادعة عن تلک السیر ایضا و ان کان المراد من الردع، الردع الخاص فنقول بان ردع السیر المستحدثة فی لسان الائمة المعصومین علیهم السلام فی ذلک الزمان ربما یوجب تشویش الاذهان حیث ان الناس فی ذلک الزمان لم تخطر ببالهم المسائل الحدیثة فی هذا الزمان کالبطاقة الی الطباقة او السفر مع الطیارة مثلا و اذا تکلم الائمة علیهم السلام بامور مرتبطة بالمسائل الحدیثة فهذا ربما یوجب تکذیبهم من ناحیة البعض قطعا و مع ذلک لایتمکنوا من القاء الردع من دون محذور هذا مضافا الی انه قد یستفاد من بعض النصوص ردع السیر المستحدثة ایضا حیث ان النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) قال فی وصف الناس فی آخر الزمان بانهم یرون المعروف منکرا و المنکر معروفا؛ فکیف یمکن القول بحجیة سیرة من کانوا یرون المعروف منکرا و المنکر معروفا؟!

ثم ان المحقق الآخوند قال:

لایقال: ان الظن بالطریق لم یکن اقرب الی الواقع اذا لم یصرف التکلیف الفعلی عنه الی مودیات الطرق و لو بنحو التقیید.

و ینبغی ان نذکر لتوضیح کلام المحقق الآخوند الاستمداد الی ما جاء فی کلمات المحقق الاصفهانی حیث انه قال بان هنا مقدمة نافعة و هی ان الوجوه المتصورة فی مقام جعل الاحکام علی اقسام:

الاول: ان الشارع لم یجعل حکما فی الواقع و اللوح المحفوظ بل ان الاحکام تابعة لآراء المجتهدین و ظنونهم فاذا ذهب ظن المجتهد الی طرف فیجعل الحکم علی وفق ظنه مثلا اذا ظن المجتهد بحرمة شیئ فقد جعل الحرمة فی حقه و اذا ظن المجتهد بوجوب شیئ فقد جعل الوجوب فی حقه فلاواقع للاحکام من دون ذهاب رأی المجتهدین الی حکم من الاحکام بل الحکم یتبع الآراء و الظنون بناء علی هذا الوجه و قد نوقش فی هذا الوجه بانه قد یلزم من هذا النوع من التصویب اخذ العلم بالحکم فی موضوع شخص الحکم مع انه محال عقلا لاستلزامه الدور او الخلف و نحن بینا مفصلا بان محذور الدور او الخلف لایلزم من هذا النوع من التصویب بل یلزم منه محذور آخر و هو ان الحکم لم یبلغ الی مرتبة التنجز فیما اذا اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه و الوجه فیه هو انه وجب ان یکون واقع و حکم مع قطع النظر عن علم المکلف به حتی یقدر المکلف و یتمکن من العلم به و لکن المفروض هو ان الواقع لم یکن مع قطع النظر عن علم المکلف فلذا ان المکلف لایقدر علی العلم بالواقع لانه یعلم بان الواقع لاوجود له من دون تعلق العلم به و مع العلم بذلک لم یقدر من تحصیل العلم بالواقع حیث اننا قلنا بانه یجب ان یکون واقع مع قطع النظر عن علم المکلف حتی یتمکن المکلف من العلم به و لکن المفروض هو عدم وجود الواقع من دون علم و لذا ان المکلف غیر قادر علی العلم بالواقع بعد کونه عالما بانه لا واقع الا بعد العلم به.

نعم ان هنا طریقا لاجل تصحیح اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه و هو اننا قلنا بان المکلف اذا علم بان الحکم لا وجود له الا بعد العلم به فهو لایقدر و لایتمکن من العلم بالحکم و لکن اذا کان المکلف غافلا عن هذه الجهة بان یتصور ان الحکم له وجود انشائی من دون العلم به ففی هذا الفرض یمکن للمولی ان یاخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه و لکن وجب علی المولی اخذ القید فی مقام الثبوت و رفض القید فی مقام الاثبات مثلا انه جعل حرمة شرب الخمر للعالم بها ثبوتا و لکنه لایقول فی مقام الاثبات بانی قد جعلت الحرمة للعالم بها حتی یعلم المکلف بانه لاحکم الا بعد العلم به و یعود المحذور المتقدم بل قال بانی جعلت الحرمة للخمر فقد امکن فی هذا الفرض اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه ثبوتا لان المکلف لایلتفت الی ذلک و لذا یتمکن و یقدر علی العلم بالحکم.

نعم اذا علم المکلف بالحکم فلامحذور فی ان قال له المولی بانی قد جعلت هذا الحکم للعالم بها لان المفروض هو انه یعلم بالحکم فی حال الغفلة عن کونه مجعولا للعالم بالحکم و بعد العلم به لامحذور فی ان قال له المولی بانی قد جعلت الحکم للعالم به فالی هنا ظهر ان المحاذیر العقلیة من الدور او الخلف و غیرهما لم تترتب علی هذا القسم من التصویب بل الاجماع و الاخبار قاما علی بطلانه فالمحذور کان اثباتیا و لیس بثبوتی.

ثم قال المحقق الاصفهانی (قدس سره) بان جعل التکلیف بنائا علی الصورة الاولی من التصویب یتصور علی نهج القضایا الخارجیة دون القضایا الحقیقیة لان الشارع اذا قال مثلا کل شیئ ینتهی الیه المجتهد فانی قد جعلته فی حقه فکان هذا الجعل داخلا فی الصورة الثانیة یعنی ان الله تعالی قد جعل الحکم قبلا بعدد آراء المجتهدین و ظنونهم و بالتالی انه یدخل فی القسم الثانی من الجعل لا القسم الأول منه و لکن هذا الکلام من المحقق الاصفهانی غیر تام لان المولی یتمکن من ان یجعل الحکم علی نهج القضایا الحقیقیة فی هذه الصورة ایضا بان یقول: کل شیئ یذهب الیه آراء المجتهدین فانی قد جعلته فی حقهم من بدء الزمان الذی وصلوا الی ذلک الحکم؛ و ان قلت: بان هذا التصویر لم یکن مربوطا بالصورة الاولی من التصویب لان الصورة الاولی منه هی ان الجعل و المجعول کان فی زمان واحد یعنی ان الحکم قد کتب فی حق المجتهد و جعل له فیما اذا ظن بالحکم مع ان الجعل فی الصورة التی تصورتموها کان یقدم علی المجعول اذ المجعول یتحقق بعد ظن المجتهد بالحکم و لكن اصل جعل الحکم متقدم علیه فالجعل کان یقدم علی المجعول و لذا ان هذه الصورة لم ترتبط بالصورة الاولی لان اصل الجعل لم یکن قبل حصول ظن المجتهدین بالحکم بنائا علی الصورة الاولی لا ان الجعل کان و المجعول سیتحقق بعد ظن المجتهدین بالحکم فقلنا: اذا کانت هذه الصورة اجنبیة عن الصورة الاولی فکان علی المحقق الاصفهانی تقسیم هذه الصور الی خمسة مع انه قسم هذه الصور الی اربعة فان الظاهر هو ان هذا القسم داخلا فی القسم الاول ایضا حیث ان المحقق الاصفهانی قد تعرض فی ذیل هذا القسم الی ان اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه محال او لا؟ و انت تعرف بأن هذا البيان کان يقتضي تقدم الجعل على المجعول أيضا يعني إن الجعل كان من هذا الزمان و لكن المجعول يتحقق بعدُ فإن الجعل ربما يقدم على المجعول فيما اذا أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه و بالتالي تدخل هذه الصورة في الصورة الاولى أيضا و بذلك يتصور جعل الحكم على نهج القضايا الحقيقية بنائا على هذه الصورة.

الثانی: ان الله سبحانه و تعالی علام الغیوب و انه یعلم بان الفلانی یذهب ظنه الی الوجوب او الحرمة و لذا انه قد جعل الحکم علی وفق ظن المکلف قبل ان یحصل عنده الظن به فان هذا الوجه مشترک مع الاول لان الحکم فی کلیهما تابع للظنون و الآراء و لکنه یفرق عن الوجه الاول لان الحکم مرتب علی الظن بنائا علی الاول بمعنی ان الشارع قد جعل الحکم بعد حصول الظن به و لکن الحکم لم یرتب علی الظن بنائا علی الثانی حیث ان الشارع لکونه عالما بالغیب قد جعل الاحکام قبلا بعدد الظنون و الآراء لا انه قد جعل الحکم بعد حصول الظن بالواقع و الحکم.

الثالث: ان الله تعالی قد جعل عدة من التکالیف و الاحکام الواقعیة و لکن الطریق اذا قام علی خلاف الحکم الواقعی فان الله یمحوا ذلک فی اللوح المحفوظ و یکتب ما ادی الیه الطریق فان هذا یسمی بالصرف یعنی ان الحکم الواقعی یرجع و یعود الی ما اقتضته الامارة و الطریق فان هذا الوجه و ان لم یکن له محذور عقلی الا ان الاجماع قد ابطله.

الرابع: ان الله تعالی قد جعل عدة من التکالیف الواقعیة فی اللوح المحفوظ و ان هذه التکالیف لاتمحوا بعد قیام الطریق علی خلافها کما هو مقتضی الوجه الثالث و لکن فعلیة هذه التکالیف مشروطة بقیام الامارة علی طبقها بحیث ان لم تؤد الیها الامارة لم تصر هذه التکالیف فعلیة بل کانت انشائیة محضة و من المعلوم ان التکالیف الانشائیة لاتجب امتثالها فان هذا هو ما اشار الیه صاحب الکفایة فی کلامه و قال بان التکلیف الفعلی صرف عن الواقع بنحو التقیید یعنی ان بلوغ الحکم الی مرتبة الفعلیة مقید بقیام الطریق الیه بحیث ان الحکم لم یصر فعلیا من دون قیام الطریق علیه بل بقی انشائیا محضا و اذا عرفت هذه المقدمة النافعة من المحقق الاصفهانی (قدس سره) فاعلم بان المحقق الآخوند (قدس سره) قال بان الظن بالطریق لم یکن اقرب من الظن بالواقع اذا لم یصرف التکلیف الفعلی عنه الی مودیات الطرق و لو بنحو التقیید فاذا صرف التکلیف الفعلی عن الواقع الی ما ادی الیه الطریق بان زال الحکم فی اللوح المحفوظ و یتبدل بعد قیام الطریق علی خلافه (و هذا هو الصرف) او بان تکون فعلیة الحکم معلقة علی قیام الطریق الیه (و هذا هو التقیید) فحینئذ کانت حجیة الظن بالطریق معینة و لکن المحقق الآخوند (قدس سره) قد رد علی مسلک الصرف و التقیید و قال بما هذا نصه:

فان الالتزام به بعید اذ الصرف لو لم یکن تصویبا محالا فلا اقل من کونه مجمعا علی بطلانه ضرورة ان القطع بالواقع یجدی فی الاجزاء بما هو واقع لا بما هو مؤدی طریق القط

و قبل توضیح عبارة المحقق الآخوند هنا نقول بان فی عبارته (قدس سره) مسامحة واضحة حیث انه قال: اذ الصرف لو لم یکن تصویبا محالا مع انک عرفت بان الصرف لم یکن من التصویب المحال و لذا لاوجه لهذا التعبیر منه (قدس سره) بل الصحیح هو ان تکون العبارة هکذا: «اذ الصرف و ان لم یکن تصویبا محالا فلا اقل من کونه مجمعا علی بطلانه» فان المحقق الآخوند (قدس سره) قال بان الاجماع قام علی بطلان مسلک الصرف حیث ان العقاب کان علی الواقع بما هو واقع لا علی الواقع بما هو مودی الطریق و لکن المحقق الاصفهانی (قدس سره) قد رد علی هذا الکلام من المحقق الآخوند (قدس سره) و قال: بان لزوم امتثال التکلیف و صحة العقاب علی مخالفته انما یکون فی رهن فعلیته بحیث ان التکلیف لو لم یصر فعلیا فلایجب امتثاله فالعقاب و ان کان علی الواقع بما هو واقع الا ان الطریق و الامارة ان لم تقم علی التکلیف لم یبلغ التکلیف الی مرتبة الفعلیة فما قد افاده المحقق الآخوند (قدس سره) هنا من ان الاجماع قام علی بطلان التقیید فی غیر محله و سیأتی ان شاء الله توضیح کلام المحقق الاصفهانی (قدس سره).

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo