< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

ثم ان المحقق الایروانی (قدس سره) قد ناقش فی کلام الآخوند بثلاثة وجوه:

الوجه الاول: ان المحقق الآخوند قد ادعی بان السیرة حجة ما لم یثبت الردع و لکن اصالة العموم لیس بحجة مع احتمال وجود المخصص واقعا فان احتمال الردع واقعا لایضر بحجیة السیرة بل یجب ان یحرز الردع حتی زالت حجیة السیرة و هذا بخلاف حجیة اصالة العموم حیث ان احتمال وجود المخصص واقعا یضر بحجیتها و من هنا قال الآخوند بان السیرة علی حجیة خبر الواحد حجة حیث انه لم یحرز الردع عنها و لکن اصالة العموم فی الآیات الناهیة عن اتباع الظن لیس بحجة لاننا نحتمل تخصیصها بالسیرة و مع وجود هذا الاحتمال تسقط اصالة العموم عن الحجیة ثم تخصص بالسیرة و قال المحقق الایروانی (قدس سره): بان هذا الکلام لیس بتام لان حجیة اصالة العموم ثابتة ما لم یصل الینا مخصص فکما ان السیرة حجة ما لم یثبت الردع عنها فکذلک اصالة العموم حجة ما لم یثبت التخصیص بالنسبة الیها فان حجیة اصالة العموم لاتسقط بمجرد احتمال وجود المخصص واقعا بل سقطت حجیتها اذا وصل بایدینا مخصص بالنسبة الیها و لا فرق بین حجیة السیرة و حجیة اصالة العموم من هذه الجهة.

الوجه الثانی: إن أصالة العموم لا تسقط عن الحجية بمجرد احتمال وجود المخصص له واقعا بل الأمر كان بالعكس و ذلك لأن السيرة حجة إذا أحرزنا الامضاء و أما اذا كنا نحتمل ثبوت الردع من الشارع فنحن لم نحرز الامضاء و من المعلوم أن السيرة لم تكن حجة في فرض عدم إحراز الإمضاء و نحن نحتمل في المقام ثبوت الردع من الشارع عن السيرة على العمل بقول الثقات و مع وجود هذا الاحتمال نحن لا نتمكن من أن نحرز امضاء الشارع و لذا نحكم بعدم حجية السيرة و هذا بخلاف أصالة العموم لأن المخصص الواصل يوجب عدم حجية أصالة العموم و أما اذا لم يثبت المخصص و لم يصل الينا فنحن نتمسك باصالة العموم و نحكم بحجيتها و بهذا البيان يظهر أن أصالة العموم في الآيات الناهية عن اتباع الظن كانت محكمة و لذا نحن نتمسك بعمومها و قلنا بأنه صالح للردع عن السيرة عن العمل بقول الثقة.

اقول: ان هذا الاشکال من المحقق الایروانی (قدس سره) تام عندی.

الوجه الثالث: ان المحقق الآخوند (قدس سره) قد تصور الدور فی ناحیة الردع و فی ناحیة عدم الردع حیث انه قال بان الردع متوقف علی عدم حجیة السیرة و عدم حجیة السیرة متوقف علی الردع ایضا کما انه قال بان عدم الردع متوقف علی حجیة السیرة و حجیة السیره متوقف علی عدم الردع ایضا فانه (قدس سره) قد تصور الدور فی کلا الطرفین أی فی الردع و عدمه و من المعلوم ان هذا لیس الا من ارتفاع النقیضین و هو محال.

مناقشة الاستاذ (دام ظله) فی کلام المحقق الایروانی:

ان هذا الاشکال من المحقق الایروانی غیر تام و ینبغی التنبیه الی امر قبل بیان المناقشة فی کلام المحقق الایروانی و هو انه لایعقل القول بان الردع و عدمه من جانب المولا مرتفعان فی مقام الثبوت بالنسبة الی شیئ واحد یعنی لایعقل القول بان الله تعالی لا رادع عن الشیئ و لا غیر رادع عن ذلک الشیئ لان القول بذلک یؤدی الی ارتفاع النقیضین و هو محال و لکن لا محذور فی ان نقول بان الدلیل فی مقام الاثبات لایدل علی الردع و لایدل علی عدم الردع ایضا یعنی لایستفاد من هذا الدلیل الردع و لا یستفاد منه عدم الردع ایضا فان هذا شأن جمیع الخطابات المجملة مثلا اذا قال المولا اکرم العلماء الا الفساق منهم فنحن نشک فی ان الفاسق هل یطلق علی خصوص مرتکب الکبیرة او یطلق علی مرتکب الصغیرة ایضا فکان هذا الدلیل مجملا بالنسبة الی مرتکب الصغیرة و لایدل علی حرمة اکرامه کما انه لایدل علی عدم حرمة اکرامه فان المحقق الآخوند قال بانه لایستفاد من الآیات الناهیة عن اتباع الظن الردع و عدمه حیث ان دلالة الآیة علی الردع و عدمه دوری و لذا لاتدل الآیة علی الردع و عدمه و قد عرفت ان هذا الکلام لامحذور فیه اصلا.

توجیه ما قاله الآخوند من عدم رادعیة الآیات عن حجیة خبر الواحد:

ان احسن التوجیه لکلام المحقق الآخوند هو ما ورد فی کلام جمع من المحققین کالشیخ عبد الکریم الحائری و المیرزا النائینی و السید الخوئی (اعلی الله مقامهم) حیث انهم قالوا بان الکبریات الواردة فی الشریعة کانت علی قسمین:

الکبری التأسیسیة: مثل «لاضرر و لا ضرار فی الاسلام» فانها کبری تأسیسیة لأن کبری قبح الضرر لاتکون کبری عقلیة و لا عقلائیة حتی یقال بان قاعدة لاضرر إمضاء لتلک الکبری.

الکبری الامضائیة: مثل احل الله البیع فان المحقق النائینی قدس سره قال بان هذا الدلیل امضاء لما یراه العقلاء بیعا صحیحا و هکذا آیة «ان الظن لایغنی من الحق شیئا» فالعقلاء لایعملون بالظنون الغیر المعتبرة و من هنا اذا دل دلیل من الشرع علی عدم اعتبار الظن فالعقلاء یرونه امضائا لما کانوا یعتقدون به و لذا قال الشیخ عبد الکریم الحائری (قدس سره): ان آیة ان الظن لایغنی من الحق شیئا لاتکون متعرضة الی ما قامت السیرة العقلائیة علی العمل به و لذا انها لا تکون متعرضة الی مسئلة حجیة خبر الواحد لان السیرة قامت علی العمل به و لکن الآیة ناظرة الی تائید السیرة القائمة علی عدم العمل بالظنون الغیر المعتبرة و لاتکون فی مقام ردع السیرة العقلائیة و فیه: ان هذا الکلام لیس بتام لان الآیة ان کانت ناظرة الی تائید السیرة و امضائها فتصیر کاللغو لان السیرة اذا قامت علی عدم العمل بالظنون الغیر المعتبرة فما الوجه فی النهی عن اتباع تلک الظنون؟! و يمكن أن يقال: ان هذا المعنی للآیة مخالف لشأن نزولها حیث ان الآیة نزلت فی النهی عما قامت علیه سیرة الکفار من اتباع آبائهم فی عبادة الاصنام حیث انهم یعلمون بان الاصنام لیست الا الجوامد الفاقدة للشعور و لکنهم یعبدون الاصنام و یرونها مستحقة للعبادة إتباعا لآبائهم و هي تكون سيرة لهم في ذلك الزمان اللهم الا أن يقال بأن التقليد من الآباء مع العلم بخطأ طريقتهم ليس عقلائيا في ذلك الزمان أيضا و إن العقلاء لما يرون العابد للأصنام معذورا في تقليده لآبائه و لذا إن الكفار يعملون على خلاف الروية العقلائية الثابتة بينهم و لكن هذا الكلام لايخلوا عن تأمل و إشكال و الوجه في ذلك هو أن الكفار لو لم يعملوا على وفق الروية العقلائية بينهم فلماذا لايلومون أنفسهم في التقليد عن آبائهم الضالين بل اعتقدوا بأن الحق كان معهم في عبادة الأصنام للإتباع عن الآباء؟!

ثم ان السید الصدر قال: ربما یتوهم ان الشیئ المتوقف علی نفسه انما یستحیل وجوده فی الخارج فالشیئ یمکن ان یتوقف علی نفسه بقطع النظر عن الوجود و لکنه یستحیل وجوده فی الخارج فلایمکن ان یوجد شیئ فی الخارج و هو کان علة لنفسه فالمستحیل هو وجود الشیئ المتوقف علی نفسه فی الخارج لا اصل التوقف فان اصل التوقف ممکن و لکن وجود الشیئ المتوقف علی نفسه محال فی الخارج ثم قال السید الصدر: بان هذا التوهم خاطئ لان نفس توقف الشیئ علی نفسه محال و لو مع قطع النظر عن وصف الوجود لان معنی توقف الشیئ علی نفسه ان یکون الشیئ علة لنفسه و من المعلوم نفس علیة الشیئ لنفسه محال عقلا و لو مع قطع النظر عن وصف الوجود فلا یصح القول بان توقف الف علی ب و توقف ب علی الف ممکن عقلا و متصور و لکنه مستحیل وجوده فی الخارج اذ لم نجد موردا ان یکون الف متوقفا علی ب و ان یکون ب متوقفا علی الف و ان قلت: ان حجیة السیرة متوقفة علی عدم ردع الشارع و عدم الردع متوقف علی حجیة السیرة و هکذا ان عدم حجیة السیرة متوقف علی الردع و الردع متوقف علی حجیة السیرة فهذا دور متصور و لکن الردع لم یوجد فی الخارج لان وجوده فی الخارج ممتنع و لکن اصل التوقف ممکن و متصور عقلا ثم اجاب السید الصدر عن هذا الاشکال مفصلا و هو اراد ان یقول بان نفس التوقف محال حتی فی هذا المثال و تفصیل الکلام هو ان السیرة المخصصة لإطلاق الآیات و عمومها قد تکون قرینة متصلة و مانعة من انعقاد ظهور الآیات فی الاطلاق و العموم و قد تکون قرینة مفصلة فعلی الاول لا معنی للدور اذ افترضنا بان السیرة کانت بمنزلة القرینة المتصلة المانعة من انعقاد اصل الظهور و اذا لم یکن للخطاب ظهور بالنسبة الی مورد السیرة فلا معنی لان نقول بان عدم الردع کان متوقفا علی حجیة السیرة حیث ان عدم الردع کان متوقفا علی اصل وجود السیرة تکوینا فان السیرة بوجودها التکوینی یوجب انصراف الآیات عنها اذ المفروض کونها قرینة متصلة و لذا ان الآیات لاتشمل مورد السیرة بمجرد وجودها فی الخارج فان عدم الردع متوقف علی وجود السیرة و لکن حجیة السیرة متوقفة علی عدم الردع و بهذا البیان ینتفی محذور الدور و توقف الشیئ علی نفسه لان هذا المحذور یلزم فیما اذا قلنا بان عدم الردع کان متوقفا علی حجیة السیرة مع ان عدم الردع لایکون متوقفا علیها بل یکون متوقفا علی وجود السیرة تکوینا و خارجا و اما اذا افترضنا بان السیرة کانت بمنزلة القرینة المنفصلة فحینئذ إما قلنا بان مطلق الرادع و لو لم یکن حجة مضر بحجیة السیرة و إما قلنا بان الرادع الحجة مضر بحجیة السیرة اما اذا قلنا بان مطلق الرادع و لو لم یکن حجة مضر بحجیة السیرة فلایلزم حینئذ محذور الدور لان حجیة السیرة متوقفة علی عدم الردع و لکن عدم الردع لایتوقف علی حجیة السیرة بل یتوقف علی عدم وصول ذات البیان الرادع و هو موجود هنا حیث ان عموم الآیات کان رادعا لحجیة السیرة لانا افترضنا ان الحجیة معلقة علی عدم وصول مطلق ما یکون رادعا و لو لم یکن بحجة فالحجیة متوقفة علی عدم الردع و لکن عدم الردع متوقف علی عدم وصول ذات الرادع و بهذا البیان ینتفی محذور الدور ایضا و اما اذا افترضنا بان الرادع الحجة مضر بحجیة فحینئذ یشکل الامر اذ یمکن ان یقال باستلزام محذور الدور فی هذا الفرض لان حجیة السیرة متوقفة علی عدم حجیة عموم الآیات و عدم حجیة عموم الآیات متوقف علی حجیة السیرة ایضا فیلزم الدور و لکن لا مجال لهذا التوهم ایضا و ینبغی تقدیم مقدمة لاندفاع هذا المحذور فی المقام و حاصل المقدمة هو ان حجیة السیرة انما أحرزت بعد کشف الامضاء و عدم الردع کان کاشفا للامضاء بالبرهان الانی لان عدم الردع معلول للامضاء فان المولا لما کان راضیا بهذا الفعل فیسکت و لم یعترض علیه فان سکوت المولا و عدم ردعه کان کاشفا لارتضائه بالفعل کشفا انیا و اذا عرفت هذا فاعلم بان عدم الردع کان کاشفا للامضاء اذا لوحظ مع قطع النظر عن حجیة السیرة لان کشف حجیة السیرة انما کان فی طول عدم الردع فلامعنی لأن یعلق عدم الردع علی الشیئ المنکشف بعده فان حجیة السیرة و ان کانت متوقفة علی عدم الردع و لکن عدم الردع لیس متوقفا علی حجیة السیرة لان عدم الردع انما یکشف عن الامضاء بقطع النظر عن حیثیة حجیة السیرة و هکذا ان حجیة الرادع انما کانت مع قطع النظر عن حجیة السیرة فان الحجیة اللولائیة کانت شرطا فی الرادعیة یعنی اذا کان عموم الدلیل و اطلاقه حجة بشرط قطع النظر عن حجیة السیرة فصح حینئذ ان نقول بان السیرة مردوعة بهذا الرادع و لایصح ان نقول بان الرادعیة انما تتوقف علی عدم حجیة السیرة حیث انه یلزم من ذلک ان لایمکن صدور الخطاب الرادع من المولا اصلا اذ لو صدر نص صریح من المولا فی ردع السیرة لکانت حجیته متوقفة علی عدم حجیة السیرة و لذا کانت حجیته دوریا و لذا لم تثبت الرادعیة و لذا انه یعارض فی الحقیقة مع السیرة و لم یردع عنها.

اقول: ان السید الصدر ماذا اراد بکلامه فی المقام؟ فان اراد ان یقول بان الدور و توقف الشیئ علی نفسه ممتنع ذاتا لا وقوعا ففیه: ان المراد من الممتنع الذاتی هو ما یکون تصوره مساوقا مع الجزم و التصدیق باستحالته و من المعلوم أن الدور ليس كذلك و الشاهد عليه هو أن المحققين الا الشاذ القليل منهم قد قالوا بأن الدور ليس إمتناعه ذاتيا بل كان امتناعه وقوعيا مع أن الامتناع الذاتي أمر بديهي بحيث كان تصور الممتنِع ذاتا مساوقا مع الجزم و التصديق بامتناعه و استحالته فلو كان الدور ممتنعا ذاتا فلماذا لم يفهمه المحققون مع أن امتناعه كان أمرا بديهيا بحيث كان تصور الدور مساوقا مع الجزم باستحالته؟! و لكنه إن أراد بيان أمر آخر في استحالة الدور غير كونه ممتنعا ذاتيا فنحن لا نفهم كلامه حتى يمكن لنا أن نناقش فيه و ان اراد ان یقول بان الدور یستحیل تحققه خارجا فان هذا مما لا ینکره احد من المحققین و الأعلام فلا وجه لإتعاب النفس فی اثبات هذه المقالة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo