< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة خبر الواحد/ادلة القائلین بحجیة خبر الواحد (الاخبار)

 

ثم ان الشیخ الاعظم (قدس سره) قد تعرض الی جملة من الاخبار التی توهم دلالتها علی حجیة خبر الثقة و نحن نتعرض هنا الی هذه الاخبار ثم نناقش فی دلالتها:

الاولی: روایة الحارث ابن المغیرة عن الصادق (علیه السلام) قال: اذا سمعت من أصحابک الحدیث و کلهم ثقة فموسع علیک حتی تری القائم و فیه: ان غایة ما یدل علیه هذا الخبر هو حجیة خبر الثقة الامامی لمکان قوله (علیه السلام): «اذا سمعت من أصحابک» و لایدل علی حجیة قول الثقة الغیر الامامی و سیأتی الکلام مفصلا فی هذا الحدیث ان شاء الله.

الثانیة: روایة ابن الجهم عن الرضا (علیه السلام) قلت: یجیئنا الرجلان _و کلاهما ثقة_ بحدیثین مختلفین فلانعلم أیهما الحق قال: اذا لم تعلم فموسع علیک بأیهما أخذت و قد یقال بان هذا الخبر یدل علی حجیة خبر الواحد بتقریب: ان هذا الخبر یدل علی ان المرکوز فی ذهن الراوی هو کون الوثاقة تمام الموضوع للحجیة و لذا قال: یجیئنا الرجلان و کلاهما ثقة فان کان العدالة شرطا فی حجیة الخبر فکان علی الراوی ان یذکره لانه کان فی مقام بیان شرط حجیة الخبر مع انه لم یذکر الا قیدا واحدا و هو الوثاقة فیعلم من ذلک ان تمام الموضوع لحجیة الخبر فی ارتکاز الراوی کان الوثاقة لا العدالة مع ان الامام (علیه السلام) قدأمضی ارتکازه فی جوابه عنه و فیه: ان الراوی لم یکن فی مقام بیان شرائط حجیة الخبر و انما کان فی مقام بیان السؤال عن تکلیفه عند المواجهة مع الخبرین المتعارضین و ان قلت: بانه ان لم یکن فی مقام بیان شرط حجیة الخبر فلماذا ذکر قید الوثاقة فقلنا: بان الوثاقة تکون من الاوصاف التی قد یصعب احرازها حیث ان احراز ذلک یحتاج الی التحقیق و التبین و هذا بخلاف احراز العدالة و الاعتقاد بالامامة و الولایة فانه لایحتاج الی التحقیق و التبین لان الاعتقاد بالامامة قد أحرز بسهولة مثلا اذا نری ان الشخص یصلی علی وفق مذهب اهل البیت علیهم السلام فنطمئن بانه إمامی فان احراز ذلک لیس بصعب و هذا بخلاف احراز الوثاقة و التحرز عن الکذب فان احراز ذلک یکون صعبا و یحتاج الی التبین و التحقیق و لذا قد خصه الراوی بالذکر و هذا لیس لأجل کون الوثاقة تمام الموضوع عنده لتحقق الحجیة هذا مضافا الی اننا لو افترضنا بان الوثاقة کانت من الشروط الوحیدة لتحقق الحجیة فی ارتکاز الراوی و لکن لایستفاد من کلام الامام (علیه السلام) تأئید ارتکازه لان الامام (علیه السلام) لیس فی مقام بیان شرائط الحجیة اصلا حتی یقال بانه (علیه السلام) امضی ارتکاز الراوی بل الامام (علیه السلام) انما کان بصدد بیان احکام التعارض بعد افتراض حجیة الخبرین معا و لم یکن فی مقام بیان الشروط اللازمة فی تحقق حجیة الخبر.

الثالثة: ما في الاحتجاج عن تفسير العسكري (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب... الآية) * - من أنه قال رجل للصادق (عليه السلام):

" فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعون من علمائهم، لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم؟ فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم".

فقال (عليه السلام): " بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة: أما من حيث استووا، فإن الله تعالى ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم بتقليدهم علماءهم، وأما من حيث افترقوا فلا.

قال: بين لي يا بن رسول الله؟

قال: إن عوام اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن وجهها بالشفاعات والنسابات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم، وعلموهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله تعالى ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله تعالى، فلذلك ذمهم لما قلدوا من عرفوا ومن علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم.

وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا، والترفرف بالبر والإحسان على من تعصبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا.

فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء، فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم. فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة، لا جميعهم. فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا، ولا كرامة.

وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلة معرفتهم، وآخرون يتعمدون الكذب علينا، ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم نصاب لا يقدرون على القدح فينا، فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة، فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند أعدائنا، ثم يضعون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا، فضلوا وأضلوا، أولئك أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد - لعنه الله - على الحسين بن علي (عليه السلام) "، انتهى.

قال الشیخ الاعظم (قدس سره) فی دلالة هذه الروایة علی حجیة خبر الثقة بما هذا نصه:

دل هذا الخبر الشريف اللائح منه آثار الصدق على جواز قبول قول من عرف بالتحرز عن الكذب وإن كان ظاهره اعتبار العدالة بل ما فوقها، لكن المستفاد من مجموعه: أن المناط في التصديق هو التحرز عن الكذب، فافهم.

مناقشة الاستاذ (دام ظله) فی کلام الشیخ الاعظم:

و العجیب من الشیخ (قدس سره) حیث انه قد اعترف بان هذه الروایة تدل علی ان العدالة بل ما فوقها شرط فی حجیة الخبر و لکنه قال بان المستفاد من المجموع هو ان المناط فی التصدیق هو التحرز عن الکذب و لکن لایخفی ما فی هذه الدعوی من الاشکال لان قول الامام (علیه السلام): « فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه» یدل علی ان مرتبة عالیة من العدالة شرط فی اتصاف خبر الثقة بالحجیة و لعل قوله (قدس سره) فی خاتمة کلامه «فإفهم» اشارة الی هذه الجهة.

و ربما یقال بان هذا الخبر یدل علی اعتبار الوثاقة فی اعتبار الروایة فلذا نحکم بمقتضی هذه الروایة علی ان الوثاقة معتبرة فی حجیة الخبر دون العدالة و الاعتقاد بالامامة والولایة ثم ان القائل بدلالة هذه الروایة علی حجیة خبر الثقة قد تعرض الی اشکال و قام بصدد الجواب عنه و حاصل الاشکال هو ان قوله (علیه السلام) یدل علی ان المخالفة مع الهوی کان من الشروط اللازمة فی حجیة الخبر فلماذا قد ذکر الامام (علیه السلام) هذا القید مع ان الوثاقة کان شرطا وحیدا للحجیة فقد أجاب قائل هذا الکلام عن هذا الاشکال بما حاصله هو ان اتباع الاهواء النفسانیة قد یوجب الخروج عن الحق و القول بما لایکون موافقا مع الواقع فان من یوافق امیاله تصدر منه الاقوال الکاذبة عادة و لذا لایکون قوله حجة بمقتضی هذا الخبر و اما من أحرز عندنا وثاقته وصدق لسانه لکان قوله حجة و لو کان منحرفا عن طریق اهل البیت (علیهم السلام) و بعبارة واضحة: ان من کان متبعا لهوی نفسه و یرتکب الفسوق و المعاصی کان فی مظان الاتهام بالکذب و اما من کان منحرفا عن مکتب اهل البیت علیهم السلام لیس فی معرض الاتهام بالکذب دائما بل ان احرز وثاقته و صدق لسانه فکان خبره حجة بمقتضی هذه الروایة و فیه: ان هذا الکلام عجیب جدا اذ من الواضح انه لا یعقل ان نفصل و نقول بان متابعة الاهواء یوجب صدور الکذب من القائل عادة و لکن اتباع المذهب الباطل لایوجب صدور الکذب من القائل! فان من یعتقد بخلافة الثلاثة (لعنة الله علیهم) مثلا لایتکلم بالباطل و الکذب لتعصبه علی ائمته و لایکون فی مظان الاتهام بذلک؟! فانه یتکلم بالباطل و الکذب قطعا لان حب الشیئ یعمی و یصم و لذا ان الاعتقاد بالمذاهب الباطلة ینافر مع الوثاقة و التحرز عن الکذب عادة فهذا ما نری فی التاریخ ان علماء العامة کثیرا ما یتکلمون بما هو کذب بَیِّن لأجل الذب عن عقائدهم الباطلة فکیف یمکن الارتضاء بان الوثاقة کانت تجمع مع الاعتقاد بالباطل و لکنها لاتجمع مع اتباع الاهواء؟! و خلاصة الکلام هی انه لا فرق بین من یعتقد بالباطل و بین من یتابع اهوائه فلذا لایعقل ان نفصل و نقول بان من یعتقد بالباطل یمکن ان یکون ثقة و بالتالی یحکم بحجیة قوله و لکن المتبع لهوی النفس لایمکن ان یکون ثقة عادة و لذا لایحکم بحجیة قوله فهذا التفصیل مما لا وجه له اصلا مع ان تعابیر الامام العسکری (علیه السلام) فی هذه الروایة أقوی شاهد علی شرطیة العدالة باعلی مرتبة منها اذ الامام (علیه السلام) قال: «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه» فان هذه التعابیر من الامام (علیه السلام) تدل علی شرطیة العدالة بوضوح هذا مضافا الی ان القول بدلالة الخبر علی حجیة قول الثقة و لو کان فاسد العقیدة لایناسب مع ارجاع الامام (علیه السلام) عموم الشیعة الی تقلید الفقیه المخالف مع هوی النفس فان القول بان الامام (علیه السلام) ارجع عموم الشیعة الی الفقیه العامی المتحرز عن الکذب قول لایمکن ان یلتزم به احد و لذا قلنا بان اللام فی الفقهاء کان بدلا عن المضاف الیه فالمراد من الفقهاء هو فقهاء الامامیة هذا مضافا الی ان من کان له حظ قلیل من العقل و العلم و الانصاف لا یعتقد بما یعتقد به العامة عن بصیرة و تحقیق اذ کیف یمکن الارتضاء بالاعتقاد بهذا المسلک الباطل بعد وجود الآیات البینة و بعد وصایا النبی (صلی الله علیه و آله) بالتسلیم و الاطاعة لأمیر المؤمنین (صلوات الله علیه) مع ان النبی (صلی الله علیه و آله) لم یقل فی أی روایة: «ایها الناس ان وصیتی بعلی (علیه السلام) کرارا و مرارا لایدل علی ولایته علیکم فلایشتبه علیکم الامر» فان هذا لم یجئ من النبی (صلی الله علیه و آله) و لو فی خبر ضعیف مع ان وصیته بامیر المومنین (علیه السلام) و لزوم اطاعته و التسلیم لاوامره قد ورد منه بطرق متعددة کانت فوق حد التواتر بحیث ان الاشارة الیها هنا بنحو الاجمال یوجب اطالة الکلام فلذا لامجال للاعتقاد بما یعتقد به العامة بعد وجود الآیات الباهرة و الاخبار المتواترة الصریحة علی ولایة امیر المومنین (علیه السلام) و من هنا قلنا بان من کان یعتقد بهذا المذهب و له حظ من العلم، کان لاجل الاتباع عن آبائه او کان لاجل تأمین الاغراض الدنیویة و المادیة فلذا لایجتمع الوثاقة و التحرز عن الکذب مع الاعتقاد بهذا المسلک عادة حیث ان من کان له حظ من العلم لا یعتقد بهذا المسلک عن البصیرة و التحقیق بل یعتقد به لاجل امور أخر کانت ترتبط بالدنیا لا الدین ربما یقال: ان من کان منحرفا عن مکتب اهل البیت (علیهم السلام) ربما کانت له منزلة رفیعة فی المجتمع و هذه المنزلة توجب احترازه عن الکذب عادة فنحن نعتمد بقوله لانا نطمئن بانه کان متحرزا عن الکذب لأجل التحفظ علی مکانته العظیمة فی المجتمع و فیه: ان هذا الکلام غیر صحیح ایضا لان من کانت له المنزلة الرفیعة فی المجتمع یتحرز عن الکذب فیما اذا کان الکذب مضرا بمنزلته و مکانته فی المجتمع و اما اذا کان الکذب موجبا لرفعة مقامه و علو شأنه فهو یکذب قطعا حتی ارتفع بکذبه منزلته فی المجتمع.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo