< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد عبدالله احمدی‌شاهرودی

1401/09/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأمارات/حجیة خبر الواحد/ادلة القائلین بحجیة خبر الواحد (آیة النفر)

 

منها: (مناقشة المحقق الآخوند فی دلالة آیة النفر):

ان المحقق الآخوند (قدس سره) قد ناقش فی التقریب الاول من التقاریب التی قد ذکرت لاثبات وجوب الحذر و حاصله هو انه لا ملازمة بین محبوبیة الحذر و وجوبه عقلا و شرعا اذ الوجه فی الملازمة العقلیة هو ان المقتضی للحذر إما کان موجودا و إما لیس بموجود فلو کان المقتضی موجودا فان الحذر واجب فی هذا التقدیر لان المراد من المقتضی هو احتمال العقوبة و من المعلوم ان دفع العقاب المحتمل واجب عقلا و ان لم یکن المقتضی موجودا فلا معنی للحذر من العقاب فی هذا التقدیر اذ لایحتمل العقوبة اصلا و لذا لا یصح ان یقال بان الحذر من العقاب مطلوب اذا لم یکن المقتضی له موجودا اذ لا عقاب من دون المقتضی حتی صح ان یقال بان الحذر منه مطلوب و هذا البیان صحیح فیما اذا قلنا بان المراد من الحذر فی الآیة هو الحذر من العقوبة و اما اذا کان المراد من الحذر هو الحذر من تفویت مصلحة الواقع او الالقاء فی مفسدة ترک الواقع فحینئذ کان الحذر مستحبا و مطلوبا لا واجبا و المراد من الحذر فی الآیة الشریفة هو هذا المعنی و لذا لایلازم مطلوبیة الحذر مع وجوبه بهذا البیان و اما الملازمة الشرعیة منتفیة لان الوجه فی الملازمة الشرعیة هو الاجماع المرکب و القول بعدم الفصل مع ان الاجماع المرکب لم یثبت فی المقام لان غایة ما کان ثابتا فی المقام هو عدم القول بالفصل لا القول بعدم الفصل و المراد من القول بعدم الفصل هو ان کافة العلماء قد تعرضوا الی مسئلة و اختاروا فیها أحدا من القولین و هذا هو الاجماع المرکب و لذا کان حجة و اما المراد من عدم القول بالفصل هو نفی الخلاف یعنی ان کافة العلماء لم یتعرضوا الی المسئلة بل طرح جمع من العلماء مسئلة و اختاروا فیها احدا من القولین فهذا هو عدم الخلاف لا الاجماع و انت تعرف ان عدم الخلاف فی مسئلة فاقد للقیمة.

مناقشة المحقق الاصفهانی:

ان المحقق الاصفهانی (قدس سره) قد ناقش فی کلام الآخوند و قال: الانصاف ان الانذار و التحذر بملاحظة ترتب العقوبة أنسب اذ المتعارف من الانذار من المبلغین للاحکام فی مقام الحث علی العمل بها بیان ما یترتب علی الفعل او الترک من العقوبات الاخرویة دون المصالح و المفاسد فیکون التحذر المنبعث عنه تحذرا من العقوبة و فيه: إن مجرد الأنسبية لم يوجب ظهور الآية في الحذر من العقاب مع أن المطلوب للمستدل هو القول بأن الظاهر من الحذر في الآية الشريفة هو الحذر من العقاب.

تحقیق حول معنی کلمة لعل:

قد مر سابقا کلام المحقق الاصفهانی (قدس سره) حول معنی کلمة لعل حیث انه قال: ان کلمة لعل لا تستعمل دائما لترقب حصول ما هو مطلوب و محبوب و لذا قال بان معنی کلمة لعل لیس الترجی اذ ربما تستعمل فی ما هو مکروه و مبغوض حصوله و تحققه فان المحقق الاصفهانی بعد التذکر الی هذه النکتة نقل کلاما من الفراء و حاصله هو ان کلمة لعل ان استعملت فی الجملة الایجابیة فهی کانت بمعنی الرجاء و ان استعملت فی الجملة النافیة فهی بمعنی الخوف و الکراهیة ثم اشکل المحقق الاصفهانی علی هذا الکلام و قال: لا معنی لتغیر مادة اللفظ معنی بتفاوت الاثبات و النفی ثم شرع المحقق الاصفهانی فی بیان کلمة لعل و قال بما هذا نصه:

و الظاهر ان هذه الکلمة انما یقال فیما کان الشیئ فی معرض احتمال الوقوع سواء کان مرجوا ام لا کما لا یخفی علی المصنف و فی صحاح الجوهری: لعل کلمة الشک فیوافق ما استظهرناه و یؤکده ان مرادف هذه الکلمة فی الفارسیة کلمة (شاید) لا کلمة (امید) فتدبر.

و ناقش السید الصدر فی مقالة المحقق الاصفهانی (قدس سره) و قال بان کلمة لعل و ان کانت موضوعة لترقب مدخولها الذی هو جزء من الترجی سواء کان محبوبا او مکروها مخوفا الا ان هذه الآیة الشریفة تدل علی محبوبیة الحذر و مطلوبیته لمکان القرینة فان هذا الکلام من السید الصدر و ان کان تاما الا ان المحقق الاصفهانی لیس بصدد بیان عدم دلالة الآیة علی مطلوبیة الحذر بداهة ان هذا الکلام لایصدر من اوائل الطلبة فضلا عن المحقق الاصفهانی بل انه یرید ان یقول بان الاستناد الی کلمة لعل لاثبات مطلوبیة الحذر غیر صحیح.

کلام المحقق الاصفهانی فی استحالة الترجی من الله:

ان ثبوت الترجي في مقام ذاته تعالى غير معقول ، لأنه لا يكون إلا مع الجهل بالحصول المستحيل في حقه تعالى ، إلا أنه بالإضافة إلى المرتبة الأخيرة من مراتب فعله تعالى أمر معقول ، كالعلم المنطبق على الموجود الخارجي ، فإنه من مراتب علمه الفعلي ، فكذا كون الفعل مرجوّ الحصول بلحاظ تأدية الأسباب المنتهية إلى مسبّب الأسباب له نحو من الانتساب إليه تعالى كما في البداء والتردّد المنسوبين إليه تعالى في الآيات والرّوايات ، فافهم ذلك إن كنت أهلا لذلك.

اقول: کیف تصور المحقق الاصفهانی (قدس سره) الترجی الحقیقی فی ذات الله سبحانه و تعالی مع اعترافه بان الجهل کان ماخوذا فی معناه و کیف ربط هذا المقدار من البیان بالمدعی فی المقام؟! هذا مضافا الی ان ظاهر کلام المحقق الاصفهانی هنا خطأ و اشتباه.

نکتة استطرادیة (الهدف الاقصی من البعثة): إن الهدف الأقصى من إرسال الرسل و انزال الكتب ليس العقاب لأن العقاب إنما يكون في طول بعثة الأنبياء حيث إنه لا معنى للعقوبة من دون اتمام الحجة بإرسال الرسل و إنزال الكتب كما نطق بذلك القرآن الكريم حيث قال: ﴿و ما كنا معذبين حتى نبعث فيهم رسولا﴾[1] فالغرض من إرسال الرسل و بعث الأنبياء إنما هو إتمام الحجة على العباد و هذا أمر نطق به الكتاب أيضا حيث قال:

﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[2] فإن العقوبة إنما تأتي بعد اتمام الحجة ببعث الأنبياء و من هنا قلنا بأن العقاب إنما كان في طول بعث الأنبياء و لا يصح أن يقال بأن البعثة كان معلولا لصحة العقوبة و حسنها و إن قال شخص بأن الهدف الأقصى من البعثة كان تصحيح العقاب و حسنه فقلنا بأن هذا الشخص لم يعرف الله حقيقة حيث إن بعث الأنبياء لتصحيح العقاب يخالف الحكمة الإلهية لأن منزلة الرب بالنسبة إلى العباد كان كمنزلة الأب الشفيق بالنسبة إلى طفله الصغير لأن الأب الشفيق ينصح طفله دائما و يأمره بمطالعة دروسه حتى يكمل نفس الطفل في ضوء العمل بوصايا والده و يقول الوالد للطفل: إنك إن عصيتني و تهاونت بأمري فإني أعاقبك و أضربك فإن غرض الوالد من الأمر بالمطالعة إنما كان لأجل وصول الطفل إلى مرتبة عالية من الكمال و ليس امر الوالد بالمطالعة لأجل تصحيح عقوبة الطفل لأن غرض الوالد الحكيم من الأمر و النهي لا يتعلق بالضرب و العقوبة بل غرضه إنما يتعلق بكمال الطفل في ضوء العمل باوامره و نواهيه و إن قلت: بأن الغرض إن لم يتعلق بالعقوبة فلماذا قال الوالد إلى ولده بأنك إن عصيت أمري فإني أعاقبك؟! فقلنا: إن تعيين العقاب من ناحية الوالد إنما كان هو الضامن لإجراء أوامره اذ لو لم يعين الوالد عقابا فيمكن أن يتهاون الطفل بإجراء أوامره هذا مضافا الى ان الادلة الكثيرة تدل على ان الله تبارك و تعالى تواب رحيم و سبقت رحمته غضبه و کان أرأف بعباده من الأم الشفيقة إلى ولده فبعد وجود هذه الأدلة بتضافرها و كثرتها لا مجال للقول بأن هدفه من البعثة هو تصحيح العقوبة اذ القول بذلك ينافي مع رحمته و كرامته و من هنا قلنا بأن الهدف الأقصى و العلة النهائية لبعثة الأنبياء ليس التحذير من العقوبة و النار بل الهدف منها هو تكميل النفوس بواسطة التقرب إلى الله سبحانه و تعالى و قد نطق بذلك القرآن الكريم حيث قال:

﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ اذْبَعَثَ فيهِمْ رَسُولًا مِنْ انْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ اياتِهِ وَ يُزَكّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ﴾[3]

فإن قلت: إن لم يكن التخويف من النار هدفا من البعثة فلماذا ورد في الآيات و الأخبار الوعيد بالنار و التخويف عنه؟ فقلنا: قد ظهر مما تقدم الجواب عن هذا السوال لأن الوعد بالجنة و الوعيد بالنار إنما يكون وسيلة للتحریك نحو العمل باحكام الشريعة حتى يحصل من ذلك التقرب إلى الله و تكميل النفوس فإن لم يكن من الله وعد بالجنة و لا وعيد بالنار فحینئذ لم يطع الله و لم يعبده الا المعصومون الأربعة عشر (عليهم السلام) اذ لم يدل دليل على أن عبادة الأنبياء إنما يكون لأجل معرفتهم باستحقاق الرب للعبودية فقد ورد من مولانا الإمام أمير المومنين (عليه السلام):

"ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك[4] " فإن خاتم الأنبياء (صلى الله عليه و آله و سلم و لعنة الله على أعدائهم أجمعين) و الصديقة الطاهرة فاطة الزهرا (سلام الله عليها) و الأئمة المعصومين (عليهم السلام) يعبدون الله عزوجل لا للطمع إلى الجنة و لا للخوف من النار بل إنهم يعبدونه اذ هم يرونه اهلا للعبادة و لذا لو لم يكن نار و لا جنة فانهم يعبدونه سبحانه و تعالى فإن الادلة المتواترة قائمة على أن معرفة الأنبياء بالنسبة إلى الله تعالى لا یقاس بمعرفة خاتم الأنبياء و أمير المومنين و أولاده المعصومين (صلوات الله عليهم) بالنسبة إليه تعالى لأن معرفة خاتم الأنبياء و سائر المعصومين (عليهم السلام) بالله تعالى كانت أكمل بمراتب من معرفة الأنبياء حتى ابراهيم الخليل (عليه السلام) به و قد تشهد على ما ذكرناه شواهد كثيرة و من جملة تلك الشواهد هو أن ابراهيم (عليه السلام) قال:

﴿رب ارني كيف تحيـي الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولـكن ليطمئن قلبي﴾[5] فإن ابراهيم (عليه السلام) يطلب من الله أن أراه جملة من آياته حتى ازداد يقينه و لكن مولانا الأمير المومنين (عليه السلام) قال:

لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً[6]

فإن هذا الحديث الشريف يدل على أن ايمان مولانا الإمام الأمير المومنين (عليه السلام) و معرفته و يقينه بالله سبحانه و تعالى كان في مرتبة عالية و كان أعلى بمراتب من إيمان ابراهيم الخليل (عليه السلام) اذ هو يقول: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا و من المعلوم أن هذا يدل على أن معرفة الأمير المومنين (عليه السلام) و إيمانه بالله سبحانه و تعالى تامة و لا نقص فيها و لكن ايمان ابراهيم الخليل و معرفته بالله ليس كذلك بل هو يطلب من الله سبحانه و تعالى أن أراه جملة من آياته حتى يكمل يقينه فلذا قلنا بأن يقينه كان ناقصا و يقين أمير المومنين (عليه السلام) كان تاما و الصحيح أن نقول بأن العلم و المعرفة بمراتب إيمان خاتم الأنبياء و الصديقة الكبرى و سائر الأئمة (عليهم السلام) كان خارجا عن قدرة البشر حتى الأنبياء عليهم السلام فإن عقولهم عاجزة عن النيل و الوصول إلى معرفة مرتبة ايمان المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) و قد تدل على ذلك اخبار كثيرة منها ما روى عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت ولا عرفك إلا الله وأنا[7] فإن النبي (صلى الله عليه و آله) خاطب أمير المومنين (عليه السلام) و قال له: يا على لا عرفك إلا الله و انا فإن هذا التعبير من النبي (صلى الله عليه و آله) يدل على اختصاص معرفة أمير المومنين (عليه السلام) بالله و الرسول بحيث عجز سائر الناس حتى الأنبياء عن إدراك مقامه و معرفة مرتبة يقينه و إيمانه و كذلك يدل هذا الحديث الشريف على أن معرفة خاتم الأنبياء و أمير المومنين (صلوات الله عليهما) بالنسبة إلى الله وصلت إلى مرتبة تامة لم يصل إلى تلك المرتبة أحد من العباد حتى الانبياء فخلاصة الكلام هى أنه لم يدل دليل و لم يشهد شاهد على أن الأنبياء إنما عبدو الله اذ هم يرونه اهلا للعبادة فإن الدليل قائم على أن المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) إنما عبدو الله لأجل معرفتهم و اعتقادهم باستحقاق الرب للعبودية و أما القول بأن عبادة من سواهم تكون لأجل اعتقادهم باستحقاق الرب للعبودية؛ فلم يدل دليل عليه.

 


[7] بحار الانوار، ج39، ص84.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo