< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/ادلة حجیة مطلق الظن/الدلیل الرابع: الانسداد

 

ثم انه قد مر آنفا ما قلنا به فی الدورة السابقة فی الجواب عما أورد علی المحقق الآخوند من النقض بما حاصله هو اننا نجری قاعدة نفی الحرج فی اطلاق الوجوب لا فی اصله و هکذا قلنا بان هذا الجواب منا لما کان نافعا فی الجواب عما اورد علی جریان قاعدة نفی الحرج لنفی وجوب الاحتیاط فیما اذا کان التکلیف مرددا بین عدة من الوقائع و الوجه فیه هو ان نفی اطلاق الوجوب بقاعدة لاحرج فرع فعلیة وجوبات متعددة فی عرض واحد بحیث یشمل اطلاق دلیل الوجوب ظرف الاتیان بالفرد الآخر المستلزم للوقوع فی العسر و الحرج مع ان وجوب صلاة الظهر فی الیوم السبت مثلا لم یکن فعلیا فی زمان الدعاء عند رؤیة الهلال فی اللیل بل الوجوب یسقط فی ظرفه و لیس فعلیا فی اللیل حتی یشمل اطلاق دلیله ظرف الاتیان بالدعاء عند الرویة التی یحتمل وجوبها فی اللیل فان الجواب یاتی اذا کان وجوب الاطراف فعلیا فی ظرف واحد بحیث یشمل اطلاق دلیل الوجوب ظرف الاتیان بما یحتمل وجوبه مع ان هذا لما یطبق فی المقام.

تنبيه: قد يقال كما مر آنفا بأن العقل إذا حكم بلزوم الإحتياط و كان الحكم فعليا قبل وقوع المكلف في الحرج لم يرفع التكليف بقاعدة نفي الحرج بعد وقوع المكلف فيه لأنه أوقع نفسه في الحرج و من المعلوم أن قاعدة نفي الحرج لاترفع الحكم إذا أوقع المكلف نفسه في الحرج باختیاره و ارادته مع أن التكليف كان فعليا قبله و لكن هذا الكلام فاسد جدا لأن المفروض هو أن المكلف أوقع نفسه في الحرج من باب حكم العقل بلزوم الاحتياط فلايصح أن يقال بأن المكلف أوقع نفسه في الحرج باختياره و ارادته لأنه أوقع نفسه فيه من باب حكم العقل بلزوم الاحتياط فلابد له من الاتيان بما يحتمل وجوبه حتى صار مطيعا لما حكم به العقل و من هنا نقول بأن قاعدة نفي الحرج رافعة للحكم الفعلي إذا أوقع المكلف نفسه في الحرج من باب حكم العقل بلزوم الاحتياط و إذا عرفت هذه النكتة فاعلم بأن الإزالة حرجية في ظرف الاتيان بصلاة الآيات و هكذا إن صلاة الآيات حرجية في ظرف الإتيان بالإزالة فلذا إن الشارع قد يرفع الصلاة الحرجية في ظرف الاتيان بالإزالة و هكذا إنه يرفع الإزالة الحرجية في ظرف الإتيان بصلاة الآيات بمقتضى قاعدة نفي الحرج و لايقال: بأن الجامع بينهما حرجي و الحصة ليست بحرجية حتى ترفع قاعدة لاحرج هذه الحصة لأنه يقال: بأن الحصة حرجية لأن المكلف إذا أتى بصلاة الآيات مثلا صارت الإزالة خارجا حرجية و بعد كونها حرجية قد يرفعها الشارع بمقتضى قاعدة نفي الحرج.

ثم ان هنا طریقا آخر ذکره السید الصدر لأجل نفی وجوب الاحتیاط عقلا بقاعدة لاحرج بنائا علی ما ذهب الیه الآخوند فی تلک القاعدة و حاصله هو ان المحقق الآخوند (قدس سره) قال بان التکلیف بالواقعة المرددة بین الشبهات کان تکلیفا الی ذات الفعل بحیث لو علم تکلیفها تفصیلا لما کان فی اتیانها عسر و حرج فمتعلق التکلیف المردد بین عدة من الوقائع هی ذات الفعل مع ان الاتیان بذات الفعل او ترکها فی صورة العلم بوجوبها او حرمتها غیر حرجی و لذا ان قاعدة لاحرج لاتجری فیه و بعبارة ثانیة: ان الامر الشرعی یتعلق بالجامع بین الحرجی و غیر الحرجی و الحرجی منه هی ذات الفعل المقیدة بالاحتیاط و غیر الحرجی منه هی ذات الفعل المجردة عن الاحتیاط و الجامع بین الحرجی و غیر الحرجی، غیر حرجی کما اذا امر الشارع بالجامع بین الصلاة فی الدار و الصلاة علی قمة الجبل الحرجیة فاننا لانتمکن من ان نسند الی الشارع فی هذا التقدیر جعل التکلیف الحرجی لانه امر بالجامع بین الحرجی و غیره و الجامع بینهما غیر حرجی و نفس هذا الکلام یاتی فی المقام بنائا علی رأی الآخوند حیث انه قال بان الشارع امر بالصلاة المردد امره بین الحصة الحرجیة و غیر الحرجیة و الفرد الحرجی منها هی الصلاة مع الاتیان بسائر الوقائع و الفرد الغیر الحرجی منها هی الصلاة مجردة عن الاتیان بسائر الوقائع و قد عرفت بان الجامع بینهما غیر حرجی و هو متعلق التکلیف شرعا و لذا انا لانتمکن من ان نسند الحرج الی الشارع و لذا لاتجری قاعدة لاحرج لان الشارع لما کان موجبا لوقوع المکلف فی الحرج و لکن السید الصدر قد رد علی هذا الکلام من المحقق الآخوند و حاصل الرد هو ان متعلق التکلیف و ان لم یکن الفرد الحرجی حقیقة و لکن لما کان الاتیان بالفرد الحرجی متعینا عقلا لحکم العقل بلزوم الاحتیاط فصار الفرد الآخر من الجامع و هو الفرد الغیر الحرجی بحکم غیر المقدور و اذا کان الفرد الآخر غیر مقدور حکما فکان متعلق التکلیف الشرعی هو الفرد الحرجی من الفعل عرفا و هی الصلاة مع الاحتیاط فنحن نتمکن من ان نسند الحرج الی الشارع لان متعلق التکلیف عرفا هو الفرد الحرجی لحکم العقل بلزوم الاتیان به.

مناقشة الاستاذ (دام ظله) فی کلام السید الصدر:

إن هذا الكلام من السيد الصدر غير تام و الوجه فيه هو أن السيد الصدر قال بأن الفعل كالصلاة مثلا له حصتان: حصة منها حرجية و هي الصلاة المقرونة بالاحتياط و حصة أخرى منها غير حرجية و هى ذات الصلاة المجردة عن الاحتياط و قاعدة نفي الحرج انما كانت نافية للحصة الحرجية منها و لكن هذا الجواب لايستقيم على مبنى المحقق الآخوند (قدس سره) لأن الصلاة المقيدة بالاحتياط لايكون لها حكم شرعي حتى يرفع حكمها بمقتضى قاعدة نفي الحرج اللهم الا أن يقال بأن كلام السيد الصدر ناظر إلى كلام المحقق العراقي في الحصة التوأمة و المراد من الحصة التوأمة هى أن الحكم الشرعي مجعول على ذات الصلاة المقارنة خارجا مع الاحتياط في سائر الاطراف و لكن المولى لم يأخذ في جعله عنوان المقارنة بل إنما يأخذ ذات المقيد المقارن مع وصف الاتيان بسائر الأطراف خارجا و لكن هذا المبنى غير تام لأن الحكم في القضايا الحقيقية إنما جعل على العنوان لا الواقع و لذا لا بد للمولى من لحاظ القيد في مقام الجعل و إذا لوحظ القيد في مقام الجعل فالأمر يكون بالمقيد لا بالحصة التوامة مع القيد خارجا.

نعم إن كلام المحقق العراقي متصور في القضايا الخارجية لأن المولى قد جعل حكمه على الواقع و لذا يتمكن من أن يجعل الحكم على الواقع المقارن مع وصف من دون أخذ قيد المقارنة في الجعل كمن أراد أن يجعل الحكم على كل من بلغ سنه إلى عشرين سنة و لكنه لم يأخذ هذا العنوان في حكمه بل إنه جعل الحكم على كل من عاش في هذه المدينة لأنه علم بأن كل من عاش في هذه المدينة كان سنه بالغا إلى عشرين سنة فإنه لم يأخذ هذا العنوان في حكمه بل قال بأن الفعل الفلاني واجب على كل من عاش في هذه المدينة فالحكم مجعول على ذات المقيد من دون أخذ القيد و التقيد بکون السن بالغا الی هذا المبلغ.

ثم ان التحقیق فی الجواب عن المناقشة فی جریان لاحرج لنفی وجوب الاحتیاط بنائا علی مسلک المحقق الآخوند (قدس سره) هو ان نقول: بان دلیل النافی للحرج فی الشریعة و ان لم یشمل خطابا موضوع الاحکام العقلیة بل کان منصرفا عنه بنائا علی مسلک الآخوند و لکنه یشمله بوحدة المناط و الوجه فیه هو ان الدلیل النافی للحرج کان بمنزلة منصوص العلة حیث ان المتفاهم منه عرفا هو ان الشارع قال بان الشریعة لم تکن موجبة لوقوع المکلفین فی العسر و الحرج فان العلة لنفی موضوع الاحکام الشرعیة الحرجیة بمقتضی هذا الخطاب هی ان الشارع لم یکن موجبا لوقوع المکلفین فی العسر و الحرج و هذا هو المتفاهم عرفا من خطاب ما جعل علیکم فی الدین من حرج و نفس هذه العلة تأتی فی موضوع الاحکام العقلیة الحرجیة الناشئة من قبل احکام الشارع و من هنا اننا نتعدی الی موضوع الاحکام العقلیة لعدم احتمال الفرق بین موضوع الاحکام العقلیة و الشرعیة.

ثم ان من جملة الادلة التی قد استدل بها علی ان الاحتیاط اذا کان حرجیا فهو منفی فی الشریعة هو الاجماع و قد نوقش فی هذا الاجماع بان الاصحاب اجمعوا علی عدم الاحتیاط اذ ربما وصلت الیهم مدارک قطعیة علی الاحکام کالخبر المحفوف بالقرائن القطعیة مثلا او انهم لما قالوا بالانسداد بل انهم یعتمدون علی اخبار الآحاد و الظواهر مثلا فالوجه فی اجماعهم علی عدم الاحتیاط کان لاجل اعتمادهم علی المدارک مع ان المفروض هو اننا لم نعتمد علی المدارک فلایصح التمسک بالاجماع فی تقدیر عدم تمامیة حجیة المدارک حیث اننا نعلم بان مصب هذا الاجماع هو فرض اعتبار المدارک عند الاصحاب لان مسئلة الانسداد لم تکن معنونة فی کلمات قدماء الاصحاب بل انهم یعتمدون علی الاخبار إما لاجل قولهم بحجیة اخبار الثقات و إما لاجل احتفاف الخبر بالقرائن القطعیة و من هنا لا یصح التمسک بالاجماع فی تقدیر القول بالانسداد لان مصب الاجماع علی عدم الاحتیاط لم یکن فرض الانسداد و من هنا اذا افترضنا باب الانسداد فلم یعلم اجماع الاصحاب علی نفی وجوب الاحتیاط فی هذا التقدیر و قد اجیب عن هذا الاشکال بما حاصله هو ان هذا الاشکال یاتی فی الاجماع علی عدم جواز الرجوع الی البرائة فی کل واقعة من الوقائع المشتبهة ایضا و هذا هی المقدمة الثالثة من مقدمات دلیل الانسداد حیث انه یمکن ان یقال بان العلماء اجمعوا علی عدم جواز الرجوع الی البرائة لانهم یعتمدون علی المدارک او وصلت الیهم قرائن قطعیة علی صدور الاخبار و لذا لما رجعوا الی البرائة فالوجه لعدم رجوعهم الی البرائة کان لاعتمادهم علی المدارک و ان مسئلة الانسداد لم تکن معنونة عندهم و اما اجماعهم علی عدم الرجوع الی البرائة فی فرض الانسداد فلم یعلم! و قد اجیب عن هذا النقض فی کلمات الاعلام کالمحقق النائینی (قدس سره) بان الاجماع علی قسمین: تقدیری و محصل فعلی فان هذا الاجماع کان من الاجماع التقدیری و هو کان کالاجماع المحصل الفعلی فاننا نقطع بان اصاغر الطلاب لما قالوا بجواز الرجوع الی البرائة فی کل واقعة مشتبهة و هکذا لما قالوا بلزوم الاحتیاط فی کل مسئلة و لو فی فرض الانسداد فکیف یمکن ان نرتضی بان ارباب الفتوی یرتضون بجواز الرجوع الی البرائة او لزوم الاحتیاط فی کل واقعة مع ان هذا الکلام مما تابی عنه اصاغر الطلبة فان هذا الاجماع کان اجماعا تقدیریا یعنی ان هذه المسئلة و ان لم تکن معنونة فی کلمات الاصحاب الا اننا نقطع بانها ان کانت معنونة عندهم لأجمعوا علی بطلان الرجوع الی البرائة و الاحتیاط فی کل واقعة.

ثم انه قد ذکر فی کلام السید الصدر تقریبان للاجماع فی المقام:

التقریب الاول: هو ان الاجماع کان بمقدار التکالیف الحرجیة فالاجماع قام علی عدم وجوب الاحتیاط فی التکالیف بالمقدار الذی یمکن اثباته بالقاعدة و قد ناقش السید الصدر فی هذا الاجماع و قال بانه لو تم لم یکن تعبدیا لاننا نحتمل بان هذا الاجماع ناش عن المدرک و هی قاعدة نفی الحرج.

التقریب الثانی: ان یدعی الاجماع علی سنخ مضمون لاتفی به القاعدة بان یدعی الاجماع علی عدم مرجعیة الاحتیاط و عدم تعینه شرعا و هذا المعنی اکثر من مجرد نفی وجوب الاحتیاط لانه یعنی الکشف عن عدم اعتماد الشارع علی سلوک طریق الاحتیاط فی مقام امتثال احکامه رغم جوازه و حسنه عقلا بل الشریعة قد تکلفت بوضع حجة فی تعیین التکالیف و تشخیصها و هذا التقریب لایرد ما اوردناه علی التقریب السابق لان مفاده اکثر من مفاد القاعدة و دعوی هذا الاجماع لیست مجازفة لان المستفاد من ذوق الشارع و طریقته فی التبلیغ و الاهتمام بتنظیم حیاة الانسان بمختلف شؤونها و مجالاتها انه لایرضی بمرجعیة الاحتیاط بل لایعقل ان یکون بناء الشریعة علی وجه کلی علی الاحتیاط فان هذا یعقل لو کانت الشریعة مجموعة تکالیف فردیة لا تشریعات تتکفل تنظیم مختلف مناحی حیاة الانسان الاجتماعیة و الفردیة و السیاسیة فکتاب القضاء مثلا لایعقل فیه مرجعیة الاحتیاط و لایحتمل الفرق فقهیا بین باب و باب فمرجعیة الاحتیاط مساوقة مع تعطل الشریعة و اغراضها الاساسیة[1] .

مناقشة الاستاذ (دام ظله) فی کلام السید الصدر:

ان هذه الکلمات من السید الصدر عجیبة جدا فاننا نسئله بانه من أی دلیل استفاد ان روح الشریعة کان منافرا مع جعل وجوب الاحتیاط و لو فی فرض لم ینجر الاحتیاط الی اختلال نظام معیشة العباد؟!

نعم اذا انجر الاحتیاط الی اختلال النظام فلایکون من شأن الشارع جعله و الا فلا منافاة فی جعل وجوب الاحتیاط مع کون الشریعة موجبة لتنظیم حیاة العباد و قد اعترف السید الصدر بان جعل الاحتیاط فی الحیاة الفردیة لم یکن منافرا مع روح الشریعة مع اننا نسئله بانه ما الفرق بین الحیاة الفردیة و السیاسیة و الاجتماعیة و لماذا انه قد ارتضی بالاحتیاط فی الاول دون الاخیرین؟! و ان قال السید الصدر: بان الاسلام جاء لتنظیم الحیاة السیاسیة و لذا لایعقل ان یقول بالاحتیاط فی التعامل مع الکفار مثلا حیث ان اصلاح الامور القتصادیة و التجاریة کان فی التعامل معهم و لذا نحن نقیم دار السفارة فی بلادهم لذلک و لایکون من شأن الشارع الاحتیاط فی التعامل معهم بعد کون اصلاح الامور الاقتصادیة فی رهنه فقلنا: بان التعامل معهم ان لم یکن موجبا لاختلال نظام معیشة العباد فلماذا ادعیتم و من أی دلیل استفدتم ان جعل وجوب الاحتیاط کان منافیا مع شأن الشارع؟! و ان کان عدم التعامل معهم یوجب اختلال النظام فلم یکن من شأن الشارع جعل الاحتیاط و لکن ان نفی وجوب الاحتیاط فی هذا الفرض لما کان مختصا بالسید الصدر بل هو امر صرح به سائر الفقهاء و الاصولیین ایضا فدعوی عدم ملائمة جعل الاحتیاط مع روح الشریعة و مذاق الشارع امر جزافی و من العجیب ان السید الصدر قد ادعی بانه لایعقل جعل الاحتیاط فی باب القضاء لان الاحتیاط لما کان حاسما لمادة الترافع و النزاع و لایحتمل الفرق فقهیا بین باب القضاء و سائر الابواب الفقهیة و لکن هذا الکلام منه واضح الفساد حیث انه یمکن ان نقول بان الشارع لما قال بالاحتیاط فی باب القضاء لاننا نحتمل وجود الخصوصیة فیه مثلا ان یمین المنکر حجة فی باب القضاء و لکنه لم یکن حجة فی غیره فان احتمال الفرق غیر بعید جدا.

 


[1] بحوث فی علم الاصول، ج4، ص443 و 444.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo