< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة خبر الواحد/أدلة القائلین بحجیة خبر الواحد (السیرة)

 

ثم إنه قد مر كلام المحقق الآخوند (قدس سره) حيث إنه قال بأن السيرة حجة اذا لم يقم دليل على الردع مع ان الدليل على ردع السيرة لم يثبت هنا لأن الرادعية دوري حيث إن رادعية الآيات متوقفة على عدم حجية السيرة و عدم حجية السيرة متوقف على رادعية الآيات و لأجل استلزام الرادعية الدور لم يثبت الردع و من الواضح أن عدم ثبوت الردع كاف في حجية السيرة و قال المحقق الاصفهاني (قدس سره) في تقريب مرام أستاذه: إنما یلزم الدور من حجية السيرة إذا قلنا بأن حجيتها متوقفة على احراز عدم الردع و أما إذا قلنا بأن حجية السيرة معلقة على عدم احراز الردع فحينئذ لا يلزم محذور الدور و الوجه فيه ظاهر و هو أن الردع بالآيات كان دوريا و من هنا لم تثبت الرادعية و بالتالي يحكم بحجية السيرة بمجرد عدم ثبوت الردع عنها فتخصص عموم الآیات و فيه: قد ظهر مما تقدم الاشكال في مقالة المحقق الآخوند (قدس سره) في المقام حيث قلنا بأن عموم الآيات الرادعة حجة بمجرد عدم وصول المخصص بأيدينا لأن حجية أصالة العموم معلقة على عدم وصول المخصص و من هنا لا يضر بحجيتها المخصص الواقعي و لما كانت حجية السيرة و مخصصيتها دوريا فلم يثبت مخصص بالنسبة إلى الآيات الرادعة حتى يمنع ذلك المخصص من حجية أصالة العموم الجارية فيها و اذا لم یثبت مخصص بالنسبة الی عموم الآیات فحینئذ تکون اصالة العموم فیها محکمة و من الواضح ان حجیة اصالة العموم فیها یمنع من حجیة السیرة و لذا لم تثبت حجیة السیرة بهذا البیان و بعبارة واضحة: ان المحقق الآخوند قد تصور الدور من طرف واحد و لذا قال بان الدور کان فی جانب الردع و استلزام الردع الدور یوجب عدم ثبوته و لذا نأخذ بالسیرة اذ لم یثبت ردع بالنسبة الیه و لکن الدور یثبت فی طرف الحجیة ایضا لان حجیة السیرة متوقفة علی عدم الردع مع ان عدم الردع متوقف علی حجیة السیرة و لاجل استلزام مخصصیة السیرة الدور لم یثبت مخصص بالنسبة الی عموم الآیات و لذا صح التمسک بالعموم الرادع لاجل عدم وصول المخصص بایدینا بالنسبة الیه.

ثم انه قد مر کلام المحقق الآخوند (قدس سره) حیث انه قال بان نسبة السیرة الی عموم الآیات نسبة الخاص الی العام فالامر یدور بین تخصیص العموم بالسیرة و بین نسخ السیرة بالعموم و لذا کان المورد من صغریات دوران الامر بین التخصیص و النسخ و من المعلوم ان کثرة التخصیص فی لسان الشارع و ندرة النسخ یوجب ان نقدم الخاص علی عموم الدلیل المتأخر و مقتضی تطبیق هذه القاعدة فی المقام هو تخصیص عموم الآیات بالسیرة و قد رد السید الصدر علی هذا الکلام و قال بما حاصله هو ان نکتة تقدیم الخاص علی عموم الدلیل عند دوران الامر بین النسخ و التخصیص لم یکن یوجد هنا و هذه النکتة هی انه فی موارد دوران الامر بین التخصیص و النسخ یقع التعارض بین الاطلاق الازمانی للخاص المتقدم و العموم الافرادی للعام المتأخر مثلا اذا قال المولا: لاتکرم الفساق من العلماء مع انه قال بعد فترة: اکرم العلماء فالاطلاق الازمانی للخاص المتقدم یقتضی حرمة اکرام العلماء الفساق سواء قبل زمان القاء الدلیل العام من المولا او بعد زمان القائه منه مع ان العموم الافرادی لخطاب اکرم العلماء یقتضی وجوب اکرام العلماء سواء کانوا عدولا او فساقا و من هنا یقع التعارض بین الاطلاق الازمانی للخاص المتقدم و العموم الافرادی للعام المتاخر و حینئذ تصل النوبة إلی ترجیح احدهما علی الآخر و نحن نقدم الاطلاق الازمانی فی جانب الخاص علی الاطلاق الافرادی فی جانب العام لان الاطلاق الازمانی اقوی من الاطلاق الافرادی حیث ان شیوع التخصیص فی الشرع و ندرة النسخ و بعده عن الاذهان العرفیة و المتشرعیة یوجب اقوائیة الاطلاق الازمانی و حینئذ یقدم الاطلاق الازمانی للخاص و معنی تقدیمه هو الاخذ بالخاص و جعله مخصصا للعام المتاخر تحفظا علی اطلاقه الازمانی و قد ظهر مما ذکرناه ان نکتة تقدیم الخاص علی العام عند دوران الامر بین النسخ و التخصیص لم تطبق فی المقام لان هذه النکتة انما تطبق فی مورد کان الخاص دلیلا لفظیا حتی ینعقد له اطلاق ازمانی یعارض مع العموم الافرادی فی جانب العام المتأخر مع ان السیرة دلیل لبی و الدلیل اللبی انما یکشف عن الحجیة باعتبار کشفه عن الامضاء و الامضاء انما یکشف عنه بتوسط عدم الردع و عدم الردع فی کل زمان انما یکشف عن الامضاء فی خصوص ذلک الزمان لا اکثر فلیس للسیرة اطلاق ازمانی حتی یقال بتقدیمه علی العموم الافرادی للعام المتأخر بعد تعارضه معه و لذا نأخذ بالعموم الافرادی و نقول بالنسخ اذ لیس فی قباله اطلاق ازمانی معارض معه و فیه: ان هذا الکلام من السید الصدر غیر تام لأن شمول الدليل العام بالنسبة إلى مورد السيرة غير معلوم في سيرة العقلاء حيث إننا نحتمل بأن عموم الآية المتاخرة لا يشمل أخبار الثقات في سيرة العقلاء لأن السيرة على العمل بقول الثقة متقدمة على نزول الآية و من المحتمل أن عموم الآية لا يشمل مورد هذه السيرة المتقدمة عند العقلاء فلا يحرز هنا نسخ حتى يقال بتعين التخصيص عند دوران الامر بين النسخ و التخصيص إذ الناسخية فرع انعقاد العموم بالنسبة إلى السيرة مع أن انعقاد العموم بالنسبة إليه غير معلوم لأننا نحتمل بأن السيرة المتقدمة كانت قرينة متصلة فكان المورد من موارد الشبهة المصداقية لتلك القاعدة و لذا لا يجوز التمسك بالقاعدة في هذا المورد بل تصل النوبة الي الأصل العملي و هو استصحاب بقاء حجية السيرة؛ هذا کله بالنسبة الی ما اورده السید الصدر علی ما افاده المحقق الآخوند من تقدیم الخاص علی عموم الدلیل عند دوران الامر بین النسخ و التخصیص و قال السید الصدر ایضا بان ما قاله المحقق الآخوند (قدس سره) من استصحاب بقاء الحجیة عند عدم صلاحیة کل من العموم و السیرة لرفع الید به عن الآخر غیر تام ایضا و یرد علی التمسک بالاستصحاب ما مر من السید الخوئی (قدس سره) حیث انه قال بان الاستصحاب لیس له دلیل الا الروایات الثابتة حجیتها بادلة حجیة خبر الواحد فلایصلح الاستصحاب لاثبات حجیة خبر الواحد مع ان دلیله لایتم الا بعد تمامیة حجیة خبر الواحد اللهم الا ان یقال بان استصحاب عدم النسخ بالخصوص دلیله الاجماع القطعی التعبدی و حینئذ لا نحتاج الی صحیحة زرارة فی حجیته و لا بأس بالتمسک بالاستصحاب هذا مضافا الی ان حجیة السیرة لم تکن متیقنة حتی جاز استصحابها لان حجیة السیرة مقطوعة و متیقنة فیما اذا احرزنا ان المولا مع التمکن و الاقتدار علی الردع لم یردع عن السیرة مع انا نحتمل بان الشارع لم یردع عن السیرة علی العمل بخبر الواحد لأجل عدم تمکنه من الردع و مع احتمال هذا الامر لم تکن حجیة السیرة متیقنة فلایتم ارکان الاستصحاب و هو الیقین السابق و الشک اللاحق و بالتالی لایجوز جریان الاستصحاب فی مثل المقام مع ان استصحاب عدم النسخ یجوز فیما اذا قطعنا النظر عن النکتة المتقدمة ذکرها و هی ان احتمال النسخ لایساوی مع احتمال المخصصیة بل احتمال النسخ متعین فی المقام لان العام المتاخر له عموم افرادی مقتض للنسخ مع ان الخاص المتقدم هی السیرة و لم یکن له اطلاق ازمانی حتی یعارض مع العموم الافرادی للعام المتأخر و لذا کان احتمال الناسخیة متعینا فی المقام فیقدم الدلیل العام و نقول بانه ناسخ للسیرة المتقدمة علیه و فیه: قد ظهر مما تقدم عدم تمامیة ما افاده السید الصدر حیث اننا نحتمل بان ظهور الدلیل فی العموم الافرادی لاینعقد بعد تقدم السیرة علیه مثلا ان السیرة قائمة علی الاخذ بقول الثقة و لکن الآیة المتاخرة نزولها رادعة عن الاخذ بالظنون فبعد تقدم السیرة عليه لاینعقد للآية ظهور فی العموم بالنسبة الی اخبار الثقات حتی یدعی بانها ناسخة للسیرة فاذاً نحن نحتمل بأن عموم الدلیل المتاخر لا يشمل سيرة العقلاء التي قد استقرت على العمل بقول الثقات و من هنا لا مجال لدعوى ناسخية العمومات للسيرة و إذا نشک في شمول العموم للسیرة فنستصحب حجية السيرة لأننا نشك في حجيتها بعد عدم احراز شمول العموم للسيرة فلايتم ما أفاده السيد الصدر من عدم صحة استصحاب حجية السيرة لأننا لا نعلم بنسخ السيرة بالآية و نشك في حجيتها فنستصحب الحجية عند الشك فيها.

ثم ان المحقق الاصفهانی(قدس سره) قال بان عموم الآیات غیر صالح للردع و الوجه فیه هو ان السیرة قائمة علی العمل بقول الثقة و السیرة حجة ما لم یحرز الردع مع ان الردع لم یحرز بالنسبة الی السیرة علی العمل بقول الثقة و من هنا نحکم بحجیة هذه السیرة مع ان السیرة قائمة علی الاخذ باصالة العموم ما لم یصل الینا خاص و السیرة علی العمل باصالة العموم حجة فی الآیات اذ لم یحرز عندنا مخصص بالنسبة الی عموم الآیات فکان عموم الآیات حجة و من الواضح عدم امکان حجیة سیرتین متنافیتین فاذا احرزنا قیام السیرة علی العمل بقول الثقة فمعناه هو عدم قیام السیرة علی العمل بظهور الآیات فلذا نحن نقول بان هذه الآیات لم تکن رادعة اذ لو کانت الآیات رادعة لأخذ الناس بعمومها مع انهم لم یأخذوا به بل استقرت سیرتهم علی العمل بقول الثقة فنعلم بان الآیات لم تکن رادعة للسیرة اذ لو قلنا بقیام السیرة علی العمل بعموم الآیات للزم القول بان السیرة علی العمل بقول الثقة حجة اذ لم یثبت الردع عنها و هکذا ان السیرة علی العمل باصالة العموم فی الآیة حجة ایضا لعدم ثبوت المخصص بالنسبة الیه فلزم اجتماع حجتین فعلیتین متناقضتین و هو محال و قد ناقش السید الصدر فی کلام المحقق الاصفهانی (قدس سره) و قال بان هذا التقریب منه غریب جدا حیث انه قال: بان السیرة علی العمل بقول الثقة یلازم مع عدم حجیة عموم الآیات بدعوی ان السیرة علی امر لم یجتمع مع السیرة علی خلافه و من هنا نحن نکشف عن قیام السیرة علی العمل بقول الثقة عدم قیام السیرة علی العمل باصالة العموم الجاریة فی الآیة و لذا لم تکن سیرة علی الاخذ بعموم الآیات حتی یدعی باننا نکشف الامضاء عن عدم ردعها مع ان هذه الدعوی بعیدة جدا اذ یمکن ان العباد لم یرتدعوا بخطاب المولا لانهم کانوا عاصین لاوامره و نواهیه مثلا ان کثیرا من الناس یعلمون بان الصلاة واجبة و لکنهم لم یأتوا بها لکونهم عاصین و عدم الاتیان بالصلاة لم یکن کاشفا عن عدم حجیة ظهور اقیموا الصلاة فی وجوب الاتیان بها و هکذا ان عدم ارتداع الناس بما ورد فی الآیة لم یکن کاشفا عن عدم حجیة اصالة العموم فیها حیث انه یمکن ان یخالف العباد ظهورات الکتاب.

مناقشة الاستاذ (دام ظله) فی کلام السید الصدر:

ربما قلنا بان سیرة الناس قد استقرت علی امر مع انهم کانوا معترفین بمخالفة سیرتهم امر الشارع و نهیه مثلا لو کنا نفترض بان السیرة قائمة علی شرب الخمر فان من شرب الخمر یعترف و یذعن بان عمله مخالف لما ورد من الشارع و لکنه ارتکب المعصیة و المخالفة لکونه متجریا علی الله تعالی و لکن ان هذا القسم من السیر خارج عن محل البحث لان الفرض هو ان سیرة المتشرعین و الذین اعتقدوا بان الشارع قد امضی سیرتهم استقرت علی العمل بقول الثقة یعنی انهم لم یعملوا بقول الثقة معترفین باننا نخالف الشریعة بل انهم یعملون بقول الثقة لانهم لا یفهمون الردع من الآیة بل یرون سیرتهم موافقة مع الشریعة و لذا لایعقل ان نقول ان سیرتهم قد استقرت علی العمل بقول الثقة معترفین بان العمل به کان من الدین و لکنهم یعملون بعموم الآیة ایضا اذ لیس هذا الا من جمع المتنافیین فتم ما افاده المحقق الاصفهانی فی المقام حیث انه قال بان قبول السیرة علی العمل بقول الثقة یمنع من استقرار سیرتهم علی العمل بعموم الآیة لانه ینجر الی الجمع بین المتنافیین و هو محال و لذا ان قلنا بان العقلاء یعملون بقول الثقة فکان هذا ملازما مع القول بانهم لایفهمون الردع من الآیة و لا تصلح الآیة للرادعیة بعد عدم فهم العقلاء الرادعیة منها اللهم الا ان یقال بان الدلیل الصالح للردع یطلق علی دلیل یصلح للرادعیة و لو ارتدع به البعض فان قلنا بهذه المقالة فلایثبت عدم رادعیة الآیات حیث انه یمکن ان یفهم جمع من الناس الردع من الآیة و هذا المقدار من الارتداع کاف فی الرادعیة و ان قلت: بان الناس لم یرتدعوا بعموم الآیة اصلا و یعملون کلهم باخبار الثقات من دون ارتداعهم بما ورد فی الآیة فقلنا: یحتمل ان یرتدع جمع من الناس بما ورد فی الآیة و لا طریق عندنا لنفی هذا الاحتمال بل قد توجد عندنا شواهد تدل علی ان بعض الاصحاب لایعملون باخبار الثقات بل یرجعون الی الائمة علیهم السلام و یسئلونهم عمن نأخذ معالم دیننا؟ مع ان السیرة لو استقرت علی العمل بقول الثقة فلا وجه لهذا السوال بعد بداهة لزوم اخذ معالم الدین من الثقات فیعلم من مثل هذه الاخبار ان سیرة جمیع الناس لما استقرت علی العمل بقول الثقات و نحن نحتمل بانهم یرتدعون بما ورد فی الآیة من الردع.

کلام السید الخوئی فی الجواب عن رادعیة الآیات:

ان السید الخوئی (قدس سره) قد ناقش فی رادعیة الآیات بوجهین و حاصل الوجه الاول هو ان آیة ان الظن لایغنی من الحق شیئا ارشاد الی ما حکم به العقل من تحصیل ما یؤمن به من العقوبة الاخرویة و مفاد الآیة هو ان ما لایؤمن معه من العقوبة الاخرویة لیس عذرا فی یوم القیامة و لذا یجب علی کل فرد تحصیل المؤمن من العقاب و هذا امر یحکم به العقل و الآیة ارشاد الیها و من هنا لاتصلح الآیة للردع لان رادعیتها فرع افتراض کون الآیة مولویة حیث انها ان کانت مولویا فهی تمنع و تردع عن العمل بخبر الواحد شرعا مع انها لیست بمولوی و لذا لاتصلح للردع و اذا قلنا بارشادیة الآیة فکان دلیل حجیة خبر الثقة و هو السیرة وارد علیها لان خبر الثقة کان مما یؤمن معه من العقوبة وجدانا و بعبارة واضحة: ان السید الخوئی (قدس سره) قال بان السیرة قائمة علی العمل بقول مطلق الثقة مع ان الردع عنها لم یثبت بقطع النظر عن هذه الآیة الشریفة و الآیة لیست صالحة للردع ایضا لکونها ارشادیة فیعلم حجیة السیرة شرعا بعد عدم الردع عنها و اذا قلنا بحجیة السیرة شرعا فکان دلیل الحجیة واردا علی عموم الآیة و فیه: ان هذا الکلام من السید الخوئی (قدس سره) غیر تام لان الاصل فی الخطابات الصادرة من المولا هو المولویة و نحن لم نرفع الید عن هذا الاصل الا مع وجود القرینة مع ان القرینة علی الارشاد منتفیة فی الآیة و لذا نأخذ بظهورها فی المولویة و ان قلت: بان القرینة علی الارشاد موجودة هنا و هی ان هذه الآیة واردة فی سیاق التندید بالکفار الذین یعولون علی الظنون و التخمینات فاستنکرته الآیة و هذا السیاق أی سیاق تعلیل استنکار طریقة الکفار بنفسه قرینة علی ان المقصود هو الاشارة الی سنخ قاعدة عقلیة او عقلائیة مفروغ عن صحتها لا قاعدة شرعیة تاسیسیة و الا لم یکن مناسبا مع مقام الاختصام و الاحتجاج فقلنا: ان ورود الآیة فی مورد الاحتجاج و الاختصام مع الکفار بقاعدة عقلیة و عقلائیة لاینافی مع مولویتها لان صدور الخطاب عمن کان له شأن المولویة یوجب حدوث احتمال العقاب فی نفس الکفار و اذا احتملوا العقاب اهتموا بالتحقیق حتی یحصل لهم العلم و الیقین بحقانیة الدین المبین و لذا ان الهدف الاصلی من نزول الآیة و هو تحریک الکفار نحو التحقیق فی حقانیة الشریعة یحصل و لو فی فرض التحفظ علی الظهور الاولی فی الخطابات الشرعیة و هو کونها صادرة عن المولا بما هو مولا فان العقل یحکم بلزوم تحصیل العلم لاجل الفرار عن العقوبة مع ان الآیة یوجب ان یحدث احتمال العقوبة فی النفس فلذا یحکم العقل بتحصیل المؤمن عن هذا العقاب المحتمل و بعد سببیة الآیة لحکم العقل بلزوم تحصیل المؤمن لا وجه لحمل الآیة علی الارشاد بل الصحیح هو ان نقول بان الارشادیة تنافی مع مورد نزول الآیة حیث ان الآیة نزلت فی مورد الکفار الذین یعبدون الاصنام و لو قلنا بان الآیة ارشادیة فلم یکن الغرض من نزول الآیة و هو ایجاد احتمال العقوبة فی نفس الکفار محققا لان الآیة ترشد الی ما حکم به العقل من تحصیل العذر مع ان الکفار قاطعین بکونهم معذورین فی عبادة الاوثان فلایرون خطاب الآیة متوجها بالنسبة الی انفسهم لان الآیة ترشد الی حکم العقل بلزوم تحصیل العذر مع انهم یرون انفسهم معذورین للقطع بحقانیة طریقة آبائهم الذین قد یسلک الکفار طریقتهم و مسلکهم فلایحصل حینئذ ما هو المهم من نزول الآیة و هو تحریک الکفار نحو التحقیق فی حقانیة الدین و اما اذا کان الخطاب صادرا ممن له شأن المولویة فیوجد لدیهم احتمال العقوبة بمجرد صدور هذا الخطاب و یرون انفسهم غیر معذورین بعد نزول الآیة لانهم یحتملون بان هذا الخطاب صادر ممن کان بیده العقاب و الثواب و بمجرد هذا الاحتمال یوجد عندهم الداعی للتحقیق فی الدین الذی أتی به الرسول (صلی الله علیه و آله) و اما اذا کان الخطاب ارشادا الی ما حکم العقل فهم یقولون بانا معذورن فی عبادة الاصنام لاننا نعتقد بحقانیة طریقة آبائنا مع ان الاعتقاد و القطع بذلک یکون عذرا عقلیا و الآیة لاتدل علی أزید من تحصیل العذر العقلی مع انا قد حصلنا ذلک فلم یکن خطاب الآیة متوجها بالنسبة الینا و قد ظهر مما ذکرناه ان حمل الآیة علی الارشاد لا یناسب مع مورد نزولها فلایتم ما افاده السید الخوئی (قدس سره) من کون الآیة ارشادیة.

و اما الوجه الثانی هو انا لو افترضنا بان مفاد الآیة مولویة و هو حرمة العمل بغیر العلم فهی لاتصلح للردع ایضا لان السیرة علی العمل بقول الثقة حاکمة علیه حیث ان العقلاء و العرف یرون خبر الثقة علما بالواقع و کاشفا عنه و فیه: ان هذا الکلام من السید الخوئی (قدس سره) غیر تام لأمرین: الاول: هو انه لم یحرز ان العقلاء یعتبرون خبر الثقة علما بالواقع و کاشفا عنه لایقال: اذا أتی ثقة عند شخص و هو یقول «بان المولا یأمرک باداء دیونک» فان العبد لو خالف المولا لصح ان یقول له المولا: «لم لاتؤدی دیونک مع انک تعلم انی قد اطلب منک اداء دیونک» فلو قال العبد للمولا بانی لااعلم بما امرتنی به لصح ان یقول له المولا: کیف لاعلم لک بما امرته به مع ان الثقة الفلانی قد اعلمک بما امرته به و قد یعلم من هذا المثال و اشباهه هو ان العقلاء یعتبرون خبر الثقة علما و لذا قال المولا للعبد: کیف لا علم لک بما امرته به مع ان الثقة الفلانی قد اعملک بما امرتُه به؟! لانه یقال: ان خبر الثقة فی هذا المثال و اشباهه کان مفیدا للعلم او الاطمئنان و لذا عاتب المولا عبده و قال له: لم عصیتنی مع العلم باوامری؟ فان الاستشهاد بهذا الشاهد انما یتم فیما اذا قلنا بان خبر الثقة کان مفیدا للظن و مع افادته للظن اعتبره العقلاء علما مع ان هذا لم یثبت لان خبر الثقة لما کان مفیدا للعلم او الاطمئنان غالبا فصح ان یقول المولا لعبده بانک لم عصیت امری مع انک علمت به؟ و الشاهد علیه هو ان العبد اذا قال للمولا: بان الثقة الفلانی قد یرتکب الخطا و الاشتباه فی النقل او کان عندی شاهد و هو يوجب أن نحتمل الخطا في نقله احتمالا ضعیفا فهل صح حینئذ ان یقول المولا لعبده بانک لم عصیت امری مع العلم به ؟ کلا لان العقلاء لایرون خبر الثقة علما تعبدیا و لذا لا یصح أن یقول المولا لعبده بعد قیام الشاهد عند العبد علی احتمال خطا الثقة فی النقل احتمالا ضعیفا بحیث یُظن معه بالوفاق بانک لم عصیتنی مع العلم بامری حیث ان خبر الثقة لیس علما تعبدیا عند العقلاء و الا لصح ان یقول المولا لعبده: لم عصیتنی مع العلم بأمري فقد ظهر مما ذکرناه ان خبر الثقة لیس علما تعبدیا فی سیرة العقلاء و لکن الناس لایحتملون عادة وقوع الخطا فی نقل الثقات و لذا یعتمدون علیه لأجل کونه مفیدا للعلم او الاطمئنان لا انه کان مفیدا للظن و لکنهم اعتبروه علما هذا اولا و ثانیا: ان آیة ان الظن لایغنی من الحق شیئا مطلقة و اطلاقها یقتضی النهی عن العمل بکل الظنون سواء اعتبرها العقلاء علما او لا و قد تعرضنا الی هذا الاشکال فی ذیل کلام المحقق النائینی (قدس سره) الذی قد مر عن قریب.

ثم ان المحقق الاصفهانی (قدس سره) قال فی تقویة رادعیة الآیة بما حاصله هو ان ظهور الآیة فی العموم کان مقتضیا للحجیة لان الظهورات کانت تقتضی الحجیة و الخاص اذا وصل الینا یقدم علی العام و یمنع من حجیتها من باب اقوی الحجتین فان الخاص لایمنع من اقتضاء العموم للحجیة سواء وصل بایدینا او لا حیث ان ما یقتضی الحجیة هو الظهور و من الواضح ان الخاص المنفصل لایضر بالظهور بل الخاص یکون مانعا من الحجیة الفعلیة لظهور الدلیل فی العموم من باب اقوی الحجتین و لیس مانعا من اقتضائه للحجیة و لذا قلنا بان العموم کان تام الاقتضاء و لکن السیرة لیست کذلک بل اقتضاء السیرة للحجیة یکون معلقا علی عدم احراز الردع فان السیرة المردوعة لایکون فیها اقتضاء الحجیة لا انها مقتضیة للحجیة و لکن الردع یمنع من حجیتها الفعلیة و من هنا ان اقتضاء السیرة للحجیة تعلیقی اذ هو معلق علی عدم احراز الردع و اذا عرفت هذه المقدمة فاعلم بان تام الاقتضاء اذا تزاحم مع غیر تام الاقتضاء یقدم علیه فان عموم الآیة مقتض للحجیة و لیس الخاص مانعا من اقتضائه للحجیة مع ان السیرة لیست کذلک لان الردع بعموم الآیة المتأخرة یزیل اقتضائها للحجیة و لذا یقدم عموم الآیات الرادعة علی السیرة و نحکم بعدم حجیة السیرة لرادعیة الآیات ثم ان المحقق الاصفهانی (قدس سره) قال: بان هذا الکلام علی فرض تمامیته انما یتم فیما اذا کانت السیرة متاخرة عن عموم الآیة و اما اذا کانت السیرة مقارنة زمانا مع عموم الدلیل فانها فی الحقیقة یمنع من انعقاد العموم و لذا لم ینعقد للآیة ظهور فی العموم فی فرض مقارنتها مع السیرة و لا یصح ان یقال بان عموم الآیة مقتض للحجیة و الوجه فی عدم انعقاد العموم للآیة هو ما مر من السید الخوئی (قدس سره) حیث انه قال بان عرف العقلاء یرون عموم الادلة منصرفا عن سیرتهم العملیة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo