< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/10/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/ادلة حجیة خبر الواحد/ادلة القائلین بحجیة خبر الواحد (دلیل العقل)

 

الخامس: و هو فيما اذا كان في قبال الخبر المثبت للتكليف أصل عملي مثبت لتكليف معاكس و هذا الأصل تارة يكون عقليا كاصالة الإشتغال و أخرى يكون شرعيا كالاستصحاب مثلا إذا افترضنا بأن الخبر قام على حرمة صلاة الجمعة و لكننا نعلم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة فكان عندنا علمان اجماليان بالنسبة إلى مادة الإجتماع و هي صلاة الجمعة: الاول: العلم الإجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة و هذا العلم الإجمالي يوجب حكم العقل بلزوم الاتيان بصلاة الجمعة و من المعلوم ان هذا العلم الاجمالي له طرفان و طرفاه هي صلاة الجمعة و الظهر؛ الثاني: العلم الإجمالي بوجود الأخبار المطابقة للواقع بين ما ورد في الكتب الروائية المدونة و هذا العلم الإجمالي يوجب حكم العقل بلزوم ترك الجمعة لأن الخبر قام على حرمتها و هذا الخبر يعد من أطراف العلم الإجمالي و لذا وجب العمل بمفاده من باب الإحتياط و من الواضح ان أطراف هذا العلم الإجمالي وسيع و يشمل جميع ما ورد في الكتب من الأخبار فإن صلاة الجمعة كانت مجمعا لعلمين اجماليين أحدهما يوجب حكم العقل بلزوم الإتيان بها و ثانيهما يوجب حكم العقل بلزوم تركها فإن قلنا بحجية خبر الواحد فحينئذ ينحل العلم الإجمالي الأول و الوجه فيه هو أن الخبر الدال علی حرمة صلاة الجمعة له مثبتان: الاول: إن صلاة الجمعة لاتجب؛ الثاني: إن صلاة الظهر واجبة و من المعلوم أن مثبتات الأمارة حجة و لكن إذا قلنا بلزوم العمل بالاخبار من باب الإحتياط فحينئذ يدخل المقام في دوران الأمر بين المحذورين و العقل يحكم بالتخيير بعد عدم تمكن المكلف من الإحتياط؛ هذا كله بالنسبة إلى الأصل العملي العقلي المثبت للتكليف و أما اذا كان الأصل العملي المثبت للتكليف اصلا شرعيا كالاستصحاب فهو مثل ما إذا دل الخبر على حرمة صلاة الجمعة مع أن الاستصحاب يقتضي وجوبها فإن استصحاب بقاء وجوب صلاة الجمعة لاتجري البتة إذ هو داخل في الاستصحاب الكلي من القسم الثالث و لكننا لم نكن في مقام بيان جريان هذا الاستصحاب أو عدم جريانه بل إنما نمثل في المقام بصلاة الجمعة و تصورنا الاستصحاب فيها حتى يتضح هنا الفارق الخامس فإن استصحاب بقاء وجوب الجمعة يقتضي وجوب الجمعة مع أن الخبر يدل على حرمتها و لذا إن هذا المورد داخل في دوران الأمر بين المحذورين و العقل يحكم بالتخيير بعد عدم تمكن المكلف من الإحتياط؛ هذا بنائا علی ان الاستصحاب کان دلیله قطعیا و اما اذا افترضنا بان دلیل الاستصحاب کان من اخبار الآحاد فحینئذ یدخل هذا المورد فی الفارق الرابع الذی قد مر ذکره.

السادس: و هو فيما اذا كان في قبال الخبر المثبت للتكليف أصل لفظي مثبت لتكليف معاكس مثلا إذا دل الخبر على حرمة صلاة الجمعة مع أن العموم أو الاطلاق القطعي صدوره يدل على وجوب صلاة الجمعة في كل عصر و زمان فلو قلنا بحجية الأخبار فيخصص عموم دليل الوجوب بما دل على الحرمة و أما اذا قلنا بتنجيز الأطراف من باب العلم الإجمالي و حكم العقل بلزوم الاحتياط فحينئذ تتصور في المقام صورتان:

الصورة الاولى: لو افترضنا بأننا ظفرنا بالمقدار المعلوم بالاجمال من المخصص القطعي بالنسبة الی العمومات المقطوعة صدورها مثلا اننا نعلم إجمالا بثلاثين مخصصا في الشريعة و قد ظفرنا بهذا المقدار من المخصص القطعي بالنسبة الی العمومات المقطوعة صدورها فحينئذ نحكم بحجية أصالة العموم الجارية في ناحية ما دل بعمومه على وجوب الجمعة و بالتالي إنحل علمنا الإجمالي بالنسبة إلى الخبر القائم على حرمة صلاة الجمعة و یخرج هذا الخبر الذي كان من أطراف علمنا الإجمالي من الطرفية لأن الحجة قامت على وجوب الجمعة و بعد قيام الحجة على وجوبها صار هذا الطرف ای الخبر الدال علی الحرمة خارجا عن الطرفية و هذا يكون مثل ما إذا قامت البينة على طهارة الاناء الشرقي بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما فإن العلم الإجمالي صار منحلا بعد قيام البينة على طهارة احد الطرفين و هذا واضح.

الصورة الثانية: لو افترضنا بأننا لم نظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال من المخصص القطعي بالنسبة الی العمومات المقطوعة صدورها مثلا اننا نعلم بثلاثين مخصصا في الشريعة مع أننا ظفرنا بعشرين منها فكان هذا المورد من مصاديق دوران الأمر بين المحذورين و الوجه فيه هو انا كنا نعلم إجمالا بحجية بعض العمومات الواردة في الأخبار لأن المفروض هو أننا لم نظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال من المخصص و لذا كان علمنا الإجمالي بإرادة بعض العمومات الواردة في الشريعة باقيا و من المحتمل أن هذا الخبر الدال بعمومه على وجوب الجمعة في كل عصر و زمان كان من جملة هذه العمومات و من هنا إن هذا الخبر كان داخلا في علمنا الإجمالي و مقتضى هذا العلم الإجمالي هو وجوب الجمعة و لزوم الاتيان بها و هكذا اننا نعلم إجمالا بمطابقة بعض الأخبار الواردة في الكتب المدونة مع الواقع و يعد ما دل على حرمة صلاة الجمعة في عصر الغيبة من جملة هذه الأخبار و نحن نحتمل بأنه كان حجة و مخصصا و من هنا كان هذا الخبر داخلا في أطراف علمنا الإجمالي ایضا و مقتضى هذا العلم الإجمالي هى حرمة صلاة الجمعة و لزوم الإجتناب عنها و لذا إن صلاة الجمعة كان مجمعا لعلمين اجماليين أحدهما يقتضى وجوبها و ثانيهما يقتضى حرمتها و من المعلوم أن المكلف لايتمكن من الإحتياط بعد دوران الأمر بين المحذورين و لذا يحكم العقل بالتخيير و لكن هنا شبهة ينبغي التعرض إليها و حاصله هو ان هذا المورد لم يكن داخلا في موارد دوران الأمر بين المحذورين و الوجه فيه هو أننا لم نظفر بجميع ما ورد في الشريعة من المخصص لان المفروض هو أننا ظفرنا بعشرين مخصصا بين ثلاثين منه و لذا إن أصالة العموم في ناحية الأخبار تتعارض معا و بعد التعارض تتساقط أصالة العموم فيها فلم تكن هنا أصالة العموم حتى يدعى بأن الأمر دار بينها و بين ما ورد في الخبر من حرمة صلاة الجمعة و لكن هذه الشبهة غير صحيحة و ينبغي أن نمثل بمثال فقهي لأجل اتضاح الفساد في هذه الشبهة مثلا لو افترضنا بأن المكلف لايعلم بالقبلة و هو يصلي بصلاة الصبح إلى أربع جهات مع أنه علم إجمالا بأنه قد ترك الركوع في إحدى الصلاة من هذه الصلوات الأربع و لكنه لايعلم بأنه ترك الركوع في أي صلاة على التعيين؟ فقد يقال: بأن قاعدة الفراغ في كل من هذه الصلوات تعارض مع قاعدة الفراغ في الباقی منها و لذا وجب علي المکلف الإتيان بالصلاة إلى اربع جهات و لكن هذا الكلام فاسد إذ من الواضح أن المكلف يجرى قاعدة الفراغ في الصلاة التي اقامها نحو القبلة و ما قيل بأن قاعدة الفراغ فيها تعارض مع قاعدة الفراغ في الباقي فاسد جدا لأن جريان قاعدة الفراغ في الباقي ليس له أثر حتى يقال بتعارضها مع قاعدة الفراغ الجارية في الصلاة الماتية نحو القبلة و إنما كانت قاعدة الفراغ ذات اثر في خصوص هذه الصلاة و هي تجري فيها بلامعارض و لايجب تعيين ما تجري فيه القاعدة على التعيين بل إنما أجرينا القاعدة في الصلاة المأتية نحو القبلة لاعلی التعیین و هذا المقدار كاف في الحكم بصحتها و هذا الكلام بعينه يطبق في المقام و الوجه فيه هو أننا نعلم إجمالا بثلاثين مخصصا و قد ظفرنا بعشرين منه و بقيت عشرة منه و لكن مع ذلك نحن نقطع بسبعين عاما يكون حجة و نحن نحتمل بأن هذا العام الذي يدل على وجوب الجمعة في كل عصر و زمان كان داخلا في العمومات التي نحن أجرينا أصالة العموم فيها لا على التعيين و من هنا ان اصالة العموم جارية في هذا الخبر و بالتالي كان المورد من موارد دوران الأمر بين المحذورين و يمكن أن يجاب عن هذه الشبهة بوجه آخر أيضا و حاصله هو أن المستشكل قال بأن أصالة العموم في ناحية العمومات تتساقط بعد التعارض معا و نحن نجري البرائة الشرعية عن وجوب صلاة الجمعة حيث إننا نحتمل الوجوب و لكن حرمة صلاة الجمعة كانت منجزة لأنها كانت مدلول الخبر الدال على التحريم و المفروض هو أن الخبر كان من أطراف العلم الإجمالي فلذا إن الحرمة كانت منجزة و لكن هذا الكلام لاينفع لإخراج المورد عن دوران الأمر بين المحذورين حيث إن طرف المعارضة في ما دل على وجوب الجمعة في كل عصر لم تكن أصالة العموم في ناحية سائر العمومات القطعیة صدورها فقط بل انها تتعارض مع البرائة الشرعية أيضا فكما أن أصالة العموم كانت تعارض معا في العمومات القطعیة صدورها فهكذا كانت معارضة مع رفع ما لايعلمون و بعد التعارض يحكم بتساقط كل من أصالة العموم و البرائة و بعد التساقط لم يبق هنا أصل عملي ناف للوجوب حتى يتمسك به لنفيه و هذا الكلام منا في المقام كان شبيها بماذكرناه في الأصل المختص و المشترك حيث قلنا بانه لافرق في التعارض و التساقط بين الأصل المختص و الأصل المشترك خلافا للسيد الأستاذ المحقق الخوئي (قدس سره) فإنه قد ذهب إلى أن الأصل المشترك في الطرفين مثلا يتعارض معا ثم يتساقط كل منهما و لكن الأصل المختص يبقى بلا معارض مثلا إذا علمنا إجمالا بنجاسة الثوب أو الماء فقد يجرى في ناحية الثوب و الماء أصالة الطهارة فإن أصالة الطهارة تعد اصلا مشتركا في المقام و انهما يتساقطان معا بعد التعارض و لكن هنا أصل مختص بالماء و هي أصالة الحل فانها تجري فيها بلامعارض و لكن نحن خالفنا السيد الخوئي (قدس سره) في ذلك و قلنا بأن الأصل المختص يعارض الأصل المشترك أيضا و كان ساقطا عن الاعتبار بعد التعارض و المقام يشبه[1] بموارد التعارض بين الأصل المشترك و المختص لأن أصالة العموم في ناحية العمومات تتعارض معا ثم تتساقط و هكذا ان البرائة الشرعية تتعارض مع أصالة العموم الجارية في العمومات القطعية صدورها و تتساقط فلا يبقى هنا أصل حتى يتمسك به لنفي الوجوب و قد عرفت آنفا بأن في موارد دوران الأمر بين المحذورين قولين:

الاول: الحكم بالتخيير مطلقا و لو مع إحتمال الأهمية في جانب دون الآخر و هذا هو مسلك السيد الأستاذ المحقق الخوئي (قدس سره) و الوجه فيه هو أن السيد المحقق الخوئي (قدس سره) قد إدعى باننا إذا احتملنا أن الشارع قد حكم بلزوم الاتيان بما كان الترجيح فيه فنأخذ بالبرائة و نحكم بأن الشارع ما حكم بلزوم الإتيان به و مع الأخذ بالبرائة من التعيين في الطرفين لكان العقل حاكما بالتخيير.

الثاني: الحكم بتعين ما هو كان محتمل الأهمية عقلا و هذا هو مسلك السيد الصدر و تمامية مسلك السيد الصدر تتوقف على تمامية حكم العقل بلزوم الاتيان بالطرف المظنون مع أن اثبات ذلك مشكل جدا بل الصحيح هو أن نقول بأن الدليل يدل على عدم جواز الركون بالظن كآية إن الظن لايغني من الحق شيئا و من هنا إن المختار هو عدم تمامية مسلك السيد الصدر في موارد دوران الأمر بين المحذورين و التفصيل في محله؛ فإن قلنا بمسلك الثاني فقال السيد الصدر بأن العلم الإجمالي العموماتي يقدم حينئذ و الوجه في التقديم هو أن عدد المعلوم بالاجمال في العام الحجة كان أكثر بكثير من عدد الأخبار المعلومة بالاجمال صدورها و لذا نحن نقدم عموم العام بنائا على مسلك السيد الصدر لأن إحتمال مطابقته كان أكثر من صدور الدليل الخاص.

 


[1] اشکال و جواب: قد يخطر بالبال أن هذا المورد لایکون من موارد تعارض الأصل المختص مع الأصل المشترك و الوجه فيه هو أن أصالة البرائة لم تكن مختصة بالعام القطعي الدال على وجوب صلاة الجمعة في كل عصر بل هي جارية في سائر العمومات القطعية أيضا و انها تتعارض مع تلك العمومات فلا تكون أصالة البرائة اصلا مختصا و لذا لايصح إدخال المورد في تعارض الأصل المختص مع المشترك و قد طرحت هذا الإشكال على الأستاذ (دام ظله) و قد أجاب عنه بوجهين: الأول: إننا لا نعلم بأن أصالة البرائة تجري في سائر العمومات القطعية أيضا حيث إننا نحتمل بأن سائر العمومات القطعية كان دالا على الأحكام الوضعية و من المعلوم أن أصالة البرائة لا تجري في الأحكام الوضعية.الثاني: .لو سلمنا و قلنا بأننا نعلم باصالة البرائة في سائر العمومات الا أن هذا لايضر باصل المطلوب لأن المطلوب هو إدخال المورد في دوران الأمر بين المحذورين مع أن المورد يدخل في موارد دوران الأمر بين المحذورين حتى بنائا على رأى السيد الخوئي (قدس سره) لأنه لم يقل بتعارض الأصل المختص مع المشترك مع أن المفروض هو أن أصالة البرائة كانت اصلا مشتركا و لذا انها تتعارض مع أصالة العموم في العمومات القطعية و بالتالي لم يكن هنا أصل عملي ناف للوجوب حتى يتمسك به لأجل اخراج المورد عن دوران الأمر بين المحذورين و بالتالي يثبت المطلوب و صار المورد داخلا في موارد دوران الأمر بين المحذورين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo